فى الثالثة عصر اليوم، يصل مطار القاهرة الدكتور محمد البرادعى، المدير السابق لوكالة الطاقة الذرية، فيما شكلت قوى سياسية لجاناً لاستقباله، تضم أعداداً كبيرة من الناشطين الشباب، ونحو ٦٥ من الشخصيات السياسية والإعلامية، وأعلنت مصادر أمنية عن إجراءات أمنية لمنع أى تجمعات أمام المطار باعتباره منطقة حساسة.
تضم قائمة المستقبلين حمدى قنديل والدكتور حسن نافعة وإبراهيم عيسى وعلاء الأسوانى وجورج إسحق وبلال فضل والمخرج خالد يوسف، ومحمد عبدالقدوس، ممثلاً عن جماعة الإخوان المسلمين، إضافة إلى ممثلين عن حركتى «كفاية» و«٦ أبريل»، وحملة «البرادعى رئيساً لمصر فى ٢٠١١».
فى المقابل، دعا شباب من الحزب الوطنى إلى تنظيم تظاهرة سلمية مضادة أمام المطار تحت شعار «لا للبرادعى رئيساً للجمهورية»، وقال مصدر أمنى لـ«المصرى اليوم»: منطقة المطار مكان حساس للغاية، وحال حدوث تجمعات ستتعامل معها الأجهزة الأمنية وفقاً لإجراءاتها المعتادة، لمنع الخروج على الشرعية والمساس بأمن المناطق الحيوية.
وأعلنت حركة «٦ أبريل» أنها أرسلت خطاباً إلكترونياً إلى البرادعى لمطالبته بعقد مؤتمر صحفى فور وصوله إلى مطار القاهرة، يعلن خلاله مطالبه بتعديل الدستور ودعوة القوى السياسية إلى العمل لإجبار النظام على تنفيذ إصلاحات قبل انتخابات مجلس الشعب، وأصدرت حركة «كفاية» بياناً تدعو فيه البرادعى إلى حوار صريح،.
وكشف مسؤولو حملة «البرادعى رئيساً لمصر» أن وفوداً من ١٣ محافظة تضم ٤٠٠ فرد سيكونون فى استقبال البرادعى سيتم تنظيمهم فى صفوف على جانبى الطريق.
فى سياق متصل، أمرت نيابة شمال الجيزة الكلية بإخلاء سبيل أحمد ماهر وعمرو إبراهيم على، القياديين بحركة «٦ أبريل» بكفالة قدرها ٢٠٠ جنيه، بعد أن نسبت إليهما اتهامات بنشر وتوزيع منشورات تحريضية ضد النظام والدستور.
البرادعى» يصل القاهرة اليوم.. ومصادر أمنية تطالب مستقبليه بعدم الخروج عن الشرعية أو الإشارة لـ«انتخابات الرئاسة»
يصل الدكتور محمد البرادعى، رئيس هيئة الطاقة الذرية السابق، إلى القاهرة فى الثالثة عصراً، ومن المرجح أن يخرج من مبنى الركاب رقم ٣، فيما دعت الحملة الشعبية المستقلة لدعم وترشيح البرادعى لرئاسة الجمهورية، جميع المواطنين «الشرفاء» - على حد وصفها - إلى الخروج فى استقبال حاشد له، كما عبرت مجموعة من شباب الحزب الوطنى عبر موقع الـ«فيس بوك» عن رفضها ترشيح البرادعى رئيساً للجمهورية، عن طريق جروب تحت شعار «لا للبرادعى رئيساً للجمهورية».
فى السياق نفسه، نفت مصادر أمنية وجود أى استعدادات أمنية لوصول البرادعى، مؤكدة أنه مواطن عادى، ولم تطلب أى جهة استقباله بشخص خاص، كما حدث مع زويل فى زيارته الأخيرة إلى القاهرة، عندما طلبت السفارة الأمريكية استقبالاً خاصاً له بصفته مبعوثاً للرئيس الأمريكى وهو ما لم يحدث مع البرادعى.
ودعا جروب «لا للبرادعى»، الذى قام بتأسيسه مجموعة من شباب الحزب الوطنى، جميع أبناء مصر، الذين وصفهم الجروب بـ«المخلصين»، للمشاركة فى تنظيم مظاهرة سلمية الجمعة المقبل، أمام مطار القاهرة ضد استقبال البرادعى، تحت شعار «لا للبرادعى رئيساً للجمهورية» و«مش عايزينك ريس لينا».
وأشار أعضاء الجروب إلى ضرورة الحفاظ على استقرار مصر وأمنها القومى والدفاع عنها ضد التيارات المشبوهة، التى تعبث بها - على حد وصفهم.
وقالت مصادر أمنية رفيعة المستوى: «إن أجهزة الأمن تتعامل مع وصول البرادعى باعتباره مواطناً عادياً، وأن منطقة المطار مكان حساس للغاية، والإجراءات الأمنية تتم وفقاً لإجراءات وتعليمات ولوائح، وأنه وارد أن تكون هناك تجمعات بناءً على دعوة بعض المنظمات والجهات، وهو ما ستقوم الأجهزة الأمنية بالتعامل معه، وفقاً لإجراءاتها، لمنع الخروج على الشرعية والمساس بأمن المناطق الحيوية مثل المطار.
وأضافت المصادر - التى طلبت عدم نشر اسمائها - أن أجهزة الأمن لم تتلق أى طلبات من جهات رسمية فى مصر، بضرورة استقبال خاص له وأن تأمينه سيكون كأى مواطن عادى يعيش على أرض مصر، إلا أنها تتعامل معه باعتباره عالماً مصرياً يحظى بالتقدير، ونصحت المستقبلين بعدم القفز على الدستور والقانون أو الإشارة إلى إمكانية خوضه معركة الرئاسة.
وأوضحت أن سلطات مطار القاهرة تتخذ الإجراءات العادية والخدمات اللازمة كأى يوم عادى، وتقوم جميع الأجهزة الأمنية، من أمن الدولة والأمن العام، بفحص المترددين لاحتمال وجود مشتبه بهم، أو هاربين من أحكام قضائية، أو مطلوبين لأى جهة أمنية، وعن اصطحاب البرادعى حرساً خاصاً معه، نفت المصادر الأمنية علمها بذلك، مؤكدة السماح لهم بالدخول فى حالة وصولهم، إلا أن أجهزة الأمن توفر الحماية لجميع من يعيشون على أرض مصر، مؤكدة أنه لن يكون هناك موكب للبرادعى، لأنه لا توجد أى جهة طلبت ذلك، ولا توجد رحلة تأمين خاصة كما يحدث فى الزيارات الرسمية.
وقال شهود عيان لـ«المصرى اليوم» إن مناطق المحور والزمالك وميدان لبنان تعيش حالة من الشلل المرورى منذ أمس الأول بعد أن فرضت قوات الأمن كردوناً على منطقة العجوزة ومنعت المواطنين والسيارات من المرور، أثناء قيامها بإزالة الشعارات من على الجدران، تحت إشراف عدة قيادات أمنية.
ظاهرة البرادعى: هل من مرشح رئاسى؟!
جدد الإعلان عن عودة د. محمد البرادعى إلى القاهرة اليوم الجدل حول «معركة» الانتخابات الرئاسية المقبلة بعد أن استأثرت «معارك» كروية بالقسم الأعظم من الاهتمام العام لعدة أسابيع.
عاد اسم البرادعى مجدداً إلى الإعلام عبر تحرك مجموعات من أنصاره لتنظيم استقباله ومحاولة تحويله إلى حدث سياسى بارز بعد أن خفتت الأضواء حوله على مدى أكثر من شهر. فكان آخر حضور إعلامى قوى للبرادعى عبر ترديد اسمه فى المظاهرة التى نظمتها حركة «كفاية» فى ديسمبر الماضى فى ذكرى مرور ٥ سنوات على انطلاقها.
وهذه مفارقة تستحق التأمل. فالحركة، التى استهدفت تغييراً من خلال تحريك الحياة السياسية وإطلاق تفاعلات داخلية أكثر حيوية، انتهت إلى الرهان على مرشح للرئاسة لم يكن موجوداً فى مصر عند تأسيسها ولم يمارس عملاً سياسيا مباشراً أو غير مباشر من قبل. فالفرق بين «كفاية» اليوم وما كانت عليه فى ٢٠٠٤ يلخص المسافة التى تبدو بعيدة بين لحظتين تعتبران قريبتين زمنياً.
كان الأمل فى ٢٠٠٤ - ٢٠٠٥ كبيراً فى إصلاح يفتح الباب أمام مشاركة سياسية متزايدة، ويخلق الأجواء التى يظهر فيها مرشحون للرئاسة بشكل طبيعى، أى من خلال تفاعلات نرى مثلها فى كثير من بلاد العالم الآن. غير أن الأمر انتهى إلى محاولة «صنع» مرشح للرئاسة بطريقة غير طبيعية وبمنأى عن التفاعلات السياسية والحزبية التى ظلت على حالها وتراجعت الحيوية المحدودة التى ظهرت فى العام ٢٠٠٥.
والمشكلة، هنا، ليست فى شخص البرادعى الذى قدم نموذجا راقياً فى الأداء المهنى خلال توليه مسؤولية الوكالة الدولية للطاقة الذرية فى فترة عواصف عاتية، فقد نجح فى اجتياز اختبار بالغ الصعوبة فى العراق عشية الغزو الأمريكى، كما صمد فى اختبار أكثر صعوبة وتعقيداً فيما يتعلق بالبرنامج النووى الإيرانى، بالرغم من قوة الضغوط الأمريكية، وانتصر على الولايات المتحدة فى معركة تجديد قيادته للوكالة الذرية قبل ٤ سنوات.
فقد سعت واشنطن إلى إحباط تجديد ولايته، ولكنها فشلت فى تغيير موقف ٣٤ دولة أصرت على هذا التجديد، غير أن نجاح البرادعى فى قيادة منظمة دولية لا يعنى أنه يستطيع خوض انتخابات لقيادة بلده، ولا صلة لذلك باتهامه بافتقاد الخبرة السياسية الداخلية، فهو لا يتقدم لشغل وظيفة، وإنما يمارس عملاً عاماً لا مؤهل له إلا القدرة على إقناع الناخبين بجدارته.
وهذا هو ما ينقص البرادعى لأنه ليس معروفاً لدى أغلبية المصريين، بالرغم من شهرته فى أوساط النخب السياسية والثقافية وقطاع من الجمهور يُعنى بالقضايا الإقليمية والدولية.
ولذلك ما كان لاسم البرادعى أن يبرز مرشحاً للرئاسة لو أن الأمل الذى داعبنا فى ٢٠٠٤ - ٢٠٠٥ تحقق فأصبحت الساحة السياسية أكثر حيوية فى ظل تفاعلات داخلية طبيعية تنشط فيها الأحزاب والمنظمات والشخصيات العامة، فيظهر المرشحون من قلب هذه الساحة وليس من خارجها.
ففى غياب حياة نشطة، أصبح البرادعى مرشحاً رمزياً وليس حقيقياً، وكان ظهوره نتيجة للفراغ السياسى وليس سعياً إلى ملء هذا الفراغ فعلياً، وتجسيداً لأزمة ممتدة على مدى عقود ظل التنافس الحر محظوراً فيها، والأحزاب مقيدة وتائهة لا تعرف لها طريقاً على نحو أفقدها المقومات الأساسية للحضور الفاعل.
وهكذا فعندما أجريت أول انتخابات رئاسية بين أكثر من مرشح عام ٢٠٠٥، لم تشهد منافسة حقيقية رغم وجود عشرة مرشحين. وباستثناء حضور ظرفى تميز به أحد هؤلاء المرشحين فى بعض أوساط المجتمع، بدت تلك الانتخابات كما لو أنها استفتاء آخر بصورة مختلفة، وكان هذا الحضور تجسيداً للأزمة، بل ربما أيضا تكريس لها، وليس مخرجاً منها.
وكانت هذه بداية انشغال بعض المصريين بالبحث عن مرشح بمنأى عن الأحزاب، وبعيداً عن معطيات الواقع السياسى، وبدا المعيار الأساسى فى هذا البحث هو «نجومية» الشخص الذى يمكن ترشيحه.
وما أن عبر البرادعى فى أواخر ٢٠٠٨، فى مقابلة مع محطة تليفزيونية أجنبية، عن قلقه من تراجع الأوضاع فى مصر منتقداً بعض الظواهر السلبية حتى تلقف بعض الباحثين عن مرشح رئاسى اسمه. وكان السبق فى ذلك لبعض شباب حزب الوفد الذين كانوا هم أول المروجين لترشيحه فى دلالة لا تخطئ على مدى عمق أزمة الأحزاب. ولم تمض أشهر حتى توسع نطاق أنصار البرادعى فى أوساط مختلفة، ولكنها تبقى نخبوية ومحصورة - إلا قليلا - فى قشرة رقيقة تطفو على سطح المجتمع الذى لا تعرف معظم فئاته ما يحدث على هذا السطح.
ولذلك كله، يبدو البرادعى العائد إلى الوطن اليوم «مرشحا» مصنوعاً، ومعبراً عن مدى عمق مشكلة التطور السياسى التى أصبح عنوانها هذه المرة هو البحث عن مرشح رئاسى!
المصري اليوم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق