الخميس، 18 فبراير 2010

غزو مصر بـ مصانع الخردة الأوروبية



استيراد مصانع متهالكة من أوروبا الشرقية وترويجها في السوق المصرية
حذر خبراء ومتخصصون من استيراد مصانع متهالكة انتهي عمرها الافتراضي في بلادها‏,‏ ويتم ضخها الآن بإفراط في السوق المصرية‏,‏ وهو ما يؤدي إلي ضرب الاقتصاد الوطني‏,‏ إضافة إلي المخاطر الصحية والبيئية نظرا لأن معظم هذه المعدات غير آمنة وتخالف قانون البيئة‏.‏
وانتهي أعضاء غرفة الصناعات الهندسية في اجتماع بهذا الخصوص إلي أن الاستمرار في استيراد هذه المعدات‏-‏ التي ينظر إليها في بلادها باعتبارها خردة‏-‏ حجر عثرة أمام التنمية الصناعية المحلية‏,‏ ورفع المهندس مصطفي عبيد رئيس محلس إدارة شعبة معدات المصانع والورش والمعدات الميكانيكية في غرفة الصناعات الهندسية إلي رئيس مجلس الإدارة نبيل فريد حسنين‏,‏ يطالب فيها بإيقاف استيراد أي بضائع مستعملة‏,‏ سواء الآلات والمعدات والأجهزة وقطع الغيار‏,‏ لأن إغراق السوق بهذه المصانع والمعدات المتهالكة بأسعار أقل من الانتاج المحلي تدفع المشتري المصري لشرائها‏,‏ ويترتب علي ذلك تعطيل الاستثمار في صناعة الآلات وتردد المستثمرين في بث استثمارات في هذا القطاع‏.‏
ودعت المذكرة إلي ضرورة حظر استيراد المستعمل في جميع الأصناف‏,‏ وذلك بغرض التجارة والسماح باستيراد خطوط انتاج ومعدات بشروط أن تكون بحالة جيدة وجاهزة للتشغيل بدون أي معوقات‏,‏ وأن تكون آمنة ومطابقة لشروط قانون البيئة‏,‏ وإقرار من الشركة المستوردة بألا يجوز بيعها إلا بعد عشر سنوات‏.‏ونبهت المذكرة إلي أمر آخر يخص الضرائب الجمركية التي تكون أقل بكثير مما يجب‏,‏ ويصعب إثبات حقيقة السعر الحقيقي للمعدات‏,‏ حيث تقدم إلي الجهات الرسمية فواتير غير حقيقية‏,‏ ولا يوجد لدي الجمارك خبراء لتثمين هذه البضائع‏.‏
وطابق الأهرام المسائي هذه التحذيرات علي أرض الواقع‏,‏ في لقاءات مع التجار في قليوب والسبتية‏,‏ ورغم حذرهم في التطرق إلي الآثار السلبية‏-‏ صناعيا وبيئيا واقتصاديا‏-‏ فإن أحدهم‏-‏ وقد رفض ذكر اسمه‏-‏ اعترف بأنه يشتري آلات يتراوح سعرها بين‏100‏ و‏200‏ ألف جنيه‏,‏ في حين لا يقل سعرها في حالتها الجيدة عن أربعة ملايين جنيه‏,‏ كما أن المكبس المستخدم في صناعة الصاج‏-‏ والذي يبلغ سعره‏500‏ ألف جنيه ــ يتم شراؤه تحت بند استعمال خارجي بدون شهادة ضمان لأنه متهالك ورغم هذا يقبل علي شرائه اصحاب المصانع الصغيرة‏.‏وفي منطقة السبتية إنه يحصل علي قطع الآلات الضخمة من تجار كبار في مدينة السلام‏,‏ يشترون قطعا بعضها صالح للاستعمال وبعضها يتم تكهينه وإعادة صهره‏,‏ ويصف هذا المجال بأنه لعبة نصيب الأسد فيها للكبار الذين يشترون هذه المعدات علي أنها خردة ثم يبيعونها للمصانع والشركات‏.‏
وفي حين حذرت غرفة الصناعات الهندسية من استمرار ترك استيراد المستعمل بلا قيود يقول وزير الصناعة الأسبق محمد عبدالوهاب إن المصانع المستخدمة غير مسموح باستيرادها‏.‏
ويري أنه يمكن تجديد هذه المصانع بمعدات من دولة المصدر مع الحصول علي شهادات ضمان‏,‏ لأن عمليات الاستيراد غير المشروعة تؤثر سلبا علي نوعية وجودة المنتجات المصرية‏,‏ مذكرا بأنه كان هناك قرار وزاري في فترة سابقة يفوض لجانا متخصصة بالموافقة علي استيراد هذه المصانع وعدم الحصول علي الإفراج الجمركي إلا من خلال هذه اللجان‏.‏
ويقول وزير الاقتصاد الأسبق سلطان أبوعلي إن القانون يمنع استيراد الآلات المتهالكة أو التي تشكل خطورة‏,‏ وقبل استيراد أي آلة يجب تقديم تقرير فني قبل دخولها يؤكد أنها غير مستخدمة في بلد المنشأ‏.‏
ونبه نبيل الشيمي وكيل وزارة التجارة إلي أن المصانع الأوروبية تجدد نفسها وتستبدل بآلاتها القديمة آلات جديدة موفرة للطاقة أو تعمل بالطاقة البديلة وتراعي الظروف البيئية‏,‏ وتكثر هذه المصانع في دول أوروبا الشرقية التي لم تكن متقدمة صناعيا مثل أوروبا الغربية لكنها تحاول الآن تجديد نفسها بمساعدة الاتحاد الأوروبي‏,‏ وبيع مصانعها التي تحتاج إلي طاقة كبيرة ونظم إنتاج أكثر تخلفا‏.‏
وتري الدكتورة يمن الحماقي رئيسة قسم الاقتصاد بكلية التجارة بجامعة عين شمس ووكيلة اللجنة الاقتصادية بمجلس الشوري أن هذه المصانع المستخدمة أصبحت كابوس الصناعة المحلية وتساءلت عن طرق دخولها‏:‏ هل بعلم المسئولين أم بالتحايل علي القانون؟
ويقول جلال الزوربا رئيس اتحاد الصناعات المصرية إن تهالك هذه الآلات بسبب رداءة بعض المنتجات المصرية وأصحاب المصانع يدركون جيدا مدي خطورة هذا الأمر‏.‏لكنهم يتصرفون بمنطق الشطارة والفهلوة التي تؤدي إلي أن يفقد المنتج المحلي قدرته التنافسية في الأسواق العالمية‏.‏

الاهرام المسائي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق