الأربعاء، 2 يونيو 2010

انتخابات الوفد‮.. ‬فيلم لا‮ ‬يحدث في مصر


منذ شهور وعندما ظهر لنا نحن العامة الغافلة ما‮ ‬يحدث في دهاليز نواب الأمة من نهب واستحلال أموال نفقة الدولة لعلاج الفقراء وعندما توالت أخبار العملية التاريخية الكبري للسرقة حصل لي حالة من الغيظ الشديد والحماس الشرير وقلت طيب والله العظـيم لأستخرج بطاقة انتخابية لأول مرة في حياتي عشان انتخب الناس دي قصدي عشان ما أنتخبش الناس دي ويسقطوا وكتبت أدعو القراء الي ثورة انتخابية ليس لإنجاح بل لإسقاط هؤلاء‮..‬ وعندما قرأت التعليقات التي‮ ‬يكتبها القراء علي الموقع الإلكتروني للجريدة لفت نظري تعليق قصير وبليغ‮ ‬جداً‮ ‬قال المواطن‮ »‬والله أنا بقالي سنين بأروح الانخابات عشان أدلي بصوتي لكن بألاقي الحكومة سبقتني‮!!!‬ وكل مرة أذهب بدري عن اللي قبلها إني ألحق مرة واحدة أنتخب لنفسي أبداً‮.. ‬ثم قال‮: ‬أنا رايح أنتخبهم كمان‮ ‬يعني مش رايح أنتخب ضدهم لكن ما حصليش الشرف ولا مرة‮«.. ‬وفي الأسبوع التالي كتبت إني قد سحبت كلامي ولن أشترك في هذه المهزلة لأني ما أحبش حد‮ ‬ينتخب لي‮.. ‬وعلي الأقل‮ ‬يمكنني أن أحرمهم من اسمي ولا‮ ‬يستطيعون استعماله طالما لم أستخرج بطاقة انتخابية وان كان كل شيء جايز في بلدنا هذه الأيام واحتمال كبير‮ ‬يكون عندي بطاقة انتخابية باسمي ويمكن بقالها سنين عمالة تنتخب لي وأنا قاعدة كده في الطراوة سعيدة بنفسي وفاكرة إني أذكي من الحكومة‮.. ‬احتمال المهم‮.. ‬جاءت انتخابات الشوري هذه الأيام وسألت الفرقة الشعبية للبصاصين التي أستعمل معلوماتها ودائماً‮ ‬تكون صادقة أخبار أسعار الانتخابات إيه الأيام دي؟ قالوا لي فيه مناطق عادية‮ ‬يعني ميت جنيه نصها قبل والنص التاني بعد ما‮ ‬يصور الاسم بالموبايل‮.. ‬قلت قديمة‮.. ‬وفيه حتت فيها الصوت باثنين كيلو لحمة أو‮ ‬علبة فياجرا للرجالة‮.. ‬قلت لأ‮.. ‬دي بقي جديدة‮.. ‬ثم تساءلت الله‮.. ‬واللي مش متجوز هاياخد فياجرا ومعاها عروسة ولا إيه؟ قالوا لأ‮.. ‬دي بالطلب‮... ‬قلت ماشي وغيره قالوا عندنا حاجة جديدة نوفي‮.. ‬قروض‮!!! ‬الست ثلاثة آلاف جنيه والراجل مثل حظ الانثيين‮ ‬يعني ستة آلاف وتسدد مائة جنيه في الشهر بدون فوائد‮.. ‬فرحت الصراحة جداً‮ ‬وقلت لو الناس دي جدعة تأخذ منهم القروض ولا تسددش قالوا لي‮.. ‬لااااا‮!!!!! ‬دول بيمضوهم علي كمبيالات حضرتك‮.. ‬لأ‮.. ‬ولاد جنية برضه مش أي مرشحين‮.. ‬آدي الشوري ولا بلاش‮.. ‬شوري من شارع عبدالعزيز مش أي شوري‮.‬ وأنا سارحة في مهازل الانتخابات حدثت انتخابات حزب الوفد ورأيت المناظرات والدعاية عرفت الأخبار أولاً‮ ‬بأول‮.. ‬وشاهدت العملية علي الهواء‮ ‬يوم الجمعة الماضي‮.. ‬بصراحة في أول الأمر لم أكن أتخيل أن ما أراه‮ ‬يحدث عندنا في البلد دي وأنا من البلد دي‮.. ‬إيه الناس المحترمة دي؟ وإيه الأسلوب المتحضر ده؟ وإيه لغة الدعاية النظيفة جداً‮ ‬دي‮.. ‬واتصلت بناس أصحابي من الفرق البصاصة برضه بس علي طبقة سياسية وسألت‮: ‬الأصوات مسعرة عندكم؟ قالوا لأ‮.. ‬كلها ببلاش‮.. ‬ولاكيلو لحمة ولا قزازتين زيت واثنين كيلو سكر؟ قالوا لأ‮.. ‬الصوت من داخل ضمير كل ناخب وحسب رؤيته في الشخص الذي‮ ‬يأمل فيه وفي عمله وفي إفادته للحزب‮... ‬سألت‮: ‬يا إخواننا ده بجد ولا تهريج؟‮.. ‬قالوا بجد والله‮.. ‬طيب مافيش شلل ولا مصالح ولا ضغائن ولا مشاكل ولا تار بايت ولا ناس مندسة من الوطني جاية تبوظ الليلة مثلاً؟‮.. ‬قالوا لأ‮... ‬لما تكون العملية شفافة بالفعل وليس بورق الزبدة وواضحة لكل الناس مش ممكن حد مندس‮ ‬يعرف‮ ‬يعمل أي حاجة ده التليفزيون كان بيذيع الانتخابات‮ »‬مباشر‮«... ‬فوجئت بتليفونات من أصدقاء وأصحاب‮ ‬يسألون بتتفرجي؟ هم أيضاً‮ ‬مندهشون جداً‮ ‬والكل‮ ‬يتخيل ويدعي‮.. ‬يارب الحكومة تتفرج‮ ‬يمكن‮ ‬يقلدوهم‮.. ‬قلت لهم لأ مش قوي كده‮.. ‬الحكومة ها تتفرج وسوف تصرح بكلام لطيف من‮ ‬عينة‮ »‬تمت اسم انتخابات رئاسة حزب الوفد وسط أجواء نزيهة وحرية‮.. ‬وانتخابات نظيفة‮« ‬بس ولو حد قال للحكومة شايفة الانتخابات والجدية والاحترام والإحساس الديمقراطي؟ ها تقول بمنتهي الثقة والثبات‮: ‬إيه‮ ‬يا إخوانا‮.. ‬ده العادي بتاعنا‮.. ‬ده إحنا طول عمرنا انتخاباتنا كده بالضبط‮.. ‬طبق الأصل سعدت بالحدث جداً‮ ‬وحزنت علي خسارة أ‮. ‬أباظة جداً‮ ‬وهذا هو الشعور الغريب الذي أخذت أفسره‮... ‬يمكن لأن أ‮. ‬أباظة لم‮ ‬يأخذ فرصته الكاملة خلال الأربع سنوات الماضية لأنها كانت مزدحمة بالأحداث الدامية والمشاكل والمحاضر والمحاكم وضرب النار ورغم انه قال انه لم‮ ‬يرشح نفسه لفترة ثانية الا أنني متأكدة أن دافعه كان من اجل استكمال أشياء كثيرة جداً‮ ‬لم تكن الأجواء هادئة ومناسبة لإتمامها في الوفد ومن اجل الوفد وليس من أجل الكرسي‮.. ‬وربما كان حزني من أجل خسارة أ‮. ‬أباظة أنني عرفته وقابلته ولم أعرف د‮. ‬البدوي ولم أقابله ورغم أنني عرفته جيداً‮ ‬في مناظراته وفي‮ ‬حواره من أجل الدعاية لنفسه ورغم أنني أعجبت بأسلوبه وفكره واحترمته جداً‮ ‬إلا أنني كنت أفضل أن‮ ‬ينجح أ‮. ‬أباظة‮.. ‬ورغم أن الأسلوب الديمقراطي السليم والذي ننادي به ونتحدث ونجرح الحناجر ونمزق أحبالنا الصوتية من أجله هو الذي حدث وهو الذي نجح فيه د‮. ‬سيد البدوي ولم‮ ‬ينجح الرجل برشوة ولا لحمة ولا زيت ولا قروض لا مصالح لماذا إذا شعرت بهذا الشعور‮.. ‬شعور الأسف من أجل أ‮. ‬أباظة؟‮ ‬يبدو أن الحديث شئ والممارسة شيء آخر‮.. ‬الحديث عن الديمقراطية وما‮ ‬يحدث أمامنا ونراه في أنحاء العالم المتقدم الحر‮.. ‬شيء وممارسة هذا الفعل شيء آخر‮.. ‬ويبدو‮ ‬يا إخواننا ان التعود علي عدم التغيير والتداول في الرئاسة والسلطة قد جعلنا لا نطمئن لأي تغيير ونريد أن‮ ‬يظل الحال كما هو عليه ويظل الأشخاص هم أنفسهم ربما اذا تغيروا‮ ‬يتغير معهم إحساسنا بالاستقرار ويبدو والله أعلم أن ما أقوله هذا هو من أعراض الحكم الفردي المزمن والشمولية الأزلية والدكتاتورية المطمئنة المستتبة والنظرية الأمنية الخالدة‮ »‬اللي نعرفه أحسن من اللي ما نعرفوش‮« ‬و»ليه‮ ‬تغير رئيسك مادام تقدر ما تغيروش‮«...‬ غالباً‮ ‬هذا هو السبب في أنني فرحت للسلوك المتحضر والأداء الديمقراطي الحقيقي وكأنني أتفرج علي فيلم لا‮ ‬يحدث في مصر وحزنت من أجل أ.أباظة‮.. ‬ولكنني اقتنعت ان الجميع داخل أروقة الوفد‮ ‬يعملون ويعانون من أجل رفعته وأن مجهود عضو الجمعية العمومية لا‮ ‬يقل عن مجهود عضو الهيئة العليا ولا عن مجهود السكرتير العام أو نائب الرئيس أو الرئيس‮. ‬مبروك علينا ما حدث وخروج أ‮. ‬أباظة من منصب الرئاسة لا‮ ‬يقل فخراً‮ ‬عن فوز الرئيس الجديد الذي نسطر له التهنئة من القلب وننتظر منه اتساق‮ ‬الفعل مع القول وعاش الوفد ضمير الأمة وتاريخها المشرف برموزه وزعمائه‮.. ‬وكفاحه وتماسك أبنائه الشرفاء ويارب‮ ‬يارب تحصل معجزة والحكومة تتعدي‮... ‬ما أظنش‮.‬

الوفد - سكينة فؤاد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق