كانت القوات الجوية أكبر المتضررين من هزيمة1967, حيث فقدت عددا كبيرا من طائراتها ودمرت مطاراتها وتحصيناتها, لذلك كان لابد من التخطيط من أجل إعادة قوتها وكرامة طياريها, وأيضا, كان لابد أن يتولي المسئولية قائد عبقري يتسم بالقدرة علي التخطيط يستطيع إعداد أجيال من الطيارين المهرة للمشاركة في معركة الكرامة.
فكان الاختيار للطيار حسني مبارك الذي تولي في البداية مهمة بالغة الأهمية وهي إعداد طيارين بأعداد وفيرة في زمن قياسي, فاسندت إليه مهمة قيادة الكلية الجوية في نوفمبر1967, أي بعد شهور قليلة من النكسة, فأدي المهمة علي أفضل وجه, ثم تولي بعد ذلك رئاسة أركان القوات الجوية ثم قائدا للقوات الجوية ليقوم بالإعداد والتخطيط وقيادة الضربة الجوية التي افتتحت حرب أكتوبر1973 وأفقدت العدو توازنه وقطعت أوصاله ومراكز قيادته, فكانت القوات الجوية صاحبة افتتاحية النصر تلتها انتصارات وانتصارات باقي أفرع ووحدات قواتنا المسلحة الباسلة.وكان القرار للواء طيار حسني مبارك التحدي ودخول المعركة بطائراته التي تبقت من هزيمة يونيو67 بعد أن رفضت جميع الدول حتي روسيا تزويد مصر بطرازات جديدة منها.
ولكن القائد قرر تطوير الطائرات وقام بالتخطيط والتدريب ونفذ وأنشأ مطارات وقام بإعدادها بدشم حصينة لحماية طائراتنا من ضربات العدو, حتي لا يتكرر ما حدث في1967 وبالفعل تحقق في السادس من أكتوبر1973 ما خطط له من تخطيط عبقري محكم اعتمد فيه علي الاستفادة من دروس الماضي.اللواء طيار صلاح المناوي قادة حرب أكتوبر الذين شاركوا في التخطيط للضربة الجوية في أكتوبر قـال: لقد كان من الضروري أن يقود الطيارين ويخطط لهم واحد منهم وكمان أنسب طيار يقوم بهذه المهمة هو الطيار حسني مبارك وهو واحد من المسئولين وقادة قواتنا الجوية في الفترة من1967 إلي1973 ومن الطيارين الذين يقودون طائراتهم وهذا ما بث الثقة في نفوس الطيارين في طائراتهم وقياداتهم وأن قائدهم لا يمكن أن يصدر إلا القرار السليم.وأضاف اللواء المناوي لقد ارتفعت الروح المعنوية لطيارينا بعد أن تجاوزنا أزمة نكسة67 وما تركته من إحباط في النفوس, ومن شدة الإحساس بالمسئولية كان كل طيار ينفذ مهمته ويعود ويرغب في تنفيذ طلعات أخري, هذه الروح التي انتشرت في الدفاع الجوي والقوات الجوية هي التي حيرت القوات الجوية الإسرائيلية تحيرا كاملا وأجبرها علي الخروج من دائرة التدخل في وقت العبور, الأمر الذي أدي إلي نجاحه بشكل مذهل وبعد الضربة الجوية الموجهة للعدو.ويري اللواء صلاح المناوي أن يوم14 أكتوبر هو أسوأ يوم في حياة إسرائيل وقواتها الجوية فقد منيت بخسائر فادحة وأسقطنا عددا كبيرا من طائراتهم, لذلك تم اختيار هذا اليوم ليكون عيدا لقواتنا الجوية ليظل شاهدا علي بطولات وبراعة مبارك ورفاقه في القوات الجوية.وعن كيفية الإعداد للمعركة يقول اللواء المناوي أنه عند تخطيطنا للقوات الجوية وضعنا العديد من الاعتبارات والدروس استعدادا للمعركة الكبري لاسترداد الأرض والكرامة المصرية, ودرسنا العدو بشكل جيد من جميع النواحي, وأيضا كان لابد من استخدام القوات الجوية وتوظيفها بشكل جديد من خلال ضربات جوية شديدة بواسطة مقاتلات قاذفة محمية.ويضيف كما راعينا أيضا في تدريب وإعداد القوات الجوية لتحقيق الهدف المطلوب والتأثير الموجع في الضربة الجوية الأولي أن تكون الأهداف التي سنضربها واضحة ومحددة تماما, ونجحنا في تحديدها ومعرفة أدق تفاصيلها والتدريب علي أهداف مماثلة داخل مصر, ثم أن يكون الضرب بالقنابل علي مناطق محددة في الهدف المعادي لتحقيق إصابة مباشرة تتسبب في تعطيل هذه الأهداف المعادية عن العمل لفترات طويلة كما حرصنا علي حماية المقاتلات والقاذفات خلال طريقها لتنفيذ وتدمير أهدافها من خلال تخصيص مجموعات من الطيارين يقومون بتنظيف المجال الجوي وهو فكر جديد طبقناه لأول مرة.ويشير اللواء المناوي أننا استفدنا من دروس1967 بعد أن وجدنا طائراتنا تم ضربها وهي علي الأرض, لذلك وضعنا دراسة لعدم تكرار ذلك بدراسة العدو جيدا, ومعرفة من أين يأتي وقد ساعدت فترة حرب الاستنزاف علي كشفنا لقدرات العدو الجوية والقتالية.
أيضا وضعنا تصورا لكيفية بناء المطارات التي نضع فيها طائراتنا وكيف تطير, وذلك من خلال التدريب المستمر بروح جديدة وأسلوب علمي في التعامل مع كل شيء بدقة بالإضافة إلي تحقيق سهولة في الاتصال في أسرع وقت فليس هناك وقت للتفكير ففي عمليات القوات الجوية القرار لابد أن يكون سريعا وسليما فلا مجال للخطأ أو التباطؤ.ويشير اللواء المناوي إلي استخدام الفكر العسكري المتطور غير التقليدي في التخطيط للضربة الجوية فلم يقتصر الأمر علي دراسة العدو بل قارنا بين قواتنا وقواته وأي الأساليب أنسب للتعامل معه.وأضاف لقد قام قائد القوات الجوية اللواء حسني مبارك بوضع كل التفاصيل ولم يترك شيئا للصدفة أو لظروف وواجه كل العقبات والمشاكل وخطط وطور ونفذ فلم يكن ينام, وعاش وسط الطيارين وكان مشغولا بألا يسمح للعدو بضرب مطاراتنا وقواعدنا الجوية ووضع خطة لصد أي هجوم مضاد.وأوضح اللواء المناوي أننا حرصنا علي الاهتمام بأدق الأمور, خاصة سرعة اكتشاف الطائرات المعادية قبل وصولها بفترة كافية لضرب أي أهداف في أراضينا من خلال المراقبة بالنظر والوسائل الحديثة وسرعة الابلاغ حتي تستطيع طائراتنا الاقلاع في وقت يسمح لها بالاشتباك مع طائرات العدو وذلك من خلال التدريب الجيد وكثرة الطلعات الجوية إيمانا منا بأن الطيار غير المدرب يسقط علي الفور.أما عن خطة ضرب العدو ومراكز قياداته فيقول اللواء المناوي: لقد اشتملت الخطة العسكرية الجوية علي ضرب العدو من خلال طلعة جوية واحدة أو طلعتين وإنزال عدد كبير من قوات الصاعقة في مناطق محددة بدقة مسبقا وذلك للتعامل مع لواءات العدو المدرعة وإعاقتها عن التقدم بسرعة تجاه خط بارليف لمنع القوات المصرية من التقدم السريع, وأضاف اللواء طيار صلاح المناوي, بأننا أيضا ونحن نضع خطط الهجوم والتصدي للعدو توقعنا أنه عندما يقوم بمهاجمتنا يأتي عن طريق البحر وعلي ارتفاع منخفض هربا من دفاعاتنا الجوية علي طول الجبهة, ولهذا عندما حدث ما توقعناه والمكان المحدد فوجيء العدو بأن مقاتلاتنا في هذه الاتجاهات تنتظره.كما أننا وضعنا نظاما لرصد قوات العدو بحيث يمكن لجميع التشكيلات معرفة مكان طائرات العدو وسرعتها وتشكيلاتها واتجاهاتها وذلك بالتنسيق مع قوات الدفاع الجوي علي طول الجبهة.ويضيف اللواء صلاح أن العدو أعطي أوامره باللاسلكي المفتوح لطائراته وطياريه بعدم الاقتراب من مسافة15 كيلومترا شرق القناة بعد أن شعر بالخطر علي قواته بعدما تمكنت دفاعاتنا الجوية من إسقاط العشرات من طائراته.ويضيف اللواء المناوي أن العدو فشل أيضا في إختراق العمق للوصول للأراضي المصرية بعد أن فشل في تخطي الجبهة, حيث نجحت طائراتنا في التصدي لطائراته رغم محاولاته والتي بلغت ثماني محاولات وتم إسقاط العشرات من طائراته, كما حدث في معركة المنصورة التي شهدت بطولات وكفاءة كبيرة من الطيارين المصريين, فضلا عن عدم تمكنه من إخراج قاعدة جوية واحدة من المعركة ولم يتمكن من تدمير طائرة واحدة علي الأرض أو حتي معدة جوية.ويقول إن العدو فشل فشلا ذريعا في التصدي لطائراتنا في الطلعة الجوية الأولي حيث قامت220 طائرة بقصف أهدافه الحيوية ولم يتمكن من اسقاط سوي4 طائرات فقط, مما يمثل إنتصارا كبيرا لقواتنا الجوية, علما بأن الروس كانوا يقدرون خسارتنا لأكثر من25% من طائراتنا في الطلعة الجوية الأولي وبالتالي لم نحتاج إلي القيام بالطلعة الثانية, كما كان مخططا.
6 أشهر خلف خطوط العدو بعد الحرب
مجموعة قمر هي واحدة من وحدات الاستطلاع المصرية ولا نبالغ إذا قلنا إنها الكتيبة الوحيدة التي ظلت حوالي6 أشهر خلف خطوط العدو بعد انتهاء الحرب إذ كانت مهمتها غاية في الخطورة والأهمية والدقة والكثير لم يسمع عنها نظرا لسرية المهمة من حيث جلب معلومات من عمق العدو عن الطرق والكباري والمطارات والتحركات وكان يقود الكتيبة اللواء عادل فودة حاليا( ملازم أول خلال فترة الحرب) وقد تم تكريمهم من قبل المشير أحمد إسماعيل وزير الدفاع فترة الحرب والمشير حسين طنطاوي وزير الدفاع الحالي وتم منحهم الأوسمة والنياشين علي ما قدموه من معلومات مهمة وخطيرة خلال فترة الحرب.في البداية يتحدث اللواء عادل فودة قائد من وحدات الاستطلاع التي كلفت بمهام غاية في الخطورة والأهمية والدقة خلف خطوط العدو والتي كانت مهمتها الأساسية تجميع وإحضار معلومات من عمق العدو عن المطارات.. والطرق والكباري والتحركات والامدادات إلي آخره.قال: كنا قريبين من حدود السويس ودخلنا تقريبا مع أول ضربة جوية إلي سيناء ونفذنا العديد من العمليات داخل سيناء.. أول طيران دخل دخلنا معه.. فقد نجحنا في عدة عمليات مثلا كنا نقوم بالإخبار عن موعد إقلاع الطائرات قبل تحليقها وهي في فترة التجهيز.. التحركات البحرية أيضا كنا نقوم بالإخبار عنها يعني كنا عين القوات خلف خطوط العدو ولذلك تم الابقاء علينا هناك وقمنا بعدة مهام ناجحة غاية في الأهمية واذكر من ضمن هذه المعلومات التي وصلت لي وبلغت بها القيادة ان اسرائيل استطاعت الحصول علي كباري متطورةوحديثة سوف تستخدمها في بعض العمليات في منطقة الثغرة.. أيضا من ضمن الأشياء المهمة هو فتح قناة إتصال مع القيادة العامة لتزويدها بالمعلومات علي مدار24 باللاسلكي دقيقتين كل مرة ورغم مخاطر العملية كان لها فوائد عظيمة متمثلة في نقل المعلومات وتوفير الوقت والجهد المبذول في فك الشفرة وقد أربك هذا الإسرائيليين إرباكا شديدا وفشلوا في ذلك لدرجة إنهم رصدوا مبلغ50 ألف شيكل ـ في ذلك الوقت ـ لمن يدلي بأي معلومات عن موقعنا.. أيضا تمكنا من معرفة حصول اسرائيل علي أحدث جهاز رؤيا ليلي تم استيراده من أمريكاوقامت إسرائيل بتجربته علي مموعة من الدبابات وظلت عملية إمداد القيادة المصرية بالمعلومات المهمة والدقيقة عن العدو واسلحته وتحركاته إلي أن تمكن العدو من رصد موقعنا ونصب لنا كمينا عن طريق إحدي دورياته الراكبة في وادي ميعوت بسيناء وكنا نراقب تحركات القوات الاسرائيلية في هذه المنطقة وحاولت القبض علينا وتمكنا من الهرب ليلا حتي وصلنا إلي منطقة القناة وتمت إعادتنا عن طريق مكتب مخابرات السويس هناك.
لأنه أقسم للرئيس مبارك أن يعود بطائرته سليمة:هبط بطائرته في طريق عرضه8 أمتار ملئ بالحفر والمطبات
القوات الجوية مفتاح النصر.. لها حكايات وقصص بطولية لاتنتهي استطاعت أن تكسر يد إسرائيل الطولي التي كانت تتباهي بها رغم أن الطيران الإسرائيلي كان يضم بين تشكيلاته أحدث الطائرات وأقواها تسليحا.. إلا أن القوات الجوية المصرية لقنته درسا قاسيا وجعلته يهرب من أمامها في أي مواجهة.ويتذكر اللواء المنصوري أنه طار52 طلعة موت كل واحدة منها كان يدرك انه لن يعود ولكن ـ والحمد لله هو بخير بين أهله واسرته.وعن أول معركة جوية حقيقية يتذكرها أكد الطيار المنصوري أنها كانت في فبراير1973 أي قبل الحرب بثمانية اشهر, وكان همنا الاول والاخير ان نعطي اليهود درسا لن ينسوه لأنهم تفاخروا بقواتهم لكننا كنا نريد ان نقول لهم نحن الافضل كنا نحارب باصرار شديد.. وكانوا يطلقون علينا اسم تشكيل الفهود السوداء أي أننا قادرون علي اسقاط أي طائرة.وعن تفاصيل المعركة الجوية قال كنا طائرتين ميج21 واحدة بقيادتي, والأخري بقيادة زميلي الشهيد البطل طيار حسن لطفي, وكانت مهمتنا الاشتباك مع سرب طيران اسرائيلي فانتوم وعمل قتال معهم أعلي خليج السويس, وبدأنا المعركة أمام الفانتوم بامكاناتنا المتواضعة جدا فطائرتي الميج بها صاروخين و200 طلقة أمام6 طائرات فانتوم الواحدة منها بها6 صواريخ و600 طلقة وتطير ثلاث ساعات ونصفا ونحن نصف ساعة اشتباك.وبفضل الله تعالي اشتبكت معهم, وفي اول30 ثانية أطلقت صاروخا علي الفانتوم أصابها, وكانت هذه الطائرة تحديدا هدفي لانها طائرة قائد التشكيل الاسرائيلي وكانت هجمتي عليه سريعة وقوية وقريبة لدرجة أن الطيارين الاسرائيليين اعتقدوا انها مهمة انتحارية وارتبكوا وجن جنونهم.وقلت لصديقي حسن لطفي اجعل صواريخكon أي علي الاستعداد لمواجهة الخمسة الباقين لكنني وجدت أن طائرة القائد التي قصفتها بحاجة إلي صاروخ آخر فقلت بسم الله.. الله اكبر كأني أريد ذبحها ودمرتها تماما, وقلت لزميلي مهمتنا هؤلاء سنقتلهم لكنهم كانوا يناورون معنا بعدما أدركوا صلابتنا وكانوا يهدفون إلي نفاذ وقودنا فننهار أمام أعينهم, أو أن تضربنا أي مدفعية أو نسقط فوق الخليج لكنني أدركت ذلك واخذتهم إلي أرضهم في مناورة استمرت13 دقيقة,وهي أطول الحروب الجوية من حرب67 حتي1973 وحدث فعلا ان الوقود بدأ يقل وكانت التعليمات انني عندما أجد الموتور والأجهزة توقفت ان أقفز لانها سوف تنفجر لكنني تذكرت قسمي للرئيس مبارك بأن أحافظ علي سلاحي, ولا أتركه قط حتي أذوق الموت وقمت مع زميلي بمناورة الموت كما يسمونها علي ارتفاع عشرة الاف قدم وقررت أن أعود بطائرتي ووجهت نفسي للطريق الساحلي الممتد من مطار بير عريضة عند فنار الزعفرانة, وكنت قد قمت بعمل بروفة علي ذلك وكان الروس قد قالوا أنه يمكن للطائرة أن تهبط ولكن في مطار, لكن أين المطار المجهز انه طريق ضيق عرضه8 أمتار به حفر ومطبات, أما المطار فعرضه100 متر وطوله4000 مر,ومجهز ومستوي وقررت النزول وفوجئت بالمدفعية المصرية تقصف علي واعتقدوا انها طائرة معادية لكنه لم يكن لدي القدرة علي المناورة ذلك الوقت ودعوت الله ان ينجيني حتي فوجئت في الطريق بمقطورة للعمال يقفزون منها وقد احترت ماذا أفعل إلي أن هداني الله بالجنوح يمينا في التلال الرملية مع رفع عجلات الطائرة حتي وقفت بفعل الاحتكاك مع الرمل وهي سليمة مائة في المائة وسجدت لله شكرا علي نجاتي أنا وطائرتي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق