استيراد مصانع متهالكة من أوروبا الشرقية وترويجها في السوق المصرية
حذر خبراء ومتخصصون من استيراد مصانع متهالكة انتهي عمرها الافتراضي في بلادها, ويتم ضخها الآن بإفراط في السوق المصرية, وهو ما يؤدي إلي ضرب الاقتصاد الوطني, إضافة إلي المخاطر الصحية والبيئية نظرا لأن معظم هذه المعدات غير آمنة وتخالف قانون البيئة.
وانتهي أعضاء غرفة الصناعات الهندسية في اجتماع بهذا الخصوص إلي أن الاستمرار في استيراد هذه المعدات- التي ينظر إليها في بلادها باعتبارها خردة- حجر عثرة أمام التنمية الصناعية المحلية, ورفع المهندس مصطفي عبيد رئيس محلس إدارة شعبة معدات المصانع والورش والمعدات الميكانيكية في غرفة الصناعات الهندسية إلي رئيس مجلس الإدارة نبيل فريد حسنين, يطالب فيها بإيقاف استيراد أي بضائع مستعملة, سواء الآلات والمعدات والأجهزة وقطع الغيار, لأن إغراق السوق بهذه المصانع والمعدات المتهالكة بأسعار أقل من الانتاج المحلي تدفع المشتري المصري لشرائها, ويترتب علي ذلك تعطيل الاستثمار في صناعة الآلات وتردد المستثمرين في بث استثمارات في هذا القطاع.
ودعت المذكرة إلي ضرورة حظر استيراد المستعمل في جميع الأصناف, وذلك بغرض التجارة والسماح باستيراد خطوط انتاج ومعدات بشروط أن تكون بحالة جيدة وجاهزة للتشغيل بدون أي معوقات, وأن تكون آمنة ومطابقة لشروط قانون البيئة, وإقرار من الشركة المستوردة بألا يجوز بيعها إلا بعد عشر سنوات.ونبهت المذكرة إلي أمر آخر يخص الضرائب الجمركية التي تكون أقل بكثير مما يجب, ويصعب إثبات حقيقة السعر الحقيقي للمعدات, حيث تقدم إلي الجهات الرسمية فواتير غير حقيقية, ولا يوجد لدي الجمارك خبراء لتثمين هذه البضائع.
وطابق الأهرام المسائي هذه التحذيرات علي أرض الواقع, في لقاءات مع التجار في قليوب والسبتية, ورغم حذرهم في التطرق إلي الآثار السلبية- صناعيا وبيئيا واقتصاديا- فإن أحدهم- وقد رفض ذكر اسمه- اعترف بأنه يشتري آلات يتراوح سعرها بين100 و200 ألف جنيه, في حين لا يقل سعرها في حالتها الجيدة عن أربعة ملايين جنيه, كما أن المكبس المستخدم في صناعة الصاج- والذي يبلغ سعره500 ألف جنيه ــ يتم شراؤه تحت بند استعمال خارجي بدون شهادة ضمان لأنه متهالك ورغم هذا يقبل علي شرائه اصحاب المصانع الصغيرة.وفي منطقة السبتية إنه يحصل علي قطع الآلات الضخمة من تجار كبار في مدينة السلام, يشترون قطعا بعضها صالح للاستعمال وبعضها يتم تكهينه وإعادة صهره, ويصف هذا المجال بأنه لعبة نصيب الأسد فيها للكبار الذين يشترون هذه المعدات علي أنها خردة ثم يبيعونها للمصانع والشركات.
وفي حين حذرت غرفة الصناعات الهندسية من استمرار ترك استيراد المستعمل بلا قيود يقول وزير الصناعة الأسبق محمد عبدالوهاب إن المصانع المستخدمة غير مسموح باستيرادها.
ويري أنه يمكن تجديد هذه المصانع بمعدات من دولة المصدر مع الحصول علي شهادات ضمان, لأن عمليات الاستيراد غير المشروعة تؤثر سلبا علي نوعية وجودة المنتجات المصرية, مذكرا بأنه كان هناك قرار وزاري في فترة سابقة يفوض لجانا متخصصة بالموافقة علي استيراد هذه المصانع وعدم الحصول علي الإفراج الجمركي إلا من خلال هذه اللجان.
ويقول وزير الاقتصاد الأسبق سلطان أبوعلي إن القانون يمنع استيراد الآلات المتهالكة أو التي تشكل خطورة, وقبل استيراد أي آلة يجب تقديم تقرير فني قبل دخولها يؤكد أنها غير مستخدمة في بلد المنشأ.
ونبه نبيل الشيمي وكيل وزارة التجارة إلي أن المصانع الأوروبية تجدد نفسها وتستبدل بآلاتها القديمة آلات جديدة موفرة للطاقة أو تعمل بالطاقة البديلة وتراعي الظروف البيئية, وتكثر هذه المصانع في دول أوروبا الشرقية التي لم تكن متقدمة صناعيا مثل أوروبا الغربية لكنها تحاول الآن تجديد نفسها بمساعدة الاتحاد الأوروبي, وبيع مصانعها التي تحتاج إلي طاقة كبيرة ونظم إنتاج أكثر تخلفا.
وتري الدكتورة يمن الحماقي رئيسة قسم الاقتصاد بكلية التجارة بجامعة عين شمس ووكيلة اللجنة الاقتصادية بمجلس الشوري أن هذه المصانع المستخدمة أصبحت كابوس الصناعة المحلية وتساءلت عن طرق دخولها: هل بعلم المسئولين أم بالتحايل علي القانون؟
ويقول جلال الزوربا رئيس اتحاد الصناعات المصرية إن تهالك هذه الآلات بسبب رداءة بعض المنتجات المصرية وأصحاب المصانع يدركون جيدا مدي خطورة هذا الأمر.لكنهم يتصرفون بمنطق الشطارة والفهلوة التي تؤدي إلي أن يفقد المنتج المحلي قدرته التنافسية في الأسواق العالمية.
الاهرام المسائي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق