
راى نقاد ومشاهدون لشاشات التلفزيون في مصر في مسلسل "هدوء نسبي" افضل المسلسلات العربية في رمضان الحالي اخراجا وسيناريو حيث سطر حدثا شد العرب في كل المناطق واوغل في السياسة لكنه حافظ على عمق الجانب الانساني.
واعتبر معظم النقاد ان المسلسل ورغم فضحه ديكتاتورية الرئيس العراقي صدام حسين الحاضر الغائب, فانه لا يخضع لافكار من اسقطوا نظامه من قوى التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية لانهم لم يختلفوا في ممارساتهم عنه بل اسهموا في تدمير العراق وتدمير بنيانه الاقتصادي والانساني والثقافي. ولاحظ النقاد وبينهم اشرف بيومي ان "المخرج ( التونسي ) شوقي الماجري استطاع ان يقدم صدمة العالم العربي في سقوط بغداد الا انه ايضا استطاع ان يصور صعود المقاومة من رحم الهزيمة بشكل عفوي دون صراخ واطلاق شعارات لا مبرر لها مقدما تحليلا سياسيا واجتماعيا لصعودها". واكد الناقد السينمائي والدرامي طارق الشناوي ان "المسلسل يعتبر رقم واحد بين مسلسلات رمضان كنص كتبه الروائي السوري وكاتب السيناريو خالد خليفة الذي اختار لحظة زمنية خارقة محليا وعالميا". والى جانب ذلك "حافظ على العمق السياسي لكنه لم يستسلم للقضية السياسية تماما فقد فتح قلبه وعقله لكل الاطياف وقدم لنا النفس البشرية عارية تماما في مشاعرها. وفي لحظات اقتراب الخطر لا يملك الانسان سوى ان يصبح نفسه" اي انسانا. ويوضح الشناوي "نحن امام شخصيات تتمتع بدرجة شفافية تجعلنا نراها بدون اي مكياج داخلي وتقدم حالة ابداعية مختلفة مثل الشخصيات التي يقدمها غالبية ابطال العمل بينهم عابد فهد ونيللي كريم" التي قال انها "قدمت افضل ادوراها خلال حياتها الفنية في هذا المسلسل". ونوه الناقد سيد محمود ب "قدرة كاتب السيناريو على خلق قصص حب واشكال الحياة في ظل الحرب وكأن الحب شكل من اشكال مواجهة الموت, الى جانب العناية بالتفاصيل خصوصا اللهجات العربية للمراسليين الحربين واستخدام الانكليزية والفرنسية ضمن واقعها المحدد في الحوارات بينهم". وراى في مشهد سقوط بغداد "مشهدا مؤثرا الى ابعد حد حيث كان شديد الحرفية يعيد فيه المؤلف والمخرج انتاج الواقع بشكل فني مع الاهتام بالتفاصيل الانسانية اكثر من العناية بالموقف السياسي لان ما جرى في العراق معروف فهو لا يعيد تكراره لكنه يتامل العلاقات التي تنشأ في ظل هذا الواقع الكئيب". والى جانب ذلك يصور المسلسل من خلال عائلة كاتب عراقي يدعى كاظم ( قام بدوره العراقي جواد الشكرجي ) المجتمع العراقي بتنوعاته فالاب يحلم باصدار صحيفة تقدم المجتمع المدني العراقي والعم استاذ الفيزياء الذي يفقد عقله خلال اعتقاله في فترة حكم صدام حسين والعم الاخر عازف بيانو متميز يعبر عن غضبه وحزنه في مشهد سقوط بغداد بمعزوفة غاضبة تتفجر في المشهد. اما الابن الاصغر فانه يتحول بعد سقوط بغداد الى "بلطجي" وتاجر سلاح ومن خلال علاقات الاسرة بمحيطها العراقي ترسم صورة العراق الذي فتته الاحتلال العراق وعاني من بطش سابق ولحق به البطش الجديد. ويحافظ كاظم الاب الكاتب, على مبادئه ويرفض التعامل مع زميله في النضال وفي الجامعة, اياد علاوي, اول من تولى رئاسة وزراء العراق بعد سقوطه تحت الاحتلال لانه يؤمن بالعراق الحر الذي يرى انه لا حرية له تحت الاحتلال الامريكي. والابن الذي يتحول الى تاجر سلاح والبنت التي تعمل مراسلة حربية وتحب فتى من طائفة اخرى في مشهدية تعالج الانساني في ظل الحرب والموت اليومي وترتقي بالفني الى اعلى مستويات الدراما العربية خلال السنوات الاخيرة. من جهتها اكدت علا الشافعي ان "كل مشاهد الدمار والقتل لم تلغ خطا رومانسيا تم نسجه بين المراسليين الحربيين الذين يقفون على حافة الموت اليومي من خلال الاحداث واستطاع من خلالهم ان يكشف شفافية نفسيه نقلت من خلالها ما يعيشه اهل العراق من قلق وموت يومي".
وتضمن الخط الرومانسي العلاقة القائمة بالخصوص بين عابد فهد ونيللي كريم والعلاقة الهاتفيه بين المراسليين وزوجاتهم واهاليهم خارج العراق والقلق المشترك الذي يعيشه الطرفان. بيد ان كل ذلك لم يلغ المشهد السياسي في المسلسل الذي دارت احداثه قبيل وبعد سقوط بغداد من خلال كاميرات المراسليين الصحافيين العرب والاجانب المقيمين في فندق فلسطين ببغداد. واوضحت الشافعي ان المسلسل "قدم المشهد السياسي من خلال مزج الوثائقي بالروائي بشكل رائع بما يفضح ما يجري من احداث على ارض العراق من قبل النظام السابق وما تبعها بعد سقوطه من ممارسات قوات الاحتلال الامريكي التي دخلت تحت مبرر تحرير العراق من الديكتاتورية فمارست ما هو ابشع من ذلك" كما يصوره مشهد تدمير متحف بغداد ونهبه. وجمع المسلسل ممثلين من عدة جنسيات عربية من مصر وتونس والعراق وسوريا وفلسطين ولبنان والاردن الى جانب فنانين اجانب من امريكا وفرنسا. وبلغت كلفة المسلسل الذي انتجته ثلاث شركات عربية, ما يفوق ال 30 مليون جنيه ( 5,5 ملايين دولار ) وهذه اعلى كلفة انتاج لمسلسل عربي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق