اللواء بحري يسري قنديل يروي تفاصيل حصار باب المندب:
3 اتجاهات استراتيجية لاعتراض خطوط المواصلات البحرية الإسرائيلية في البحر الأحمركان علي القوات البحرية المصرية اغلاق كافة الممرات والمنافذ المائية لمنع وصول الامدادات الخارجية إلي ميناء ايلات, خاصة القادمة من دول شرق أسيا, والبترول الإيراني الذي كان يصل اليها عبر مضيق باب المندب, والبحر الأحمر, وخليج العقبة, ولذلك كان القرار السياسي والعسكري المصري لبدء التخطيط الاستراتيجي لإدارة الصراع المسلح في منطقة الشرق الأوسط ويتضمن في ابعاده التعرض المباشر للخطوط الملاحية الاسرائيلية بخليجي العقبة والسويس في اطار أعمال قتالية محددة طبقا لإمكانيات القوات المسلحة, ولتنفيذ ذلك يجب التعرض البحري في منطقة جنوب البحر الأحمر.اللواء بحري متقاعد يسري قنديل يروي تفاصيل اتجاهات التخطيط الاستراتيجي للتعرض لخطوط المواصلات الاسرائيلية في جنوب البحر الأحمر, أخذ الاتجاه لأول شكل العمل العربي في إطار جامعة الدول العربية لتقديم التوصيات اللازمة نحو دعم الوجود العربي لمجموعة من الجزر العربية في جنوب البحر الأحمر, من حيث تقديم المشورة العسكرية للدول المعنية بالمنطقة من أجل ذلك شكلت لجنة من مجموعة ضباط من هيئة عمليات القوات المسلحة وإدارة المخابرات الحربية والإستطلاع. وقيادة القوات البحرية قامت بزيارتين لليمن الجنوبية واليمن الشمالية آنذاك وإستطلعت الجزر جنوب البحر الأحمر وتصويرها جوا وقدمت تقريرا بذلك إلي القيادة العامة للقوات المسلحة ـ أعقب ذلك في شهر مارس1973 زيارة للمشير أحمد إسماعيل والوفد المرافق له إلي السودان والصومال وأثيوبيا علي وجه الخصوص للحيلولة دون حصول إسرائيل علي تسهيلات عسكرية بالجزر الإثيوبية جنوب البحر الأحمر. كل ذلك في إطار التحضير لعملية التعرض للنقل البحري الإسرائيلي جنوب البحر الأحمر.أما الاتجاه الثاني فتمثل في أن القوات الجوية الإسرائيلية هي العنصر الرئيسي الذي يمكن أن يعتمد عليه الجانب الإسرائيلي في الرد علي عملياتنا البحرية ضد خطوط مواصلاته البحرية, وتم وضع الإجراءات المضادة ضد هذه الأعمال المنتظرة. من ناحية أخري فإن القوات البحرية الإسرائيلية الموجودة في ذلك الوقت في منطقة البحر الأحمر في إيلات وفي شرم الشيخ لم تكن قادرة علي تحقيق عمل بحري مضاد فعال.وفي الاتجاه الثالث يتم الإعداد النهائي لفكرة التعرض لخطوط مواصلات إسرائيل عبر جنوب البحر الأحمر دون الإفصاح عنه لغير المشتركين فعلا تحت أي ظرف من الظروف دون إشتراك أي عناصر عربية. كذلك ربط هذا التخطيط في إطار الأهداف الإستراتيجية التي تهدف لها الخطة الشاملة لحرب أكتوبر(1973).خداع العدوويضيف أن مصر استغلت الترتيبات العلنية المتعلقة بإصلاح الغواصات بباكستان لكي تأخذ الغواصات المصرية مواقعها في مسرح البحر الأحمر في سرية, والإيحاء بأن شدة حاجتها للإصلاح تجعلها غير صالحة للعمليات, وقد تم إبراز ذلك بتكثيف اتصال البحرية المصرية عن عمد مع السلطات الباكستانية لسرعة نقل التجهيزات الخاصة بأحواض إصلاح الغواصات إلي مينا كراتشي, وكذلك استغلال المناورة التعبوية السنوية للقوات البحرية في رفع درجات الاستعداد والتجهيز لتحميل الألغام واتخاذ الوحدات مواقع عملياتها تحت ستارالتجهيز التمهيدي للمناورة ثم تنفيذ الفتح الفعلي علي أنه تحركات داخل إطار المناورة وفي حدودها.القانون الدولي والمهمةوأضاف انه كان من الضروري إعطاء أهمية بالغة للجانب القانوني عند التخطيط لتنفيذ مهمة التعرض لخطوط المواصلات حيث ان التعرض للسفن التجارية ومهاجمتها والتدخل ضد حركة الملاحة الدولية يجب ان يتماشي مع قواعد القانون البحري الدولي, علاوة علي أن فرض السيطرة البحرية علي المضايق الحيوية يجب ان يتم بطريقة لاتثير الدول البحرية.وبناء علي تقدير الموقف بمسرح البحر الأحمر, كان قرار قائد القوات البحرية, تلغيم مدخل خليج السويس باستخدام كاسحة وسرب لنشات هجومية سريعة قبل بداية العمليات, وبث كمائن من الألغام في الممرات المؤدية الي مراسي العدو ومنابع البترول في خليج السويس باستخدام الصاعقة البحرية, علاوة علي تعطيل العمل بحقل بلاعيم باستخدام الضفادع البشرية, واستخدام الممرات في منطقة مدخل البحر الأحمر الجنوبي لممارسة حق الزيارة والتفتيش ومنع السفن المتجهة الي ميناء ايلات من الابحار شمالا, واستخدام الغواصات شمال شرق بورسودان لمهاجمة السفن الاسرائيلية التي قد تنجح في الدخول من باب المندب في حالة تطور الموقف بهذه المنطقة لأي سبب.فتح القوات للتعرض للنقل البحري الاسرائيلي:واجهت القوات البحرية صعوبات في فتح القوات في قواعد ومراسي البحر الأحمر لكي تلبي متطلبات عمليات التعرض لخطوط مواصلات اسرائيل البحرية والتي تمتد بطوله, هذا فضلا عن صعوبات تعزيز تجهيزات القواعد البحرية والمراسي الصديقة المحيطة بباب المندب لخدمة الوحدات البحرية المصرية العاملة بهذه المنطقة, ومع كل ما صادفناه من مشكلات ادارية وصعاب فنية في تجهيز مسرح العمليات فإننا نجحنا بفضل التعاون البناء بين أجهزة القوات البحرية وأجهزة سائر أفرع القوات المسلحة وسلطات الدول الصديقة المعنية في الانتهاء من تلك التجهيزات في الوقت المناسب لاستقبال وحداتنا البحرية بالقدر المطلوب من السرية والتمويه, فتمركزت المدمرات في عدن والغواصات في بورسودان, وزوارق الصواريخ في سفاجا, ووحدات بث الألغام في الغردقة وسفاجا.وقبل ساعة العبور تسللت الغواصات المصرية بهدوء الي مناطق عملياتها للتعرض لخطوط المواصلات الاسرائيلية في وسط البحر الأحمر, وحدات التلغيم كانت قد بثت حمولتها من ألغام بمياه المدخل الجنوبي لخليج السويس, ناقلات البترول المصرية بحركاتها الرتيبة المألوفة تقترب من مناطق عمليات مجموعة باب المندب لإمداد وحداتها بحاجتها من الوقود, ثم صمت وترقب وعيون تبرق داخل مراكز القيادة بعد ان رفعت خرائط المناورة التعبوية, وحلت محلها خرائط العمليات البحرية الفعلية ومع بداية انطلاق شرارة الحرب, وفي الساعة الثالثة والنصف أعلنت مصر في بيان عالمي أصدرته وزارة الخارجية عن مناطق العمليات الحربية في مسرحي البحر المتوسط والبحر الأحمر, وأصدرت أيضا حكومة اليمن الجنوبية اعلانا مشابها يشمل مياه منطقة باب المندب وأصبحت العمليات البحرية المصرية ضد اسرائيل تغطي أكثر من نصف مليون كيلو متر مربع من مياه البحرين المتوسط والأحمر.ويوضح اللواء يسري قنديل أنه من المعروف ان الاسطول التجاري الاسرائيلي يعتبر إحدي الركائز والدعائم الأساسية للاقتصاد الاسرائيلي, علي اساس ان البحر هو المنفذ التجاري الوحيد لها علي العالم الخارجي, حيث يحيط بها من ناحية البر نطاق كامل من الدول العربية, لذلك قامت قواتنا البحرية بتنفيذ مخطط التعرض لخطوط مواصلات اسرائيل البحرية في البحرين المتوسط والأحمر بكفاءة تامة لإنزال أكبر خسائر ممكنة في اسطولها التجاري بهدف خلخلة نظام الامداد والنقل البحري لحرمانها وقواتها المسلحة من الحصول علي الإمدادات والمواد الاستراتيجية وعلي رأسها التبرول, وبالتالي التأثير علي موقفها العسكري والاقتصادي.وفي الساعة الثانية عشرة من ظهر السادس من اكتوبر أرسلت قيادة القوات البحرية إشارة للوحدات البحرية العاملة بالبحر الأحمر, قامت بموجبها بفتح المظاريف السرية وبها المهام المكلفة بها في التعرض للنقل البحري الاسرائيلي بالبحر الأحمر وبدأت المدمرات من أماكن تمركزها بميناء عدن في ممارسة حق الزيارة والتفتيش من منطقة عملها بين جزيرتي بريم جنوبا وجبل الطير شمالا واخطرت جميع السفن المدنية بمناطق مرور المدمرات بعدم الإبحار شمالا عند خط العرض2300 شمالا بين جدة وبور سودان حيث بدأت العمليات الحربية بهذه المنطقة بين مصر واسرائيل ولعدم التعرض لخطر الاشتباكات.وخلال الفترة من6 اكتوبر73 الي فبراير74 اعترضت المدمرات200 سفينة تجارية وقامت بتفتيش سفينتين مشتبه فيهما احداهما ناقلة البترول ايليني وكانت تحمل علم اليونان وسفينة نقل أغنام كانت تعمل بين السعودية والصومال.وأثناء مرور المدمرة الفاتح علي الخط الواقع بين جزيرتي جبل الطير وبريم اعترضت السفينة الحربية الأمريكية لاسال يوم9 أكتوبور73 وهي سفينة مساعدة, إلا أنها لم تمتثل وأطلقت عليها النار من المدفع4 بوصة أمام مقدم السفينة مما أجبرها علي رفع علم أمريكا, وفي الواحدة بعد منتصف الليل يوم73/10/10 اعترضت المدمرة الفاتج الفرقاطة الصاروخية الأمريكية(CharlesAdams) عند جزيرة جبل الطير وأبلغتها اعلان حالة الحرب بين مصر واسرائيل وأخطرتها بعدم الإبحار شمال الخط23 فامتثلت واتجهت جنوبا نحو جيبوتي, ويؤكد اللواء يسري قنديل ان القوات البحرية المصرية تمكنت باستخدام سلاحي المدمرات والغواصات علاوة علي سلاح الألغام البحرية من تنفيذ هذه المهمة بنجاح للمرة الأولي وبفاعلية تامة وعلي اعماق بعيدة محققة آثارا عسكرية واقتصادية ومعنوية علي اسرائيل وقواتها المسلحة, خاصة في مجال الامداد بالبترول عبر باب المندب وخليج السويس, مما ترتب عليه تعطيل حركة الملاحة البحرية من وإلي ميناء إيلات بالكامل, وتوقفت عمليات نقل البترول الخام من خليج السويس الذي كان يسد معظم احتياجات اسرائيل.وفي مدخل خليج السويس أصابت قواتنا البحرية بسلاح الألغام ناقلتين للبترول تمتلكها اسرائيل حمولة احداهما46 ألف طن والثانية2000 طن, مما أدي إلي غلق خليج السويس أمام الملاحة الاسرائيلية.
الاهرام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق