الأربعاء، 22 فبراير 2012

أول نائب كفيف بمجلس الشعب‏ : الحقــــوق قبـــــل الحـــــدود

بعد أن تلقي اعتذار رواد موقع فيس بوك‏,‏ عن تعليقاتهم علي صورته في أول جلسة لمجلس الشعب‏,‏ وهو نائم بزعمهم‏,‏ دون أن ينتبهوا إلي أنه كفيف, وأنه لم يكن نائما, يقول الدكتور وجيه الشيمي أستاذ الشريعة الإسلامية,

 وأول نائب كفيف في برلمان الثورة; إنه لم يغضب من الصورة, وكان يعلم أن الله سيظهر الحق, واصفا ما تعرض له بأنه جزء بسيط مما قد يتعرض له عشرة ملايين من ذوي الاحتياجات الخاصة في مصر.
وفي هذا الحوار مع تحقيقات الأهرام يؤكد أنه يسعي لتشكيل هيئة خاصة لذوي الاحتياجات الخاصة, ويقول إنه التزم بنص القسم أمام مجلس الشعب, ولم يزد مثل الآخرين عليه عبارة: بما لا يخالف الشريعة الإسلامية, لأن هذه الزيادة حشو, مضيفا أن أداء الحقوق في الإسلام يسبق إقامة الحدود, وأن التدرج مهم في تطبيق الشريعة.
الدكتور وجيه عبدالقادر الشيمي عضو حزب النور عن الدائرة الثانية( إبشواي وسنورس ويوسف الصديق) في الفيوم, ويعمل أستاذا مساعدا بقسم الشريعة بكلية دار العلوم جامعة الفيوم, وكان قد تولي عمادة معهد إعداد الدعاة, كما أنه خطيب في وزارة الأوقاف, ومحكم في الجلسات العرفية, ويبلغ من العمر40 عاما, ومتزوج, ولديه ثلاثة أبناء( هيثم وريم ومحمود).
وعن قصة صورة الفيس بوك يقول: جهاز الإبصار عندي قوي, لكنني مصاب بضمور في العصب البصري, وبالتالي لا تصل الصورة إلي المخ بانضباط, مما يسبب هزة في العين, وليس هناك علاج لهذه الحالة, وقد ولدت بها, وتكيفت معها.
فأنا أكره كلمة معوق, لأن المعوق ليس ضعيف الإبصار أو السمع أو النطق, لكن الإعاقة الحقيقية هي ما يمنعك من الوصول لهدفك, ولم يكن ضعف البصر معوقا لي للتفوق في حياتي, ولا التفوق الدراسي, ولا التفوق الاجتماعي, ولا التفوق في عملي الوظيفي, أو الحزبي والبرلماني.
< عندما التقطت لك الصورة.. هل شعرت بذلك؟
نعم.. ووقتها لم أكن نائما, بل كنت أغمض عيني لتلافي الضوء الشديد في القاعة, ذلك أن الأضواء الشديدة تتعب عيني, فأنا أريحها من وقت لآخر, لأنها تعاني من اهتزازها دون اختيار مني.
فالتقطوا الصورة لي ولزميلي المجهد, وكنا في جلسة الاستراحة من الجلسة الأولي( جلسة الإجراءات), وكانت طويلة ومملة, لكن المصور وجريدته اعتذرا لي في اليوم التالي.. وأنا أعتذر عن الزميل النائم, مع أنه تعب ونام, لأنه لم تكن هناك نقاشات.
< وما الدرس المستفاد مما حدث؟
أولا: ضرورة التماس الأعذار للناس.. وثانيا: لا تغضب إذا ظلمت, واعلم أن الله سيوفيك حقك في الدنيا أو الآخرة عن مظلمتك, وثالثا: أن الناس تتعاطف مع المظلوم.
< وماذا عن أولئك الذين سارعوا برفع الصورة علي الفيس بوك ؟
اعتذروا, وطلبوا مني أن أسامحهم, و قد سامحتهم.
< وما موقع حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة في اهتماماتك؟
سأهتم بهم جدا خاصة أن أحدث إحصائية تقول إن عدد ذوي الاحتياجات الخاصة يبلغ عشرة ملايين مواطن ومواطنة, وهم يمثلون طاقة, ولهم حقوق, وعليهم واجبات, ونريد الاستفادة من طاقاتهم, وسأسعي إلي أن يكون لهم هيئة عليا ينص عليها الدستور, كي تقوم بإيجاد فرص عمل لهم, والنهوض بهم في أماكنهم.
العمل البرلماني والسياسي
< ما سبب نجاحك في الوصول لمجلس الشعب؟
الناس اختارتني ليس لأنني أستاذ في الجامعة فأساتذة الجامعة كثيرون, وليس لكوني عميدا فعمداء الكليات كثيرون, وليس لكوني خطيب جمعة لأن الخطباء كثيرون, وليس لكوني محكما في القضايا العرفية, فالمحكمون كثيرون, ولا لكثرة أصدقائي أو معارفي, أو لانتمائي لعائلة طيبة..فالأهم من ذلك كله حب الناس, وحسن ظنهم بي.
< هل كان هذا السبب الوحيد لاتجاهك للعمل البرلماني والسياسي؟
العمل البرلماني والسياسي بعد ثورة25 يناير أصبح أكبر وسيلة لخدمة مصر. والنجاح الحقيقي ليس بدخول البرلمان, ولكن بالنجاح في أداء مهمتنا داخل البرلمان, والقيام بالواجبات التشريعية والرقابية والخدمية, علما بأن دائرتي لها متطلبات ومظالم, فهذا العمل عبء ثقيل, ونسأل الله أن نحملها علي الوجه الذي يرضيه.
والأمر الثاني وضع الدستور, باعتباره من أهم أولويات مصر الآن, فإذا وضع دستور سليم لمصر في هذه المرحلة فسنتمكن من صنع القوة لها. ويجب أن يكون هدف الدستور المصلحة العامة, مثل تقسيم الثروة بالعدل, مع الحفاظ علي المرجعية الإسلامية. ويجب أن يكون الدستور واضح المعالم في تحديد العلاقة بين الحاكم والمحكوم, مع وضع ضوابط لسلطة رئيس البلاد, وألا تكون له سلطة مطلقة, وأن يكون خاضعا للحساب والمساءلة.
وأنا حاليا عضو في اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس الشعب, وأمنيتي أن أكون عضوا في اللجنة التأسيسية لوضع الدستور; لأن عملي هو الفقه والتشريع, والمقارنة بين الفقه والقانون.
بما لا يخالف شرع الله
< أديت القسم في المجلس دون أن تغير فيه مثلما فعل أعضاء من حزب النور أضافوا إليه عبارة بما لا يخالف الشريعة الإسلامية, أو بما يرضي الله.. فما تفسيرك؟
أنا مقتنع بأن المادة الثانية من الدستور كافية, لأنها تقول إن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيس للتشريع, كما قضت المحكمة الدستورية في عام1996 بأنه لا يجوز سن أي قانون مخالف للشريعة الإسلامية, لذا لم تكن هناك حاجة إلي تلك الزيادة, لأنها حشو, ولا محل لها من الإعراب; لأنني إذا أقسمت علي احترام الدستور والقانون فإنني أقسم بذلك علي احترام دستور يحتكم إلي شرع الله.
الحقوق قبل الحدود
< ماذا عن المطالب التي يرفعها البعض لسرعة تطبيق الشريعة دون مراحل؟
لقد قام النبي صلي الله عليه وسلم بتأجيل تنفيذ بعض الأحكام الشرعية لأن الوقت لم يكن وقتها.. فقد قال لعائشة رضي الله عنها: لولا أن قومك حديثو عهد بكفر لهدمت الكعبة وبنيتها علي قواعد إبراهيم..فبناء الكعبة علي قواعد إبراهيم واجب شرعي لم ينفذه الرسول صلي الله عليه وسلم هنا لاحتواء الآخرين, وحتي لا يصد الناس عن الدين; برغم أن مكة تحت سيطرته.
كما جاء إليه أحد أصحابه فقال له: ألا نقتل هؤلاء المنافقين ؟ فقال له: لا.. حتي لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه.. وجئ بسارق إلي عمر بن الخطاب رضي الله عنه لقطع يده فأوقف ذلك لأن العام كان عام مجاعة..فالتدرج مهم في الفهم القويم لتطبيق الشريعة, ومن يقرأ سيرة النبي والخلفاء الراشدين والسياسة الشرعية يعلم مبدأ التدرج في الأحكام.
< بالنسبة لتطبيق الحدود كالسرقة.. كيف تري تطبيق هذا الحد في المجتمع الآن؟
لابد من تهئية المناخ أولا, وقبل أن أقيم الحد لابد أن أعطي الحق.. فالمبدأ الإسلامي هو إعطاء الحقوق قبل إقامة الحدود.. بمعني أداء حق الفقير والمسكين والأرملة والمزارع واليتيم ومن لا يجد عملا أو زوجة.. إلخ, ثم أحاسبه بعد ذلك. قال تعالي: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلي أهلها, وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل.. فذكر الله تعالي أداء الحقوق قبل إقامة الحدود. فلا بد من تهيئة المجتمع أولا برد الحقوق, وعندما يحصل الفقير علي حقه ثم يسرق فلن يكون له مبرر في السرقة.
القضاء علي الفقر أولا
< المقصود بالحقوق إذن توفير حد الكفاية للناس أولا؟
نعم.. فالقضاء علي الفقر والعوز والاحتياج أولا ثم من يخطئ أحاسبه, ولكن كيف أحاسبه الآن وهو لا يجد قوته, ولا قوت عياله وزوجته..لابد أولا من أداء الحقوق إلي أهلها, وهذا منهج إسلامي.
< وكيف يتحقق للناس حد الكفاية, ويتم تخليصهم من الفقر؟
هذا دورنا في مجلس الشعب..بالقضاء علي الفساد الإداري, والتشريعات الفاسدة المفصلة لأناس معينين, وإقرار حدين أقصي وأدني للأجور, وغيرها من الضوابط الاقتصادية.
فالأولوية الآن للقضاء علي الفقر, وتحقيق الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي, حتي يستريح الناس; فالرسول صلي الله عليه وسلم كان يستعيذ بالله من الكفر والفقر; لأن الفقر يؤدي إلي الكفر, وحتي إلي الفاحشة.
< ما أكثر شيء يحتاجه الناس في مصر اليوم؟
الأمن ورغيف الخبز.. قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: من بات آمنا في سربه معافي في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها..فالناس تحتاج إلي الأمن والصحة والرزق الحلال.
لكن عليهم التزام التؤدة حتي تصلهم حقوقهم, أما الاعتصامات الفئوية فتضر ولا تنفع, وإذا حدث اعتصام كحق للتعبير فيجب أن يكون بأدب, وبعيدا عن أي تخريب وإفساد; فحق التظاهر مكفول ما دام سلميا, ولا يعطل العمل.
الراحة والمستقبل
< لكن البعض يتهم الإسلاميين باستغلال العاطفة الدينية؟
وكيف يدعو هؤلاء لأنفسهم.. إن أي أحد يمكن أن يقال إنه يستغل العاطفة..وبالنسبة إلينا فالناس تحب الدين وترغب فيه بقلوبها وعقولها, لأنهم يعلمونه المنقذ لهم; لا سيما أنهم جربوا النظم الاشتراكية, والليبرالية, والرأسمالية, والعلمانية فلم يستريحوا, فأرادوا العودة إلي ربهم, وهذا اتجاه فيه عاطفة ليست مجردة من العقل.
< متي تشعر بالراحة؟
عندما أجد مؤسسات مستقلة, ورئيسا للبلاد منتخبا انتخابا حرا مباشرا, وبرلمانا يقوم بدوره التشريعي والرقابي, وجهازا تنفيذيا يؤدي ما عليه دون أن يخشي في الله لومة لائم, وكذلك عند انتهاء الرشوة والمحسوبية..عندها سأشعر بالطمأنينة.
< وكيف تري مستقبل مصر؟
أنا متفائل. وأري أنها تنتقل خطوات منضبطة, في طريقها للنماء, لكن الأمر يحتاج إلي رؤية وتؤدة, وأن يتركوا للمسئولين خاصة أعضاء مجلسي الشعب والشوري المنتخبين فرصة للعمل.
لكنهم يقولون إن الإسلاميين عقدوا صفقة مع العسكري؟
ليس لنا صفقة مع أحد.. صفقتنا مع الله أولا ثم مع الشعب ثانيا.
< وماذا عمن يتعجلون نقل السلطة إلي البرلمان الحالي؟
لست معهم, وأري وضع الدستور مع تعجيل الانتخابات الرئاسية, وننتهي من هذا في شهر أبريل المقبل, حتي يستريح الجيش, ويطمئن الشعب.
< أخيرا: ما الذي تركز عليه في دائرتك بالفيوم؟
أهتم بالزراعة, وقد قدمت أربع مذكرات بالأمس إلي محافظ الفيوم تتضمن طلبات المزارعين في موضوع توفير الري والأسمدة وخفض ثمن التقاوي والبذور, وعلي الدولة شراء المحصول من المزارعين بسعر مدعوم, مع الاهتمام بالمزارع, وتأهيله لمصلحة الوطن.






المصدر : الاهرام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق