السبت، 3 أكتوبر 2009

التحقيق في عمليات تلاعب بـ البورصة المصرية


تحقق نيابة الشئون المالية والتجارية في واحدة من أهم وأخطر القضايا المتعلقة بالاستثمار المباشر في البورصة المصرية وكانت أحد أهم الأسباب الرئيسية التي أدت إلي حدوث هبوط وانهيارات مفاجئة للبورصة في كثير من الأحيان‏,‏ مما أفقد صغار المستثمرين لثرواتهم المحدودة دون معرفة السبب وراء ذلك‏,‏ والذي ربما تسبب بشكل غير مباشر في وقوع عدة جرائم مأساوية ومنها جريمة الأب الذي قتل كل أفراد أسرته بسبب خسارته في البورصة‏.‏ واليوم تباشر النيابة تحقيقاتها في قضية تلاعب خطير من جانب شركة كبري في سعر أسهم الشركة وذلك باتخاذ إجراءات من شأنها التأثير علي حركة تداول السهم في بورصة الأوراق المالية ورفع قيمة أسهم الشركة لتحقيق أرباح هائلة دون وجه حق بلغت عشرات الملايين بالمخالفة لكل القوانين المعمول بها في سوق الأوراق المالية‏.‏
تم الحصول علي معلومات وتقارير سرية تثبت هذا التلاعب حيث أسفرت تحريات هيئة الرقابة الإدارية عن قيام رئيس مجلس إدارة شركة كبري بالتلاعب في سعر أسهم الشركة المتداولة ببورصة الأوراق المالية واللجوء إلي تضليل المتعاملين في السوق بغرض رفع القيمة السوقية لأسهم الشركة من خلال إجراءات تعاملات علي الأسهم عن طريق بعض العاملين والمساهمين بالشركة وإيهام السوق بوجود عروض للاستحواذ علي الشركة ومن ثم رفع القيمة السوقية للأسهم‏.‏لكن ماذا جاء في تقرير هيئة الرقابة الإدارية الذي تمت إحالته إلي نيابة الشئون المالية والتجارية التي تباشر التحقيق في القضية وتنتظر تقرير الهيئة العامة للرقابة المالية لاتخاذ إجراءاتها ضد المتورطين فيها‏.‏ جاء في تقرير هيئة الرقابة الإدارية أن الشركة هي شركة مساهمة مصرية تأسست في‏23‏ أبريل من عام‏1986‏ وفقا لأحكام القانون رقم‏159‏ لسنة‏1981‏ برأس مال مصدر ومدفوع زيد أكثر من مرة حتي بلغ‏151‏ مليون جنيه تقريبا بغرض تشييد الوحدات السكنية والشقق الفندقية والقري السياحية ومقرها الرئيسي في منطقة لوران بالإسكندرية ولها فرعان‏.‏وقد أشارت التحريات إلي حدوث ارتفاع غير مبرر في سعر سهم الشركة من سعر‏14.55‏ إلي‏33.12‏ جنيه وأسفر الفحص عن وجود شبهة التلاعب في سعر السهم حيث إن معظم التعاملات تمت بواسطة العاملين في الشركة وذلك بخلاف التعاملات المباشرة بكميات كبيرة لكل من رئيسي مجلس إدارة الشركة وإحدي الشركات المملوكة له والمساهمة برأس مال في الشركة‏,‏ وهو ما أدي إلي التضليل والإضرار بالمتعاملين في السوق من خلال إيهامهم بوجود طلب علي شراء سهم الشركة لتحقيقها أرباحا علي الرغم من أن نتائج أعمالها قد شهدت انخفاضا في صافي الأرباح‏.‏كما أشارت تحريات هيئة الرقابة الإدارية إلي عدة مخالفات رصدتها الرقابة علي التداول ومتابعة السوق ببورصة الأوراق المالية ضد رئيس مجلس إدارة الشركة في الفترة من‏19‏ يناير‏2006‏ إلي‏16‏ يوليو من نفس العام وهي نفس الفترة التي ارتفعت فيها قيمة السهم بشكل غير مبرر‏,‏ وأعدت إدارة الرقابة علي التداول مذكرات بشأن هذه المخالفات وتم إرسالها إلي هيئة الرقابة المالية للتحقيق فيها‏.‏وخلال شهر يناير من عام‏2007‏ ترددت في سوق المال شائعات تفيد وجود عروض من شركات أجنبية للاستحواذ علي حصة كبيرة من أسهم الشركة مما أدي إلي تنشيط التداول علي السهم بصورة طبيعية وقد قامت البورصة بوقف التداول علي أسهم الشركة عقب تردد شائعات تفيد وجود عرض من إحدي الشركات السعودية لشراء عدد‏2‏ مليون سهم بسعر‏58‏ جنيها للسهم وطلبت البورصة من الشركة الإفصاح عن مدي صحة الخبر وقد أفادت الشركة ورود عرض إليها بذلك من شركة أسس التعمير للمقاولات وهي شركة سعودية عن طريق الفاكس إلا أن مجلس إدارة الشركة المنعقد قرر رفض العرض بدعوي أنه لايحقق طموحاتها المستقبلية‏!‏وقد أثار رد الشركة شائعة أخري بالسوق عن أنه تم رفض العرض وجود عرض آخر للاستحواذ علي حصة من أسهم الشركة بمبلغ‏75‏ جنيها مما أدي إلي اندفاع المستثمرين لشراء السهم وارتفاع سعره من‏46.5‏ جنيه في‏17‏ يناير‏2007‏ إلي‏56.99‏ جنيه في‏24‏ من نفس الشهر‏.‏وأشارت هيئة الرقابة الإدارية في مذكرتها إلي أن إدارة الرقابة علي التداول ومتابعة السوق بالبورصة قد أعدت مذكرة بشأن مخالفة رئيس مجلس الإدارة لقواعد حظر تعاملات الداخليين خلال فترة الحظر لتعامله بكميات كبيرة علي أسهم الشركة قبل إفصاحه عن معلومات وبيانات جوهرية عن الشركة تمثلت في دعوة جمعيتها العامة غير العادية للبت في زيادة رأسمالها وتجزئة أسهمها وكذلك قرار مجلس إدارتها برفض عرض الشركة السعودية لشراء عدد مليوني سهم وقد إنتهت بالتنبيه علي رئيس مجلس إدارة الشركة بالالتزام مستقبلا بالقواعد المنظمة لتداول الأوراق المالية‏,‏وفي أعقاب ارتفاع سعر سهم الشركة فقد سارع رئيس مجلس إدارتها إلي بيع كميات كبيرة من الأسهم الخاصة به مما أوجد قناعة لدي السوق بأن عروض الاستحواذ التي سبق الإعلان عنها هي مجرد عروض وهمية الغرض منها رفع السعر حتي يمكن لرئيس مجلس إدارة الشركة تحقيق مكاسب مادية وحاول حائزو الأسهم التخلص منها بالبيع مما أدي إلي انخفاض سعرها إلي‏45.47‏ جنيه دون وجود عروض شراء مما أدي إلي حدوث اضطراب بالسوق وتعددت الشكاوي الواردة لهيئة سوق المال في هذا الصدد‏.‏وبتاريخ‏19‏ فبراير من عام‏2007‏ صدر قرار رئيس هيئة سوق المال بإلغاء عمليات بيع الأسهم الخاصة برئيس مجلس إدارة الشركة بجلستي تداول‏30‏ و‏31‏ يناير‏2007‏ وكذلك العمليات المنفذية بجلسة تداول‏1‏ فبراير‏2007‏ علي أسهم الشركة لعدم التزامه بقواعد الإفصاح وتضليله السوق مع إلزامه بشراء أسهم الشركة المعروضة للبيع بحد أدني مع إلزامه بشراء أسهم الشركة المعروضة للبيع بحد أدني‏46‏ جنيها للسهم وإنهاء كافة الشكاوي المقدمة في هذا الشأنوقد أكدت تحريات هيئة الرقابة الإدارية قيام رئيس مجلس الإدارة بإثارة شائعات تفيد وجود عروض للاستحواذ علي أسهم الشركة لرفع قيمة السهم بصورة مبالغ فيها لاتعبر عن القيمة العادلة للسهم والمسارعه عقب ذلك ببيع أكبر كميات من الأسهم بما يعود عليه بأرباح كبيرة ولاسيما أن العرض الوحيد الذي ادعي وروده للشركة عبارة عن صورة ضوئية منسوبة لشركة أسس التعمير للمقاولات وهي شركة سعودية تم إنشاؤها يوم‏17‏ ديسمبر من عام‏2006‏ أي قبل العرض بحوالي شهر ورأسمالها‏25‏ ألف ريال سعودي ولاتتوافر لديها الإمكانات المادية التي تؤهلها للتقدم بهذا العرض الذي تبلغ قيمته‏116‏ مليون جنيه فضلا عن عدم وجود أية دلائل علي جدية وصحة العرض المقدم‏,‏ كما لايوجد مبرر منطقي لرفض الشركة هذا العرض المغري‏.‏وقد أسفرت التحريات عن وجود مديونية مستحقة علي رئيس مجلس إدارة الشركة لصالح البنك الأهلي فرع أبوالعباس نتيجة حصوله علي تسهيلات ائتمانية وقد اتفق مع البنك علي جدولة المديونية ولم تتوصل التحريات لصحة قيامه بتخفيض مديونياته لدي البنك عن طريق التنازل عن أسهم الشركة للبنك مقابل جانب من المديونية وأشارت المعلومات إلي أن السبب وراء عدم قيامه بذلك هو إرسال الشاكي إسماعيل محمد إسماعيل شكاوي البنك تكشف تلاعب رئيس مجلس الإدارة في سعر أسهم الشركة‏.‏ لكن من هو إسماعيل محمد إسماعيل الذي كشف اللعبة وفضح عملية التلاعب الخطير من قبل الشركة‏.‏التحريات أكدت أن إسماعيل كان ضمن موظفين آخرين مكلفين من قبل رئيس مجلس الإدارة بتنظيم التعاملات التي تتم بأسماء موظفي الشركة علي أسهمها والتي كان الهدف منها التأثير علي أسعار أسهم الشركة بالبورصة وإيهام المتعاملين بوجود عروض شراء وحركة نشطة بالسهم نتيجة جودته وكانت تعاملات الشاكي اسماعيل باسمه وبأسماء موظفين آخرين بموجب توكيلات ومنهم يوسف عبدالصبور خليل وعلي أبوجبل بسيوني يوسف وأولاده القصر عبدالله وعمرو أحمد وكذلك سادانا سفيزي سيرلانكية الجنسية وتعمل إخصائية مساج بقرية بشرم الشيخ وإلينا جروسكايا روسية الجنسية وكانت تعمل بقسم العلاقات العامة بالقريةوقد طلب إسماعيل محمد إسماعيل الاستقالة من العمل بالشركة وعقب ذلك تقدم بعدة شكاوي ضد الشركة ورئيس مجلس إدارتها إلي جهات رسمية متضمنة وجود مخالفات منسوية للشركة ورئيس مجلس الإدارة‏.‏كان لابد من التوصل إلي بطل هذه القصة الذي كشف المستور وأزاح النقاب عن واقعة التلاعب التي قامت بها الشركة في البورصة وهو إسماعيل محمد إسماعيل الشاب البالغ من العمر‏27‏ عاما والمدير التنفيذي السابق للشركة‏,‏ وقد روي تفاصيل الخطط من البداية كما جاءت علي لسانه‏.‏في مارس عام‏2006‏ تسلمت خطابا موجها إلي الشركة من هيئة سوق المال فحواه السؤال عن التغيرات الجوهرية التي طرأت علي أعمال الشركة والتي أدت إلي ارتفاع سعر السهم من‏15‏ جنيها إلي حوالي‏37‏ جنيها‏,‏ ومن الارتباك الذي حدث في الشركة حينها أيقنت أن ماتم تنفيذه من عمليات شراء وبيع للأسهم كانت تتم بصورة غير قانونية وتأكدت أنني مشارك في مخطط لرفع سعر سهم الشركة بطريقة وهمية عن طريق العمليات الصورية والتدليس علي أسعار السهم في البورصةومن ثم تم عقد الجمعية العمومية للشركة حتي يتسني لهم سرعة إتمام الإجراءات لزيادة رأس المال وإتمام المخطط بأكمله قبل انكشافه وكان من شأن هذه العمليات خداع صناديق الاستثمار وصغار المتعاملين وشركات تداول الأوراق المالية وكان الهدف أن يتم سداد جزء من القرض الممنوح من البنك الأهلي المصري للشركة في صورة أسهم يتم منحها إلي البنك بعد هذه الزيادة الصورية‏,‏ فقد سبق للشركة التقدم بطلب قرض بمبلغ‏30‏ مليون جنيه بخلاف القروض الأخري وذلك في شهر أكتوبر من عام‏2005‏ نتيجة الأزمة المالية التي كانت تواجه الشركة في إقامة مشروعاتها الخاصة وهي نفس الفترة التي يقع عليها التزام سداد مديونياتها للبنك الأهلي نتيجة لحصولها علي تسهيلات ائتمانية بمئات الملايينإلا أن البنك رفض طلب الشركة ولذلك قررت إدارة الشركة اتخاذ إجراءات من شأنها رفع قيمة السهم في البورصة بطريقة صورية من‏15‏ جنيها إلي‏46‏ جنيها في أربعة أشهر فقط مما يعود علي الشركة بتحقيق مكاسب هائلة بطريقة غير مشروعة بعد عمليات البيع الواسعة التي قامت بها الشركة في ذلك الحين وهو مايمكن الشركة من منح البنك الأهلي نسبة من أسهمها مقابل المديونية المستحقة عليها إلا أن الصفقة توقفت بعد أن أرسلت شكوي للبنك تتضمن تفاصيل المخطط ورفع سعر السهم بطريقة صورية عقب اكتشافي المخطط وهو مادفعني إلي تحرير محضر بقسم العجوزة أثبتت فيه خلو طرفي وانقطاعي عن العمل وأطالب بأوراقي وقمت بتقديم إستقالتي رسميا عن طريق قلم محضري العجوزةوفي نفس اليوم توجهت إلي مكتب العمل لإثبات شكواي وقد قمت برفع مذكرة مرفقة بمستندات لنيابة الشئون المالية والتجارية بالإسكندرية ضد الشركة في واقعة العملية الصورية لرفع القيمة السوقية لسعر سهم الشركة وتقديم أكثر من‏200‏ مستند يثبت عملية التدليس وقد تم تحويلها إلي هيئة الرقابة علي المال بالقاهرة ومنذ ذلك الوقت تجري الهيئة تحقيقاتها والفحص الفني للمستندات حتي وقتنا هذا‏.‏ويكشف إسماعيل عن مفاجأة هي أن معظم الشركات الكبيرة تنتهج نفس النهج في التلاعب بأسعار أسهمها في البورصة لتحقيق ثروات هائلة دون الالتفاف إلي خسارة صغار المستثمرين المتعاملين فيها‏,‏ فما قامت به الشركة هو حلقة من حلقات المسلسل الصوري لرفع قيمة الأسهم وهو السبب الذي دفعني إلي كشف هذا المخطط الذي يكون ضحيته دائما هم صغار المستثمرين‏.‏وقد طلبت نيابة الشئون المالية والتجارية خلال تحقيقاتها من هيئة سوق المال إعداد تقرير الفحص الفني الخاص بالشكوي المقدمة ضد الشركة وبناء عليه صدر قرار من رئيس الهيئة بتشكيل لجنة خماسية للانتهاء من إعداد التقرير وإرساله للنيابة وعلي ضوء ذلك سوف يتم التصرف في القضية‏.‏الجدير بالذكر أن الشركة طالبت ببيع مليون سهم حزفيه من أسهم الشركة في الفترة من‏1‏ أكتوبر الجاري وحتي نهاية الشهر فهل هي مصادفة أم سددوا الغرامة المالية الموقعة علي الشركة نتيجة عملياتها الصورية والتلاعب في أسعار أسهمها بالبورصة الأيام القادمة سوف تحمل الإجابة عن السؤال؟


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق