الكارثة التي وقعت في سوق الجمعة بالقاهرة قبل أيام يجب ألا تمر مرور الكرام. فهي حادثة مروعة بمعنى الكلمة وليست مجرد حادث مرور عادي.
سقوط سيارة من أعلى كوبرى التونسي ثم انفجارها واندلاع ألسنة النار لتلتهم أكشاك التجار وتأتي على البضاعة.. تفحم جثث الأشخاص الثلاثة الذين كانوا بالسيارة وإصابة عدد غير قليل من الناس.
لابد أن نتوقف ونطرح العديد من التساؤلات عن أسباب هذه الحوادث الكارثية.. ولابد لعلماء النفس والاجتماع والقانون أن يسبروا أسباب هذه الحوادث المتكررة ويحاولوا العثور على تفسير لها ووضع حلول لتجنبها، لاسيما وأن حوادث سقوط السيارات من فوق الكباري أو الطرق العلوية تكررت أكثر من مرة.
إنني أتفق مع الدكتور عبد العظيم وزير محافظ القاهرة في ضرورة تخصيص أماكن أخرى للأسواق، ولكني أختلف معه في توقيت الإعلان عن نقل سوق الجمعة إلى مدينة 15 مايو حيث بدا الأمر وكأنه رد فعل لما حدث، وليس جزءا من استراتيجية عامة لتطوير العاصمة.
بل إنه يبدو في أعين هؤلاء التجار وكأنه عقاب لهم على ذنب لم يقترفوه، والأكثر من ذلك أن أولئك التجار يروا أنفسهم هم الضحية وليسوا الجناة.. هم الذين سقطت عليهم السيارة من السماء وقضت على بضاعتهم وأموالهم ولم يكونوا بأي حال سببا في الكارثة.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: لماذا لم يفكر مسئول من قبل في نقل هذا السوق من مكانه الحالي، وهل كان يتعين أن تحدث كارثة حتى نتخذ القرار؟ إن السوق موجود منذ سنوات والتجار يعملون تحت أعين وأبصار الجميع، والناس يأتونه من كل حدب وصوب. هل أقيمت هذه الأكشاك جميعها بتراخيص أم هناك أكشاك عشوائية كما هو الحال في أماكن أخرى عديدة؟ وهل هناك تأمين على هذه الأكشاك وماتحويه من بضاعة؟ وإذا افترضنا أنه لايصح إقامة أسواق أسفل الكباري، فلا بد أن نعمم ذلك على جميع الكباري القائمة فإما أن نزيلها أو نزيل ما تحتها، ومن ذلك مثلا الكوبري الذي يمر بطول شارع الأزهر، وكوبري مايو الذي أقيم بطول حي الزمالك ليحوّل شارع 26 يوليو في ذلك الحي الراقي إلى معلم قبيح. أي أن المسئولية ليست فقط مسئولية سائق متهور أو تجار يبيعون بضاعتهم أسفل الكوبري ولكنها تقع أيضا على عاتق المسئولين عن المرور أعلى الكوبري والمسئولين الذين أغمضوا الطرف عن هذا السوق أسفل الكوبري منذ سنوات!
ولعل الحريق الهائل الذي أطاح بجانب كبير من سوق الجمعة يجعلنا أيضا نتساءل عن استعدادات مكافحة الحرائق في الأحياء التجارية المكتظة بحاراتها وأزقتها ودكاكينها الضيقة ويضاعتها الثمينة وأعدادها الهائلة من الناس سواء المشترين أو التجار أوالعاملين. ولنأخذ على سبيل المثال أحياء العتبة والموسكي ودرب البرابرة وخان الخليلي والغورية والجمالية. هل اتخذت استعدادات كافية لحماية هذه الأماكن من الحرائق أو الكوارث؟
ورغم أنه لم يُكشف النقاب بعد عن سبب سقوط السيارة من أعلى الكوبري، إلا أنني أقول إن هناك أحد احتمالين، إما أنه طيش وتهور وعدم اكتراث بالقانون من جانب قائد السيارة وإما أنه تراخ في تنفيذ القانون من جانب القائمين على تنفيذه. فالسرعة التي يقود بها الناس سياراتهم فوق الكباري والطرق السريعة مرعبة، وليس هناك التزام أو معرفة بأبسط قواعد المرور وقيادة السيارات والتعامل أثناء القيادة بين سيارة وأخرى. هناك جشع وطمع في أحقية الانفراد بالطريق دون اعتبار للآخرين. أين إذن دوريات شرطة المرور التي يتعين عليها إيقاف السيارات المسرعة أو المخالفة؟ ثم إني أتساءل أيضا، هل هناك مصدات كافية على جانبي الكوبري للحيلولة دون سقوط السيارات كما هو متبع في كثير من دول العالم؟
ثم ما هذا الذي يحدث فوق الكباري، لقد تحولت إلى مايشبه الكازينوهات المفتوحة، أناس يوقفون سياراتهم فوق كوبري 6 أكتوبر وينزلون منها ليستمتعوا بنسمات النيل المسائية خاصة بين منطقة ماسبيرو ونيل العجوزة، نفس المنظر يتكرر أعلى الطريق الدائري، لاسيما عند منطقة المعادي، ينزل الناس من سياراتهم ويجلسوا على مقاعد أحضروها معهم ثم يبدأ الباعة الجائلون في خدمتهم بالمشروبات والمسليات. يالها من صورة كاريكاتورية تراجيدية.. هذه الصورة لا يمكن أن تشهدها في أي مكان آخر في العالم. أين إذن رجال المرور المسئولون عن سلامة هذه الكباري وتأمين تدفق السيارات بسهولة ويسر وحماية الناس؟
لقد صُدعت رؤوسنا قبل سنتين بقانون المرور الجديد وتم إقرار القانون، والحال أسوأ من قبل. وتحول الحديث عن القانون الجديد إلى نكتة سخيفة عن شنطة الإسعاف والمثلث العاكس. المشكلة أننا نضع القوانين ثم لاننفذها، بل إن عسكري المرور الواقف في الشارع ربما لايعرف مواد القانون المنوط هو بتنفيذها.
سقوط سيارة من أعلى كوبرى التونسي ثم انفجارها واندلاع ألسنة النار لتلتهم أكشاك التجار وتأتي على البضاعة.. تفحم جثث الأشخاص الثلاثة الذين كانوا بالسيارة وإصابة عدد غير قليل من الناس.
لابد أن نتوقف ونطرح العديد من التساؤلات عن أسباب هذه الحوادث الكارثية.. ولابد لعلماء النفس والاجتماع والقانون أن يسبروا أسباب هذه الحوادث المتكررة ويحاولوا العثور على تفسير لها ووضع حلول لتجنبها، لاسيما وأن حوادث سقوط السيارات من فوق الكباري أو الطرق العلوية تكررت أكثر من مرة.
إنني أتفق مع الدكتور عبد العظيم وزير محافظ القاهرة في ضرورة تخصيص أماكن أخرى للأسواق، ولكني أختلف معه في توقيت الإعلان عن نقل سوق الجمعة إلى مدينة 15 مايو حيث بدا الأمر وكأنه رد فعل لما حدث، وليس جزءا من استراتيجية عامة لتطوير العاصمة.
بل إنه يبدو في أعين هؤلاء التجار وكأنه عقاب لهم على ذنب لم يقترفوه، والأكثر من ذلك أن أولئك التجار يروا أنفسهم هم الضحية وليسوا الجناة.. هم الذين سقطت عليهم السيارة من السماء وقضت على بضاعتهم وأموالهم ولم يكونوا بأي حال سببا في الكارثة.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: لماذا لم يفكر مسئول من قبل في نقل هذا السوق من مكانه الحالي، وهل كان يتعين أن تحدث كارثة حتى نتخذ القرار؟ إن السوق موجود منذ سنوات والتجار يعملون تحت أعين وأبصار الجميع، والناس يأتونه من كل حدب وصوب. هل أقيمت هذه الأكشاك جميعها بتراخيص أم هناك أكشاك عشوائية كما هو الحال في أماكن أخرى عديدة؟ وهل هناك تأمين على هذه الأكشاك وماتحويه من بضاعة؟ وإذا افترضنا أنه لايصح إقامة أسواق أسفل الكباري، فلا بد أن نعمم ذلك على جميع الكباري القائمة فإما أن نزيلها أو نزيل ما تحتها، ومن ذلك مثلا الكوبري الذي يمر بطول شارع الأزهر، وكوبري مايو الذي أقيم بطول حي الزمالك ليحوّل شارع 26 يوليو في ذلك الحي الراقي إلى معلم قبيح. أي أن المسئولية ليست فقط مسئولية سائق متهور أو تجار يبيعون بضاعتهم أسفل الكوبري ولكنها تقع أيضا على عاتق المسئولين عن المرور أعلى الكوبري والمسئولين الذين أغمضوا الطرف عن هذا السوق أسفل الكوبري منذ سنوات!
ولعل الحريق الهائل الذي أطاح بجانب كبير من سوق الجمعة يجعلنا أيضا نتساءل عن استعدادات مكافحة الحرائق في الأحياء التجارية المكتظة بحاراتها وأزقتها ودكاكينها الضيقة ويضاعتها الثمينة وأعدادها الهائلة من الناس سواء المشترين أو التجار أوالعاملين. ولنأخذ على سبيل المثال أحياء العتبة والموسكي ودرب البرابرة وخان الخليلي والغورية والجمالية. هل اتخذت استعدادات كافية لحماية هذه الأماكن من الحرائق أو الكوارث؟
ورغم أنه لم يُكشف النقاب بعد عن سبب سقوط السيارة من أعلى الكوبري، إلا أنني أقول إن هناك أحد احتمالين، إما أنه طيش وتهور وعدم اكتراث بالقانون من جانب قائد السيارة وإما أنه تراخ في تنفيذ القانون من جانب القائمين على تنفيذه. فالسرعة التي يقود بها الناس سياراتهم فوق الكباري والطرق السريعة مرعبة، وليس هناك التزام أو معرفة بأبسط قواعد المرور وقيادة السيارات والتعامل أثناء القيادة بين سيارة وأخرى. هناك جشع وطمع في أحقية الانفراد بالطريق دون اعتبار للآخرين. أين إذن دوريات شرطة المرور التي يتعين عليها إيقاف السيارات المسرعة أو المخالفة؟ ثم إني أتساءل أيضا، هل هناك مصدات كافية على جانبي الكوبري للحيلولة دون سقوط السيارات كما هو متبع في كثير من دول العالم؟
ثم ما هذا الذي يحدث فوق الكباري، لقد تحولت إلى مايشبه الكازينوهات المفتوحة، أناس يوقفون سياراتهم فوق كوبري 6 أكتوبر وينزلون منها ليستمتعوا بنسمات النيل المسائية خاصة بين منطقة ماسبيرو ونيل العجوزة، نفس المنظر يتكرر أعلى الطريق الدائري، لاسيما عند منطقة المعادي، ينزل الناس من سياراتهم ويجلسوا على مقاعد أحضروها معهم ثم يبدأ الباعة الجائلون في خدمتهم بالمشروبات والمسليات. يالها من صورة كاريكاتورية تراجيدية.. هذه الصورة لا يمكن أن تشهدها في أي مكان آخر في العالم. أين إذن رجال المرور المسئولون عن سلامة هذه الكباري وتأمين تدفق السيارات بسهولة ويسر وحماية الناس؟
لقد صُدعت رؤوسنا قبل سنتين بقانون المرور الجديد وتم إقرار القانون، والحال أسوأ من قبل. وتحول الحديث عن القانون الجديد إلى نكتة سخيفة عن شنطة الإسعاف والمثلث العاكس. المشكلة أننا نضع القوانين ثم لاننفذها، بل إن عسكري المرور الواقف في الشارع ربما لايعرف مواد القانون المنوط هو بتنفيذها.
ايجيبتى - الكاتب محمد عبد الكريم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق