الأربعاء، 21 أكتوبر 2009

عنف النواب .. ظاهرة أم سلوك فردي شاذ؟


اقتحامات واعتداءات واشتباكات بالأيدي


سلوكيات غير مقبولة تصدر عن بعض ممثلي الشعب تحت قبة البرلمان وخارجه، نائب يقتحم قسم شرطة في قنا ويتعدى على رجال الأمن، وآخر يقتحم مدرسة في شبرا ويثير الرعب بين التلاميذ بحجة التفتيش على النظافة، ونواب يتهمون في قضايا مخلة بالآداب، ونائب يرفع الحذاء داخل المجلس، وتبادل للشتائم وأحيانا الاشتباك بالأيدي تحت القبة، وغيرها من تصرفات عنف غير لائقة ومتكررة من سياسيين من المفترض أنهم قدوة للآخرين في معاملاتهم، فهل اعتاد النواب هذا النهج؟ أم احتماء بالحصانة أم هو فشل للغة الحوار؟برلمانيون من أعضاء مجلسي الشعب والشورى قالوا إن عنف النواب لم يرتق إلى حد الظاهرة وإنما هي وقائع فردية من قبيل "الشاذ الذي يثبت القاعدة".


تخليص حسابات رجب معوض حجازي عضو مجلس الشعب قال إنه من غير المنطقي أن يكون عضو البرلمان أداة للضغط لأي جهة حكومية أو غير حكومية، معتبرا أنها تحدث لعدد لا يذكر من أعضاء البرلمان وربما لظروف خارجة عن إرادته.


وأضاف أن موقف النائب محمد المندور – اقتحام قسم الشرطة بقنا - ربما يكون نتيجة استفزاز من جهاز الشرطة ما جعلة يقوم بما فعله بدون وعي، فضلا عن تخليص الحسابات القديمة خاصة أن العملية الانتخابية لا تمر إلا بمضايقات ومشاكل.


بينما اعتبر الدكتور فاروق إسماعيل رئيس لجنة التعليم بمجلس الشورى أن القضايا الخاصة بخروج النواب من مقتضيات اللياقة الوظيفية كأعضاء البرلمان المصري كان موجود على مدى زمن وفقا للحريات المضمونة للبرلمانيين دستوريا من خلال الحصانة، إلا أن البعض يستخدمها بشكل خاطئ فيتصور أنه بهذه الحصانة يستطيع أن يرتكب ما يشاء دون حساب أو عقاب من أحد.

من جانبه، قال الدكتور إسماعيل الدفتارعضو مجلس الشورى إن على من يعمل في المجال العام أن يكون قدوة لغيره من الناس في كل الأحوال ولا يترك الأمر للغوغائية بلا ضوابط، مضيفا أن لجوء البعض إلى العنف من شأنه إشاعة الفوضى وإهدار الطاقة العملية وإضاعة الوقت وإزكاء روح الانتقام.
اتجاه عام نحو العنف
إسماعيل عطوان عضو مجلس الشعب وعضو لجنة حقوق الإنسان قال إن هذه الظاهرة غير مقبولة إطلاقا لأننا لا نقبلها من الأفراد العاديين فما بالك بالبرلمانيين، فالعنف سلوك غير مقبول من أحد مهما كان.


وأضاف أن الشعب المصري متجة - للأسف الشديد - إلى لغة العنف وليس إلى لغة الحوار، وهذا مانراه كل يوم في الشارع وفي وسائل المواصلات، فضلا عن الحالات التي نشاهدها في وسائل الإعلام المختلفة سواء المقروءة أو المسموعة أو المرئية.


بينما أكد الدكتور نبيل لوقا بباوي وكيل لجنة الإعلام بمجلس الشورى أن خروج النواب عن السلوك اللائق حوادث فردية وليست ظاهرة عامة، ولا يوجد نائب فوق القانون فأي برلماني يسلك تصرفا غير سوي ترفع عنه الحصانة ويقدم للمحاكمة الجنائية مثله مثل أي شخص، مشيرا إلى أن الحصانة تعني حرية التعبير تحت القبة وليس شيئا آخر.
وأضاف أنه خلال الدورة البرلمانية السابقة لم تحدث سوى واقعتين أو 3 نتيجة الضغط العصبي أو لتصرف سيئ من النائب، مشددا على أن عنف النواب ومخالفاتهم ليست ظاهرة ولا يجب تضخيمها.
مشغولون بالخدمات الشخصية
الدكتور ثروث باسيلي عضو مجلس الشورى قال إن ظاهرة العنف هي من الوسائل المنبوذة تماما في التعاملات العادية ولذلك فهي بالأحرى منبوذة تماما في تعاملات من يمثلون القانون لأنه من المفترض أن يكونوا أكثر علما وهدوءا في التصرف، ولذلك فإن الجزاء الذي يجب أن يوقعه عليه أحد المجالس النيابية نتيجة عنفه يجب أن يكون حازما وحاسما.
وأضاف أن أعضاء المجالس النيابية في مصر لا يسلكون العنف وإنما يتمسكون بالقانون والمنطق أما ما حدث من وقائع فهي الشاذ الذي يثبت القاعدة، ولا يمكن لأحد الدفاع عن أي من أعضاء المجالس النيابية نتيجة ثبوت تصرفه غير اللائق بأي شكل من الأشكال.

أما أمين مبارك محمد مبارك رئيس لجنة الصناعة والطاقة بمجلس الشعب سابقا فقال إن النائب الذي يستخدم قوته وعضلاتة في الغالب هو تصرف شخصي ولاينطبق على جميع النواب.

وأضاف أن بعض النواب يصرفون مبالغ كبيرة أثناء الحملة الانتخابية ويريدون أن يسترجعوا هذه المبالغ بطريقة أو بأخرى، وهذا قد يترتب عليه استخدام القوة والطرق غير السليمة وغير المشروعة لكن ليست ظاهرة عامة، مطالبا بمحاسبة من يخطئ.

وأشار إلى أن البرلمان المصري يختلف في طبيعته عن غيره من برلمانيات العالم حيث يضم الأول في عضويته 50% عمال وفلاحين، كما أن دور النواب في الخارج هو التشريع ومراقبة الحكومة فقط بينما في مصر ينشغل النائب بالخدمات الشخصية والمحلية.
بينما اعتبر الدكتور صالح هاشم الشيمي رئيس لجنة الشئون الصحية والسكان بمجلس الشورى أن النائب الذي يعتقد أن الحصانة تحميه ويتخذها مدخلا للتجاوز فلا يصح أن يكون نائبا على الإطلاق.
وأضاف في الوقت نفسه أنه من الضروري التأكد من التجاوزات التي يشاع ارتكابها من قبل أي من النواب لأنه قد تكون دعاوى كيدية من بعض الأعداء إثر الانتخابات السابقة، منتقدا وسائل الإعلام التي تضخم الحالات الفردية التي لا تتعدى أصابع اليد الواحدة –على حد قوله –

الزهو والتميز
الدكتورة عالية المهدي عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة قالت إن هذه الحالات زادت في الفترة الأخيرة، والسبب الرئيسي في ذلك هو زهو النائب بمكانته وإحساسه بالتميز وبأنه شخص لا يسأل من أحد، بالإضافة إلى رغبته في إثبات الذات على الآخرين من خلال توليفة محتمية بما يسمى بالحصانة البرلمانية.
وللحد من هذا السلوك، طالبت المهدي بالحزم والحسم والعقاب الشديد للنواب المرتكبين لأي من التجاوزات التى نراها من تعد على بعض الجهات في الدولة أو الإتيان بأفعال مخالفة للقانون وكل تصرف مقبول على الأصعدة كافة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق