نحن عباقرة في خلط الاوراق، وتهييف المسائل »من الهيافة«، وقديما قال المثل الشعبي، يابا علمني الغلاسة، قاله تعالي في الهايفة واتصدر!«، هاتفتني بالأمس صحفية شابة، من إحدي الجرائد اليومية الخاصة، وكانت منفعلة ومشحونة بالغضب، وفهمت منها أن رئيس القسم الفني بالجريدة التي تعمل بها، قد طلب منها بإلحاح عمل تحقيق صحفي عن فيلم اللعبة العادلة، وهو الفيلم الامريكي الذي شارك في مسابقة مهرجان كان السينمائي الأخير، وهو من بطولة شون بين، ونعومي واتس وخالد النبوي، وبدأت الصحفية الشابة حديثها، هكذا »إيه رأيك في العدوان الوحشي اللي قامت به البحرية الاسرائيلية، علي أسطول الحرية الذي يضم مئات من النشطاء المتضامنين مع أهالي غزه«؟ وقبل أن أجيب، أو أفتح فمي، أكملت حديثها لتخلط الاوراق كالعادة، وقالت والمفروض نتصرف إزاي مع خالد النبوي بعد أن قبل الاشتراك في فيلم »اللعبة العادلة«، اللي ظهرت فيه ممثلة إسرائيلية؟ ولم افهم علاقة خالد النبوي، بالهجوم علي أسطول الحرية، وسألتها في محاولة لتهدئتها، فهي مشحونة وغلبانة، ورئيسها ضغط عليها بكل ما له من نفوذ كي تستنطق وتنتزع من بعض »المهاوييس« تصريحات تدين خالد النبوي، وكان سؤالي هو: خالد النبوي شارك في إطلاق صواريخ أو قنابل علي أسطول الحرية؟ هل الممثلة الاسرائيلية لها علاقة بهذا الهجوم الوحشي؟، ثم إن الاستاذ الصحفي الناقد، مسئول القسم الفني في جريدتك كان قد بدأ الهجوم علي خالد النبوي، من الاسبوع الماضي، يعني قبل الهجوم الاسرائيلي علي اسطول الحرية، ثم وهذا هو الأهم، هي إيه الحكاية بالضبط؟ لماذا يهاجم رئيسك، الممثل المصري خالد النبوي الذي شارك في فيلم امريكي يدين سياسة بلاده ويفضح الأكاذيب التي قدمتها للعالم لتبرير عدوانها الآثم علي الشعب العراقي؟ ولأن الصحفية الشابة ليس لديها أي اجابات منطقية علي سؤالي، وتجهل المعلومات الصحيحة عن الفيلم، فقد أخبرتني أنها سألت ناقدة كبيرة عن رأيها في مشاركة خالد النبوي في فيلم »اللعبة العادلة«، فأخبرتها أن الفيلم مش بس فيه ممثلة إسرائيلية، لأ ده كمان المخرج دووج ليمان طلع إسرائيلي؟ يعني الناقدة الكبيرة المحترمة تردد معلومات خاطئة ومضللة، وتسكب الزيت علي النار المشتعلة، لسبب لايعلمه إلا الله وحده، وأمام هذا التعنت والإصرار علي الإساءة للفيلم الامريكي الذي يتبني الدفاع عن الموقف العربي، ويدين السياسة الامريكية، قلت للصحفية الشابة، ارجعي للمعلومات الصحيحة عن الفيلم وادخلي لموقعmdb أو هو أشهر موقع سينمائي، وابحثي عن تاريخ المخرج »دووج ليمان« لتتأكدي أنه أمريكي أباً عن جد، وانه من مواليد مدينة نيويورك 1965، واشتهر بأفلام الحركة والمغامرات وعرضت له بالقاهرة أفلام كثيرة منها »مستر ومسز سميث« بطولة الثنائي براد بيت وأنجيلينا جولي، كما عرضت له افلام »هوية بورن« من بطولة مات ديمون، ونصحت الصحفية الشابة أن تستعين برأي مجموعة من النقاد العقلاء أو هؤلاء الذين تابعوا الدورة الاخيرة لمهرجان كان، ولكن لأن الفتاة واقعة تحت تأثير رئيسها في العمل أصرت علي أن تؤكد لي أنها أخذت رأي »سيد خطاب« رئيس الرقابة علي المصنفات الفنية، وانه أجابها بنيته المسبقة برفض فيلم »اللعبة العادلة« ومنع عرضه في مصر، فقلت لها مش حايقدر! لأسباب كثيرة أولها: أن رئيس الرقابة لايعمل وفق أهوائه الشخصية ولكنه مقيد بقوانين، تحدد المنع في ثلاثة عناصر وهي الإساءة للأديان أو لأمن البلاد، أو وجود مشاهد إباحية، وفيلم »اللعبة العادلة« لا يتضمن أياً من العناصر الثلاثة، وثانيا: أن الحجة التي يسوقها رئيس الرقابة، لتبرير نيته المسبقة في رفض الفيلم لوجود ممثلة اسرائلية بين طاقم العمل، مردود عليها بأنه سمح بعرض الفيلم الامريكي »المنطقة الخضراء« الذي يشارك في بطولته الممثل الاسرائيلي »ياجيلل ناعور«، وهو متخصص في أداء الشخصيات العربية في الافلام والمسلسلات الامريكية وسبق له أداء شخصية صدام حسين في مسلسل »منزل صدام« والغريب أن فيلم »المنطقة الخضراء« يشارك في بطولته أيضا الممثل الفلسطيني سعيد فراج، الذي هاجر من بلاده الي أمريكا ودخل مجال السينما وشارك في افلام ومسلسلات شهيرة، ولم يرفض التواجد في أي فيلم بحجة وجود ممثل أو ممثلة من إسرائيل رغم أن سعيد فراج الفلسطيني شاهد بعينيه مقتل بعض افراد اسرته بأيدي جنود اسرائيل، ولكنه مش زي بعضهم ييجي في الهايفة ويتصدر، ويخلط الاوراق، ويكتفي بالشجب والرفض والتصرفات البلهاء التي لن تفيد قضية بلاده، وإنما مشاركته بأدوار جيدة في بعض الافلام الامريكية ربما تخدم قضية بلاده وترفع اسهمه الفنية، وتمنحه الشهرة كممثل فلسطيني، فلماذا نطالب خالد النبوي أو أي ممثل مصري آخر برفض فرصة التواجد في فيلم أمريكي لأسباب واهية، تدل علي تخلفنا ونظرتنا السطحية للأمور!
الوفد
المشاركات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق