في سابقة هى الاولى من نوعها
أصدرت محكمة استئناف القاهرة برئاسة المستشار أحمد برديس رئيس الاستئناف الأسبوع الماضي في سابقة هي الأولى من نوعها، حكما يلزم إسرائيل بدفع (عشرة ملايين دولار أمريكي) تعويضا لورثة جندي الأمن المركزي عامر أبو بكر سعد الذي استشهد بعد تلقيه قذيفة صاروخية من دبابة إسرائيلية على الحدود المصرية عند رفح أثناء خدمته منذ ما يقرب من خمسة أعوام.
وتعود وقائع القضية إلى 17 نوفمبر 2004 ، عندما أطلقت دبابة إسرائيلية قذيفة أصابت منطقة تل السلطان برفح على الحدود المصرية، وأعقبها إطلاق نار عشوائي من الجنود الإسرائيليين تجاه مكان الانفجار الذي أحدثته القذيفة، فأصاب ثلاثة جنود مصريين، لقي اثنان منهم مصرعهما في الحال، وتوفي الثالث متأثراً بجراحه بعد وصوله إلى المستشفى، ومن بينهم الشهيد عامر.
كان أبو بكر عامر سعد أبو سعده والد الشهيد، ووالدته، المقيمان بقرية كفر دمتنو مركز المحلة، قد أقاما دعوى قضائية ضد السفير الإسرائيلي بالقاهرة بصفتيهما مطالبين بتعويض قدره (10 ملايين جنيه) في الدعوى المدنية مستأنف رقم (14019 لسنة 2005) مدني كلي جنوب القاهرة، وهى الدعوى التي رفضتها المحكمة تأسيا على أن وفاة المجنى عليه جاءت نتيجة خطأ وقع من تابعي المستأنف عليه "السفير الإسرائيلى" ، كما أن السفير يتمتع بالحصانة القضائية ، وقامت الأسرة باستئناف الحكم في قضية مستأنفة برقم (33043 لسنة 124 قضائية).
وأكدت الدعوى القضائية -حسبما ذكرت صحيفة المصري اليوم في عددها الصادر الاثنين- أن "الشهيد وبرفقته مجندين آخرين كانوا في موضع خدمتهم عند الخط الفاصل بين شطري رفح، عند العلامة الدولية رقم 3 ، حيث قامت مجموعة من الضباط والجنود الإسرائيليين في دبابة تابعة للكتيبة (77) الإسرائيلية بجنوب قطاع غزة، بإطلاق النار على الموقع، مما أدى لاستشهاد أفراد الموقع الثلاثة، كما اعتبرت الدعوى القضائية أن ما آتاه الجنود الإسرائيليين هو خرق فاضح للمعاهدات والأعراف الدولية ولاتفاقية كامب ديفيد، وقد قامت قوة المراقبة الدولية بإعداد تقرير مفصل عن الحادث انتهى إلى إدانة قتل الجنود الثلاثة، وانه كانت هناك نية مقصودة ومبيتة لقتلهم.
وجاء حكم الاستئناف ليلغي الحكم الابتدائي ويلزم إسرائيل بدفع التعويض لأهل الشهيد، واستند القاضي في تقدير مبلغ التعويض إلى قضية لوكيربى الشهيرة، التي حكمت فيها المحكمة بالتعويض بنفس قيمة المبلغ لورثة كل ضحية من ضحايا الطائرة، وألزم القاضي الحكومة الليبية بدفع قيمة التعويض لأهالي الضحايا، ورأى القاضي في حكمه أن "الشهيد المجني عليه لا يساويه أحد آخر في كل أرض الله، وأن أموال إسرائيل كلها لا تعوض حياته التي فقدها، إلا أنه من ناحية أخرى فإن المحكمة تأخذ في هذا الصدد بالمعايير الدولية التي استقرت بين الولايات المتحدة الأمريكية وبين دولة ليبيا في حادث «لوكيربى»، والذي تم تعويض ورثة كل ضحية من الضحايا – أيا كان سنه- ذو صفة بمبلغ (عشرة ملايين دولار) أمريكى".
وفند الحكم مدى المسئولية القانونية للسفير الإسرائيلي عن هذا الحادث بالإضافة إلى سريان الحماية القضائية على السفير من عدمه حيث أكد الحكم، أن "السفير يمثل الدولة المعتمدة في الدولة المعتمد لديها وفقا للمادة الثانية من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، ومن ثم فإن الحصانة في هذه الدعوى تكون للدولة نفسها التي مثلها حكومتها ويمثلها سفيرها في مصر، ومن ثم فإن الحصانة القضائية التي يتمتع بها المبعوث الدبلوماسي والواردة في المادة (31 من اتفاقية فيينا) لا تسرى على الدعوى الحالية، لأن المادة سالفة الذكر استثنت كل الدعاوى التي لا تتعارض مع وظائف المبعوث الدبلوماسي ولا تعوقه في عمله".
كما أكد الحكم أنه "من المفترض قيام حالة سلام بين مصر وإسرائيل، يمتنع بموجبها استخدام القوة أو التهديد باستعمالها، وأن الثابت وفقا لتقارير المراقبة الدولية أن الأفعال التي أدت إلى قتل المجني عليه قام بها متشددون أصابهم الهوس الديني، وسيطرت عليهم الكراهية لكل ما هو عربي .. وأن الثابت من تقارير المراقبة الدولية، أن هناك منشورات دينية وزعت على الجنود الإسرائيليين من جهة مجهولة تحض على كراهية المصريين"، ورغم عدم إصدار أوامر رسمية بإطلاق النيران إلا أن دولة إسرائيل "تُسئل عن تبعة أعمال هؤلاء الجنود بصفتهم تابعين لها".
وحول عدم اختصاص القضاء المصري بنظر مثل هذه الدعوى، أكد الحكم في منطوقه مسئولية القضاء المصري عن نظر هذه الدعاوى، حيث أن "تخلى القاضي الوطني عن نظر هذه الدعاوى يتعارض مع النظام السياسي والاقتصادي لمصر، ويحولها إلى بلد مستباح بلا سقف ولا أبواب ولا نوافذ، حتى وإن كان بعض أبنائها غير البررة الذين اختطفوها تعودوا الانبطاح والخضوع للأجانب، ولا تهمهم مصلحة المصريين، وإنما تهمهم مصالحهم الضيقة التي باعوا كل شيئ من أجلها".
وجاء الحكم النهائي لمحكمة الاستئناف بإلغاء الحكم الابتدائي الذي قضى برفض الدعوى، وإلزام المستأنف ضده – السفير الإسرائيلي- بصفته ممثلاً لحكومة إسرائيل بأن يؤدى إلى المستأنفين مبلغ (عشرة ملايين دولار) أمريكي، تعويضاً يوزع بينهم حسب أحكام الشريعة الإسلامية، وإلزامه بالمصروفات عن درجتي التقاضي ومبلغ (مائة جنيه) أتعاب محاماة.
(الدولار يساوي 5.5 جنيهات)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق