دخلت الأزمة بين مصر والسودان من جانب ودول منابع النيل من جانب آخر منعطفاً جديداً، بعد أن وقعت إثيوبيا ورواندا وأوغندا وتنزانيا، أمس، اتفاقية إطارية جديدة تنظم الموارد المائية لنهر النيل فى غياب دولتى المصب «مصر والسودان»، كما غابت كينيا وبوروندى عن حضور التوقيع، بينما رفضت القاهرة الاعتراف بأى اتفاقية جديدة خارج مبادرة حوض النيل، ملوّحة باتخاذ «جميع الإجراءات» اللازمة للحفاظ على حقوقها المائية.
وأكد الدكتور محمد نصرالدين علام، وزير الموارد المائية والرى، أن الاتفاقية الجديدة لا تحظى بـ«المشروعية الدولية»، منوها بأن «توقيع أى اتفاقية منفردة بين بعض دول الحوض يجعلها غير ملزمة لمصر».
وقال علام ــ فى تصريحات صحفية عقب عودته إلى مصر فجر أمس، بعد أن قطع زيارته لهولندا ــ إن موقف مصر ثابت ومعلن تجاه جميع القضايا المتعلقة بالمياه، مؤكداً أنه فى حالة إصرار دول المنبع على توقيع الاتفاقية «منفردة» فإن القاهرة ستتخذ جميع الإجراءات القانونية والدبلوماسية اللازمة للحفاظ على حقوقها.
وصرح المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية بأن قيام بعض دول المنابع بالتوقيع على الاتفاقية لا يعفى تلك الدول من التزاماتها بموجب قواعد القانون الدولى، و«كذلك بمقتضى الاتفاقيات القائمة التى تتمتع بقدسية باعتبارها اتفاقيات ذات طبيعة حدودية لا يجوز التغاضى عنها»، مشدداً على أن الاتفاق الجديد ليس ملزماً لمصر، ويهدد بفشل مبادرة حوض النيل.
وفى خطوة مفاجئة، قررت وزيرة الموارد المائية الكينية «تشاريتى نجيلو» عدم التوجه إلى العاصمة الأوغندية «عنتيبى» للمشاركة فى اليوم الأول لمراسم التوقيع على الاتفاقية الجديدة لمبادرة دول منابع النيل، التى ترفضها مصر والسودان.
ورفض موانجى كيونجورى، مساعد الوزيرة، التعليق على ما إذا كان القرار جاء استجابة لضغوط مصرية، وأكد ــ فى تصريحات لـ«المصرى اليوم» ــ أنه رغم عدم سفر الوزيرة بنفسها فإن البلاد ممثلة على مستوى المفوض الأعلى الكينى فى أوغندا جيفرى كانجا، موضحاً أن عملية التوقيع لا تقتصر على يوم واحد فقط، وإنما تمتد على مدار عام كامل.
فى سياق متصل، أكد دبلوماسيون لـ«المصرى اليوم» أن الاتفاق لن يؤثر على مصر من الناحية القانونية ولا العملية، فيما اعتبر سياسيون أن الاتفاق يعكس «فشل» القاهرة فى إدارة علاقاتها الخارجية.
إثيوبيا وأوغندا ورواندا وتنزانيا توقع على اتفاقية جديدة لتنظيم مياه النيل.. وعلام: التوقيع يفتقد الشرعية الدولية
فى خطوة تنذر بحدوث أزمة فى العلاقات بين مصر والسودان من جانب، ودول منابع النيل من جانب آخر، وقعت إثيوبيا ورواندا وأوغندا وتنزانيا اتفاقية إطارية جديدة تنظم الموارد المائية لنهر النيل دون مصر والسودان، بينما جددت كينيا تأييدها الاتفاق الجديد رغم تحذير مسؤول بارز فى وزارة المياه الكينية من خطر حدوث فوضى بسبب عدم التوصل لاتفاق شامل بين جميع دول حوض النيل.
فى الوقت الذى رفضت فيه مصر الاعتراف بأى اتفاقية جديدة خارج مبادرة حوض النيل دون مشاركة مصر والسودان، مؤكدة على لسان وزير الرى أن الاتفاقية الجديدة لا تحظى بمظلة دولية وليس لها المشروعية الدولية.
وأكد الدكتور محمد نصرالدين علام، وزير الموارد المائية والرى، أن توقيع أى اتفاقية منفردة بين بعض دول حوض النيل يجعلها غير ملزمة لمصر، وغير ذات جدوى لأنها تقع خارج نطاق مبادرة النيل وتفتقد إلى المشروعية الدولية.
وقال علام فى تصريحات صحفية عقب عودته إلى مصر فجر الجمعة، بعد قطع زيارته لهولندا، إن موقف مصر ثابت ومعلن تجاه جميع القضايا المتعلقة بالمياه، مؤكداً أنه فى حالة إصرار دول المنبع على توقيع الاتفاقية «منفردة» فإن مصر ستتخذ جميع الإجراءات القانونية والدبلوماسية اللازمة للحفاظ على حقوقها المائية واستخداماتها المائية المختلفة.
وكشف علام عن إجراء اتصالات مكثفة مع دول العالم والجهات المانحة خلال الفترة الماضية قامت بها وزارتا الخارجية والرى، وقال إن هناك تفهماً كبيراً لوجهة النظر المصرية، وتمت ترجمة ذلك بسلسلة الاتصالات التى أجرتها هذه الدول والجهات مع دول المنبع لإثنائها عن التوقيع المنفرد دون مصر والسودان والعودة إلى طاولة المفاوضات.
وأكد الوزير مجدداً قدرة مصر وثقتها الكاملة فى الحفاظ على جميع حقوقها التاريخية فى مياه النيل وعدم المساس بحصتها السنوية المصانة والمؤمنة باتفاقيات دولية يعترف بها العالم أجمع بحسب قواعد القانون الدولى.
وقال علام: «أطمئن الشعب المصرى أنه لا تأثير ولا مساس بحصة مصر من المياه»، مذكراً بما سبق أن أعلنه فى بيانه الأخير أمام مجلس الشعب من أن الحكومة المصرية تبدى اهتماماً كبيراً بقضية مياه النيل باعتبارها قضية أمن قومى تمس حاضر ومستقبل الشعب المصرى، وأنها لن تسمح تحت أى ظرف من الظروف بالمساس بحقوقها أو بحصتها السنوية، وأضاف أنه إذا كانت هناك خطورة لحدث ذلك من مئات السنين، مؤكداً قدرة مصر ممثلة فى وزارة الرى على الوفاء باحتياجاتها من الموارد المائية.
وأكد الوزير أن مصر كانت ومازالت تفتح قلبها وعقلها وتمد يدها لزيادة التعاون المشترك فى جميع المجالات فى إطار احترام القانون الدولى والاتفاقيات الدائمة، وتحرص على الاستمرار فى تقديم المنح والمساعدات للأشقاء بدول الحوض وفى مقدمتها مشروع إزالة الحشائش من بحيرة فيكتوريا والذى قدمت له مصر منحة تقدر بنحو ٢١ مليون دولار، وحفر الآبار الجوفية فى كل من تنزانيا وكينيا ودارفور وأوغندا بمنح تقدر بنحو ١٠ ملايين دولار أخرى لتوفير مياه الشرب لمواطنى هذه الدول، بجانب برامج التدريب لمبعوثى دول الحوض فى مراكز التدريب بالقاهرة والجامعات المصرية.
وأشاد علام بالموقف الموحد لمصر والسودان فى مجال الأمن المائى للحفاظ على الحقوق التاريخية فى مياه النيل للبلدين، وقال إنه على اتصال يومى مع نظيره السودانى لمتابعة ما يحدث من تطورات على الساحة واتخاذ الإجراءات اللازمة حيالها.
«شهاب»: الاتفاقية ملزمة لمن وقعها.. ولا قيمة لها بالنسبة لمصر والسودان
أكد الدكتور مفيد شهاب، وزير الدولة للشؤون القانونية والمجالس النيابية، أن الاتفاقية التى وقعتها دول منابع النيل السبع، أمس، فى عنتيبى بأوغندا لتنظيم استغلال المياه وتوزيع الحصص بالتساوى بين كل الدول التسع لا قيمة لها من الناحية القانونية بالنسبة للدول التى لم توقع عليها، فى إشارة إلى مصر والسودان.
وقال شهاب، فى مداخلة هاتفية، مساء أمس الأول، مع برنامج «٤٨ ساعة» على قناة المحور الفضائية، إن «هناك قاعدة أصولية فى القانون بأن الاتفاق لا يلزم إلا من وقع عليه فلا يمكن أن تبرم مجموعة من الدول اتفاقا فيما بينها يكون ملزما لآخرين لم يوقعوا عليه ولم يعلنوا أبدا موافقتهم عليه».
وأكد شهاب أن هذه الخطوة تدعو إلى مزيد من الحوار مع هذه الدول ليس فقط من جانب مصر والسودان وإنما أيضا من باقى التنظيمات فى العالم، وبالأخص الدول المانحة والدول ذات العلاقة الطيبة، مشيرا فى هذا الصدد إلى إعلان عدد من الدول المانحة عن أسفها الشديد لإبرام هذا الاتفاق ورفضها الاستمرار فى منح المعونات لدول المنبع السبع ومواصلة المشروعات التى تنفذها هناك ما لم توافق هذه الدول على الدخول فى مفاوضات جديدة مع مصر والسودان تراعى مصالحهما.
وأضاف شهاب أنه من أنصار الحوار مع هذه الدول لإقناعها بأن هذه الخطوة من الناحية العملية لا يمكن تنفيذها، كما أن هذه الخطوة ضارة ليس فقط بمصر ولكن بها أيضا إذ توجد مصالح مشتركة بين مصر وهذه الدول لا تستطيع التضحية بها. وتابع أن مواصلة الحوار معهم تقتضى التركيز على مزيد من تبادل المصالح المشتركة والاتصال بهم على جميع المستويات، مضيفا: «لا نريد أن ننظر إلى هذه العملية على أنها عملية مدمرة ولكن ننظر لها على أنها عملية خاطئة ويجب أن نوقفها».
وقال وزير الدولة للشؤون القانونية والمجالس النيابية: «ما كنا نتمنى أبدا أن تتم هذه الخطوة لأنها تخرج تماما عن إطار التعاون والتكامل الذى يجب أن يسود جميع دول حوض النيل». وأضاف أنه يجب أن تكون هذه الدول حريصة على عدم القيام بأى خطوة يمكن أن تؤدى إلى الانقسام بين مجموعتين فهذا ضار للجميع.
وتابع شهاب: «كنا نأمل أن نصل إلى اتفاق حول كيفية الاستفادة المثلى من مياه النيل وتنظيم القيام بمشروعات مشتركة تحقق المصلحة للجميع من خلال الحوار الذى بدأ فى السنتين الأخيرتين»، واعتبر الإقدام على هذه الخطوة محاولة للضغط من جانب هذه الدول على دولتى المصب ووضع مصر والسودان أمام الأمر الواقع.
وبشأن إمكانية قيام مصر بحشد مزيد من إمكانياتها القانونية وعلاقاتها الدولية وممارسة الضغوط كما حدث فى مسألة طابا، قال شهاب: «فى طابا كان النزاع على أرض خاصة بمصر أرادت إسرائيل أن تغتصبها فكان طبيعيا أن نمارس كل الضغوط لنجبرها على الدخول فى تحكيم دولى، يرتكز على النواحى القانونية وتم الحكم لنا».
وأضاف: «لا نريد أن نقفز إلى مسألة التحكيم الدولى فى الحالة الخاصة بمصر والسودان من ناحية وباقى دول المنبع من ناحية أخرى، لأن التحكيم لا يمكن أن يتم إلا بموافقة كل الأطراف».
وتابع أن «رفض اللجوء للتحكيم الدولى عقبة شكلية، فمع هذه الدول لا يمكن أن يكون الحل مبنيا على النواحى القانونية فقط وهى مائة فى المائة لصالح مصر، فالجوانب القانونية تكون عوامل قوة لك أثناء الحديث معهما».
وعما إذا كانت لغة المصالح مجدية فى هذا الملف حتى فى وجود دول أخرى محرضة، قال شهاب: «رغم وجود عوامل ضغط على هذه الدول لتوجهها اتجاها معينا فإنه يجب علينا أن تكون لدينا مهارات أخرى ووسائل تحاول القضاء على هذه التأثيرات السلبية».
وأضاف: «لدينا هذه المهارات، خاصة أنها تستند إلى جانب قانونى قوى، والدليل على ذلك أن المنظمات الدولية التى تريد تنفيذ مشروعات هناك كالبنك الدولى وقفت إلى جانبنا وسارع الاتحاد الأوروبى فقدم بيانا أعرب فيه عن أسفه لهذه الخطوة، وأعرب الاتحاد الأوروبى عن أمله بالعدول عن هذا الموقف».
وتابع الوزير أنه ينبغى القيام بالمزيد من الحوار والتواصل مع هذه الدول، إضافة إلى المزيد من توضيح الحقائق للمنظمات الدولية حتى لا يترتب على هذا الموقف أى نتائج فعلية واقعية، خصوصا أن ما سيتم هو «مجرد فتح الاتفاقية للتوقيع لمدة سنة».
«قانون دولى»: دول المنابع لا يحق لها قانوناً توقيع اتفاقيات أساتذة لإعادة حصص النيل إلا بموافقة جميع الأطراف
أكد خبيران فى مجال القانون الدولى أنه لا يحق قانونا لبعض دول منابع النيل توقيع اتفاقية إطار عمل فيما بينها لتغيير حصص المياه الحالية دون الحصول على موافقة الدول الموقعة على اتفاقية مبادرة حوض النيل.
قال الدكتور محمد سامح عمرو، أستاذ القانون الدولى، حقوق القاهرة، إنه وفقا لمبادرة حوض النيل، فإن ما تقوم به بعض دول المنابع إجراء «غير قانونى»، لأنه لابد من تبنى موافقة جميع الدول بما فيها مصر والسودان.
وأضاف عمرو أن القواعد الإجرائية لمبادرة حوض النيل تجعل من غير الجائز أن يتم تبنى الاتفاقية الإطارية من جانب عدد معين من الدول، معتبرا أن تحرك البعض منهم نحو توقيع الاتفاقية يعد عملا مخالفا للقواعد الإجرائية.
وأكد أستاذ القانون الدولى أن اعتراض دولة أو أكثر على توقيع بعض دول المنابع لاتفاقية إطار لا يجيز توقيعها، فضلا عن أنه فى حالة موافقة بعض الدول على الأمر فإن مصر وباقى الدول غير الموقعة غير ملزمة بها.
وتابع: «من حق مصر الإبقاء على كل الاتفاقية الموجودة السابقة التى وقعتها، ولاتزال سارية المفعول، وأن توقيع بعض دول المنابع لأى اتفاقية لا يؤثر على حقوق مصر، طبقاً لمبادرة حوض النيل والاتفاقيات السابقة».
من جهته، قال الدكتور نبيل حلمى، أستاذ القانون الدولى، جامعة الزقازيق، إن نهر النيل هو أحد الأنهار الدولية لمروره بأكثر من دولة، لذا فإن القانون الدولى ينظم حقوق الدول المار بها وفقا لـ«حقوق الارتفاق»، وهو ما يمنع دولة واحدة من تنظيم حصص المياه فى النهر.
وأضاف حلمى أن مصر لها حقوق تاريخية، تحفظ لها حصتها من مياه النيل التى تبلغ ٥٥.٥ مليار متر مكعب وفقا للاتفاقيات الموقعة عليها منذ عام ١٩٢٩، موضحاً أن مطالبة دول المنابع بإلغاء هذه الاتفاقيات، لأنها وقعت أثناء الاحتلال البريطانى عليها أمر لا يجيزه القانون الدولى وفقا لمبدأ الاستحلاف الدولى أو التوارث الدولى.
خبراء: «دول الحوض» تحاول ابتزاز مصر لتمويل مشروعاتها.. والاتفاقيات المائية لا يمكن تعديلها
اعتبر خبراء فى الموارد المائية والشؤون الأفريقية أن بدء دول منابع النيل السبع فى التوقيع على اتفاقية جديدة لمياه النيل، أمس، دون موافقة دولتى المصب «مصر والسودان»، يمثل ابتزازاً وتهديداً للحصول على مزيد من التمويل لمشروعاتها، مؤكدين أن هذه الدول لا يمكن أن تنفذ مشروعات تنموية شاملة دون الاتفاق مع مصر والسودان.
وقال الدكتور ضياء الدين القوصى، خبير المياه، إن ما تردده دول منابع النيل هو مجرد تهديد المفاوض المصرى للحد من سقف توقعاته المستقبلية لحقوقه من مياه نهر النيل.
وأضاف القوصى ـ فى تصريحات لـ«المصرى اليوم» ـ أنه فى حالة توقيع هذه الدول على اتفاق منفرد فلن يكون ملزما لمصر والسودان، مؤكدا أن القانون الدولى يقر بأن اتفاقيات المياه شأنها شأن اتفاقيات الحدود لا يمكن تعديلها أو إلغاؤها، وأن المجموعة الدولية لن توافق على اتفاق لا يتكامل مع القوانين الدولية.
وأشار القوصى إلى أن رفع مستوى المفاوضات بين مصر ودول حوض النيل من الخبراء والوزراء إلى رؤساء الدول قد يؤدى إلى تراجع دول منابع النيل أو بعض منها عن مواقفها السابقة من المفاوضات المشتركة، موضحا أن البنك الدولى لن يمول أى مشروعات إلا بموافقة جميع دول حوض النيل ومنها دولتا المصب «مصر والسودان».
وأضاف القوصى أنه يجب على مصر أن تقوم بجهود مكثفة لترسيخ مفهوم التأييد الدولى للحقوق المصرية فى مياه النيل، والتزام دول منابع النيل بعدم إقامة مشروعات من شأنها أن تقلل من الحصص المائية الواردة إلى مصر عبر النهر.
من جانبه، أكد الدكتور عبدالقادر إسماعيل، الخبير الدولى فى الشؤون الأفريقية، ضرورة استمرار التفاوض بين مصر ودول منابع النيل واستبعاد أى خيار عسكرى لمواجهة هذه الدول، مشددا على أن القانون الدولى يمنح مصر الحق فى حصة مائية ٥٥.٥ مليار متر مكعب من المياه سنويا وعدم الانتقاص من هذه الحصص.
وأضاف إسماعيل أن دول منابع النيل لا يمكن أن تستمر فى إنشاء سدود تقلل من كميات المياه الواردة إلى مصر والسودان لأن كميات المياه الساقطة على هذه المناطق تحتاج إلى تصريف مستمر لأن التخزين يعنى غرق هذه الدول بالمياه.
واعتبر أن الإجراءات الحالية التى تقوم بها دول منابع النيل لا تخرج عن كونها ابتزازاً مائياً لمصر وهو مفهوم على المستوى الدولى، ويفتح الباب لمناقشة المعاهدات القديمة على مستوى أحواض الأنهار بمختلف مناطق العالم، مؤكدا أن توقيع دول منابع حوض النيل فى حد ذاته لن يؤثر على مصر.
وأشار خبير الشؤون الأفريقية إلى أن مصالح الدول الأخرى والقوى الدولية مثل الصين وإيطاليا ـ وهما من الدول التى تمول مشروعات لإقامة السدود فى إثيوبيا ـ يمكن أن تساهم فى عدم إقامة منشآت مائية تسبب ضررا لمصر لأنه لدى الدولتين مصالح كبيرة مع مصر ولا يمكن التغاضى عنها وهو ما يجعل هذه الدول لا تفكر فى الإضرار بالمصالح المصرية لوجود مصالح اقتصادية كبيرة مع مصر مقارنة بدول منابع النيل.
ومن جانبه، قال الدكتور حمو العمرانى، الخبير الدولى للمياه ورئيس المبادرة الإقليمية لإدارة الطلب على المياه بمركز البحوث للتنمية الدولية الكندى: «من المهم لمصر أن تقوم بتفعيل التعاون الثنائى مع أكثر دول حوض النيل تأثيرا وأهمية بالنسبة للسياسة المصرية لضرب حالة الاستقطاب الراهنة بين دول منابع النيل بما ينعكس على تحقيق الأمن المائى المصرى ـ السودانى».
وأشار العمرانى إلى أن الردود السلبية لدول أعالى النيل عقب انتهاء اجتماعات شرم الشيخ هى مجرد مناورة يجب التعامل معها بحذر حتى لا تصدر عن مصر ردود أفعال انفعالية، معتبرا أن بيان دول منابع النيل ما هو إلا أسلوب استفزازى ويجب «عقلنة الموقف المصرى» حتى لا ننجر إلى نتائج تؤثر على سير العلاقات بين مصر ودول حوض النيل.
سياسيون: الأزمة تعكس «فشل» القاهرة فى إدارة علاقاتها الخارجية
اعتبر خبراء سياسيون أن توقيع الدول الأربع على اتفاقية لتنظيم مياه النيل دون مصر والسودان، وموقف دول المنبع من مصر، يعكسان «الفشل» الذى تعانى منه القاهرة نتيجة سياساتها الخارجية، مشددين على ضرورة عودة الدور المصرى والاهتمام بالقارة الأفريقية.
قال الدكتور وحيد عبدالمجيد، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، إن أزمة المياه مع دول المنبع تعكس الانكماش فى السياسة المصرية الخارجية فى معظم الاتجاهات سواء العربية أو الأفريقية منذ أواخر السبعينيات، وتعامل مصر مع الخريطة الجغرافية السياسية العالمية بـ«عمى» وكأنها لا ترى سوى جزء صغير من العالم وهو أمريكا وأوروبا.
وأضاف عبدالمجيد: «الدبلوماسية المصرية أصابها مرض «الجلوكوما» فلم تر إلا جزءا صغيرا من العالم وعندما بدأت تنتبه للمشكلة، كان القطار مضى فى طريقه، فحاولت الاتصال بالسائق، الذى لا يوجد معه هاتف محمول، والآن يحاولون الاتصال بالمحطة الأخرى أو بعمال الإشارات، ولكنهم ينسون أن القطار لا يمكن أن يعود ثانية».
ويشير عبدالمجيد إلى أن الاتصالات الثنائية يمكن أن تحدث أثرا ما، ولكن يجب قبل ذلك أن تتم تلك الاتصالات، ويجب تواجد قدر من الفهم الدقيق وفهم طبيعة الطرف الآخر الذى نقوم بالاتصال به، والعوامل المؤثرة فيه، وما الذى يمكن أن نقدمه له، لافتا إلى أن انتظار نتائج تلك الاتصالات خطر إضافى يجب معالجته بوضع سياسة معالجة للفشل الذى يجب الاعتراف به، ووضع خطة بديلة وتصور للبدائل فى حالة عدم التوصل لحل، خاصة أن المهلة التى أعطتها دول المنبع قصيرة.
وشدد الباحث هانئ رسلان على أهمية الموقف المصرى والجهود الممكنة للحفاظ على العلاقات المصرية مع دول حوض النيل، وقال: «مصر حملت العبء الرئيسى فى مبادرة حوض النيل على مدار ١٠ سنوات بما لديها من خبرات فى إدارة المشروعات التنموية، كما أحدثت نوعا من الالتفاف حول موقفها السياسى فى تعميق وتطوير العلاقات فى المجالات الاستثمارية الأخرى غير المياه، مثل تطهير الآبار الجوفية والمجارى فى أوغندا».
وأضاف: إن ما حدث مؤخرا أوضح أن هناك توجهاً سياسياً لاتخاذ موقف ضد مصر من بعض دول حوض النيل بما يؤكد أنهم بحاجة ماسة للدور التنموى المصرى فى تلك الدول»، مدللا على ذلك برفض ٣ دول التوقيع ضد مصر.
وحول الدور الإقليمى المصرى فى دول حوض النيل، قال رسلان: «إن ما حدث هو ضربة قوية ومؤلمة لمصر نتيجة انسحابها من الإقليم وانشغالها بالشرق الأوسط والشمال»، وشدد رسلان على ضرورة إعادة النظر وترتيب الأولويات السياسية المصرية الخارجية وإعطاء أهمية أكبر للامتداد الطبيعى لمصر باتجاه حوض النيل، خاصة القرن الأفريقى.
الخارجية» تؤكد أن الاتفاق لا يعفى الدول السبع من التزاماتها ويهدد بفشل مبادرة حوض النيل
صرح السفير حسام زكى، المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية، أن توقيع الدول الأربع على الاتفاق لا يعفيها من التزاماتها بموجب قواعد القانون والعرف الدوليين، والممارسات القائمة، وبمقتضى الاتفاقيات القائمة التى تتمتع بقدسية، باعتبارها اتفاقيات ذات طبيعة حدودية لا يجوز التغاضى عنها، مؤكداً أن الاتفاق غير ملزم لمصر بأى شكل من الأشكال، كما أنه يهدد بفشل مبادرة حوض النيل.
وأضاف زكى فى بيان أصدرته الوزارة، أمس، أن مصر لن تنضم أو توقع على أى اتفاق يمس حصتها التاريخية من مياه النيل، موضحاً أن انضمام مصر لأى اتفاق يعتمد فى الأساس على إقرار ما يحفظ لها استخداماتها الحالية وحقوقها فى أى اتفاق.
واعتبر زكى أن التوقيع على الاتفاق لا يمثل فى حد ذاته خطورة على حصة مصر، خاصة أنه يمثل آلية التنسيق القائمة بالفعل تحت مظلة تجمع شرق آسيا، لافتاً إلى أن ما يهم مصر من الناحية العملية هو عدم إنشاء أى مشروعات مائية فى أى من دول الحوض تؤثر سلباً على حصتها، وهو أمر تحكمه قواعد القانون والعرف الدوليين.
وأوضح زكى أن هناك قواعد دولية تحكم تقديم التمويل لأى مشروعات على الأنهار المشتركة، وهى قواعد تنص على مبدأ عدم إحداث ضرر لدول المصب، مشيراً إلى أن قواعد البنك الدولى تؤكد أهمية التشاور مع دول المصب قبل الشروع فى تنفيذ أى مشروعات مائية فى الدول المطلة على الأنهار المشتركة، كما تؤكد مبدأ عدم الإضرار بدول المصب.
وأعلن زكى أن مصر تبذل جهوداً حثيثة مع الدول والأطراف المعنية للتأكيد على التزامها بالقانون الدولى، ومع الدول والجهات المانحة، ودول الحوض لشرح موقفها القانونى، والوضع المائى فى مصر مقارنة بدول الحوض التى لا تعتمد على مياه النيل إلا بنحو ٣٪، عكس مصر التى تعتمد عليها بنسبة ٩٠٪.
وأكد الدكتور محمد نصرالدين علام، وزير الموارد المائية والرى، أن الاتفاقية الجديدة لا تحظى بـ«المشروعية الدولية»، منوها بأن «توقيع أى اتفاقية منفردة بين بعض دول الحوض يجعلها غير ملزمة لمصر».
وقال علام ــ فى تصريحات صحفية عقب عودته إلى مصر فجر أمس، بعد أن قطع زيارته لهولندا ــ إن موقف مصر ثابت ومعلن تجاه جميع القضايا المتعلقة بالمياه، مؤكداً أنه فى حالة إصرار دول المنبع على توقيع الاتفاقية «منفردة» فإن القاهرة ستتخذ جميع الإجراءات القانونية والدبلوماسية اللازمة للحفاظ على حقوقها.
وصرح المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية بأن قيام بعض دول المنابع بالتوقيع على الاتفاقية لا يعفى تلك الدول من التزاماتها بموجب قواعد القانون الدولى، و«كذلك بمقتضى الاتفاقيات القائمة التى تتمتع بقدسية باعتبارها اتفاقيات ذات طبيعة حدودية لا يجوز التغاضى عنها»، مشدداً على أن الاتفاق الجديد ليس ملزماً لمصر، ويهدد بفشل مبادرة حوض النيل.
وفى خطوة مفاجئة، قررت وزيرة الموارد المائية الكينية «تشاريتى نجيلو» عدم التوجه إلى العاصمة الأوغندية «عنتيبى» للمشاركة فى اليوم الأول لمراسم التوقيع على الاتفاقية الجديدة لمبادرة دول منابع النيل، التى ترفضها مصر والسودان.
ورفض موانجى كيونجورى، مساعد الوزيرة، التعليق على ما إذا كان القرار جاء استجابة لضغوط مصرية، وأكد ــ فى تصريحات لـ«المصرى اليوم» ــ أنه رغم عدم سفر الوزيرة بنفسها فإن البلاد ممثلة على مستوى المفوض الأعلى الكينى فى أوغندا جيفرى كانجا، موضحاً أن عملية التوقيع لا تقتصر على يوم واحد فقط، وإنما تمتد على مدار عام كامل.
فى سياق متصل، أكد دبلوماسيون لـ«المصرى اليوم» أن الاتفاق لن يؤثر على مصر من الناحية القانونية ولا العملية، فيما اعتبر سياسيون أن الاتفاق يعكس «فشل» القاهرة فى إدارة علاقاتها الخارجية.
إثيوبيا وأوغندا ورواندا وتنزانيا توقع على اتفاقية جديدة لتنظيم مياه النيل.. وعلام: التوقيع يفتقد الشرعية الدولية
فى خطوة تنذر بحدوث أزمة فى العلاقات بين مصر والسودان من جانب، ودول منابع النيل من جانب آخر، وقعت إثيوبيا ورواندا وأوغندا وتنزانيا اتفاقية إطارية جديدة تنظم الموارد المائية لنهر النيل دون مصر والسودان، بينما جددت كينيا تأييدها الاتفاق الجديد رغم تحذير مسؤول بارز فى وزارة المياه الكينية من خطر حدوث فوضى بسبب عدم التوصل لاتفاق شامل بين جميع دول حوض النيل.
فى الوقت الذى رفضت فيه مصر الاعتراف بأى اتفاقية جديدة خارج مبادرة حوض النيل دون مشاركة مصر والسودان، مؤكدة على لسان وزير الرى أن الاتفاقية الجديدة لا تحظى بمظلة دولية وليس لها المشروعية الدولية.
وأكد الدكتور محمد نصرالدين علام، وزير الموارد المائية والرى، أن توقيع أى اتفاقية منفردة بين بعض دول حوض النيل يجعلها غير ملزمة لمصر، وغير ذات جدوى لأنها تقع خارج نطاق مبادرة النيل وتفتقد إلى المشروعية الدولية.
وقال علام فى تصريحات صحفية عقب عودته إلى مصر فجر الجمعة، بعد قطع زيارته لهولندا، إن موقف مصر ثابت ومعلن تجاه جميع القضايا المتعلقة بالمياه، مؤكداً أنه فى حالة إصرار دول المنبع على توقيع الاتفاقية «منفردة» فإن مصر ستتخذ جميع الإجراءات القانونية والدبلوماسية اللازمة للحفاظ على حقوقها المائية واستخداماتها المائية المختلفة.
وكشف علام عن إجراء اتصالات مكثفة مع دول العالم والجهات المانحة خلال الفترة الماضية قامت بها وزارتا الخارجية والرى، وقال إن هناك تفهماً كبيراً لوجهة النظر المصرية، وتمت ترجمة ذلك بسلسلة الاتصالات التى أجرتها هذه الدول والجهات مع دول المنبع لإثنائها عن التوقيع المنفرد دون مصر والسودان والعودة إلى طاولة المفاوضات.
وأكد الوزير مجدداً قدرة مصر وثقتها الكاملة فى الحفاظ على جميع حقوقها التاريخية فى مياه النيل وعدم المساس بحصتها السنوية المصانة والمؤمنة باتفاقيات دولية يعترف بها العالم أجمع بحسب قواعد القانون الدولى.
وقال علام: «أطمئن الشعب المصرى أنه لا تأثير ولا مساس بحصة مصر من المياه»، مذكراً بما سبق أن أعلنه فى بيانه الأخير أمام مجلس الشعب من أن الحكومة المصرية تبدى اهتماماً كبيراً بقضية مياه النيل باعتبارها قضية أمن قومى تمس حاضر ومستقبل الشعب المصرى، وأنها لن تسمح تحت أى ظرف من الظروف بالمساس بحقوقها أو بحصتها السنوية، وأضاف أنه إذا كانت هناك خطورة لحدث ذلك من مئات السنين، مؤكداً قدرة مصر ممثلة فى وزارة الرى على الوفاء باحتياجاتها من الموارد المائية.
وأكد الوزير أن مصر كانت ومازالت تفتح قلبها وعقلها وتمد يدها لزيادة التعاون المشترك فى جميع المجالات فى إطار احترام القانون الدولى والاتفاقيات الدائمة، وتحرص على الاستمرار فى تقديم المنح والمساعدات للأشقاء بدول الحوض وفى مقدمتها مشروع إزالة الحشائش من بحيرة فيكتوريا والذى قدمت له مصر منحة تقدر بنحو ٢١ مليون دولار، وحفر الآبار الجوفية فى كل من تنزانيا وكينيا ودارفور وأوغندا بمنح تقدر بنحو ١٠ ملايين دولار أخرى لتوفير مياه الشرب لمواطنى هذه الدول، بجانب برامج التدريب لمبعوثى دول الحوض فى مراكز التدريب بالقاهرة والجامعات المصرية.
وأشاد علام بالموقف الموحد لمصر والسودان فى مجال الأمن المائى للحفاظ على الحقوق التاريخية فى مياه النيل للبلدين، وقال إنه على اتصال يومى مع نظيره السودانى لمتابعة ما يحدث من تطورات على الساحة واتخاذ الإجراءات اللازمة حيالها.
«شهاب»: الاتفاقية ملزمة لمن وقعها.. ولا قيمة لها بالنسبة لمصر والسودان
أكد الدكتور مفيد شهاب، وزير الدولة للشؤون القانونية والمجالس النيابية، أن الاتفاقية التى وقعتها دول منابع النيل السبع، أمس، فى عنتيبى بأوغندا لتنظيم استغلال المياه وتوزيع الحصص بالتساوى بين كل الدول التسع لا قيمة لها من الناحية القانونية بالنسبة للدول التى لم توقع عليها، فى إشارة إلى مصر والسودان.
وقال شهاب، فى مداخلة هاتفية، مساء أمس الأول، مع برنامج «٤٨ ساعة» على قناة المحور الفضائية، إن «هناك قاعدة أصولية فى القانون بأن الاتفاق لا يلزم إلا من وقع عليه فلا يمكن أن تبرم مجموعة من الدول اتفاقا فيما بينها يكون ملزما لآخرين لم يوقعوا عليه ولم يعلنوا أبدا موافقتهم عليه».
وأكد شهاب أن هذه الخطوة تدعو إلى مزيد من الحوار مع هذه الدول ليس فقط من جانب مصر والسودان وإنما أيضا من باقى التنظيمات فى العالم، وبالأخص الدول المانحة والدول ذات العلاقة الطيبة، مشيرا فى هذا الصدد إلى إعلان عدد من الدول المانحة عن أسفها الشديد لإبرام هذا الاتفاق ورفضها الاستمرار فى منح المعونات لدول المنبع السبع ومواصلة المشروعات التى تنفذها هناك ما لم توافق هذه الدول على الدخول فى مفاوضات جديدة مع مصر والسودان تراعى مصالحهما.
وأضاف شهاب أنه من أنصار الحوار مع هذه الدول لإقناعها بأن هذه الخطوة من الناحية العملية لا يمكن تنفيذها، كما أن هذه الخطوة ضارة ليس فقط بمصر ولكن بها أيضا إذ توجد مصالح مشتركة بين مصر وهذه الدول لا تستطيع التضحية بها. وتابع أن مواصلة الحوار معهم تقتضى التركيز على مزيد من تبادل المصالح المشتركة والاتصال بهم على جميع المستويات، مضيفا: «لا نريد أن ننظر إلى هذه العملية على أنها عملية مدمرة ولكن ننظر لها على أنها عملية خاطئة ويجب أن نوقفها».
وقال وزير الدولة للشؤون القانونية والمجالس النيابية: «ما كنا نتمنى أبدا أن تتم هذه الخطوة لأنها تخرج تماما عن إطار التعاون والتكامل الذى يجب أن يسود جميع دول حوض النيل». وأضاف أنه يجب أن تكون هذه الدول حريصة على عدم القيام بأى خطوة يمكن أن تؤدى إلى الانقسام بين مجموعتين فهذا ضار للجميع.
وتابع شهاب: «كنا نأمل أن نصل إلى اتفاق حول كيفية الاستفادة المثلى من مياه النيل وتنظيم القيام بمشروعات مشتركة تحقق المصلحة للجميع من خلال الحوار الذى بدأ فى السنتين الأخيرتين»، واعتبر الإقدام على هذه الخطوة محاولة للضغط من جانب هذه الدول على دولتى المصب ووضع مصر والسودان أمام الأمر الواقع.
وبشأن إمكانية قيام مصر بحشد مزيد من إمكانياتها القانونية وعلاقاتها الدولية وممارسة الضغوط كما حدث فى مسألة طابا، قال شهاب: «فى طابا كان النزاع على أرض خاصة بمصر أرادت إسرائيل أن تغتصبها فكان طبيعيا أن نمارس كل الضغوط لنجبرها على الدخول فى تحكيم دولى، يرتكز على النواحى القانونية وتم الحكم لنا».
وأضاف: «لا نريد أن نقفز إلى مسألة التحكيم الدولى فى الحالة الخاصة بمصر والسودان من ناحية وباقى دول المنبع من ناحية أخرى، لأن التحكيم لا يمكن أن يتم إلا بموافقة كل الأطراف».
وتابع أن «رفض اللجوء للتحكيم الدولى عقبة شكلية، فمع هذه الدول لا يمكن أن يكون الحل مبنيا على النواحى القانونية فقط وهى مائة فى المائة لصالح مصر، فالجوانب القانونية تكون عوامل قوة لك أثناء الحديث معهما».
وعما إذا كانت لغة المصالح مجدية فى هذا الملف حتى فى وجود دول أخرى محرضة، قال شهاب: «رغم وجود عوامل ضغط على هذه الدول لتوجهها اتجاها معينا فإنه يجب علينا أن تكون لدينا مهارات أخرى ووسائل تحاول القضاء على هذه التأثيرات السلبية».
وأضاف: «لدينا هذه المهارات، خاصة أنها تستند إلى جانب قانونى قوى، والدليل على ذلك أن المنظمات الدولية التى تريد تنفيذ مشروعات هناك كالبنك الدولى وقفت إلى جانبنا وسارع الاتحاد الأوروبى فقدم بيانا أعرب فيه عن أسفه لهذه الخطوة، وأعرب الاتحاد الأوروبى عن أمله بالعدول عن هذا الموقف».
وتابع الوزير أنه ينبغى القيام بالمزيد من الحوار والتواصل مع هذه الدول، إضافة إلى المزيد من توضيح الحقائق للمنظمات الدولية حتى لا يترتب على هذا الموقف أى نتائج فعلية واقعية، خصوصا أن ما سيتم هو «مجرد فتح الاتفاقية للتوقيع لمدة سنة».
«قانون دولى»: دول المنابع لا يحق لها قانوناً توقيع اتفاقيات أساتذة لإعادة حصص النيل إلا بموافقة جميع الأطراف
أكد خبيران فى مجال القانون الدولى أنه لا يحق قانونا لبعض دول منابع النيل توقيع اتفاقية إطار عمل فيما بينها لتغيير حصص المياه الحالية دون الحصول على موافقة الدول الموقعة على اتفاقية مبادرة حوض النيل.
قال الدكتور محمد سامح عمرو، أستاذ القانون الدولى، حقوق القاهرة، إنه وفقا لمبادرة حوض النيل، فإن ما تقوم به بعض دول المنابع إجراء «غير قانونى»، لأنه لابد من تبنى موافقة جميع الدول بما فيها مصر والسودان.
وأضاف عمرو أن القواعد الإجرائية لمبادرة حوض النيل تجعل من غير الجائز أن يتم تبنى الاتفاقية الإطارية من جانب عدد معين من الدول، معتبرا أن تحرك البعض منهم نحو توقيع الاتفاقية يعد عملا مخالفا للقواعد الإجرائية.
وأكد أستاذ القانون الدولى أن اعتراض دولة أو أكثر على توقيع بعض دول المنابع لاتفاقية إطار لا يجيز توقيعها، فضلا عن أنه فى حالة موافقة بعض الدول على الأمر فإن مصر وباقى الدول غير الموقعة غير ملزمة بها.
وتابع: «من حق مصر الإبقاء على كل الاتفاقية الموجودة السابقة التى وقعتها، ولاتزال سارية المفعول، وأن توقيع بعض دول المنابع لأى اتفاقية لا يؤثر على حقوق مصر، طبقاً لمبادرة حوض النيل والاتفاقيات السابقة».
من جهته، قال الدكتور نبيل حلمى، أستاذ القانون الدولى، جامعة الزقازيق، إن نهر النيل هو أحد الأنهار الدولية لمروره بأكثر من دولة، لذا فإن القانون الدولى ينظم حقوق الدول المار بها وفقا لـ«حقوق الارتفاق»، وهو ما يمنع دولة واحدة من تنظيم حصص المياه فى النهر.
وأضاف حلمى أن مصر لها حقوق تاريخية، تحفظ لها حصتها من مياه النيل التى تبلغ ٥٥.٥ مليار متر مكعب وفقا للاتفاقيات الموقعة عليها منذ عام ١٩٢٩، موضحاً أن مطالبة دول المنابع بإلغاء هذه الاتفاقيات، لأنها وقعت أثناء الاحتلال البريطانى عليها أمر لا يجيزه القانون الدولى وفقا لمبدأ الاستحلاف الدولى أو التوارث الدولى.
خبراء: «دول الحوض» تحاول ابتزاز مصر لتمويل مشروعاتها.. والاتفاقيات المائية لا يمكن تعديلها
اعتبر خبراء فى الموارد المائية والشؤون الأفريقية أن بدء دول منابع النيل السبع فى التوقيع على اتفاقية جديدة لمياه النيل، أمس، دون موافقة دولتى المصب «مصر والسودان»، يمثل ابتزازاً وتهديداً للحصول على مزيد من التمويل لمشروعاتها، مؤكدين أن هذه الدول لا يمكن أن تنفذ مشروعات تنموية شاملة دون الاتفاق مع مصر والسودان.
وقال الدكتور ضياء الدين القوصى، خبير المياه، إن ما تردده دول منابع النيل هو مجرد تهديد المفاوض المصرى للحد من سقف توقعاته المستقبلية لحقوقه من مياه نهر النيل.
وأضاف القوصى ـ فى تصريحات لـ«المصرى اليوم» ـ أنه فى حالة توقيع هذه الدول على اتفاق منفرد فلن يكون ملزما لمصر والسودان، مؤكدا أن القانون الدولى يقر بأن اتفاقيات المياه شأنها شأن اتفاقيات الحدود لا يمكن تعديلها أو إلغاؤها، وأن المجموعة الدولية لن توافق على اتفاق لا يتكامل مع القوانين الدولية.
وأشار القوصى إلى أن رفع مستوى المفاوضات بين مصر ودول حوض النيل من الخبراء والوزراء إلى رؤساء الدول قد يؤدى إلى تراجع دول منابع النيل أو بعض منها عن مواقفها السابقة من المفاوضات المشتركة، موضحا أن البنك الدولى لن يمول أى مشروعات إلا بموافقة جميع دول حوض النيل ومنها دولتا المصب «مصر والسودان».
وأضاف القوصى أنه يجب على مصر أن تقوم بجهود مكثفة لترسيخ مفهوم التأييد الدولى للحقوق المصرية فى مياه النيل، والتزام دول منابع النيل بعدم إقامة مشروعات من شأنها أن تقلل من الحصص المائية الواردة إلى مصر عبر النهر.
من جانبه، أكد الدكتور عبدالقادر إسماعيل، الخبير الدولى فى الشؤون الأفريقية، ضرورة استمرار التفاوض بين مصر ودول منابع النيل واستبعاد أى خيار عسكرى لمواجهة هذه الدول، مشددا على أن القانون الدولى يمنح مصر الحق فى حصة مائية ٥٥.٥ مليار متر مكعب من المياه سنويا وعدم الانتقاص من هذه الحصص.
وأضاف إسماعيل أن دول منابع النيل لا يمكن أن تستمر فى إنشاء سدود تقلل من كميات المياه الواردة إلى مصر والسودان لأن كميات المياه الساقطة على هذه المناطق تحتاج إلى تصريف مستمر لأن التخزين يعنى غرق هذه الدول بالمياه.
واعتبر أن الإجراءات الحالية التى تقوم بها دول منابع النيل لا تخرج عن كونها ابتزازاً مائياً لمصر وهو مفهوم على المستوى الدولى، ويفتح الباب لمناقشة المعاهدات القديمة على مستوى أحواض الأنهار بمختلف مناطق العالم، مؤكدا أن توقيع دول منابع حوض النيل فى حد ذاته لن يؤثر على مصر.
وأشار خبير الشؤون الأفريقية إلى أن مصالح الدول الأخرى والقوى الدولية مثل الصين وإيطاليا ـ وهما من الدول التى تمول مشروعات لإقامة السدود فى إثيوبيا ـ يمكن أن تساهم فى عدم إقامة منشآت مائية تسبب ضررا لمصر لأنه لدى الدولتين مصالح كبيرة مع مصر ولا يمكن التغاضى عنها وهو ما يجعل هذه الدول لا تفكر فى الإضرار بالمصالح المصرية لوجود مصالح اقتصادية كبيرة مع مصر مقارنة بدول منابع النيل.
ومن جانبه، قال الدكتور حمو العمرانى، الخبير الدولى للمياه ورئيس المبادرة الإقليمية لإدارة الطلب على المياه بمركز البحوث للتنمية الدولية الكندى: «من المهم لمصر أن تقوم بتفعيل التعاون الثنائى مع أكثر دول حوض النيل تأثيرا وأهمية بالنسبة للسياسة المصرية لضرب حالة الاستقطاب الراهنة بين دول منابع النيل بما ينعكس على تحقيق الأمن المائى المصرى ـ السودانى».
وأشار العمرانى إلى أن الردود السلبية لدول أعالى النيل عقب انتهاء اجتماعات شرم الشيخ هى مجرد مناورة يجب التعامل معها بحذر حتى لا تصدر عن مصر ردود أفعال انفعالية، معتبرا أن بيان دول منابع النيل ما هو إلا أسلوب استفزازى ويجب «عقلنة الموقف المصرى» حتى لا ننجر إلى نتائج تؤثر على سير العلاقات بين مصر ودول حوض النيل.
سياسيون: الأزمة تعكس «فشل» القاهرة فى إدارة علاقاتها الخارجية
اعتبر خبراء سياسيون أن توقيع الدول الأربع على اتفاقية لتنظيم مياه النيل دون مصر والسودان، وموقف دول المنبع من مصر، يعكسان «الفشل» الذى تعانى منه القاهرة نتيجة سياساتها الخارجية، مشددين على ضرورة عودة الدور المصرى والاهتمام بالقارة الأفريقية.
قال الدكتور وحيد عبدالمجيد، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، إن أزمة المياه مع دول المنبع تعكس الانكماش فى السياسة المصرية الخارجية فى معظم الاتجاهات سواء العربية أو الأفريقية منذ أواخر السبعينيات، وتعامل مصر مع الخريطة الجغرافية السياسية العالمية بـ«عمى» وكأنها لا ترى سوى جزء صغير من العالم وهو أمريكا وأوروبا.
وأضاف عبدالمجيد: «الدبلوماسية المصرية أصابها مرض «الجلوكوما» فلم تر إلا جزءا صغيرا من العالم وعندما بدأت تنتبه للمشكلة، كان القطار مضى فى طريقه، فحاولت الاتصال بالسائق، الذى لا يوجد معه هاتف محمول، والآن يحاولون الاتصال بالمحطة الأخرى أو بعمال الإشارات، ولكنهم ينسون أن القطار لا يمكن أن يعود ثانية».
ويشير عبدالمجيد إلى أن الاتصالات الثنائية يمكن أن تحدث أثرا ما، ولكن يجب قبل ذلك أن تتم تلك الاتصالات، ويجب تواجد قدر من الفهم الدقيق وفهم طبيعة الطرف الآخر الذى نقوم بالاتصال به، والعوامل المؤثرة فيه، وما الذى يمكن أن نقدمه له، لافتا إلى أن انتظار نتائج تلك الاتصالات خطر إضافى يجب معالجته بوضع سياسة معالجة للفشل الذى يجب الاعتراف به، ووضع خطة بديلة وتصور للبدائل فى حالة عدم التوصل لحل، خاصة أن المهلة التى أعطتها دول المنبع قصيرة.
وشدد الباحث هانئ رسلان على أهمية الموقف المصرى والجهود الممكنة للحفاظ على العلاقات المصرية مع دول حوض النيل، وقال: «مصر حملت العبء الرئيسى فى مبادرة حوض النيل على مدار ١٠ سنوات بما لديها من خبرات فى إدارة المشروعات التنموية، كما أحدثت نوعا من الالتفاف حول موقفها السياسى فى تعميق وتطوير العلاقات فى المجالات الاستثمارية الأخرى غير المياه، مثل تطهير الآبار الجوفية والمجارى فى أوغندا».
وأضاف: إن ما حدث مؤخرا أوضح أن هناك توجهاً سياسياً لاتخاذ موقف ضد مصر من بعض دول حوض النيل بما يؤكد أنهم بحاجة ماسة للدور التنموى المصرى فى تلك الدول»، مدللا على ذلك برفض ٣ دول التوقيع ضد مصر.
وحول الدور الإقليمى المصرى فى دول حوض النيل، قال رسلان: «إن ما حدث هو ضربة قوية ومؤلمة لمصر نتيجة انسحابها من الإقليم وانشغالها بالشرق الأوسط والشمال»، وشدد رسلان على ضرورة إعادة النظر وترتيب الأولويات السياسية المصرية الخارجية وإعطاء أهمية أكبر للامتداد الطبيعى لمصر باتجاه حوض النيل، خاصة القرن الأفريقى.
الخارجية» تؤكد أن الاتفاق لا يعفى الدول السبع من التزاماتها ويهدد بفشل مبادرة حوض النيل
صرح السفير حسام زكى، المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية، أن توقيع الدول الأربع على الاتفاق لا يعفيها من التزاماتها بموجب قواعد القانون والعرف الدوليين، والممارسات القائمة، وبمقتضى الاتفاقيات القائمة التى تتمتع بقدسية، باعتبارها اتفاقيات ذات طبيعة حدودية لا يجوز التغاضى عنها، مؤكداً أن الاتفاق غير ملزم لمصر بأى شكل من الأشكال، كما أنه يهدد بفشل مبادرة حوض النيل.
وأضاف زكى فى بيان أصدرته الوزارة، أمس، أن مصر لن تنضم أو توقع على أى اتفاق يمس حصتها التاريخية من مياه النيل، موضحاً أن انضمام مصر لأى اتفاق يعتمد فى الأساس على إقرار ما يحفظ لها استخداماتها الحالية وحقوقها فى أى اتفاق.
واعتبر زكى أن التوقيع على الاتفاق لا يمثل فى حد ذاته خطورة على حصة مصر، خاصة أنه يمثل آلية التنسيق القائمة بالفعل تحت مظلة تجمع شرق آسيا، لافتاً إلى أن ما يهم مصر من الناحية العملية هو عدم إنشاء أى مشروعات مائية فى أى من دول الحوض تؤثر سلباً على حصتها، وهو أمر تحكمه قواعد القانون والعرف الدوليين.
وأوضح زكى أن هناك قواعد دولية تحكم تقديم التمويل لأى مشروعات على الأنهار المشتركة، وهى قواعد تنص على مبدأ عدم إحداث ضرر لدول المصب، مشيراً إلى أن قواعد البنك الدولى تؤكد أهمية التشاور مع دول المصب قبل الشروع فى تنفيذ أى مشروعات مائية فى الدول المطلة على الأنهار المشتركة، كما تؤكد مبدأ عدم الإضرار بدول المصب.
وأعلن زكى أن مصر تبذل جهوداً حثيثة مع الدول والأطراف المعنية للتأكيد على التزامها بالقانون الدولى، ومع الدول والجهات المانحة، ودول الحوض لشرح موقفها القانونى، والوضع المائى فى مصر مقارنة بدول الحوض التى لا تعتمد على مياه النيل إلا بنحو ٣٪، عكس مصر التى تعتمد عليها بنسبة ٩٠٪.
المصري اليوم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق