أسباب الفتنة ترجع للسلوك الشخصي
صدر عن دار الشروق بالقاهرة مجموعة الاعمال الكاملة للإمام محمد عبده ضمن مشروع مكتبة الاسرة الذي تتبناه الهيئة العامة للكتاب منذ 19 عاما.
وما كتبه الامام محمد عبده 1849/-/1905 عن الحجاب هو أحد فصول مجلد يقع في 730 صفحة كبيرة القطع ويضم كتاباته الاجتماعية.
ويقول الامام في أعماله الكاملة ان كل الكتابات التي كانت تلح على ضرورة الحجاب في عصره ركزت على خوف الفتنة. فهو أمر يتعلق بقلوب الخائفين من الرجال وعلى من يخاف الفتنة منهم أن يغض بصره.
ويضيف ان اية غض البصر تتوجه الى الرجال والنساء وأن المرأة ليست بأولى من الرجل بتغطية وجهها. ويتساءل هل اعتبرت عزيمة الرجل أضعف من عزيمة المرأة واعتبر الرجل أعجز من المرأة عن ضبط نفسه والحكم على هواه. واعتبرت المرأة أقوى منه في ذلك حتى أبيح للرجال أن يكشفوا وجوههم لاعين النساء مهما كان لهم من الحسن والجمال.
ويقول الشيخ محمد عبده تحت عنوان (حجاب النساء من الجهة الدينية) أننا لا نجد في الشريعة نصا يوجب الحجاب على هذه الطريقة المعهودة وانما هي عادة عرضت عليهم من مخالطة بعض الامم فاستحسنوها وأخذوا بها وبالغوا فيها وألبسوها لباس الدين كسائر العادات الضارة التي تمكنت في الناس باسم الدين والدين منها براء.
بل يذهب الامام محمد عبده الى حد القول انه في حالات التخاصم واللجوء الى المحكمة يكون مهما لطرف الخصومة مع امرأة ومهما للقاضي أيضا أن يكشف وجه المرأة ولا أظن أنه يسوغ للقاضي أن يحكم على شخص مستتر الوجه ولا أن يحكم له.
ويضيف أن الشخص المستتر لا يصح أيضا أن يكون شاهدا اذ من الضروري أن يتعرف القاضي على وجه الشاهد والخصم.
فيقول ان الشريعة الاسلامية كلفت المرأة بكشف وجهها عند تأدية الشهادة والحكمة في ذلك أن يتمكن القاضي من التفرس في الحركات التي تظهر عليه فيقدر الشهادة قدرها.
ويرى أن أسباب الفتنة ترجع للسلوك الشخصي أثناء المشي وأن النقاب والبرقع من أشد أعوان المرأة على اظهار ما تظهر وعمل ما تعمل لتحريك الرغبة لانهما يخفيان شخصيتها فلا تخاف أن يعرفها قريب أو بعيد. فهي تأتي ما تشتهيه من ذلك تحت حماية ذلك البرقع وهذا النقاب.
ويلخص الامر قائلا ان الحجاب والنقاب ليسا من الشرع الاسلامي لا للتعبد ولا للادب بل هما من العادات القديمة السابقة على الاسلام والباقية بعده موضحا أنها منتشرة في بعض الامم الشرقية التي لا تدين بالاسلام.
وقد حظى الشيخ محمد عبده بتقدير كبير نظرا لتوجهاته الاصلاحية ومواقفه الوطنية حيث شارك في الثورة العرابية ضد الاحتلال البريطاني للبلاد عام 1882 وبعد فشل الثورة حكم عليه بالسجن ثم نفي الى بيروت ومنها الى باريس حيث أسس مع جمال الدين الافغاني صحيفة العروة الوثقى ثم عاد الى مصر وعمل بالقضاء الى أن عين في منصب المفتي عام 1899.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق