الاثنين، 26 أبريل 2010

رجال يستنزفون زوجاتهم و يساومونهن على الطلاق


من واقع المحاكم
لم يعد الطلاق هو أسوأ ما يمكن أن يقع علي المرأة من حوادث ومصائب ، في حياتها بل صار هناك ما هو الأسوأ منه وهو أن يتم ابتزازها أو مساومتها مقابل الحصول علي هذا الطلاق ، وتظل المسكينة معلقة بين حبال المحاكم الطويلة "تدوخ بين أروقتها السبع دوخات" في انتظار حكم المحكمة ، ليكون الحصول علي الطلاق رغم مرارته حلم بعيد المنال تظل في انتظاره سنوات وسنوات تدفعها من شبابها وحياتها .
ومن داخل أروقة مجمع محاكم شئون الأسرة بالكيت كات تحكي ح. س 45 سنة قصتها وهي في غاية الحيرة والحسرة وبدأت حديثها قائلة : حسبي الله ونعم الوكيل في جوزي وربنا ينتقم لي منه ، فبعد زواج استمر 22 عاماً وبعد قصة حب طويلة و 4 أولاد استغل زوجي أنني أمتلك صنعة وهي الخياطة وطلب مني أن أتعاون مع أحد المصانع لكي أصنع لهم عدد كبير من قطع الملابس لكي أساعده على شراء سيارة نصف نقل ليرتاح من العمل مع غيره ويصبح هو صاحب سيارة خاصة به .
وبالفعل وافقت على أن أتعاون مع المصنع وكنت أسهر طوال الليل لكي أنجز المطلوب مني ولكي أكمل معه ثمن العربية وفي وقت قليل اشتري " البيه " العربية بعد أن استولي أيضاً على كل مصوغاتي وكان دائماً يخبرني أنها دين في رقبته سوف يرده لي مع الوقت .
ولكن مع الوقت رد لي المعروف بضرب الكفوف ، فبعد أن اشتري العربية النصف نقل بدأ يظهر على حقيقته المرة وتغير معي في المعاملة وبدأ يفضحني أمام أهله ويتهمني بأنني غير مهتمة بنفسي ولا أنفذ له رغباته ولا أعطيه حقوقه وكل هذا الكلام غير صحيح ، فهو كان يأخذ كل حقوقه كاملة حتي ولو غصب عني ، وبدأ يقلل من مصروف البيت من 20 إلى 10 في مقابل أنه يريد أكل معين ولحوم وأسماك وأشياء من هذا القبيل وطلب من الأولاد العمل في الأجازة ليحصل علي أموالهم بحجة استكمال تعليمهم .
وبعد فترة من الحرمان والذل اكتشفت بالصدفة أنه على علاقة بامرأة أخري فالعديد من الجيران كانوا يخبروني بأنهم رأوه مع امرأة أخري في أماكن كثيرة وفي ذات مرة شاهدت في جيب قميصه صورة لامرأة أخري وإيصال لقضية خلع بنفس الاسم الموجود على الصورة ووجهته بالصورة والإيصال وأنكر وتحجج بأنها ملك لصديق له ونسيها معه ، وأخذ يعاملني معاملة قاسية جداً وتطور الأمر إلى أنه كان يتحدث مع هذه المرأة من تليفونه المحمول في الليل ونشبت بيني وبينه خناقة كبيرة جداً وطلبت منه الطلاق ورفض أن يطلقني وقال لي اجلسي في البيت لتربية الأولاد وأنا سأتزوج من أخري فهذا حقي الشرعي ، وهربت من البيت وذهبت عند أهلي ورفعت عليه قضية طلاق في المحكمة وهذه هي الجلسة الثانية ولم أصل إلى حل .
ابتزاز وضرب وإهانة
أما ن. م 28 عاماً متزوجة منذ سنتين ونصف ولديها طفلة عمرها سنة ونصف وعندما أخبرتها بأنني أريد أن أعرف قصتها ، نظرت لي بعيون زائغة وبحالة من التبلد وقالت " مش فارقة أتفضلي يا أستاذة " وعرفتني بنفسها وقالت : أنا متزوجة من رجل مادي وغبي لا يعرف في حياته سوي الفلوس ولا يريدني أن أترك عملي ويبتزني ويأخذ مني كل فلوسي ، وأهله يشجعوه على ذلك ويعاملوني معاملة سيئة أنا وابنتي ودائماً والدته تقول له " خليها تصرف على البيت أنت موظف غلبان هتاكل وتشرب منين " ورغم أنني أصرف على البيت وعليه هو أيضاً إلا أنه يعاملني معاملة سيئة جداً ويهين مشاعري وأحاسيسي ويوبخني أمام كل الناس ويضربني أمام أهله .
وعندما رفضت الاستمرار في العمل أخبرني بأنه سيبيع الشقة إن لم أعد مرة أخري للعمل وسوف نذهب للجلوس عند والدته ، وعندما طلبت الطلاق أحضر لي أخواته وضربوني ضرباً مبرحاً وطردوني من الشقة وطلبت منه الطلاق وهو لا يريد أن يطلقني إلا إذا تنازلت عن كل حقوقي وعن المؤخر والنفقة ، ورفعت عليه قضية نفقة وهذه الجلسة الأولي ولم يحضر الجلسة إلى الآن إنه لا يستحق كلمة رجل لقد جعلني أكره كل الرجال .
نصب علني
وحول ابتزاز الرجل لزوجته ومساومتها على الطلاق وتجريدها من كل حقوقها ، تؤكد د. سامية خضر ـ أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس لــ " لهــنّ " أن الحياة أصبح بها وسائل النصب بشكل علني وفي أي مكان ووصلت هذه الأمور إلى الحياة الزوجية نفسها وبين الزوج والزوجة ، فالأزواج الآن أصبحوا يستولوا على ميراث الزوجة الذي هو حقها الشرعي وإذا رفضت يعاملها معاملة سيئة .
وتوضح د. سامية أن هذه الأمور انتشرت بشكل كبير نتيجة لنزول المرأة إلى سوق العمل وتواجدها بنسبة كبيرة واعتمادها على نفسها في أمور عديدة فأصبح الرجل ينظر لها على أنها فريسة منكسرة الجناح ، خاصة وأن المرأة في مجتمعنا الشرقي تحتاج إلى الرجل لتضمن الحماية والسند في الحياة ، مضيفة أن المرأة في الخارج تحصل على جميع حقوقها دون أن ينتزع الزوج حق واحد منها وذلك لوجود قانون يحميها من غدر الرجل ، مشيرة إلى أننا نحتاج إلى جمعيات عديدة في مجتمعنا لتحمي المرأة وتعرفها بحقوقها المهدورة وتقف معها ضد الرجل الانتهازي.
وتضيف د. سامية الرجل الشرقي يتربي في مجتمعنا على حب التسلط خاصة على المرأة ويتسيد عليها في سبيل أنه الرجل أي السند والحماية لها ، فهناك بعض السيدات اللواتي يضعن هذه النظرية في حساباتهن ويتعاملن من خلالها ، فأنا لا أطالب بأن تكون المرأة شريرة أو قاسية على الرجل لكن أطالب بأن تعرف المرأة حقوقها الضائعة وبذلك نستطيع أن نقول على مثل هؤلاء الرجال أنهم رجال بلا نخوة رجال يرفعون شعار الضعيف " المرأة " مطمع للأقوياء " الرجال " فالمرأة فريسة ضعيفة لقوة الرجل وتسلطه .
ويعلق د. رفعت عبد الباسط ـ أستاذ علم الاجتماع بجامعة حلوان ـ على القصتين لــ " لهــن " قائلاً : واضح في القصتين أن هناك استنزاف وابتزاز للمرأة من قبل الرجل خاصة في القصة الأولي فالزوج استدرج الزوجة وانتهز أن لديها مهنة معينة لكي يصل لما يريد ولتيسير أموره فهذا الرجل غير أمين ووصولي خان ثقتها فيه وتعامل معها بكل قسوة وندالة ، لذا لابد أن ترفع عليه قضية الطلاق وتعمل من أجل مستقبلها ومستقبل أولادها ، ويجب أن يقف القانون ضده لبتر مثل هذه النماذج ، لأن الأسرة هي الخلية الأولي في المجتمع .
ويضيف د. رفعت أن الزواج هو النظام الاجتماعي الذي يحمي الفرد والمجتمع فالزواج شركة أبدية ولابد أن تستمر هذه الشركة ويكون أساسها الحب والاحترام المتبادل دون أي استغلال من أي طرف ، فالرجل هو المسئول عن نجاح هذه الحياة وعلى استمرارها بإنفاقه ، ولا مانع من أن يكون هناك مساعدة من الزوجة لضمان وجود حياة مستقرة ناجحة ولتعود الحياة إلى النفع والتعاون والصورة المثلي وكل منهما يشعر بأنه يقدم أموراً مهمة لاستمرار الحياة ولسعادة الأسرة .
أنماط مضطربة من الرجال
وعن الحالة النفسية التي يكون فيها هذا الرجل وطبيعة شخصيته يؤكد د. صالح عبد الكريم ـ أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس ـ لــ " لهــنّ " أن هذا النمط من الرجال يكون لشخصية ضعيفة جداً حيث يدعي القوة ويمارسها على المرأة وهذه القوة المزيفة يخفي بها ضعفه الباطن حتى لا يشعر به ويعكسه في تصرفاته ، وهذا النمط ليس له علاقة بالرجولة فمن سمات الرجولة الاستقلالية وعدم الاعتماد على المرأة والقيادية وليست التبعية .
وهناك أنماط من الرجال ينتمون إلى الشخصية العدوانية أي يمارسون عدوانيتهم على المرأة الضعيفة ، أو الشخصية السادية التي تتلذذ بتعذيب الأخر ليشعر بالنشوة واللذة من قهر الأخر وتعنيفه ، وهناك شخص أخر ينتمي إلى الشخصية البرانوية وهذه الشخصية تتسم بالعظمة والاضطهاد في آن واحد أي أن شعوره بالعظمة يمارسه على المرأة الضعيفة وفي نفس الوقت يضطهدها ويستولي على حقوقها .
أما الشخصية النرجسية فهي تتسم بالأنانية وحب الذات والتمركز حول النفس وعدم التمركز حول الأخر وبالتالي هو لا يري إلا نفسه فقط ولا يري حقوق الأخر ولا يراعيه ، فكل هذه الأنماط هي أنماط لشخصيات مضطربة من الرجال .
ويرجع د. صالح سبب ذلك أيضاً إلي طبيعة تنشئة الرجل فهناك من يتم تنشئته بأساليب تربوية خاطئة كالقسوة الزائدة أو سيطرة الوالدين على الابن والتحكم الزائد في كل أموره وبالتالي يمارس الرجل نفس التنشئة على زوجته عندما يتحرر من قيوده .
وهناك سبب عميق لدي هذه الأصناف من الرجال حيث يري الرجل في زوجته صورة الأم السيئة والمكروهة أو أن يختار الزوجة التي تشبه أمه أو تتكامل معها أي أنها شبه أمه أو عكس شخصيتها تماماً وبذلك ينقل العدوان على الزوجة باعتبار أنها تمثل صورة الأم .

لهن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق