السبت، 22 مايو 2010

أبنائي الأعزاء شكرا ‮!‬


في‮ ‬مشهد حزين تدمي له القلوب وقفت أم تحكي قصتها مع أبنائها الثلاثة أمام قضاة محكمة الأحوال الشخصية‮. ‬قالت الام في‮ ‬حزن وانكسارا سيدي‮ ‬القاضي‮ ‬لقد نشأت في‮ ‬أسرة فقيرة لا تستطيع حتي سد جوع أبنائها وبرغم ذلك كانت امي رحمة الله عليها هي‮ ‬وأبي كرماء معنا جميعا وكان الاثنان‮ ‬يصران دائما علي استكمال تعليمنا والبلوغ‮ ‬معنا أعلي الدرجات العلمية،‮ ‬وبالفعل تعلمنا جميعا حتي حصلنا علي الشهادات الجامعية،‮ ‬وكم كنت أشفق علي أبي وهو‮ ‬يواصل الليل بالنهار لكي‮ ‬يوفر لنا الخبز ولكي‮ ‬يوفر لنا كتابا لإكمال مسيرتنا بنجاح وعندما تخرجت وأصبحت مهندسة كافأني الله واستطعت العمل في‮ ‬إحدي الشركات الاستثمارية في‮ ‬مجال المقاولات وأصبحت في‮ ‬وقت قصير من أكفأ مهندسي‮ ‬الشركة وتم ارسالي في‮ ‬بعثة إلي إحدي دول الخليج‮ .‬ في‮ ‬ذلك الوقت تم زواجي‮ ‬من زميلي‮ ‬بالعمل وعملنا بالخارج واستطعنا أن نستثمر مبلغا كبيرا ورزقني‮ ‬الله بأربعة أبناء كلهم رجال أمام عينيك وقد توفي والدهم وهم صغار وكان أكبرهم عمره عشر سنوات وتحملت عبء تربيتهم وتعليمهم حتي حصلوا جميعا علي الشهادة الجامعية من أفضل الجامعات المصرية في مجال الهندسة المدنية أما ابني‮ ‬الصغير والذي‮ ‬لم‮ ‬يحضر معنا هنا في‮ ‬هذا المكان فهو الآن طريح الفراش وقد كان محاسبا مرموقا ومن اجله أقف أمامكم استحلفكم لإعادة النصاب إلي وضعه السليم‮.‬ سيدي‮ ‬القاضي‮ ‬عند قدومي‮ ‬إلي مصر استشرت اشقائي في‮ ‬القيام بعمل مشروع فأشاروا علي أن اعمل مشروعا في‮ ‬المجال الذي‮ ‬افهم فيه وبالفعل وضعت ممتلكاتي‮ ‬في‮ ‬مشروع ضخم أستثمر فيه أموالي وبالفعل وفقني‮ ‬الله في‮ ‬إنشاء شركة كبيرة للمقاولات علي احدث النظم العلمية وبها جميع أدوات العمل من معدات وسيارات وعندما تخرج ابنائي عمل ثلاثة منهم معي‮ ‬في‮ ‬الشركة‮.‬ أما ابني‮ ‬الصغير فقد فضل أن‮ ‬يعمل بالتجارة وقمت بإنشاء مكتب كبير له بوسط البلد ليعمل في‮ ‬مجال الاستيراد والتصدير أما الثلاثة الآخرون فقد أسندت لكل منهم عملا خاصا به داخل الشركة حتي لا تتضارب المهام فيما بينهم وأنا معهم أتابعهم وبالفعل دارت عجلة الحياة واستطاع ابنائي الأربعة أن‮ ‬يحققوا ما كنت احلم به وأتمناه أنا ووالدهم وأنا أري انجازهم‮ ‬يخطو خطوات واثقة وكبيرة وأصبحت أنا وهم نمثل مجموعة متكاملة في‮ ‬العمل الكبير والذي‮ ‬عاد علينا جميعا بالخير وأصبح‮ ‬يعمل لدي شركتي‮ ‬ما‮ ‬يقرب من‮ ‬300‮ ‬عامل وموظف ومهندس ومرت الأيام ونتيجة للمجهود،‮ ‬فقد أصبت بجلطة في‮ ‬القلب وسافرت للعلاج بالخارج والحمد لله مرت هذه المحنة بسلام ولكن الأطباء نصحوني‮ ‬بان أبتعد عن العمل وان أستريح وبالفعل التزمت بتعليمات الأطباء،‮ ‬وقررت اعتزال العمل والبركة في ابنائي وقمت بتوزيع ممتلكاتي‮ ‬علي ابنائي في‮ ‬حياتي‮ ‬قبل مماتي‮ ‬فكان المصنع من نصيب ابنائي الثلاثة بالتساوي‮ ‬والابن الأصغر أعطيته المكتب المخصص للاستيراد والتصدير وبعدما‮ ‬يقرب من عام حدثت الصدمة الكبري‮.‬ فقد قام ابني‮ ‬الصغير باستيراد شحنة من المواد الغذائية من إحدي الدول الأوروبية وتشاء الأقدار أن‮ ‬يفقد هذه الصفقة وتضيع كل أمواله حتي أصبح لا‮ ‬يملك حتي قوت‮ ‬يومه بعد أن كان في‮ ‬نعيم فحاولت مواساته ودعوته لأن‮ ‬يقيم معي‮ ‬في‮ ‬المنزل وطلبت من الأبناء الثلاثة أن‮ ‬يضعواه ومكتبه ولكن القدر والسوق وغدر بعض التجار هو الذي‮ ‬أوصله إلي ذلك فهو لم‮ ‬يقامر بأمواله ولم‮ ‬يفعل الرذيلة ولم‮ ‬يخطيء وكانت الصدمة الكبري في‮ ‬ردهم القاسي‮ ‬بعدم مسئوليتهم والأكثر من ذلك أنهم قاموا بطردي‮ ‬من الشركة بعد الحاحي وتصميمي‮ ‬علي حق الابن الأصغر ولم‮ ‬يتحمل جسدي‮ ‬وقلبي‮ ‬ما فعلوه فسقطت ولم أفق إلا في‮ ‬غرفة العناية المركزة‮.‬ ولم‮ ‬ينته الأمر عند هذا الحد بل حاول الثلاثة الاعتداء علي شقيقهم الأصغر لإرغامه علي عدم المطالبة بأية حقوق ولكني لم اسكت ونتيجة اصراري علي تعويض ابني‮ ‬الصغير قاموا برفع دعوي في‮ ‬إحدي المحاكم‮ ‬يتهمونني‮ ‬بالجنون وعدم الرشد وإنهم اشتروا مني الشركة ودفعوا لي‮ ‬ثمنها بالكامل ولكني أضعت هذه الأموال فبالله عليك‮ ‬يا سيدي‮ ‬القاضي‮ ‬من أين لهم بالأموال وأكبرهم لم‮ ‬يتجاوز الخامسة والثلاثين لكي‮ ‬يحصلوا علي هذه الأموال التي‮ ‬تقوم بإنشاء هذا الصرح الكبير الذي‮ ‬تعبنا أنا وزوجي‮ ‬في‮ ‬بلاد الغربة الكثيرة لكي‮ ‬أشيده‮.‬ وما ذنب أخيهم الذي‮ ‬فقد حقه في‮ ‬أن‮ ‬ينعم بمال أمه طالما ما زالت حية وهل هذا هو جزاء الأم التي‮ ‬ضحت بنفسها من اجل أبنائها وحرمت نفسها من شهوات ورغبات الحياة بعد وفاة زوجها وتحملت المسئولية بعد ذلك وحيدة دون مساعدة احد لها ورفضت الكثير من عروض الزواج حتي لا‮ ‬يصبح لأولادها زوج أم أو رجل آخر‮ ‬غير والدهم فهل كان ذلك نتيجة لما فعلته معهم؟‮! ‬علي العموم ابنائي الأعزاء شكرا علي ما فعلتموه معي‮ ‬ومع أخيكم‮.‬ وبعد أن انتهت الأم استمعت المحكمة لأقوال الشهود وأصدرت قرارها بعودة جميع ممتلكات الأم لها‮.‬ صدر الحكم برئاسة المستشار حاتم الارناؤطي وأمانة السر مصطفي نجم‮
الوفد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق