الطرف الثاني في عقد بيع التراث
تظل قضية بيع التراث هي قضيتنا القومية الأولي خلال هذه المرحلة، لأننا لن نصمت حتي يباع جزء جزء من جسد مصر، حتي نصبح وطناً بلا خصوصية وحضارة لا يتبقي منها سوي الأسماء فقط، ثم نشحذ بعد ذلك من الإخوة العرب، وغيرهم أفلامنا وأغانينا ويعطونها لنا في شكل هبة أو منحة، يتبعها منا كل آيات الشكر والعرفان، هذه القضية التي فجرتها »الوفد«، وكان لها أيضاً السبق قبل سنوات طويلة في الإشارة إلي خطورة تحرك بعض الشركات العربية داخل الجسد المصري ورغبتها في محو الشخصية المصرية، وهويتها الفنية، والثقافية ولكن لم يلتفت أحد، لكننا اليوم دخلنا مرحلة أكثر خطورة بعد أن خرج التراث بشكل قانوني، وهو ما أحدث ردود أفعال قوية لأول مرة، وكل يوم تنكشف حقيقة جديدة تؤكد أننا تعرضنا لعملية سطو علني في إطار قانوني، مؤخراً بدأت بعض الصحف العربية تلمح إلي أن الشخص الذي قام بتوقيع العقد مع القطاع الاقتصادي ممثلاً لروتانا وهو ألبير يوسف ليس له علاقة من قريب أو بعيد بروتانا، وأنه ربما يكون سمساراً لبنانياً ممن يعملون في مجال الغناء، وهو نفس الكلام الذي أكده أسامة الشيخ في تقرير بثته قناة الجزيرة حول هذه القضية، حيث أشار الشيخ إلي أن هذا الشخص لا تربطه علاقة عمل بروتانا، وربما يكون سمساراً، وواصل كلامه بأنه لا يعلم شيئاً عن هذا الشخص. وهذا الكلام له أكثر من معني، الأول أن هذا الشخص فعلاً ليس له علاقة بروتانا وفي هذه الحالة لابد وأن نضع علامات استفهام حول أداء القطاع الاقتصادي في هذا الوقت، لأسباب كثيرة منها كيف وقع عقدا مع شخص غير معروف الهوية؟ لأن هذا معناه أن أي شخص إسرائيلي يمكن أن يدخل باسم مستعار ويوقع اتفاقا مع ماسبيرو، ويحصل علي ما يشاء، بالطرق القانونية، والشيء الثاني كيف عرفوا أن هذا الشخص ممثلاً لروتانا؟ هل كان هناك تفويض؟ اعتقد لا، والدليل أن روتانا بنفسها بدأت تردد أن هذا الشخص ليس له علاقة بهم والدليل كلام أسامة الشيخ، والذي قد يكون وصل إليه عن طريق أحد مسئولي روتانا، كما أنه لو هناك تفويض لظهر في أوراق القضية. أما المعني الثاني لكلام الشيخ الذي قاله في الجزيرة أن هذا الشركة الخليجية تحاول تجميل وجهها أمام الرأي العام المصري والعربي بالادعاء بأن هذا الشخص لا يمثلها، وعلي حد علمنا أن إحدي الصحف الخليجية اتصلت بهذا الشخص الذي يدعي ألبير وقال أيضاً إنه لا يعمل بروتانا، وهو أمر يدعو للدهشة. لكن المعني الأرجح هو الثاني حيث تحاول روتانا تجميل وجهها كما فعل الوليد عندما أعلن هنا في قلب القاهرة أن شريكه الجديد ميردوخ ليس يهودياً ولكنه استرالي كاثوليكي، رغم أننا لا يهمنا الديانة أو الجنسية بل يهمنا أنه رجل يعد الداعم الأول لإسرائيل إعلامياً، لذلك وجوده داخل شركة بها أعمال مصرية يعد خطراً كبيراً. والآن تعيد روتانا نفس السيناريو مع ألبير صالح، بادعاء أنه لا يعمل بها إذن كيف وصلت أغانينا إليكم أيها السادة المسئولون عن روتانا، طالما أن هذا الشخص ليس له علاقة بكم، لذلك نرجو من السيد أسامة الشيخ إعادة التحري عن هذا الشخص، أو يجيبنا كيف وصل تراثنا إلي روتانا؟ خاصة أن وصول هذه الأغاني إلي الأمير سوف يجعل كل شركات الإنتاج تعيد صياغة علاقتها بالتليفزيون المصري لأنه ليس من المعقول أن يهدوا التليفزيون أعمالهم ثم يفاجأوا بأنها تباع للقنوات الخليجية عيني عينك. >> أسامة الشيخ صرح في إحدي الصحف بأنه يحاول مع روتانا إعادة النظر في المقابل المادي لهذه الصفقة، وكأن رئيس الاتحاد كل ما يعنيه هو المال، تراث مصر يابشمهندس لا يباع ولو بكنوز الدنيا لأنه في حد ذاته كنز، وليس من المقبول أن يخرج مثل هذا الكلام من مسئول كبير بمنظومة الإعلام المصري.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق