يبدو أن السينما أصبحت تمثل تهديداً للأمن العام في بعض الدول العربية الشقيقة، كما هو الحال في مصر التي قد تمنع رقابتها صنع العديد من الأفلام التي تحمل أفكاراً بها نقد للواقع السياسي المصري بحجة تعكير صفو الأمن العام وهو الأمر نفسه الذي واجهه المخرج أحمد رشوان بعد منعه من دخول لبنان رغم مشاركة فيلمه الروائي الطويل »بصرة« في المسابقة الرسمية لمهرجان بيروت السينمائي الدولي الذي يقام في الفترة من 7 إلي 14 أكتوبر الذي أرسلت مديرته كوليت نوفل دعوة لمخرج الفيلم الذي يقوم ببطولته باسم سمرة ويارا جبران للمشاركة في فعاليات المهرجان ولكن رشوان فوجئ حسب البيان الذي أصدره مساء أمس الأول، أن السفارة اللبنانية بالقاهرة رفضت منحه تأشيرة دخول إلي لبنان، وأكد له الموظف المسئول أن مديرية الأمن العام في لبنان رفضت منحي تأشيرة الدخول دون إبداء أسباب! وأكد رشوان أنه اتصل بمديرة المهرجان، وأبلغها بما حدث، فقالت ربما يكون الرفض ناتجاً عن تشابه أسماء أو خطأ في الاسم، ووعدت بالاتصال بالجهات المسئولة لمعرفة ما حدث، وفي اليوم نفسه، قام بإرسال صورة ضوئية من جواز سفر عبر الإيميل كذلك التأشيرة الأخيرة التي حصل عليها لدخول لبنان في سبتمبر 2007 وهي التأشيرة الثالثة التي حصل عليها، بالإضافة لعشرات التأشيرات التي حصل عليها لدخول أكثر من عشرين دولة من مختلف دول العالم في 5 قارات مختلفة، وأضاف رشوان أنه بعد أسبوع وصله رد من السيدة كوليت أكدت فيه علي عدم توصلها لشيء بشأن أسباب المنع الغريبة من مديرية الأمن العام، وأنها إذا قامت بعمل إجراءات الفيزا العادية من بيروت فستستغرق الإجراءات أكثر من شهر! وأكد رشوان أنه أصدر بياناً احتجاجياً موجها إلي السيد مدير الأمن العام اللبناني وفيق جزيني ووزير الخارجية اللبناني، والسفير اللبناني في القاهرة، مطالباً بحقه كمواطن وفنان مصري في الكشف عن سبب رفض منحه تأشيرة الدخول للأراضي اللبنانية، وإذا كان هناك خطأ فيجب تصحيحه وإعلان تصحيح هذا الخطأ بمنحه تأشيرة الدخول، أو إذا كان هناك سبب آخر فيجب أن يسارع الأمن العام اللبناني بإعلان هذا السبب الخفي، لأنه دعا لحضور المهرجان بصفته صانع أفلام لا بصفته إرهابياً لأنه يحمل فيلماً، ولا يحمل رصاصة أو قنبلة وأكد رشوان أنه سيبقي داخل المسابقة الرسمية للمهرجان، رغم هذا الموقف الغامض الذي يستوجب في كثير من الأحيان قيام المخرجين بسحب أفلامهم من العرض داخل المهرجان، وقال إنه لن يقوم بسحب فيلم »بصرة« من العرض في مهرجان بيروت السينمائي الدولي وسوف يعرض وفقاً لجدول المهرجان لأنه يكن الكثير من الاحترام للمهرجان ومنظميه وللفنانين وللجمهور اللبناني. يذكر أن فيلم »بصرة« هو الفيلم الروائي الطويل الأول لمخرجه أحمد رشوان بعد عدة تجارب قصيرة ويلقي الفيلم الضوء علي وقائع الحرب الأمريكية علي العراق وتباين ردود فعل المجتمع المصري عليها من خلال شخصية مثقفة لمصور صحفي، وقد حصل الفيلم علي العديد من الجوائز أهمها الجائزة الأخيرة التي حصل عليها من مهرجان »روتردام« للفيلم العربي، كما حصل العام الماضي علي جائزة السيناريو لأحمد رشوان من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي والفيلم لم يعرض تجارياً حتي الآن. ويبدو أن الأمن العام اللبناني يري في مخرج »بصرة« تهديداً للأمن اللبناني لأنه يقدم أفلاماً جيدة ترقي للمنافسة علي جوائز المهرجانات والمسابقات السينمائية الكبيرة لتبقي السينما وصناعها رهينة محبس الأمن الذي يطارد صناعها في مصر ولبنان، ونتمني أن تكون واقعة منع مخرج مصري من قبول دعوة مهرجان سينمائي ومرافقة فيلمه والدفاع عنه أو مساندته في فعاليات المهرجان مجرد سوء تفاهم لا يعبر عن موقف الأمن العام اللبناني من السينما المصرية ومخرجيها أو من مصر بشكل عام.
الوفد - محمد شكر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق