الخميس، 6 مايو 2010

تلك الأيام‮ .. ‬بداية جيدة لـ الموسم السينمائي الصيفي‮ ‬


حميدة‮« ‬و»الفيشاوي الصغير‮« ‬يقدمان مباراة رائعة في الأداء‮!‬
كنت أترقب بشوق كبير عرض فيلم‮ »‬تلك الأيام‮«‬،‮ ‬المأخوذ عن رواية بنفس الاسم كتبها فتحي‮ ‬غانم،‮ ‬وتعتبر واحدا من أهم أعماله الإبداعية،‮ ‬وميزة الفيلم أن‮ »‬أحمد‮ ‬غانم‮« ‬ابن الروائي الكبير،‮ ‬هو من قام بتحويل النص الادبي الي سيناريو سينمائي بمشاركة‮ »‬علا عز الدين‮«‬،‮ ‬وقام أيضا بإخراجه،‮ ‬ومادفعني‮ ‬ايضا للحماس لفيلم‮ »‬تلك الأيام‮« ‬أنه من بطولة محمود حميدة،‮ ‬الذي أعتبر اسمه ماركة مسجلة للجودة والإبداع‮! ‬ولم يخيب الفيلم توقعاتي رغم أن السيناريو لم يقدم إلا شذرات قليلة من روعة الرواية وتفاصيلها الكثيرة المتشابكة،‮ ‬وهي من المرات القليلة التي يحدث أن يرفع أداء الممثلين من قيمة العمل السينمائي،‮ ‬وليس العكس،‮ ‬ومع ذلك فإن‮ »‬تلك الأيام‮« ‬من الأفلام التي لن تسقط من الذاكرة،‮ ‬حيث تدور احداث الفيلم حول شخصية سالم عبيد‮ »‬محمود حميدة‮« ‬وهو استاذ جامعي صاحب شخصية مرموقة ومكانة اجتماعية مميزة وينتظره مستقبل عظيم في مجال السياسة حيث استقر أصحاب القرار علي تعيينه وزيرا،‮ ‬ولكن بقي علي القرار بعض التفاصيل وانتظار حركة تغيير قادمة،‮ ‬وحتي يتحول القرار الشفهي الي قرار رسمي كان‮ »‬سالم عبيد‮« ‬علي استعداد تام،‮ ‬لأن يقدم للدولة كل ألوان الخضوع ليثبت جدارته واستحقاقه للمنصب الكبير،‮ ‬ويحدث أن يستعين سالم عبيد،‮ ‬بضابط سابق في الشرطة‮ »‬علي النجار‮« ‬أحمد الفيشاوي ليقدم له بعض الخبرات الأمنية،‮ ‬التي سوف تتضمنها دراسة يعدها عن اساليب الشرطة في التعامل مع الخلايا الارهابية،‮ ‬وسرعان ماتتعلق الزوجة الشابة أميرة‮ »‬ليلي سامي‮« ‬بالضابط الوسيم،‮ ‬وتتذكر أنه أنقذ حياتها مرة،‮ ‬عندما كانت ضمن ركاب أحد القطارات التي تعرضت لهجوم مجموعة من الإرهابيين،‮ ‬وقام علي النجار بالقضاء عليهم مع بعض رجال الشرطة،‮ ‬وكان من اليسير أن نكتشف أن علي النجار الضابط السابق،‮ ‬يعيش مكبلا بعقدة ذنب،‮ ‬تحيل حياته إلي جحيم،‮ ‬ومع اندفاع الاحداث ورجوع السيناريو‮ »‬فلاش باك‮« ‬لنقط مفصلية سابقة في حياة الشخصيات،‮ ‬نتابع مطاردة علي النجار لأحد الارهابيين الذي قام بقتل زميل علي النجار،‮ ‬مما دفع الاخير لملاحقته والاجهاز عليه بضراوة‮!‬ وتدور الشخصيات الثلاث في دوائر مغلقة،‮ ‬وكأن لكل منها عالمه الخاص،‮ ‬ثم تتشابك الدوائر،‮ ‬عندما يشعر الضابط الشاب بميل تجاه زوجة الاستاذ الجامعي والسياسي اللامع،‮ ‬ويحاول مقاومة مشاعره،‮ ‬ولكنه يفاجأ بسالم عبيد يطلب منه أن يقتل زوجته،‮ ‬ويحاول اقناعه بان تلك الزوجة تخونه بشكل دائم وسوف تعرض مستقبله السياسي للخطر،‮ ‬ويكتشف علي النجار انه وقع تحت ضغط وأكاذيب سالم عبيد الذي لفق لزوجته تهما لإدانتها أخلاقيا،‮ ‬أمام أسرتها وأمام علي النجار حتي يسهل عليه التخلص منها،‮ ‬وتقود الظروف سالم عبيد الي فضيحة سياسية مدوية عندما،‮ ‬يتم استضافته علي الهواء مباشرة،‮ ‬في حوار ساخن مع السفيرة الامريكية وأحد المحللين السياسيين في شئون الشرق الأوسط،‮ ‬واثناء فترة الفاصل،‮ ‬يجري سالم عبيد بعض المحادثات التليفونية وهو يجهل أن مايقوله يسمعه كل من يتابع البرنامج،‮ ‬ويأخذ راحته في الحديث ليسيء لكل من كان يحاول أن‮ ‬يتملقهم،‮ ‬بل يسيء الي سمعته شخصيا وهو يتحدث عن فجور زوجته وخيانتها له،‮ ‬وعندما يكتشف ان كل حديثه التليفوني كان مسموعا علي الهواء يدرك ان احلامه في الوزارة قد تبددت نهائيا،‮ ‬فيهرع إلي بلدته وإلي حضن أمه قدرية‮ »‬صفية العمري‮« ‬التي‮ ‬غاب عنها أيام مجده ونجاحه،‮ ‬ليجد عندها السكينة والطمأنينة،‮ ‬ولكن عندما تطالبه زوجته أميرة بالطلاق،‮ ‬لتلحق بالرجل الذي احبته‮ »‬علي النجار‮«‬،‮ ‬لايجد سالم عبيد بدا من إعلان هزيمته،‮ ‬التي تتساوي مع منطقة الموت المحتم‮! ‬وقد قدم محمود حميدة أداء بديعا لشخصية سالم بكل أبعادها النفسية وجبروتها وانكسارها،‮ ‬ومداهنتها وخضوعها و»فرعنتها‮«‬،‮ ‬ولكن بحسابات دقيقة جدا،‮ ‬أما أحمد الفيشاوي فهو يؤكد في أدواره الاخيرة أنه ممثل‮ »‬رايق‮« ‬ويختار أدواره بعناية ومزاج خاص،‮ ‬ويستطيع مفاجأة جمهوره مع كل شخصية جديدة يقدمها،‮ ‬وتمكن علي مستوي الشكل والاداء والحركة من التعامل مع شخصية ضابط شرطة متحمس لأداء واجبه في متابعة بؤر الارهاب،‮ ‬ولكنه يتورط في القتل بغل وحقد بينما كا لابد له ان يقدم المجرم للعدالة،‮ ‬بدلا من أن يتحول إلي القاضي والجلاد معا‮! ‬وللأسف كانت ليلي سامي التي لعبت شخصية الزوجة الشابة أميرة،‮ ‬اقل كثيرا من الدور،‮ ‬وهي تفتقد للحضور،‮ ‬وليس لديها مايشجع الآخرين علي منحها فرصة ثانية،‮ ‬فقد أخذت أكثر مما تستحق في هذا الفيلم،‮ ‬وكانت عودة الفنانة صفية العمري لشاشة السينما هي أهم مفاجآت الفيلم،‮ ‬وقد منحت دور قدرية أم سالم عبيد،‮ ‬حالة هائلة من الدفء والعذوبة،‮ ‬المخرج أحمد فتحي‮ ‬غانم قدم فيلما جيدا علي مستوي الصورة ولكن ينقصه الألق والإبداع،‮ ‬وأزعجتني المشاهد الداخلية لقصر سالم عبيد،‮ ‬والإضاءة المعتمة التي استخدمها بشكل يقترب من المراهقة،‮ ‬للتأكيد علي العلاقات المرتبكة بين الشخصيات الثلاث الأساسية‮ »‬سالم وأميرة وعلي النجار‮«‬،‮ ‬ثم استخدام رقعة الشطرنج بكثرة للتعبير عن لعبة الذكاء بين سالم عبيد ونفسه‮! ‬بينما كانت المشاهد الخارجية ومطاردات علي النجار لعناصر الارهاب والالتحام معهم أفضل إخراجيا وتصويرا،‮ ‬وعلي كل الأحوال نحن أمام فيلم سينمائي محترم وجيد الصنع،‮ ‬ويضم نخبة من النجوم يمثلون أجيالا مختلفة،‮ ‬إنها بداية مطمئنة للموسم السينمائي الصيفي وربنا يستر علي الباقي‮!!!‬

الوفد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق