الجمعة، 4 يونيو 2010

٤ عوامل تفصل بين النجاح و الفشل : الأهل و التعليم و سوق العمل و قوة الشخصية


لا يختار الإنسان أهم الأشياء فی حياته.. اسمه، وأهله، وإخوته والمكان الذى يولد فيه.. ومع الوقت يبقى أمامه بعض الاختيارات البسيطة كشكل ملبسه أو أدواته المدرسية ولعبه.. وكلما تقدم فى العمر كبرت معه شخصيته وظهرت قدرته على اختيار أهم أشياء فى حياته وهى طبيعة عمله.. شريكة أو شريك حياته، وتبقى المأساة عندما يرغم على عدم الاختيار لأى أسباب، ترى هل تعمل فى مهنة أو عمل تحبه أم أنك من المضطرين فى ذلك؟
تقول أسماء عقل، باحثة بالمجلس القومى لحقوق الإنسان: لا يمكن لفرد أن يعمل عملاً لا يروق له ولا يؤثر أو يتأثر به، بمعنى أنه لن يجدى معه ولا يستطيع من خلاله تحقيق أحلامه أو يرضى طموحه، لكن الإنسان يحب ما يعطيه له العمل، ويحب نجاحه، وهذا الأمر نسبى، فبعض الناس يحتاجون فعلاً للعمل بغض النظر عن طبيعة العمل الموجود أمامهم!!
نرى مثلاً خريج سياسة واقتصاد ويعمل فراناً أو عامل نظافة أو عاملاً فى مجال الخدمة بالفنادق والمطاعم والمطارات، لأن الحصول على مثل هذه المهن سهل! لكن من الصعب أن تحصل على وظيفة بوزارة الخارجية أو فى مجال الإعلام بما يليق وقدرات وطموحات وشهادات آلاف الشباب.
وتوضح «أسماء» أن لكل منا ظروفه.. وأن بيننا تفاوتاً فكرياً، ولا ننسى أن ما يقارب الـ٤٠٪ من المصريين يعانون الأمية التامة، وهناك ممن يحملون شهادات عليا ليس لديهم أى شخصية أو أى طموح يجعلهم يقولون «نحن نرفض العمل فى كذا» أو «لن نقبل إلا ما نحبه»، وبالتالى ليس كل من لديه شهادة عالية لديه مبادئ وتفكير معين، لذا النظرة لطبيعة العمل والإرغام عليها ليست محل تفكير أى أحد منهم، لأنهم من البداية شخصيات سلبية!!
ويرى «حسام العيسوى»، مهندس نظم وشبكات، أن البعض يفكر من أجل المال فقط، ويقول: العمل بالنسبة لى وسيلة لكى أحقق من خلاله ذاتى، فى مركز كبير ونجاح مستمر.
وأوضح أنه لا يفكر فى الزواج قبل أن يحقق على الأقل ٨٠٪ من ذاته وطموحاته، وليس ١٠٠٪ لأنه ليس من الضرورى أن يكون وراء كل عظيم امرأة!
وترفض «مروة عبدالله» خريجة إعلام أن يفرض أحد عليها أى عمل لا تحبه، ولو كان أهلها، لأن الشخصية التى تترك كل الأمور فى يد الآخرين حتى اختيار الوظيفة وشريك الحياة هى بكل تأكيد شخصية «فاقدة الشخصية» ليس لها طموح ولا قدرة على أداء دور فعال فى المجتمع أو حتى بناء جيل جديد قادر على إثبات ذاته والعودة بالنفع على المجتمع.
وتضيف أن الشىء الوحيد الذى يمكن أن يفرض على الإنسان طبيعة عمل لا يرغب فيها هو القدر والظروف الخارجية عن الإرادة، مثل البطالة، التى حولت كثيراً من الموهوبين والمبدعين إلى عمال وموظفين لعدم قدرتهم على الوصول إلى عمل يبدعون فيه، وذلك يأتى بسبب سوء التخطيط!!
وترى «مروة» أن فكرة تأثير التعليم والثانوية العامة أمر مبالغ فيه، وكل شخص يجد نفسه فى عمل لا يُناسبه عليه أن يغير «كاريره» بسهولة، فالأمور الآن تحسب بالخبرة، وليس بالشهادات التى نحصل عليها، فنجد خريج الحقوق يعمل فى مجال الموارد البشرية، والمحاسب فى العلاقات العامة، والطبيب إعلامياً، ونرى النجاح يلازمهم، فقط لأنهم أدركوا أين تكمن قدراتهم.
ويختلف حسام المصرى، مهندس، مع هذا الطرح، مؤكداً أنه لا مجال للاختيار (من الأساس!) بدايةً من اختيار المواد الدراسية فى الثانوية العامة، والنظام المغلوط من أوله إلى آخره! والذى يؤدى بدوره إلى تشتت العقل بين مواد لا يتقبلها عقل شخص ويتقبلها آخر، فتتوه العقول بين العلمى والأدبى.. والمشكلة فيها (لا العلمى علمى، ولا الأدبى أدبى)!!!
ويضيف «المصرى» أن مرحلة ما بعد الثانوية العامة، وتحديداً مرحلة تحديد الـ«career» الوظيفى للشخص، يتحكم فيها المجموع واختيار الكلية قهراً وليس اختياراً، فنجد عقولاً لا تستطيع الحفظ تذهب إلى كليات مبنية أساساً على الحفظ، وعقولاً علمية ومبدعة تذهب إلى كليات كالتجارة.. وفى النهاية تجد نفسك مرغماً على عمل لا تحبه.. وبالتالى تستسلم لعدم الاختيار فى العمل وتصبح مرغماً عليه!
ويعتقد «المصرى» أن الأشخاص المرغمين على عمل معين بسبب رغبة أهاليهم معدومو الشخصية، ويتساءل: ماذا يتبقى للاختيار سوى شريك الحياة؟! «وجوازة والسلام» بسبب فوات الأوان!!
ويؤكد الدكتور إبراهيم عبدالقادر، طبيب بشرى، «أن فكرة اختيار العمل من عدمه أصبحت أمراً يصعب السيطرة عليه الآن، لأن البداية تكون من الثانوية العامة التى تحدد اتجاه الإنسان، سواء كما تمنى أو رغماً عنه، وغالباً ما يكون رغماً عن أنفه، لأن المجاميع هى التى تتحكم فى طموحات الطلاب، ليس بسبب قصور فى عقولهم، بل لقصور فى السياسة التعليمية نفسها التى تعتمد أساساً على (الصم) لا الفهم.
ويضيف أن مرحلة الثانوية العامة توجه الطالب لكلية لا يرغبها، وبالتالى لا يهتم بدراستها، فلا يلتزم بالمحاضرات، ويفقد قدرته على تكوين شخصية عملية قادرة على توجيه ذاتها بما يتلاءم مع قدراتها، ويصبح مع الوقت عاطلاً لمدة طويلة حتى يتمكن من تحديد إمكانياته.
ويقول الدكتور إبراهيم إنه من الأشخاص الذين أرغموا على دخول مجال عمل دون تحديد لميوله، فهو أساساً يحب الكتابة والمسرح، ولكن نزولاً على رغبة الأهل واستخساراً للمجموع وقبلهما لعدم إدراكه ميوله مبكراً.. دخل كلية الطب باختيار من ناحية، وفى نفس الوقت بعدم اختيار من ناحية أخرى.


المصري اليوم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق