التنظيم وغياب الجمهور والنجوم يكتب شهادة وفاة المهرجان القومي للسينما
الازمة الحقيقية التي تواجهها مصر هي العشوائية التي تسير كافة امور الحياة علي ارض هذا الوطن بدون تدخل من جهة او هيئة ما لتنظيم او اعادة تنظيم المجتمع الذي انفلت لدرجة تهدد كل ما نباهي به من حضارة وريادة لم يعد لها وجود حقيقي علي ارض الواقع. وتدخل معظم المهرجانات السينمائية المصرية في دائرة العشوائية التي تؤدي لتحولها إلي كيانات هزلية لا تخدم الصناعة بقدر ما تخدم القائمين عليها بتحقيقهم ماديا ومعنويا، والعلاقات الشخصية تكفي لتسيير حملات الاشادة بمهرجانات لا تجني منها اكثر من زيادة معدل إهدار المال العام. والدورة السادسة عشرة والاخيرة للمهرجان القومي للسينما المصرية التي اختتمها وزير الثقافة مؤخرا تعلن ضمنيا عن وفاة المهرجان القومي بعد غيبوبة استمرت لسنوات فبعيدا عن كثير من جوائز المهرجان التي تلية باستفتاء احد برامج القنوات الفضائية مع احترامنا للاسماء الكبيرة التي شاركت في لجنة التحكيم وعلي رأسها المخرج توفيق صالح وبغض النظر عن قيمة الجوائز الهزيلة التي استطاع ممدرح الليثي مضاعفتها بإحراج وزير الثقافة فاروق حسني علي خشبة المسرح الكبير قد تختلف مع الليثي في اتهامه للأفلام المدعومة بانها لا ترتقي للمستوي الفني الذي يؤهلها لخوض غمار المهرجانات السينمائية والحصول علي جوائزها لان جوائز المهرجانات تخضع لمعايير تنبع من مرجعية وثقافة اعضاء لجان تحكيمها. كما ان المهرجان لم يضم من الافلام المدعومة الا قيلم »عصافير النيل« وفيلم »المسافر« الذي اكد تخبط وزارة الثقافة بعد ان استفاقت من غيبوبتها فاكتشفت ادراج فيلمها ضمن جدول المهرجان ثم ادركت ان اللجنة قد تتهم بالتحيز للفيلم المنتج من قبلها لتعمل علي اثارة جدل غير مبرر بسحب الفيلم قبل عرضه بيومين وهي حجة ساذجة لانها تشير إلي اتهام ضمني للجنة التحكيم بانها لجنة غير نزيهة او مستقلة عن الجهة المنظمة للمهرجان وهي اهانة للاسماء الهامة التي شاركت فيها. ولكن الحقيقة تشير إلي ان فيلم المسافر الذي لم تنصل علي فرصة الحكم عليه فنيا حتي الان والذي رسب في كل الاختبارات الدولية باستثناء اقتحامه لمهرجان فينسيا لم يعد فيلما تملكه وزارة الثقافة لان المتحكم في تسيير الفيلم والقفز به من دولة لدولة دون تحقيق نتائج تذكر هو مخرجه احمد ماهر الذي كان وراء سحب الفيلم من المهرجان القومي للسينما بعد تصريحات اعلن فيها استياءه من مشاركة فيلمه في مهرجان وزارة الثقافة بحجة تأثير عرض الفيلم علي ايراداته خاصة أن موعد عرضه التجاري اقترب وكان فيلما »هليوبوليس« و»عصافير النيل« لم يشاركا في المهرجان رغم بداية عرضهما تجاريا واللذان لم يتأثرا لان مسرح الجمهورية لا يستوعب اكثر من بضع مئات من جمهور المهرجان الذي انصرف عنه كما انصرف صناع السينما عن حضور ندواته فبات خاليا الا من وسائل الاعلام إلي جانب بعض سكان حي عابدين وهو ما يجعلنا نستفهم عمن يدير المهرجان القومي للسينما ومن يدير وزارة الثقافة فعليا؟ فبعيدا عن سيطرة احمد ماهر علي فيلم لم تعد علاقته به تزيد علي وجود اسمه علي تتر العمل تؤكد ادارة المهرجان ان هناك خللا تنظيميا بعد الغاء حفل افتتاح المهرجان للعام الثاني علي التوالي ونقل عروض الافلام القصيرة إلي مسرح الجمهورية بحجة عدم خلو المسرح الصغير وكأن القائمين علي المهرجان لم يعلموا بانعقاد دورة قادمة لححز المسرح علي خطة العام الجديد للأويرا التي تضع برنامجا سنويا لعروضها لا يمكن الاخلال به فما بالك بانها جهة تابعة لوزارة الثقافة التي تشعرك هيئاتها انها معادية لبعضها البعض او انها تعمل في جزر منعزلة، وهو ما ادي للعديد من الكوارث سواء في المهرجان القومي للسينما او غيره من الفعاليات التي ترعاها وزارة الثقافة. وفي النهاية يجب ادراك ان المهرجان القومي للسينما انتهي فعليا ولم يعد له دور حقيقي مع ضعف جوائزه التي مع تضاعفها لن تـؤثر فعليا في دعم فيلم سينمائي واحد ومع عدم انتخاب الافلام والعمل علي فتح الباب امام كل من يتقدم بغض النظر عن المستوي الفني للافلام وهو ما يقلل من فرص الاعمال الجادة امام الاعمال الهزيلة التي تتسابق للمشاركة في مهرجان لا يختار افلامه.
الوفد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق