السبت، 31 مارس 2012

كيف صنعوا دستورهم .. الهند - جنوب أفريقيا؟


بقلم   د.رفعت السعيد    ٣١/ ٣/ ٢٠١٢
فى مبادرة أكثر من ممتازة قام المركز القومى للترجمة بترجمة وإصدار نصوص لعديد من البلدان جاءت فى سبعة مجلدات، وتولت ترجمتها بتفانٍ وإتقان الأستاذة أمانى فهمى.
ولأننا نضع الآن دستورنا، ولأن الوثيقة الدستورية لأى بلد تمثل روح هذا البلد ومدى قدرته على النهوض، ولأن الهند وجنوب أفريقيا تمثلان حالتين من نهوض سياسى واقتصادى وعلمى وثقافى، قفز بالهند إلى مكانة تكاد أن تصل إلى مصاف الدول العظمى رغم حداثة استقلالها، وتفتت كياناتها العرقية والدينية، والفقر الشديد الذى كانت تعانى منه، وكذلك فإن جنوب أفريقيا بكل ما عانت منه من تمييز عنصرى وتخلف وتفتت عرقى ولغوى ودينى، ورغم حداثة تجربتها الديمقراطية، قد قفزت سياسياً واقتصادياً ومجتمعياً إلى مرتبة الدولة الأفريقية الأولى، دون منازع، فإننا حاولنا مطالعة دستورى البلدين بأمل التعرف على سر نهوضهما، والآن تأملوا معى كيف تتم صناعة دستور، وكيف يصبح الدستور أداة حاسمة فى تطور الوطن، وكيف يفسح أمامه طريق النهوض الذى يعيشه الآن، والذى يتجه به نحو مستقبل أكثر رحابة، ولنبدأ بالتأمل فى نصوص الدستورين:
الهند : (م١٤): لا تحرم الدولة أى شخص من المساواة أمام القانون، أو من حماية القوانين له على قدم المساواة.
(م١٥): ١- لا تميز الدولة ضد أى مواطن على أساس الدين والعنصر والطبقة والجنس ومحل الميلاد.
٢- لا يعرض أى مواطن لأى إعاقة أو مسؤولية أو تمييز أو تقييد أو شرط على أساس الدين والعنصر والطبقة والجنس ومحل الميلاد .
(م١٦): ١- يكون هناك تكافؤ فى الفرص المتاحة أمام جميع المواطنين فى الأمور المتعلقة بالعمالة أو التعيين فى منصب بالدولة.
(م١٩): يكون للمواطنين جميعاً الحق فى - حرية الكلام والتعبير - والتجمع سلمياً دون أسلحة - وتشكيل روابط واتحادات.
(م٢٥): حرية الضمير والمجاهرة بالديانة وممارستها والدعوة لها.
(م٢٦): يكون لكل ديانة أو أى مذهب من مذاهبها الحق فى إقامة مؤسسات للأغراض الدينية وإدارة شؤونها.
(م٢٨): لا يقدم أى تعليم دينى بأى مؤسسة تعليمية ينفق عليها بالكامل من أموال الدولة.
(م٣٨): ١- تسعى الدولة جاهدة إلى النهوض برفاهية الناس عن طريق وجود نظام اجتماعى تهتدى فيه جميع المؤسسات بالعدل الاجتماعى والاقتصادى والسياسى.
٢- تسعى الدولة جاهدة إلى الإقلال إلى أدنى حد من أوجه انعدام المساواة فى الدخل.
(م٢٩): توجه الدولة سياستها نحو كفالة تمتع المواطنين رجالاً ونساءً بالحق فى أن تتاح لهم سبل رزق لائقة، وتوزيع ملكية موارد المجتمع المحلى المادية والسيطرة عليها على نحو يحقق الصالح العام على خير وجه، وعدم تسبب النظام الاقتصادى فى تركيز الثروة ووسائل الإنتاج بما يلحق الضرر بالصالح العام، أجر متكافئ عن العمل المتكافئ بين الرجال والنساء.
ومهما واصلنا المطالعة فى دستور مكون من (٣٩٢) مادة نكتشف أن كل مادة فيه صيغت بروح إنسانية وديمقراطية تسعى بالهند نحو مجتمع تسوده المساواة والعدالة وحقوق الإنسان.
جنوب أفريقيا: وكما نعرف فإن جنوب أفريقيا كانت نموذجاً للتعصب العرقى والأبارتايد، واضطهاد البيض لغالبية السكان من السود، ثم تطهرت من هذا التخلف وانطلقت لتصبح قوة اقتصادية وسياسية واجتماعية تقود أفريقيا، بلا منازع، عبر دستور ديمقراطى حقاً، ليبرالى حقاً، ونقرأ:
الفصل الثانى -٩-١- يتساوى الجميع أمام القانون ولكل منهم الحق فى التمتع بحماية القانون وبفائدته على قدم المساواة.
٢- تشمل المساواة التمتع الكامل وعلى قدم المساواة بجميع الحقوق والحريات، وتشجيعاً لتحقيق المساواة يجوز اتخاذ تدابير تشريعية وتدابير أخرى ترمى إلى حماية أشخاص أو فئات ممن يكونون مضرورين من إجراء تمييز جائر.
٣- لا يجوز للدولة أن تميز تمييزاً جائراً بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ضد أى أحد، استناداً إلى العنصر والنوع والأصل الإثنى أو الاجتماعى أو الدين.
١٥-١- لكل فرد الحق فى حرية الضمير والديانة والفكر والعقيدة.
١٦-١- لكل فرد الحق فى حرية التعبير وتشمل حرية الصحافة ووسائط الإعلام - وحرية الحصول على المعلومات أو الأفكار أو نقلها - وحرية الإبداع الفنى - والحرية الأكاديمية وحرية البحث العلمى .
١٧- لكل فرد الحق فى التجمع سلمياً ودون سلاح والتظاهر والاعتصام.
١٩- لكل مواطن الحق فى تشكيل حزب سياسى أو المشاركة فى أنشطة حزب سياسى.
وهكذا ومهما أطلنا سنجد أن الأساس الدستورى الصحيح والديمقراطى والليبرالى، هو الذى قاد كلاً من الهند وجنوب أفريقيا، وكانتا متخلفتين عنا بكثير، إلى اجتيازنا والتقدم عنا بكثير، لكننى أود أن أحذر من أن النصوص وحدها لا تكفى، إنما يجب أن تلحق بها إرادة جماعية تفرض تطبيقها دون مراوغة، ويجب أن تكون إرادة الرأى العام قوية يقظة، حتى لا تتحول النصوص إلى لا شىء.
ويبقى أن نذكّر بأن الدستور هو رباط وتعاقد جماعى ومجتمعى، ولا يمكن لأى تيار أو جماعة، حتى إن حازت أغلبية برلمانية، أن تتحكم فى وضع الدستور الذى يتعين أن يأتى على مقاس الوطن بأكمله، فالأغلبية البرلمانية تتغير لكن الدستور يبقى، وإلا غيرته أغلبية أخرى.


المصدر : المصري اليوم




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق