الثلاثاء، 4 مايو 2010

إنقاذ الثروة الحيوانية‮ .. ‬الحل العاجل‮ !‬


مصر تستهلك‮ ‬863‮ ‬ألف طن سنوياً‮.. ‬تنتج منها‮ ‬510‮ ‬آلاف طن‮.. ‬وتستورد‮ ‬353‮ ‬ألف طن
إلي جانب مشكلات الدواجن والأسماك يواجه المواطنون حالياً‮ ‬مشكلة ثالثة وهي ارتفاع أسعار اللحوم بشكل مُبالغ‮ ‬فيه،‮ ‬حتي تخطي سعر كيلو اللحوم حاجز الـ‮ ‬70‮ ‬جنيهاً،‮ ‬ورغم الأحاديث المطولة لأبواق الحكومة طوال الأعوام الماضية حول توفير جميع السلع للمستهلكين،‮ ‬وعلي رأسها البروتين الحيواني بأسعار مناسبة،‮ ‬إلا أن الواقع أكد أن الحكومة فشلت في تنفيذ وعودها كالعادة،‮ ‬وأصبحت‮ »‬اللحمة‮« ‬حلماً‮ ‬بعيد المنال علي المصريين،‮ ‬بل إنها أصبحت طعام الأغنياء يصعب علي الفقراء تناوله‮.‬ والسؤال‮: ‬أين ثروتنا الحيوانية التي تغنت الحكومة طوال السنوات الماضية بتنميتها والحفاظ عليها؟‮.. ‬وأين مشروع البتلو الذي ملأوا الدنيا ضجيجاً‮ ‬حوله لسنوات طويلة؟ لم تكن اللحوم أبداً‮ ‬من الأزمات الطاحنة بهذا الشكل الذي نراه الآن،‮ ‬فلأول مرة ترتفع أسعارها بهذا الشكل الجنوني،‮ ‬ورغم أن نقص اللحوم المنتجة محلياً‮ ‬عن الاستهلاك كان مشكلة قديمة تعاني مصر منها منذ سنوات،‮ ‬إلا أن أسعار اللحوم لم تصل لتلك المعدلات البشعة التي وصلت إليها الآن،‮ ‬إذن فماذا حدث؟‮.. ‬ولماذا ارتفعت أسعار اللحوم بهذا الشكل الغريب؟‮.. ‬وأين الثروة الحيوانية التي كانت تربي في مصر؟‮.. ‬ولماذا لجأنا لاستيراد لحوم‮ ‬غير مطابقة للمواصفات من الخارج؟‮.. ‬وكيف تخرج مصر من هذه الكبوة قبل أن تنطلق ثورة الجياع الذين ارتفعت عليهم أسعار كل شيء‮.. ‬بينما انهار سعر الإنسان وأصبح بلا ثمن؟ 24‮ ‬جراماً‮ ‬يومياً قررت منظمة الصحة العالمية أن الحد الصحي الوقائي لتناول الإنسان اللحوم يجب ألا يقل عن‮ ‬24‮ ‬جراماً‮ ‬يومياً،‮ ‬وقبل اشتعال أسعار اللحوم كان نصيب المواطن المصري منها‮ ‬16‮ ‬جراماً‮ ‬فقط،‮ ‬فما بالنا بما سيحدث بعد هذا الارتفاع الرهيب في الأسعار؟‮.. ‬جدير بالذكر أن استهلاك مصر من اللحوم يقدر بـ‮ ‬863‮ ‬ألف طن،‮ ‬منها‮ ‬510‮ ‬آلاف طن لحوماً‮ ‬محلية،‮ ‬و52‮ ‬ألف طن مستوردة يتم ذبحها في مصر،‮ ‬بالإضافة إلي‮ ‬291‮ ‬ألف طن من اللحوم المجمدة،‮ ‬ويقدر إنتاج مصر من الثروة الحيوانية بحوالي‮ ‬8‭.‬3‮ ‬مليون رأس من الجاموس،‮ ‬و5‭.‬4‮ ‬مليون رأس من الأبقار،‮ ‬و8‭.‬3‮ ‬مليون رأس من الماعز،‮ ‬و143‮ ‬ألف رأس من الإبل،‮ ‬وينتج الأفراد في مصر حوالي‮ ‬90٪‮ ‬من رؤوس الماشية،‮ ‬حيث يقومون بتربيتها في منازلهم أو في مزارع صغيرة،‮ ‬ونظراً‮ ‬لارتفاع أسعار الأعلاف في الآونة الأخيرة،‮ ‬قام أغلب هؤلاء المربين بالامتناع عن تربية الحيوانات وبيعها في وزن أقل من‮ ‬450‮ ‬كيلو جراماً،‮ ‬توفيراً‮ ‬للنفقات،‮ ‬وهو ما أدي إلي قلة المعروض الآن،‮ ‬وأدت قلة المعروض مع استمرار الطلب عند معدلاته إلي تفاقم مشكلة اللحوم وارتفاع أسعارها بهذا الشكل المُبالغ‮ ‬فيه‮.‬ لذلك يطالب الدكتور حسام العطار،‮ ‬الأستاذ بكلية الطب البيطري بجامعة بنها،‮ ‬بضرورة العمل علي عدة محاور لتنمية الثروة الحيوانية في مصر،‮ ‬لأن نقص المعروض وراء هذا الارتفاع الرهيب في الأسعار،‮ ‬لذلك يجب العمل علي تنمية السلالات التي يتم تربيتها سواء بالتلقيح الصناعي أو بالطرق الطبيعية لخلق سلالات جديدة لها القدرة علي إعطاء كميات أكبر من اللحوم،‮ ‬مع تناول كميات أقل من الأعلاف،‮ ‬وهكذا يمكننا التغلب علي مشكلة الأعلاف التي تظهر كل فترة‮.‬ أما المحور الثاني فهو محور مستلزمات الإنتاج مثل الأعلاف،‮ ‬وإذا كانت الذرة الصفراء قليلة في مصر،‮ ‬فلابد من البحث عن بدائل أخري للأعلاف التقليدية،‮ ‬واستغلال الأراضي الجديدة في زراعة المحاصيل التي تستخدم في صناعة الأعلاف مع التوسع في البحث عن بدائل للأعلاف وتصنيعها من المخلفات الزراعية بدلاً‮ ‬من التخلص منها بشكل يضر بالبيئة،‮ ‬وهناك جهات بحثية كثيرة يجب تشجيعها للمضي قدماً‮ ‬في أبحاثها وتطبيق هذه الأبحاث علي نطاق واسع‮.‬ وأضاف أن هذين المحورين‮ »‬السلالات والأعلاف‮« ‬يؤديان إلي خفض تكلفة الإنتاج الحيواني،‮ ‬وبالتالي انخفاض الأسعار مستقبلاً‮.‬ أما المحور الثالث‮: ‬فهو الاهتمام بذبح اللحوم وتصنيعها بحيث لا يتم إهدار أي جزء من أجزاء الحيوان دون الاستفادة منه،‮ ‬فلدينا مشكلة في الجلود نظراً‮ ‬لعدم القدرة علي الاستفادة من جلود الحيوانات كاملة،‮ ‬وحتي العظام والدم وكل مخلفات الذبح يمكن استخدامها في صناعات أخري تُدر عائداً‮ ‬يمكن توجيهه للاستثمار في الإنتاج الحيواني‮.‬ وأكد أن هذه الحلول وإن كانت ستأخذ فترة،‮ ‬لذلك يمكن العمل بها علي المدي البعيد،‮ ‬أما علي المدي القريب،‮ ‬فيجب العودة مرة أخري لمشروع البتلو،‮ ‬وعدم ذبح الإناث،‮ ‬وفرض‮ ‬غرامة مالية كبيرة علي من يذبح الإناث،‮ ‬مع التوسع في الاستيراد الآمن للحوم من دول موثوق فيها،‮ ‬واستغلال أجزاء الحيوانات وبيعها بأسعار متفاوتة تناسب كافة الطبقات‮.‬ تنمية الثروة الحيوانية في دراسته حول‮ »‬تنمية الثروة الحيوانية في مصر‮« ‬أكد الباحث محيي الدين حشاد،‮ ‬الخبير في تربية وتسمين العجول،‮ ‬أنه لابد من تكثيف زراعة وتصنيع الأعلاف في مصر،‮ ‬مع ضرورة الاهتمام بخفض الفوائد علي قروض التسمين من‮ ‬16٪‮ ‬إلي‮ ‬6٪‮ ‬فقط،‮ ‬وإلغاء الرسوم التي تفرضها الإدارات المحلية علي مزارع التسمين،‮ ‬والاهتمام بصحة الحيوان وتوفير الأمصال اللازمة للحيوانات بالوحدات البيطرية وبالمجان للمربين‮.‬ مشكلة متوقعة الدكتور مصطفي عبدالعزيز،‮ ‬نقيب الأطباء البيطريين سابقاً،‮ ‬أكد أن المشكلة الحالية لارتفاع أسعار اللحوم بهذا الشكل كانت متوقعة نظراً‮ ‬لزيادة عدد السكان،‮ ‬في حين إن هناك نقصاً‮ ‬في أعداد الثروة الحيوانية أو علي الأقل ثباتها،‮ ‬لذلك يجب العمل علي تنمية الثروة الحيوانية،‮ ‬بإعادة مشروع البتلو الذي يساعد علي تنمية الثروة الحيوانية،‮ ‬مع الاعتماد علي الاستيراد لمنع جشع الجزارين،‮ ‬بشرط أن تكون اللحوم المستوردة سليمة وغير مصابة بالأمراض،‮ ‬وذلك لتحقيق المعادلة الصعبة في زيادة المعروض علي الطلب‮.‬ ومع استمرار معدلات الزيادة السكانية،‮ ‬فلابد من زيادة أعداد الثروة الحيوانية وتنميتها من خلال توفير الأعلاف والأدوية والأمصال اللازمة للوقاية من الأمراض وتنشيط النمو،‮ ‬وتوفير الخدمة البيطرية الجيدة للحيوانات من خلال إيجاد عدد كاف من الأطباء البيطريين المدربين بشكل جيد علي رعاية الحيوانات وتسمينها لزيادة أعداد الثروة الحيوانية‮.‬
الوفد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق