وزير العدل السابق يطلب استجابة "الوطني" للرغبات الشعبية بعدم مد القانون
لم يعد هناك مجال للشك في أن قانون الطوارئ المصري يستحق وبجدارة ان يكون ضمن موسوعة جينس للأرقام العالمية كأول قانون استثنائي معمر علي مستوي العالم، ليس فقط لأن عمره تجاوز الـ 29 عاما ولكن أيضا لأن استمراره اصبح من المسلمات وفقاً لرؤية أمين التنظيم بالحزب الوطني. فقد صرح أحمد عز - أمين التنظيم بالحزب الوطني ورئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب - مؤخراً خلال لقائه علي شبكة CNN الأمريكية مع الاعلامية كريستين أمانيور، أن قانون الطوارئ سيستمر العمل به حتي تستقر الأوضاع في الشرق الأوسط، مؤكداً بأن القانون لن يستخدم إلا في مواجهة الارهاب وأنه لا يختلف كثيراً عن قانون "الوطنية" المطبق في الولايات المتحدة الامريكية بعد احداث سبتمبر 2001، وبالنظر الي تصريحات أمين التنظيم بالحزب الوطني نجد أن عز ربط الغاء حالة الطوارئ بأمر شبه مستحيل وهو استقرار الأوضاع في الشرق الأوسط، وبالتالي يجب علي المصريين ان ينتظروا حل القضيتين الفلسطينية والعراقية فضلاً عن السودان والصومال ولبنان والصراع بين سوريا واسرائيل الي غير ذلك من الملفات الساخنة. تصريحات عز حول قانون الطوارئ ليست الوحيدة التي خرجت من الحزب الحاكم ولكن تباري رجال الحزب في الدفاع عن الطوارئ واستمرار العمل به، فقد أكد الدكتور مفيد شهاب وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية أن الحكومة ستلجأ الي مجلس الشعب لطلب مد حالة الطوارئ لفترة جديدة، في حالة عدم الانتهاء من إعداد مشروع مكافحة الارهاب؟ وفي السياق نفسه قال جمال مبارك إن الحزب سيطالب الحكومة بوضع بعض الضوابط القانونية الاضافية علي حالة الطوارئ اذا ما اضطرت لمدها، بحيث تلتزم ببعض الضمانات والتعهدات وان يقتصر تطبيقها علي جرائم الارهاب ومخاطرها، وبالتطبيق علي واقع الاحوال الذي تمر به مصر في الوقت الراهن، نجد ان سطوة قانون الطوارئ لاتزال هي الاقوي وان استخدامه ليس لأجل محاربة الارهاب مثلما يدعي المسئولون، وانما من اجل تخويف المواطنين وتقييد حريتهم، وانتهاك ابسط حقوقهم المشروعة. إن الأصل في قانون الطوارئ أنه قانون استثنائي يطبق بقرار من رئيس الجمهورية طبقا للمادة 148 من الدستور ثم تتم الموافقة عليه من قبل مجلس الشعب ويكون لمدة محدودة طبقاً للحالة الاستثنائية التي استدعت فرضه، ويتم المعمل به اثناء حدوث الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والبراكين او وجود احداث طارئة كالحرب او تفشي الامراض والاوبئة وكذلك في حالات الفوضي والاضطرابات الشديدة التي تحدث في بعض الأحيان، هذا هو الاصل في فرض الطوارئ، ولكن في مصر نجد أن النظام قد وظف حالة الطوارئ التي فرضت في اعقاب اغتيال الرئيس السادات في مصادرة الحريات العامة للمواطنين بهدف تأمين سلامة النظام. وعلي الرغم من أن الغاء حالة الطوارئ اصبحت مطلباً شعبياً تتفق عليه جميع الأحزاب والقوي السياسية المعارضة والمستقلة والمنظمات الحقوقية الا ان النظام الحاكم لا يستجيب لهذه النداءات والمطالب رغم أن إلغاء حالة الطوارئ كانت ضمن البرنامج الانتخابي للرئيس مبارك. ومن جانبه اكد المستشار محمود أبو الليل - وزير العدل الأسبق - رفضه ربط استمرار قانون الطوارئ بسيادة الاستقرار في الشرق الأوسط، وتساءل مستنكراً كيف يتحقق الاستقرار في ظل حالة التوتر والتشاحن السائدة بين الدول العربية ذاتها؟ وأوضح ابو الليل ان الغاء قانون الطوارئ اصبح مطلبا شعبيا يلقي قبول جميع القوي السياسية المستقلة والمعارضة. ودعا ابو الليل الحزب الوطني الي توحيد مطالبه مع المواطنين بدلاً من المطالبة بمد قانون الطوارئ سنوات اخري قادمة. وأشار الي أن حالة الاستقرار الأمني التي تشهدها مصر وعدم وجود أي آثار للعمليات الارهابية تؤكد ان مصر ليست في حاجة الي استمرار الطوارئ، مؤكداً ان القوانين الحالية كافية لعلاج اي انحراف يحدث داخل المجتمع. وتعجب من تشبيه احمد عز لقانون الطوارئ بقانون الوطنية المطبق بالولايات المتحدة الامريكية منذ عام 2001 عقب تفجير برج التجارة العالمي، موضحاً ان القانون الامريكي لا يمس بأي حال من الاحوال حرية المواطنين وإنما تم وضعه بغرض مقاومة جهات خارجية وذلك علي عكس قانون الطوارئ المصري الذي يوظف بشكل شيء للحجر علي حرية المواطنين، ومن هنا يطالب أبو الليل بضرورة رضوخ الحكومة للمطلب الشعبي بالغاء الطوارئ. وقال الدكتور وحيد عبد المجيد رئيس مركز النشر والترجمة بمركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية وعضو الهيئة العليا للوفد إن تصريحات امين التنظيم بالحزب الوطني حول حالة الطوارئ في مصر تتعارض مع التصريحات السابقة للحزب حول الربط بين رفع حالة الطوارئ وإقرار قانون مكافحة الارهاب. وأوضح ان تصريحات عز تعني ان يكون النظام الحاكم تراجع عن فكرة استبدال الطوارئ بقانون الارهاب وإما أنها تعني ان هناك صراعاً داخل الحزب الوطني بين تيار شبه فاشي يريد تطويق مصر بالطوارئ للأبد وتيار آخر يريد إحداث تطوير تدريجي في مصر لاخراجها من قيود القوانين الاستثنائية. وشدد عبد المجيد علي أن إصرار احمد عز علي استمرار حالة الطوارئ تكشف عن مدي القلق والانزعاج الذي يشعر به رموز الحزب من حالة الحراك الاجتماعي التي يشهدها المجتمع المصري في السنوات القليلة الماضية. يري النائب محمود عامر - عضو لجنة حقوق الانسان بمجلس الشعب - أن تصريحات "عز" دليل صارخ علي النظام يتذرع بحجج واهية لمد قانون الطوارئ وخاصة ان الحكومة تتغني ليل نهار بحالة الاستقرار والامان التي تعيشها مصر والانسجام بين جميع طوائف الشعب، وأضاف: ان قانون الطوارئ لا علاقة له بالسلام في الشرق الاوسط لأن مصر كدولة محورية تنعم بالاستقرار كما ان الاوضاع الداخلية لا يمكن ربطها بالصراع في الشرق الأوسط الذي لن ينتهي في القريب العاجل. وأكد عامر ان قانون العقوبات كاف لمعاقبة الخارجين علي القانون دون وجود حاجة لتطبيق الطوارئ. مشيرا الي أن الممارسات الأمنية التي يقوم بها النظام لقمع المعارضة وإخراس الألسنة المنادية بالاصلاح لا يمكن أن يقوم بها النظام الا في ظل حالة الطوارئ ولذلك فإن رموز الحزب الحاكم يقاتلون بكل شراسة للدفاع عن إبقاء حالة الطوارئ والتي بموجبها يستطيعون البقاء في اماكنهم لأطول فترة ممكنة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق