قدمنا ما علينا ولم نقصر.. لكن علينا أن نكون أكثر هدوءا واحترافا
كانت لخروج المنتخب المصري من نهائيات كأس العالم بجنوب إفريقيا صدمة وقعت علي الشعب المصري, ولم يكن السبب في ذلك الجوانب الفنية فقط وإنما كان هناك شحن إعلامي من الجانب الجزائري للجمهور لهذه المباراة بدأ مع قرعة التصفيات وزادت من حدتها مع المباراة الأولي في الجزائر حتي وصلت إلي ذروتها في مباراة الفريقين بالقاهرة, ولم يكن الإعلام المصري الحمل الوديع في هذه المعركة وإنما شارك فيها أيضا خاصة بعد مباراة القاهرة بالمبالغة في الأفراح حتي وصل الجمهور المصري إلي فكرة عدم تقبل الخروج من النهائيات, ولكن هل تسرب هذا الشعور أيضا إلي اللاعبين؟يقول الإعلامي أحمد شوبير: نحن لسنا بلد إثارة أو تهييج ولكن بلد محترم وله قيادة محترمة وإعلام محترم ولا يمكن أن ننساق خلف مجموعة أطفال لأنها أعمال صبيانية وإذا عاد بنا الزمن مرة أخري سوف نكرر ما فعلناه لأننا مصريون وهذا قدرنا والدليل علي ذلك أن هناك كثيراس من الدول يقوم اعلامها بشد التوتر والعلاقات ولكننا لا نرد لأننا أكبر من هذه الصغائر; ثانيا كانت المبادرات علي كل المستويات في مصر لأن لدينا أبعادا كثيرة منها الاجتماعي والسياسي والاقتصادي فلا نستطيع أن نقطع عيش أحد بسبب مباراة كرة ثالثا الشحن الإعلامي قد يسبب توتر اللاعبين بالتأكيد بدليل التنبيه علي اللاعبين بترك تليفوناتهم المحمولة والكمبيوتر الشخصي و عدم الالتفات للإعلام حتي تتوفر الأجواء المناسبة للفوز والانتصار في المباراة; رابعا الأفراح المبالغ فيها إعلاميا وجماهيريا بعد مباراة القاهرة كنت مستاء جدا منها وعبرت عن ذلك أثناء البث المشترك في يوم المباراة وكان يجب علي الإعلام أن يكون أكثر هدوءا واحترافا في التعامل مع المباراة لأن ما حدث كان إعلام هواة.ويضيف: الإعلام كله لأول مرة منذ سنوات طويلة باختلاف وجهات النظر قدم ما عليه وأكثر ولم يقصر في مساندة المنتخب وتهدئة الأجواء واعتقد أن خروجنا من المونديال لا دخل له بالإعلام تماما.الدكتورة هالة منصور( علم اجتماع) قالت:التعامل مع المباراة كان من البداية للنهاية خطأ لأنه أحدث نوعا من الشحن الاعلامي لمصر والجزائر فطبيعة الشعب المصري عاطفية وانفعالية ويحب بلده ومتحضر أما الشعب الجزائري فتميز بالعنف والغضب والهمجية والشحن الاعلامي يعتبر أسلوبا غير سوي في التشجيع لأن الاعلام صور المباراة وكأنها شيء أكبر من الكرة وهو الحرب وتضخيم الصورة جعل المجتمع يأخذ الموضوع شبيه بالمساءلة القانونية والقومية سواء كان الشخص كرويا أم لا والمشكلة الأكبر من الشحن الاعلامي وهي عدم التفكير جيدا في اختيار مكان المباراة كان يجب اختيار مكان قوي عنده وعي وأمن وحراسة وتفكير في كيفية السيطرة علي أي سوء ممكن يحدث في المباراة لأن شعب السودان طيب لا يقدر علي حماية نفسه فكيف يحمي المصريين وفي النهاية أقول ان المباراة كانت تحتاج لدراسة ووعي وتدقيق حتي لا تحدث أخطاء.الدكتور صفوت العالم( أستاذ الاعلام السياسي بجامعة القاهرة) قال: الخسائر التي حدثت في المباراة كانت لها أسباب كثيرة أدت إلي ذلك أولا التناول الاعلامي تناول المباراة من جانب واحد وهو جانب الفوز ولم نضع في الاعتبار جانب الخسارة أو التعادل.ثانيا الحملات الاعلامية دائما تقفز علي عربة الفوز وربطنا نتيجة المباراة بدعوات المشجعين بأن الناس تعاملت مع الفوز وكأنه حقيقة مؤكدة و الاعلام عمل تأشيرات ضاغطة علي ذلك. وثالثا تصريحات المسئولين لا تضع أي اعتبار للفريق الاخر وهذا عمل خلق نوعا من الاستفزاز وخلق عداء بين الشعبين( مصر ـ الجزائر) ونحن عندنا نوع من النرجسية بالفوز والاعلام القائم علي الاستهلاك المحلي والمبالغة لا يسمي إعلاما.ويقول الناقد الرياضي حسن المستكاوي: كان هناك نوعان من الإعلام في مصر إعلام ينساق خلف تفاهات الجزائريين وإعلام كان يقوم بالتهدئة; وقد كتبت عن هذا الموضوع وتوقعت ما يحدث الان وقلت: إنهم شياطين التعصب بالرغم من أننا قمنا بالتهدئة ولم ننشر ما يكتبونه في صحفهم حتي انتهاء مباراة القاهرة لكي لا تتكرر مأساة زيمبابوي وبعد المباراة توقفت عن المبادرة لأنني اكتشفت أن الجزائريين يضحكون علينا ويقولون لنا ما لا يفعلون وكأننا لا نقرأ صحفهم. وعن تعامل الإعلام المصري مع المباراة الفاصلة وكأننا صعدنا يقول:ما حدث من الإعلام المصري خاصة الإعلام المرئي بعد مباراة القاهرة كارثة وليس لها علاقة بالرياضة لأنها أفعال سطحية ليس لها علاقة بالاحترافية وكأنه فرح العمدة واشترك معهم في هذه الجريمة الجمهور الذي أفرط كثيرا في الأفراح بعكس الجزائريين الذين كانوا أكثر تركيزا منا; أما الصحافة فقامت بدور بطولي لم تقم به من قبل في علاقتها مع المنتخب; في الوقت الذي مارست فيه الصحافة الجزائرية أسوأ وأقذر سلوك مهني في تاريخ الصحافة العربية في خلال200 سنة خاصة وأنهم يطبعون أكثر من مليون نسخة يومية لعدم وجود تليفزيون وفضائيات لديهم ولم أكره في حياتي مثلما كرهت الصحافة الجزائرية لأنها قائمة علي الادعاء وبث الفتن والمشاكل.ويضيف: كان للإعلام الجزائري سبب قوي في ضياع حلم الوصول لمونديال2010 اضافة إلي المستوي المتدني لجمهورهم; وكنت أظن بسذاجة أن لاعبي المنتخب مفصولين عما يحدث حولهم وتأكدت من ذلك قبل يوم المباراة الفاصلة بأن لاعبينا يعيشون الصراع والشحن الإعلامي الدائر بين البلدين بكل تفاصيله; وسوف تندم الجزائر من اليوم لسنين قادمة بعد أن اكتشفت أن المصريين يكرهون الجزائريين بعد موقعه السودان. ويقول الإعلامي خالد الغندور: الإعلام الجزائري كان له دور كبير جدا فيما وصلنا إليه الان والذي أضاء هذه الشعلة خبر التسعة قتلي في مباراة القاهرة ولم يخرج مسئول جزائري ينفي هذا الكلام وهذه الأفعال تؤكد أنه عمل منظم وليس عشوائيا; والإعلام الجزائري بشكل عام هو إعلام مبتدئ ولا يرتقي بنسبة واحد بالمائة من الإعلام المصري; ثانيا كان إعلامنا منقسما ما بين مبادرات وتهدئة للأوضاع والثاني متعصبا ومنساقا خلف الجزائريين; ولكن بعد أحداث السودان المؤسفة لم نستطع السكوت بعد الان لأن كرامة المصري فوق أي اعتبار.ويضيف: الفرحة التي جاءت بعد مباراة القاهرة كانت طبيعية فلقد كان الأمل ضعيف في الوصول وأصبح ممكنا بعد ذلك; اضافة إلي سفر اللاعبين في اليوم التالي وبالتالي كانوا بعيدين عن هذه الأجواء في القاهرة; والإعلام لا دخل له في خروج المنتخب من كأس العالم بل بالعكس فقد كنا مساندين للمنتخب في كل لحظة وحتي الان; الإعلام الجزائري كان نقطة الشحن السلبي التي أوصلت الأمور إلي هذا الحد.ويقول هاني رمزي مدرب منتخب مصر للشباب السابق: الشحن الإعلامي بدأ قبل المباراة الأولي في الجزائر من جانب الجزائريين وللأسف بعض الاعلاميين المصريين انساقوا خلف هذا التيار من الارهاب الإعلامي وكان هذا مخططهم من البداية; واعلامنا بشكل عام أخذ الشكل الوسط في التعامل مع الموقف وأنا كلاعب كرة أو كإداري دائما أقول: إن الشحن الايجابي مهم جدا; وبعد أحداث مباراة السودان يجب بعد ذلك أن نرد علي جميع المستويات.ويضيف: كان الإفراط في الأفراح من جانب إعلامنا وجماهيرنا بعد مباراة القاهرة مبالغا جدا فيه وأعتقد انه جزء نفسي علي مستوي الأداء الفني في المباراة لأن الصورة انتقلت إلي اللاعبين بأننا قد قطعنا تذكرة لجنوب إفريقيا; ومثل هذه المباريات تحتاج إلي الخوف وهو ما انعكس ايجابيا علي المنتخب الجزائري بعكس المنتخب القومي الذي أخذ الجانب السلبي بالاحتفالات وضمان الوصول لنهائيات كأس العالم; وبشكل عام كان الإعلام له نصيب كبير في خروجنا إلي جانب الاستهتار بالخصم كعادة التصفيات السابقة.
الاهرام المسائي - أشرف عمران ـ إنجي سمير
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق