الخميس، 6 مايو 2010

بعد فضائح الفساد المالي

حزب العمال البريطاني‮.. ‬مهدد بالسقوط والحزب الوطني المصري‮.. ‬جامد ومتين‮!‬

في بريطانيا‮.. ‬يواجه حزب العمال الحاكم أصعب انتخابات تشريعية في تاريخه رغم قضائه‮ ‬13‮ ‬عامًا في الحكم‮!‬،‮ ‬وتولي خلالها جوردون براون رئاسة الحكومة‮!. ‬لن ينظر الناخب البريطاني إلي انجازات حكومة حزب العمال طوال هذه الفترة،‮ ‬ولن يلتفت الناخب البريطاني إلي الوعود الوردية والتصريحات المعسولة التي أطلقها قيادات الحزب خلال الحملة الانتخابية‮! ‬ولن يضع الناخب البريطاني اعتبارا إلي‮ »‬العشرة«والألفة التي جمعت بينه وبين جوردون براون وأعضاء وزارته طوال فترة وجودهم في الحكم‮!‬،‮ ‬ولن يغلق الناخب البريطاني ملفات الفضائح التي تفجرت داخل مجلس العموم البريطاني،‮ ‬وامتد شرارها إلي بعض أعضاء حكومة جوردون براون‮!.‬ إن استطلاعات الرأي التي جرت مؤخرًا في بريطانيا،‮ ‬كشفت عن تراجع شعبية حزب العمال،‮ ‬وتوقعت فوز حزب المحافظين بزعامة ديفيد كاميرون‮. ‬كما كشفت استطلاعات الرأي عن تقدم ملحوظ لحزب الأحرار الديمقراطيين بزعامة كليج‮. ‬وهذا معناه‮.. ‬ان حزب العمال الذي حكم بريطانيا طوال الثلاث عشرة سنة الأخيرة بصفة متصلة،‮ ‬قد يحتل المركز الأخير بعد حزبي المحافظين والأحرار الديمقراطيين‮!.‬ ولكن‮.. ‬لماذا هذا التغيير الذي يشهده الرأي العام البريطاني‮.. ‬ولماذا تراجعت شعبية حزب تولي السلطة‮ ‬13‮ ‬عامًا متصلة،‮ ‬وأصبح مهددًا بالسقوط الذريع؟‮!.. ‬ولماذا يتردد الناخب البريطاني في منحه توكيلا بإدارة شئون البلاد للمرة الرابعة علي التوالي؟‮!.‬ السبب بسيط جدًا‮.. ‬مازال الشعب البريطاني يتذكر الفضائح المالية ووقائع الفساد التي ارتكبها قيادات حزب العمال في العام الماضي،‮ ‬واضطر تسعة وزراء في حكومة جوردون براون ورئيس مجلس العموم إلي تقديم استقالاتهم من مناصبهم‮!!. ‬تبين ان الوزراء ورئيس مجلس العموم أهدروا أموال الدولة علي تصفيف شعر كلابهم،‮ ‬وتهذيب اشجار حدائقهم،‮ ‬وتموين سياراتهم الخاصة‮.. ‬إلي آخر هذه الوقائع التي يتعامل معها الرأي العام البريطاني علي انها انحراف في المنصب وفضائح مالية وإهدار للمال العام‮!!.. ‬لم ينفق الوزراء الأموال التي حصلوا عليها من الدولة في الاغراض المخصصة لها،‮ ‬والتي تتعلق بمهام مناصبهم واستخدموا هذه الأموال في الانفاق علي أمورهم الشخصية‮!!. ‬تصوروا‮.. ‬تفجرت هذه الفضائح داخل مجلس العموم البريطاني،‮ ‬واضطر جوردون براون رئيس الحكومة إلي التضحية والتخلص من تسعة وزراء لإنقاذ وزارته من السقوط‮!‬ ولم يغفر البريطانيون لحكومة حزب العمال إهدار أموالهم علي الشئون الخاصة لوزرائها رغم ان هذه الأموال لم تتجاوز بضعة ملايين من الجنيهات الاسترلينية‮!‬،‮ ‬وتعامل نواب مجلس العموم مع إهدار الوزراء للمال العام،‮ ‬من حيث المبدأ،‮ ‬ولم يتعاملوا مع هذا الإهدار علي أساس أن القضية لا تستحق المناقشة داخل المجلس لضآلة الأموال المهدرة‮!.‬ ان هناك برلمانات وحكومات يهدر أعضاؤها المليارات من العملات الصعبة والمحلية دون أن يتحرك أحد لمحاسبة المسئولين،‮ ‬وهناك دول تشهد وقائع عمولات ورشاوي‮ ‬لمسئولين حكوميين دون أن يسلك أحد الطريق الصحيح لمعاقبة المنحرفين،‮ ‬وهناك دول تمنح من تحوم حولهم الشبهات‮.. ‬الحصانة حتي لا يقترب أحد منهم‮.. ‬وقد تمنحهم أيضًا النياشين والأوسمة والأنواط‮!!.‬ ولكن الموقف في حياتنا السياسية‮ ‬يختلف‮.. ‬إننا علي أبواب انتخابات تشريعية ولم نسمع عن تراجع شعبية الحزب الوطني،‮ ‬ولم نقرأ عن استطلاعات للرأي‮ ‬تحذر من سقوط الحزب الحاكم‮. ‬وهذا هو الفارق بيننا وبينهم‮!!‬ إننا فجرنا علي صفحات‮ »‬الوفد‮« ‬فضيحة حصول مسئولين حكوميين علي رشاوي‮ ‬من شركة دايملر بتز الأمريكية خلال الفترة من‮ ‬1998‮ ‬حتي‮ ‬2008‮ ‬مقابل تسهيل عملياتها في مصر‮!!. ‬وأكدت تحقيقات بورصة نيويورك ومحكمة واشنطن تورط المسئولين المصريين مع آخرين من‮ ‬22‮ ‬دولة‮!. ‬وقضت المحكمة بفرض‮ ‬185‮ ‬مليون دولار‮ ‬غرامة علي شركة دايملر بنز التي اعترفت بتقديم رشاوي‮ ‬تراوحت بين مبالغ‮ ‬مالية وسيارات مرسيدس في اعياد الميلاد‮!!. ‬وفاجأ الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء في اجتماعه أمس الأول مع رؤساء تحرير الصحف القومية،‮ ‬بأنه طلب من شركة دايملر بنز اسماء المسئولين المصريين المتورطين في فضيحة رشاوي‮ ‬المرسيدس‮!!.‬ وهذا الطلب يعني عدم رغبة الحكومة في الكشف عن أسماء المسئولين المصريين،‮ ‬ويعني ايضا عدم صحة ادعاءاتها بأنها لا تتستر علي‮ ‬الفساد‮!!.‬ يادولة رئيس الوزراء‮..‬ لماذا لم تسلك نفس الطريق الذي‮ ‬سلكه المرحوم الدكتور مصطفي‮ ‬خليل رئيس وزراء مصر منذ اكثر من ثلاثين عاما عندما تفجرت فضيحة مماثلة؟‮!‬،‮ ‬ان السفير الامريكي‮ ‬وقتها قدم إليه مستندات تفيد تورط وزير مصري‮ ‬وآخرين فيما سمي‮ ‬قضية رشوة شركة وستنجهاوس‮!!.‬ ولم‮ ‬يلتفت الدكتور مصطفي‮ ‬خليل إلي‮ ‬تأكيدات السفير الامريكي‮ ‬خلال لقائهما،‮ ‬ولم‮ ‬يعتد بالمستندات التي‮ ‬قدمها السفير الامريكي‮! ‬وأسرع رئيس وزراء مصر الاسبق إلي‮ ‬ابلاغ‮ ‬النائب العام بالواقعة،‮ ‬وسافر المستشار أحمد سمير سامي‮ ‬بصفته المحامي‮ ‬العام لنيابات الاموال العامة إلي‮ ‬واشنطن،‮ ‬وتوجه إلي‮ ‬محكمة كاليفورنيا التي‮ ‬سمحت له بالاطلاع علي‮ ‬اوراق القضية‮. ‬كما حصل علي‮ ‬نسخة منها واستجوب الشهود أيضا‮!!.‬ هذا هو الطريق الصحيح‮ ‬ياولة رئيس الوزراء إذا كنا نرغب حقيقة في‮ ‬عدم التستر علي‮ ‬الفساد‮!. ‬ان طلب اسماء المسئولين المصريين من شركة دايملر بنز‮ ‬يعني‮ ‬التسويف في‮ ‬حل ألغاز هذه القضية‮. ‬وحسب المعلومات المتوافرة لدينا‮.. ‬لن تقدم لنا شركة دايملر بنز اسماء المسئولين المصريين المتورطين‮.‬ كما لن تقدم هذه المعلومات إلي‮ ‬الدول التي‮ ‬تورط مسئولون فيها؟‮. ‬لقد جرت تحقيقات مع الشركة الامريكية واعترفت في‮ ‬التحقيقات بتقديم رشاوي،‮ ‬وحددت اسماء المتورطين،‮ ‬وقضت المحكمة بتغريمها‮ ‬185‮ ‬مليون دولار،‮ ‬وانتهت القضية بالنسبة لشركة دايملر بنز التي‮ ‬تسعي‮ ‬وتأمل وترغب في‮ ‬استمرار علاقاتها الطيبة مع المسئولين في‮ ‬الدول المتورطة‮!!.‬ وإذا اراد دولة رئيس الوزراء التوصل إلي‮ ‬اسماء المسئولين المتورطين‮.. ‬يفعل نفس التصرف الذي‮ ‬سلكه المرحوم الدكتور مصطفي‮ ‬خليل‮!.. ‬اي‮ ‬تقديم بلاغ‮ ‬إلي‮ ‬المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام للتحقيق في‮ ‬هذه الواقعة التي‮ ‬فجرناها،‮ ‬وتناولتها وسائل الاعلام،‮ ‬ولم تعد خافية علي‮ ‬أحد‮!!. ‬هذا هو الطريق الصحيح‮ ‬يادولة رئيس الوزراء‮. ‬قدم بلاغا بالواقعة فورا إلي‮ ‬النائب العام للتحقيق فيها بمعرفته،‮ ‬ومن خلال التعاون القضائي‮ ‬بيننا وبين الولايات المتحدة الامريكية‮.‬ أننا نسجد لله شاكرين‮.. ‬أن الحزب الوطني جامد ومتين وحكومتنا آخر جمال‮!!‬

الوفد - سعيد عبد الخالق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق