الأحد، 2 مايو 2010

قطط الشارع .. عودة لـ المسرح الاستعراضي


هل سينجح البيت الفني للفنون الشعبية في احياء المسرح الغنائي ذي الإنتاج الضخم؟!!.. وهل سينجح كذلك في استرداد "عافية" المسرح الاستعراضي؟!!.. وهل هو قادر علي عودة الوعي للمسرح الشعبي؟!!.. اسئلة طرحت منذ سنوات واليوم تجد اجابات واضحة لها "علي مدي العام المنصرم نجح البيت إلي حد بعيد برئاسة المخرج شريف عبد اللطيف ان يحقق بعضاً من المعادلة فقدم المسرح الشعبي من خلال عرض "سكة سفر" و"مآذن المحروسة" والمسرح الاستعراضي من خلال العرض الذي يقدم حالياً علي مسرح البالون "قطط الشارع" إخراج عادل عبده أما المسرح الغنائي فهو يحتاج وهو الأهم إلي دفعة قوية جداً لبث الروح فيه من جديد لأنه يحتاج لخصائص محددة في عناصره ومع هذا فالأمر ليس عسيراً أو صعباً فثمة بداية علي الطريق ولسنا الآن في حاجة للخوض في ماهية المسرح الغنائي ونحن في هذه السطور نتعرض بالنقد والتحليل لعرض "قطط الشارع" المأخوذ عن رائعة تشارلز ديكنز "أوليفر تويست".. ربما يسأل البعض لماذا أوليفر تويست؟.. والاجابة واضحة لأن العمل ينطوي علي تيمة إنسانية عالمية وربما هي الأصلح للبيئة المصرية حيث ان هذه البيئة اصبحت مرتعاً لمشكلة اطفال الشوارع ولم تعد القضية الاطفال بل تنوعت فهناك اطفال الشوارع وشباب الشوارع ورجال ونساء الشوارع بل وعواجيز الشوارع من الجنسين وهو الأمر الذي جعل الدولة تنشيء وزارة للأسرة والسكان ومجلساً قومياً لحقوق الإنسان والازدياد الكبير في دور الأيتام والجمعيات الخيرية.. "قطط الشارع" اصبحت القضية الساخنة في مصر والتي تهدد التنمية في المجتمع المصري بجانب "الحرامية" الذين ظهروا في صور متعددة وخاصة في طبقة رجال الأعمال والمشاكل الأخلاقية التي اشتعلت في الفترة الأخيرة وحالة التسيب والانفلات المجتمعي الذي ظهر معه الكثير من الأمراض الاجتماعية كالردمان والتحرش الجنسي بكل صوره "قطط الشوارع" انحسرت نحو تقديم قضية اطفال الشوارع فكيف عولجت من حيث الطرح الدرامي والصورة المسرحية؟!!.. عادل عبده مخرج استعراضي في المقام الأول لذلك اختار لصورته المسرحية الشكل الاستعراضي الراقص ومن خلال الفرقة الغنائية الاستعراضية عهد "بتمصير" النص الأجنبي للشاعر بهاء جاهين وحوله من بيئته الغربية إلي البيئة المصرية فجاءت شخوصه مصرية تماماً بعيداً عن طبيعة المشاكل الغربية لتصب في الطبيعة الخاصة المصرية بكل تفاصيلها ومشاكلها واكتفي بعرض "الحالة" حالة "اطفال الشوارع كما هي موجودة وكأنه يحمل تسجيلاً وكاميرا وأخذ يسجل بالصوت والصورة الحالة كما هي في حقيقتها لكنه اغفل أو نسي الخوض في اسباب الظاهرة ونتائجها وكيفية علاجها وأنهي الحالة علي طريقة الافلام المصرية القديمة بالنهاية السعيدة. نحن امام أكاديمية حافظ للنشل يجمع الاطفال ويعلمهم السرقة وكل حلمه ان يجمع المليون جنيه ثم يتوب ويهرب للخارج ويقع تحت يده الطفل "كريم" ويتعاطف معه ويفعل كل شيء من أجله وتأتي سمسمه التي تحب حافظ وحداية الذي يطمع في الطفل بينما علي الجانب الآخر عزيز بيه الذي يري في الطفل انه يشبه ابنته التي تركت البيت أو ماتت لأنه رفض ان يزوجها لزميلها في الجامعة ويقرر تربية ورعاية الطفل وينجح "حداية" في خطف الطفل وفي النهاية ودون الدخول في تفاصيل يعود الطفل كريم لعزيز بيه ويقرر حافظ صاحب مدرسة الشارع أو الورشة في ان يقول انه سيحول اكاديمية النشل لتعليم الأولاد وإلي هنا تنتهي الحدوته فماذا فعل المخرج عادل عبده بدأت الصورة المسرحية باستعراض أبواليتامي ثم مونولوج طويل لحافظ "سمير صبري" حول ما يحدث في المجتمع وفقدان الاحساس بالغير والنتيجة اطفال الشوارع ونري حتمية اختزال هذا المنولوج لأنه مجرد سرد بلا طائل ثم الملجأ واستعراض "هي طقة واحدة" ووصف حالة الاطفال من الحرمان والجوع ثم اغنية "ولد للبيع" والريسه زوجة المعلم شمعه وجملة "أنت ابن حرام" واري حذفها ثم اغنية الطفل في السجن "تعالي لي يا للي في العلالي" واستعراض السوق ودخول سمسمة "دوللي شاهين" باغنية "شكل للبيع".. يظهر حافظ أو حته في زي ضابط بوليس وقصة زواج أبيه بثلاث سيدات وكل واحدة تنجب بنتاً وأمه فقط التي انجبت ولداً وان الولد ابن حرام ثم يتطرق الحديث حول جملة "في عصر الحرامية خليك حرامي علشان تقدر تعيش" لكن العرض لم يستثمر المقولة في السياق البنائي للأحداث وحكاية أبو حافظ كانت في حاجة إلي دلالة درامية وإلا لماذا يتم سردها.. نجح المخرج عادل عبده في خلق معادل غنائي مواز للدراما الناقصة والتي تخلو من "عصرنة الواقع" بكل مشاكله فالنص الدرامي طرح المشكلة كصورة كما هي في الواقع وحاول عادل بالغناء التجول والتمحور حول قضايا اطفال الشوارع بجانب الاستعراض مثل ما سبق ذكره بجانب مجموعة اغاني منها اغنية "جايلك يا أم الدنيا" بما في ذلك استعراض "الورشة" واغنية عزيز بيه واستعراض دوللي أو سمسمة وإلي آخر هذه الأغاني والاستعراضات وان كانت هناك من في حاجة إلي الحذف وبخاصة اغنية عزيز بيه "تصبح علي خير" وغيرها.. العمل يحتاج إلي اختزال نصف ساعة أو أكثر خاصة في المواضع التي تبدو مكررة أو بلا جديدو كذلك مونولوج عزيز بيه الذي يبدو فجاً ويقدم بصورة ميلودرامية موهقة للممثل وللمتلقي والذي يحكي فيه قصة اختفاء ابنته: نجح عادل عبده في خلق جو استعراضي مبهر وخاصة في تحريك المجاميع وبخاصة الاطفال بعددهم الكبير دون خلل في الشكل والصورة أما النهاية التي طرحها العرض كنت اتمني ان تظل معلقة وليست بالصورة المطروحة لأن القضية قضية اطفال الشوارع مازالت ساخنة وموجودة ولم تنته وليس لها علاج لا من قبل الدولة ولا من المجتمع المدني بل ويزدادون اليوم بعد الآخر كان لابد للعرض ان يستمر في طرح السؤال ماذا فعلنا للقضاء علي ظاهرة اطفال الشوارع؟.. نعود إلي تفاصيل ومفردات العرض ألحان يحيي غانم وحسن دنيا كلاهما حقق المعادلة في خلق جملة موسيقية تحقق للمخرج الهدف الاستعراضي الراقص وان غلب علي بعض الألحان تكرار الجملة الموسيقية باستثناء بعض الحان الاغاني الصولو فكانت تميل إلي الدرامية وهو المطلوب.. أما ديكور محمد الغرباوي وملابسه تمتعا بالابهار باستثناء بعض الملاحظات منها: "استخدام المنظر المرسوم" لماذا الشبابيك مائلة ولماذا الأبواب معتدلة خاصة اعلي باب المكتبة الثقافية وباب شمعة الحانوتي؟!!.. الممثلون: سمير صبري مازال بحيوته وتوهجه قدم شخصية حافظ باداءالسهل الممتنع تمثيلاً ورقصاً وغناءً وكذلك جمال إسماعيل في شخصية عزير بيه ودوللي شاهين جسدت سمسمة بجوانبها الشريرة والإنسانية أما ممدوح درويش فكان مفاجأة في دور "حداية" شكلاً ومضموناً وأداء وحركة وكذلك سناء يسري وماجدة رجب.. أما الطفلان "كريم تامر" و"مروان عنتر" فكلاهما يتمتع بكاريزما المسرح البراءة والصدق والأداء والتعبير فكانا لهما جاذبية حاضرة.. شارك في الصورة تمثيلاً: سيد عبد الرحيم وأحمد رشوان وخالد جمعة وسحر عبدالله وإبراهيم غنام وناصر عبد الحفيظ وأشرف عزب.وتبقي كلمة: نجح البيت في التغلب علي الكثير من المشاكل ودخل حلبة الإنتاج الذي اتمني ان تستمر مع مساندة المسرح الغنائي لينهض من جديد.
زوايا
** لعنة الشيطان تخيم علي المكان "!!".. ** احذر بل ألفت نظر الوزير من اختيار الشيطان لأي موقع وبخاصة المسرح"!!".. ** ليه يا دكتور ترشح الشيطان للوزير ليه؟!.. ** الشيطان نفسه يبث شره في كل مكان يتواجد فيه "!!".. ** متأكدون هذه المرة من الأختيار الجيد للوزير لمقعد المسرح"!!"..

الجمهورية - حسن سعد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق