الأربعاء، 7 أكتوبر 2009

الفرصة الأخيرة لـ هارفي شاين


مقعد في الصالة

ما أجمل الحب حين يأتي دون ان تنتظره‏..‏ أو تخطط له‏..‏ أو تتوقعه فيلم‏(‏ الفرصة الأخيرة لهارفي‏)‏ بطولة الممثل القدير داستن هوفمان وايما تومسون‏..‏ قصة واخراج جويل هوبكنز‏..‏


هو فيلم يأخذك خارج الصراعات والمؤامرات والامراض والحر والبرد‏..‏ الي دنيا المؤلف الموسيقي هارفي شاين الذي مازال يؤلف الموسيقي التقليدية بأساليبها الفنية المتعارف عليها‏..‏


وفي نفس الوقت يعاني رفض الشركة التي يتعامل معها لانها تفضل الموسيقي الشبابية‏.‏هكذا يبدأ الفيلم وهارفي شاين يأخذ الطائرة من امريكا الي انجلترا ليحضر زفاف ابنته التي تعيش مع والدتها وزوج الام‏..‏ هذا الاحساس بالغربة عن الاحداث ينقله داستن هوفمان دون كلمة واحدة انه يضعك في الاحساس مباشرة‏.‏ويمتعنا المخرج بالمونتاج المتوازي لاثنان من البشر لايعرفان بعضهما ولايتوقعان ان يتقابلا‏..‏ لنعرف كيف يحيا كل منهما‏..‏ فكايت التي تعمل في وكالة احصاء عامة تطاردها والدتها العجوز بالتليفون لتطمئن عليها او تطمئن علي نفسها انها علي قيد الحياة‏..‏ وزميلات كايت يحاولن ان يعرفنها برجل يرونه مناسبا لتتزوجه‏..‏ بينما يصل هارفي‏(‏ داستن هوفمان‏)‏ الي انجلترا ليفاجأ بان زوجته السابقة استأجرت منزلا لاقامة العرس وحجزت له وحيدا في لوكاندة‏.‏ومع نغمات البيانو التي استخدمها المخرج كموسيقي تصويرية ولحظات الصمت التام علي الشاشة ليترك للمتفرج الاحساس بكل المشاعر التي يراها دون صوت‏..‏ نعرف ان هارفي اصبح غريبا عن ابنته بينما زوج الام يقوم بدور الاب‏..‏


ونلحظ حيرة الابنة بين حبها لوالدها واغترابها عنه وبين انتمائها لزوج الام‏.‏ومع اختلاف الاحداث لحياة كل من البطلين يحقق الكاتب فرصة اللقاء بالصدفة التي تجمع بينهما‏.‏ويبدأ حوار من اجمل الكلمات وأرقاها التي تحدث بين رجل وامرأة في طريقهما للوقوع في الحب‏..‏ حتي يقرر ترك لندن والعودة لامريكا لمواصلة عمله‏.‏لكن الدراما لاتقف عند هذا الحدث‏..‏


انه يفقد عمله في امريكا ويصادف امرأة جذابة تعيده الي الرومانسية وتقنعه بالبقاء ليحضر حفل الزفاف‏,‏ المخرج يستخدم في بعض المشاهد البيانو ليشعرك بصوت نقطة الماء التي تحيي موات النفوس‏..‏ ويحضر هارفي وكايت حفل الزفاف‏..‏ وتسعد الابنة بحضور والدها وصديقته‏..‏ وبينما تحاول الشركة اعادته للعمل لفشل الشباب في تقديم موسيقي ملائمة يرفض هارفي ويقرر الفوز بفرصته الاخيرة وهي حبه لكايت‏.‏الفيلم ممتع الي درجة ساحرة‏..‏ والحوار مكتوب وكأنه شاعر يحول حياتك‏180‏ درجة لتقع في الحب‏..‏ والاداء مباراة في الرقي والارستقراطية في التعامل بين البشر وبين الاحبة‏.‏


اما المخرج بأسلوبه فقد سحرني اعجابا بهذا المونتاج المتوازي لنعرف كيف يحيا اثنان لايعرفان بعضهما ثم يدفعهما الي اللقاء بسلاسة غير مفتعلة ليقعا في الحب‏..‏ ويفوزا بالفرصة الاخيرة‏.‏أما الفرصة الاخيرة فهي قد تضيع اذا تركها الانسان تفلت من بين يديه‏..‏ انه الحب الذي يجعلك تبتسم وانت تفكر‏..‏ وانت تمشي‏..‏ وانت تجلس وسط ضوضاء الآخرين لتتذكر كلمة قالها هذا الرجل فاصبحت الحياة لها لون آخر او قالتها هذه المرأة فتحولت من البؤس الي السعادة‏,‏ وما اجمل هؤلاء الممثلين المحترفين في الاداء وحسن الاختيار ليظلوا مهما كبروا في العمر ابطالا يثيرون المشاعر الراقية اي الحب‏!‏



الاهرام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق