الخميس، 20 مايو 2010

ياسر أيوب يكتب : نذير بلحاج


قد يبدو أى حديث اليوم عن النجم الجزائرى.. نذير بلحاج.. مجرد حديث خارج سياق اهتمام الجميع وانشغالهم بتفسير وتحليل معانى ودلالات عقوبة الفيفا على مصر بشأن إلقاء الطوب على أتوبيس المنتخب الجزائرى فى القاهرة..
وليس ذلك صحيحا على الإطلاق.. فنذير بلحاج يصلح تماما كأحد العناوين المهمة للأزمة المصرية الجزائرية.. وحكايته تصلح تفسيرا وشرحا وافيا للفرق بيننا وبينهم.. عناوين وشروحات وتفاسير واضحة تماما لكل من يقف ويتأمل بعمق ويقرأ ما وراء السطور وما بينها..
فهذا اللاعب كان قد اعتدى، بمنتهى القسوة والعنف، على النجم المصرى أحمد المحمدى فى مباراة مصر والجزائر فى قبل نهائى أمم أفريقيا الأخيرة.. وعلى الفور أخرج حكم المباراة الكارت الأحمر مطيحا بـ«بلحاج» خارج الملعب لتقرر لجنة الانضباط بالفعل، فيما بعد، إيقاف بلحاج مباراتين، مما كان يعنى أن اللاعب لن يستطيع المشاركة مع المنتخب الجزائرى فى المونديال فى أول مباراتين..
ولما كان المنتخب الجزائرى فى حاجة ماسة لخدمات ومشاركة بلحاج.. تعالوا نتابع السيناريو الجزائرى الذى جرى.. ففى البداية، وقبل أن تدور الماكينات الكروية الجزائرية لإنهاء هذه المشكلة، كان اللاعب قد تحدث بعفوية عن اعتدائه الموجع على المحمدى شارحا أنه قام بذلك غيظا وغضبا من التفوق المصرى وقدرة لاعبيه على التناقل بالكرة والتلاعب بنجوم الجزائر كيفما أرادوا..
قال أيضا وقتها إنه يعرف أن اعتداءه كان من الممكن أن يؤدى إلى اعتزال مبكر للمحمدى وأنه يستحق هذه العقوبة من الكاف، وهو سعيد بأنها اقتصرت على مباراتين فقط.. لكن بعد أن دارت الماكينات كان الإعلام هو الترس الأول الذى بدأ يؤدى دوره ووظيفته.. فخرجت الصحف الجزائرية تحمل أخبارا وحكايات عن اعتذار بلحاج للمحمدى واعترافه بالخطأ وإحساسه العميق بالحزن والأسف والندم.. ثم توقف هذا الترس تماما عن الدوران..
لم يعد هناك من يذكر بلحاج بالخير أو الشر.. لم يكن هناك من يمجد فى بلحاج رغم الخطأ باعتباره الرجل الجزائرى الحر الذى لم يقبل فكرة تفوق المصريين ولا كان هناك من يندد بـ«بلحاج» ويدينه باعتباره لاعباً اعتاد الخروج على حدود الأخلاق الرفيعة والصورة المرجوة لأى جزائرى فى عيون الآخرين..
وبالتالى نسى الناس بلحاج وما فعله مع المحمدى.. حتى الاتحاد الجزائرى التزم الصمت تماما حتى لا ينتبه المصريون وغيرهم لما قد يجرى لاحقا.. ثم بدأ ترس جديد فى الدوران اسمه محمد روراوة كعضو بالمكتب التنفيذى للفيفا.. وفى الوقت الذى كان روراوة يشغل المصريين بسمير زاهر والاتحاد العربى وطلبه اعتذار جميع المصريين له وللجزائر.. كان فى الخفاء يتفق مع عيسى حياتو على رفع الإيقاف عن نذير بلحاج..
لم يقل روراوة وقتها إنه، كعضو بالمكتب التنفيذى بالكاف، ليس معنيا بمطالب الجزائر وحقوقها.. أو أنه بهذا المنصب يمثل كل أفريقيا ولا علاقة له بالجزائر.. بل إن الرجل بلغ من القدرة والذكاء والإصرار الذى لا يملكها رجالنا.. دفع عيسى حياتو، رئيس الكاف نفسه، لأن يتقدم فجأة بطلب رفع الإيقاف عن بلحاج مع آخرين.. وبالفعل عاد روراوة للجزائر وقرار رفع الإيقاف فى جيبه.. هل أدركتم الآن الفارق بيننا وبينهم؟!.. أرجو ذلك.
المصري اليوم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق