مقعد في الصالة
ما أجمل الحب حين يأتي دون ان تنتظره.. أو تخطط له.. أو تتوقعه فيلم( الفرصة الأخيرة لهارفي) بطولة الممثل القدير داستن هوفمان وايما تومسون.. قصة واخراج جويل هوبكنز..
هو فيلم يأخذك خارج الصراعات والمؤامرات والامراض والحر والبرد.. الي دنيا المؤلف الموسيقي هارفي شاين الذي مازال يؤلف الموسيقي التقليدية بأساليبها الفنية المتعارف عليها..
وفي نفس الوقت يعاني رفض الشركة التي يتعامل معها لانها تفضل الموسيقي الشبابية.هكذا يبدأ الفيلم وهارفي شاين يأخذ الطائرة من امريكا الي انجلترا ليحضر زفاف ابنته التي تعيش مع والدتها وزوج الام.. هذا الاحساس بالغربة عن الاحداث ينقله داستن هوفمان دون كلمة واحدة انه يضعك في الاحساس مباشرة.ويمتعنا المخرج بالمونتاج المتوازي لاثنان من البشر لايعرفان بعضهما ولايتوقعان ان يتقابلا.. لنعرف كيف يحيا كل منهما.. فكايت التي تعمل في وكالة احصاء عامة تطاردها والدتها العجوز بالتليفون لتطمئن عليها او تطمئن علي نفسها انها علي قيد الحياة.. وزميلات كايت يحاولن ان يعرفنها برجل يرونه مناسبا لتتزوجه.. بينما يصل هارفي( داستن هوفمان) الي انجلترا ليفاجأ بان زوجته السابقة استأجرت منزلا لاقامة العرس وحجزت له وحيدا في لوكاندة.ومع نغمات البيانو التي استخدمها المخرج كموسيقي تصويرية ولحظات الصمت التام علي الشاشة ليترك للمتفرج الاحساس بكل المشاعر التي يراها دون صوت.. نعرف ان هارفي اصبح غريبا عن ابنته بينما زوج الام يقوم بدور الاب..
ونلحظ حيرة الابنة بين حبها لوالدها واغترابها عنه وبين انتمائها لزوج الام.ومع اختلاف الاحداث لحياة كل من البطلين يحقق الكاتب فرصة اللقاء بالصدفة التي تجمع بينهما.ويبدأ حوار من اجمل الكلمات وأرقاها التي تحدث بين رجل وامرأة في طريقهما للوقوع في الحب.. حتي يقرر ترك لندن والعودة لامريكا لمواصلة عمله.لكن الدراما لاتقف عند هذا الحدث..
انه يفقد عمله في امريكا ويصادف امرأة جذابة تعيده الي الرومانسية وتقنعه بالبقاء ليحضر حفل الزفاف, المخرج يستخدم في بعض المشاهد البيانو ليشعرك بصوت نقطة الماء التي تحيي موات النفوس.. ويحضر هارفي وكايت حفل الزفاف.. وتسعد الابنة بحضور والدها وصديقته.. وبينما تحاول الشركة اعادته للعمل لفشل الشباب في تقديم موسيقي ملائمة يرفض هارفي ويقرر الفوز بفرصته الاخيرة وهي حبه لكايت.الفيلم ممتع الي درجة ساحرة.. والحوار مكتوب وكأنه شاعر يحول حياتك180 درجة لتقع في الحب.. والاداء مباراة في الرقي والارستقراطية في التعامل بين البشر وبين الاحبة.
اما المخرج بأسلوبه فقد سحرني اعجابا بهذا المونتاج المتوازي لنعرف كيف يحيا اثنان لايعرفان بعضهما ثم يدفعهما الي اللقاء بسلاسة غير مفتعلة ليقعا في الحب.. ويفوزا بالفرصة الاخيرة.أما الفرصة الاخيرة فهي قد تضيع اذا تركها الانسان تفلت من بين يديه.. انه الحب الذي يجعلك تبتسم وانت تفكر.. وانت تمشي.. وانت تجلس وسط ضوضاء الآخرين لتتذكر كلمة قالها هذا الرجل فاصبحت الحياة لها لون آخر او قالتها هذه المرأة فتحولت من البؤس الي السعادة, وما اجمل هؤلاء الممثلين المحترفين في الاداء وحسن الاختيار ليظلوا مهما كبروا في العمر ابطالا يثيرون المشاعر الراقية اي الحب!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق