ينافسه المجري فرانكشين والصيني شوننجنج
لجان التحكيم في مهرجان كبير بحجم مهرجان كان، لا تبحث عن أفلام جيدة المستوي، فالمفروض أن كل ما يقدم في المسابقة الرسمية يتمتع بمستوي جيد، بشكل ما، ولكن كل لجنة تبحث عن فيلم متميز أو له خصوصية، ويجلب الدهشة والإعجاب، وحتي صباح الاحد الماضي لم يكن فيما شاهدته لجنة التحكيم شيء من هذا، حتي تم عرض فيلم المخرج المكسيكي أليخاندرو جونزاليس أناريتو »جميل« أوBIUTIFUL الذي قلب الموازين، وجعل اعضاء لجنة التحكيم يتنفسون الصعداء، أخيرا فيلم يستحق المناقشة والمداولة، والعنصر الذي اتفق عليه الجميع، أن الممثل الاسباني »خافييه بارديم« شال الفيلم علي كتفيه، وأحدهم أكد »ربما من قبيل المبالغة« أنه شال الدنيا كلها علي كتفيه، وهذا ليس مستغربا علي ممثل بحجم وقيمة »خافييه بارديم« الحاصل علي الاوسكار عن دوره في فيلم »لا وطن لكبار السن« للأخوين كوين، وقبله حصل علي أكثر من عشرين جائزة عن دوره الرائع في الفيلم الاسباني »عاشق البحر« هذا عدا حضوره المذهل في افلام مثل »الحب في زمن الكوليرا« المأخوذ عن رواية لجارسيا ماركيز، أو جويا، أو حتي »فيكي كريستينا برشلونة« للمخرج وودي ألان، إننا أمام ممثل استثنائي، وأعتقد أنه لن ينافسه أحد في هذه الدورة إلا الامريكي »شون بين«، وفيلمه »اللعبة العادلة« الذي لم يعرض حتي الآن، وبالتالي لا نعرف ردود الفعل حوله، ولكنها مجرد توقعات، وربما تدخر الأيام مفاجآت ليست علي البال، وتقفز علي السطح أفلام أخري تثير الدهشة والإعجاب! يقدم خافييه بارديم دورا شديد التعقيد، لرجل عصابات في برشلونة، ورغم تورطه في الجريمة إلا أنه أب يقترب من المثالية، يعشق أولاده ويقضي معهم معظم أوقاته بعيدا عن عالمه الخاص المتوحش، ويتغير حال الرجل عندما يصابا السرطان، ويؤكد له الطبيب أن ما تبقي له من العمر لايزيد علي شهور قليلة، ودون أن يقع الفيلم في بحور الميلودراما، يأخذنا الي عالم أفكار متضاربة تسيطر علي الرجل، مما يجعله يحاول تأمين مستقبل اولاده، ليضمن لهم حياة كريمة ومستقرة من بعده، ولكن هل تسير الامور كما خطط لها؟ المخرج أليخاندرو حيونزالس، الحاصل علي جائزة الإخراج عن فيلمه بابل، يبتعد للمرة الاولي عن كاتب السيناريو »جيليرمو ألياجا« الذي تعاون معه في ثلاثيته الشهيرة »بابل، أموريس بيروس،21 جرام«! ويعتمد علي سيناريو كلاسيكي، مدعم بحبكة شديدة التماسك وشخصيات تم نسجها بمهارة وعذوبة وعمق، وحتي الآن يكاد يكون فيلم »جميل« افضل ما قدمه المهرجان داخل المسابقة، ولاينافسه غير الصيني تشونجينج بلوز للمخرج »وانج إكزاشواي« ويعتمد الفيلم علي قصة لها ظل من الواقع، لرجل يعمل علي ظهر سفينة، يغيب عن الوطن ستة اشهر وعندما يعود، يفاجأ بأن ولده الوحيد قد سقط مقتولا، برصاص رجال الشرطة وأنه كان متورطا في أنشطة غير قانونية، ويحاول الرجل أن يتعرف علي حياة ابنه والاسباب التي أوصلته لهذا المصير، ويقدم بطل الفيلم الذي لعب دور الاب، أداء جيدا، يضعه في الحسبان ولكنه يأتي بالطبع بعد خافييه بارديم، كما تقدم النجمة الشابة »فن بينج بينج« دورا ربما يضعها في بؤرة الضوء خاصة أن الافلام التي عرضت حتي الآن لم تشهد دورا نسائيا يثير الاعجاب، باستثناء الفرنسية جولييت بينوش بطلة فيلم »نسخة طبق الأصل« للمخرج الايراني عباس كياروستامي! وبعيدا عن أفلام المسابقة، قدم المخرج الامريكي وودي ألان كعادته فيلما يحمل اسما غريبا هو »سوف تقابلين شخصا غريبا طويلا وأسمر«!! والعادة التي يحرص عليها وودي ألان أن يكون العرض الاول لافلامه من خلال مهرجان كان السينمائي، وعادته أيضا أن يعرض الفيلم خارج المسابقة، وشهدت دورات المهرجان السابقة عرض افلام »زهرة القاهرة القرمزية«، هانا وشقيقاتها، أيام الراديو، نهاية هوليوود، نقطة تحول، فيكي كريستينا برشلونة، وأخيرا فيلمه سوف تقابلين شخصا.... ألخ، ويجمع الفيلم حشدا من الممثلين ينتمون لأجيال مختلفة أنتوني هوبكنز، وأنطونيو بانداريس، ونعومي واتس، وفريدا بنتو بطلة »مليونير العشوائيات«، وتدور احداثه حول رجل في مرحلة الكهولة يطلق زوجته بعد ما يزيد علي ثلاثين عاما من الزواج المستقر تصاب الزوجة بحالة نفسية سيئة، وتصبح مدمنة في التعامل مع قارئات الكف والفنجان، شغوفة بمعرفة خبايا المستقبل، أما ابنتها نعومي واتس فهي تعاني هي الاخري حالة من الاضطراب في تعاملها مع زوجها، وتخبرها العرافة بأنها سوف تلتقي برجل غريب طويل واسمر »بعد نقطتين«، المخرج وودي ألان، تؤرقه دائما العلاقات الانسانية بين الرجل والمرأة سواء في إطار الزواج، أو خارجه، وهو يؤكد ربما نتيجة تجاربة الشخصية، بأن علاقات الحب لا تدوم للأبد، والحب مهما كان ملتهبا فإنه يمثل فترة في حياة الانسان قد تطول أو تقصر، ولكنها سوف تنتهي حتما، والافضل الا تنتهي بمشاكل أو أزمات!! وودي ألان في حياته الشخصية كان زوجا للممثلة ديانا كيتون، وكان يعتبرها حب عمره وقدما معا مجموعة من الافلام الجميلة، بينها »آني هوول« الذي حصل عنه علي الاوسكار، ولكن سرعان ما تبدد الحب، وانتهت معه علاقة العمل، واستبدلها بالممثلة ميا فارو التي كانت نجمته المفضلة طيلة عشر سنوات، قدما خلالها مجموعة من الافلام المهمة في حياته وحياتها، وذلك قبل أن »يفقعها بمبة« ويتزوج من ابنته بالتبني، »سوون يين بريفين« وينجب منها طفلين وهي مازالت مستقرة معه من عشر سنوات »وربنا يستر«! ومن الافلام التي أثارت اهتمام النقاد »وول ستريت المال لاينام« للمخرج أوليفر ستون وهو من بطولة ماكيل دوجلاس، وشيا لابوف وكاري موليجان، والفيلم تم عرضه خارج المنافسة، وناقش فيه ستوون، مدي توحش وشره بعض رجال الاعمال، الذين لا يتورعون عن الفتك بخصومهم من أجل ان تزيد أرصدتهم في البنوك، كما ناقش الفيلم الازمة الاقتصادية وآثارها علي المواطن الامريكي، خاصة جيل الشباب! المخرج العجوز »مايك لي« قدم داخل المسابقة فيلم »عام آخر«، والغريب في هذا المخرج انه لا يفضل الاعتماد علي سيناريو مكتوب بشكل تقليدي، ولكن يكتب وصفا للشخصيات وتاريخها، وأهم ملامحها، ويترك مساحة كبيرة للارتجال المدروس، يعني في كل مشهد يخبر الممثل بما يجب ان يفعله، والنقطة التي يجب ان يتوقف عندها المشهد، حتي يكون مقدمة للمشهد التالي وهكذا، وطبعا لايترك للمثل فرصة أرتجال الحوار كاملا ولكن يمنحه بعض المفاتيح التي يجب ان يستخدمها في الحوار!! قدم هذا المنهج في فيلمه »أسرار وأكاذيب« الذي حصل عنه علي السعفة الذهبية، وفيلم HAPPY GO LUCKY وفيلمه الأخير »عام آخر«، يقدم الفصول الاربعة التي تمر علي أسرة مكونة من الاب والام والابناء، وتفاصيل الحياة اليومية لتلك الاسرة، لمدة عام! الايام القادمة سوف تشهد عرض فيلم »خارجون علي القانون« للمخرج الجزائري الاصل رشيد بوشارب وهو الفيلم الذي اثار مشكلة مع بداية المهرجان ومن المتوقع ان يثير مشكلة اكبر عند عرضه، وتدور احداث الفيلم بعد الحرب العالمية الثانية، حيث تقوم قوات الاحتلال الفرنسي بعمل مجازر دموية ضد الفدائيين، مما يضطر ثلاثة من الاشقاء للسفر إلي باريس لتنفيذ بعض المهام الفدائية هناك لتكبيد الفرنسيين خسائر جسيمة! الطريف في الموضوع أن الفيلم يشارك في المسابقة بصفته فيلما فرنسيا، أما المخرج إكسافييه بوفوا، فيقدم في المسابقة فيلم رجال وآلهه، الذي تدور احداثه في إحدي دول شمال افريقيا، حيث يعيش مجموعة من الرهبان في إحدي الاديرة، ويتعرضون لهجوم من بعض الجماعات الإسلامية المتطرفة مع بداية التسعينيات، وتنصحهم السلطات بمغادرة البلاد خوفا علي حياتهم ولكنهم يفضلون البقاء ومواجهة الإرهاب! ويحمل الفيلم المجري »شاب رقيق ـ مشروع فرانكشتين« مفاجأة لأعضاء لجنة التحكيم، مخرجه »كورنيل ماندروز« يشارك للمرة الاولي في المهرجان، وفيلمه يحمل قدرا كبيرا من الطموح والاختلاف، البطل شاب مراهق كان يعيش بعيدا عن اسرته في مدرسة خاصة، وعندما يعود يفاجأ بمعاملة يغلب عليها البرود والتجاهل، يحاول ان يتودد لافراد الأسرة، وعندما يفشل في نيل حبهم يقرر ان يقتلهم الواحد تلو الآخر! ويعرض الفيلم في اليوم الاخير من المهرجان مع الفيلم الروسي »الشمس الحارقة 2« للمخرج نيكيتا ميخالكوف، وبعدها يتم إعلان النتائج يوم الأحد الثالث والعشرين من مايو الحالي.
الوفد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق