الأحد، 4 أبريل 2010

لماذا حمل جارك المسيحى السعف الأحد الماضى ؟


مديرى فى المستشفى رفض التصريح لى بإجازة يوم «خميس العهد»। قال إنه لا يفهم لماذا يعتبر عيدا وتكفى إجازة أحد السعف وأحد القيامة». يعبر الطبيب المسيحى الشاب عن أسفه، ولكنه لم يجد الوقت ولا المكان المناسبين ليخوض جدالا دينيا حول أهمية مناسبة ما وحول رغبته فى حضور طقس صباحى مهم فى ذلك اليوم. فهو يعرف جيدا أن زملاءه ورؤساءه المسلمين يعرفون القليل جدا من المعلومات عن المسيحية وطقوسها ومناسباتها.يتفهم الكثير من المسيحيين ذلك باعتبار أن ثقافة الأغلبية هى الأكثر شيوعا، ولكن البعض الآخر يرى أن غياب الحد الأدنى من المعلومات عن أهم المناسبات الدينية للزملاء والأصدقاء المسيحيين قد يقلل من بهجة الاحتفال وتسبب نوعا من الانفصال بين زملاء العمل والدراسة وجيران السكن. يلوم رامى سيدهم ــ مهندس نظم المعلومات ــ الإعلام الذى يهتم أحيانا بالتراث القبطى أكثر من اهتمامه بتقديم بعض المعلومات عن طقوس وأعياد معاصرة.وبسبب ذلك قد لا يلاحظ بعض المسلمين أن هناك مناسبة أصلا تخص المسيحيين إن لم تكن إجازة، وقد لا يلاحظون فى مناسبات أخرى إلا غياب زملائهم المسيحيين بسبب «عيد ما»، وعند مرورهم فى الطريق على الكنائس أو مشاهدة القداس فى التليفزيون يرون أنهم يقومون بطقوس غريبة غير مفهومة لهم. يضيف رامى: «لذلك تظل أبرز أشكال الاحتفال وهى حمل السعف غامضة بالنسبة للمسلمين ولا يعرفون معناها، رغم أنه طقس رمزى مشابه لما فعله أهل القدس عند قدوم المسيح إليهم، ورغم أنه حدث مشابه لدخول النبى محمد إلى المدينة واستقبال أهلها له».انتقل رامى من السكن فى شبرا إلى المقطم، وهو ما جعله يلاحظ أن التعامل المباشر بين المسلمين والمسيحيين فى مناطق فيها أعداد كبيرة منهم هو مصدر المعلومات الوحيد. ويقول إن هذا الفارق فى فهم مناسبات وأعياد المسيحيين نلاحظه أيضا بين أسيوط والمنصورة مثلا، مضيفا: «أيضا الأحياء الشعبية فيها تعامل مكثف بين الجيران بينما الأحياء الجديدة مثل مدينة نصر والمقطم تفتقد هذا، فتقل فرصة الاطلاع على ثقافة جارك وتفاصيل حياته». فى المقابل، يتفهم ناجى بطرس ــ المهندس المعمارى ــ أن هناك قلقا خاصا تجاه الإفصاح عن تفاصيل وخلفية احتفالات أسبوع الآلام وعيد القيامة لأنهما يتعلقان بحدث صلب المسيح وهو محل اختلاف بين العقيدتين الإسلامية والمسيحية، لكنه يعتقد أن بعض التفهم قد ينهى هذا القلق. وهو يلقى ببعض اللوم على بعض المسيحيين قائلا: «بعضهم لا يتمتع بالانفتاح الكافى لكى يطلع زملاءه المسلمين ممن يسألون بفضول على تفاصيل ومعنى الأعياد خوفا من حدوث جدال دينى». يستدرك أن بعض التفهم مطلوب من الطرفين لكى تزول الرغبة فى الجدال ودفاع كل طرف عن عقيدته أو شعوره بالتهديد بسبب اختلاف العقيدة، وهى فى النهاية اختلافات عقائدية لا يجب أن تكون سببا لأى حواجز اجتماعية بين الزملاء والأصدقاء والجيران. يقول ناجى إنه تعود أن يقدر وجود هذه المساحة من التفهم، فإن أحس أنها موجودة يمكنه أن يجيب عن تساؤلات زملائه المسلمين حول تفاصيل الدين المسيحى ومناسباته وطقوسه. ولكنه يحكى أن بعض زملائه يسألونه عن سبب هذا العيد أو ذاك ومعانى طقوسه ويجيبهم. وفى العام التالى فى المناسبة نفسها يلتقيهم فيجدهم يعيدون السؤال ذاته! يضحك ويقول: «لا بأس، لأن الباقين يقولون فقط: كل سنة وأنت طيب. والسؤال عن التفاصيل يكون أحيانا زيادة فى التودد وليس بغرض المعرفة أو الفضول الحقيقى، مثل السؤال اليومى عن الأحوال: إزيّك ؟ ـ الحمد لله». يضيف ناجى مبتسما: «لا مشكلة، سأجيب كل سنة»!
الشروق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق