الخميس، 1 يوليو 2010

الرقابة تحذف فصلاً عن "لتوريث" فى سرحية "دنيا أراجوزات"

المصدر : المصري اليوم
والمؤلف يستعرض كل أشكال الفساد فى مصر

لم تكد أضواء مسرح «الفن» فى شارع الجلاء تضاء ليلة الخميس الماضى حتى انطفأت من جديد مع قرار محافظة القاهرة بغلق المسرح مجددا بالشمع الأحمر بسبب عدم توافر التصاريح اللازمة لافتتاحه وذلك بعد عامين من إغلاقه بسبب محاولة وزارة الثقافة ومحافظة القاهرة الاستيلاء على أرضه، وهى القضية التى كانت قد حسمت لصالح مالكه جلال الشرقاوى الذى لم يهنأ بافتتاح مسرحيته الجديدة «دنيا أراجوزات» وسط عدد كبير من الجمهور والمتخصصين.
المسرحية تأليف محمود الطوخى وإخراج جلال الشرقاوى وبطولة ٢٢ شابا تم اختيارهم من بين ٣٢٠ طالبا فى أكاديمية الفنون المسرحية بمعاهدها وأقسامها المختلفة وكليات الآداب قسم مسرح، والعرض ينتمى كالعادة إلى نوعية «الكباريه السياسى» وهو عبارة عن ١٨ فصلا لكل منها ديكوره المختلف ويتعرض لإحدى مشكلات المجتمع، سواء سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية.
وقد استخدم المؤلف الأراجوز فى دور «الراوى» الذى ينتقل بين الفصول للتعليق على مشكلة كل فصل، فطوال ساعتين ونصف الساعة هى زمن العرض انتقد المؤلف النظام الحاكم والحالة التى وصلت إليها مصر بأسلوب كوميدى ساخر، من خلال استعراض الكوارث التى وقعت فى السنوات الأخيرة مثل حريق قطار الصعيد وغرق العبارة وحادث الدويقة. وأرجع العرض أسباب هذه الكوارث إلى إهمال المسؤولين الذين فشلوا فى إنقاذ أرواح العديد من الأسر الفقيرة، ثم فشلوا فى معاقبة المتسببين فيها وتركوهم دون محاسبة.
كما أظهر المعاناة اليومية التى يواجهها المصريون للحصول على رغيف العيش من خلال مشهد طابور بعرض المسرح، وجسد المشهد موقف الشرطة المتعنت ضد الفقراء حيث قبضت على مواطن لمجرد أنه اشترى خبزا بأكثر من جنيه، بينما تركت صاحب المخبز يبيع الدقيق فى السوق السوداء. وكشف العرض عن العديد من المخالفات فى المستشفيات العامة وسرقة الأعضاء البشرية فى المستشفيات الخاصة ولجوء المظلوم إلى أقسام الشرطة لأخذ حقه.. حيث يفاجأ بأنها تتجنى عليه إرضاء لأصحاب السلطة، مما جعله يقول إنها حكومة فاسدة وظالمة.
ولم يخل العرض من الإشارة إلى الجماعات الإسلامية ونواياها السيئة والسخرية من الشيوخ الذين يرتدون الـ«بدل»، واستهزأ بالفتاوى التى يطلقونها والمتعلقة بالإفطار فى نهار رمضان وإرضاع الكبير وغيرها، كما أشار إلى الشحاذين الذين ملأوا الشوارع والذين يبتكرون يوميا طرقا جديدة للتسول بعد أن فشلوا فى إيجاد فرص عمل. وأكد العرض أن الجرائم التى ترتكب يوميا وانتشار الإرهاب ناتجان عن الضغوط التى تتعرض لها الشعوب نتيجة ظلم الحكام، وتطرق أيضا إلى الوساطة والمحسوبية فى تولى المناصب المرموقة.
تناول فصل كامل من العرض التحرشات التى تتم فى شوارع القاهرة والأسباب التى دفعت الشباب إلى ارتكاب ذلك، كما انتقد الضريبة العقارية التى تفرضها الدولة على الأهالى والرشاوى التى يتقاضاها القائمون عليها. وقدم العرض مشهد ضرب الرئيس الأمريكى جورج بوش بالحذاء، حيث جسد أحد الأبطال شخصية «بوش» طوال ١٠ دقائق.
وقد كان من المفترض تقديم فصل كامل عن التوريث، لكن الرقابة حذفته، مما جعل المخرج يقدم مشهد خيال ظل من خلال فرعون مصر التاسع عشر ورجل وزوجته يشكرانه على الخيرات التى قدمها لهم، حيث تقول الزوجة: «يعيش الملك التاسع عشر ملك مصر»، وعندما طلب الملك من الزوجة الدعوة لابنه قالت: «يعيش الملك العشرين ملك مصر»، كما اعترضت الرقابة على اسم المسرحية «نظام أراجوزات» بدعوى أنها تسخر من النظام الحاكم فتم تغييره إلى «دنيا أراجوزات».
المؤلف محمود الطوخى قال إن المسرحية كانت عبارة عن ٢٤ فصلا حذفت منها الرقابة جزءاً والآخر حذفه جلال الشرقاوى بنفسه لأنه جرىء جدا، وأضاف: بدأت العرض بمقولة «كيف يعيش مواطن فى بلد ٢٤ ساعة وهو يعانى من وسائل قتل مختلفة اخترعتها الدولة للتقليل من أعداد شعبها مثل حادث قطار الصعيد والدويقة والبلاعات المفتوحة والانتحار وغيرها».
وأكد الطوخى أن «الكباريه السياسى» يسمح بالتجديد يوميا، فالحدث يقع فى صباح اليوم وفى المساء تجده على خشبة المسرح، كما لو أن المسرحية جريدة يومية. ولا أرى أن المسرحية شديدة السواد بل تعبر عن الواقع الذى نعيشه وهو أشد بشاعة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق