ظل العمال طويلا هم قرة عين الدولة ومازالت حقوقهم ومكاسبهم خطا أحمر لا يستطيع أحد الاقتراب منه.. ورغم أن كثيرين طالبوا بإلغاء نسبة العمال والفلاحين في مجلس الشعب الا ان الرئيس مبارك يصر علي بقائها لأنه يعلم ان غالبية أبناء الشعب المصري خرجوا منهم.. العمال من جانبهم ينظرون إلي الرئيس باعتباره سندهم الوحيد خاصة وانه يؤمن بحقوقهم لأنهم عماد النهضة المصرية الحديثة في مجالات كثيرة. العمال لم يعودوا ترسا في مصنع أو ماكينة وإنما أصبحوا يشكلون رأسمال الاقتصاد الوطني كله.. ولكن مؤخرا بدا كما لو ان العمال الوطنيين الأوفياء قد تم استغلالهم من قبل الجماعة المحظورة ليبدأوا سلسلة اعتصامات خطط لها الإخوان بدهاء فبدأت بالعمال المظلومين فعلا من قلة الأجور وانعدام الخدمات. لكنها انتهت بأعلي فئة من العمال وهم عمال الصناعات الأعلي أجرا والأكثر رفاهية بين الجميع وأقصد بهم عمال مصانع الألومنيوم الذين يصل أجر المخضرم منهم إلي 4 آلاف جنيه شهريا ولا يقل العامل المبتديء عن 1700 جنيه. انني أقدر العمال الذين يضربون ويعتصمون لأنهم لا يتقاضون سوي 200 أو 300 جنيه شهريا أو أقل.. أما أن تصل الاعتصامات إلي أعلي العمال أجرا فهنا لابد أن نتوقف لعدة أسباب أهمها ان هذه هي المرة الأولي التي يعتصم فيها عمال الألومنيوم في نجع حمادي.. وهي أول مرة تصل هذه الظاهرة إلي الصعيد حيث يتوقع كثيرون أن تصل لمصانع السكر والحديد وكيما أسوان وكلها مصانع كانت لا تعرف غير الالتزام وأصبحت فجأة فوق حديد ساخن.. فما الذي جري؟! ببساطة استطاعت تيارات سياسية ودينية التغلغل وسط العمال ورغم أن الجماعة المحظورة ظلت لعقود طويلة عاجزة عن اختراق التجمعات العمالية. الا انهم نجحوا في ذلك مؤخرا في ظل غياب ملحوظ لمسئولي الحكومة وبعض أمناء الحزب الوطني في الصعيد.. وهكذا خلت الساحة ليلهو فيها احزاب وجماعات الكرامة و6 أبريل والبرادعي وأيمن نور وقبل هؤلاء جميعا المحظورة بأموالها وامكانياتها التي أمدت المعتصمين بأموال ووجبات ومشروبات و"سليبنج باكز" أو سرائر للنوم من البلاستيك. المهم ان هناك أنباء تؤكد ان عنابر العمال اشتعلت بعد عملية "غسيل مخ" قامت بها التيارات السياسية لهم واعتمدت في الأساس علي ان الدولة ستبيع القلاع الصناعية وتهديها لرجال الأعمال الذين سيبادرون إلي طرد العمال إلي الشارع. الشائعة المغرضة التي أطلقها خفافيش الظلام وسط أوساط العمال تزامنت مع غياب الحكومة عن الصورة حيث كان مطلوبا منها أن تشرح للعمال شيئا واحدا هو ان مكاسبهم وأرباحهم لن يمسسها سوء رغم انخفاض أسعار الألومنيوم عالميا ودخول منافسين جدد للصناعة المصرية في الأسواق المحلية والعربية.. وهناك من يؤكد ان "الإخوان" الذين فشلوا في الحصول علي مقاعد نيابية بالصعيد يدبرون لاحداث فوضي عمالية تمنع القوة المؤثرة في التصويت من منح أصواتها للحزب الوطني. للأسف كان اعتصام عمال الألومنيوم ابتزازا واضحا لأنهم ليسوا في حاجة لأموال فهم يصرفون حوافز 200% وأرباحا وحصلوا علي مرتبات خيالية ناهيك عن بدل التغذية والمواصلات.. ويخشي المراقبون في ظل الصمت المريب الذي تتعامل به الحكومة مع الأزمات وعدم قدرتها علي طرح حلول وبدائل غير الاستجابة أو الاذعان للمطالب . أن تعود الأمور للاشتعال في المحلة مرة أخري خاصة إذا ما زارها د.البرادعي الذي يمهد أعوانه لذلك ويساعدهم فيه "فرشة" إخوانية. إلي جانب استغلال التيارات السياسية لهجوم المعارضة والحزب الوطني علي بعض مساويء الخصخصة لايهام العمال انهم مقبلون علي كارثة كبري. الحكومة والحزب الوطني مطالبان بابتكار حلول فورية للاعتصامات والاحتجاجات وتدريب فرق تفاوض احترافية لإجهاض محاولات الابتزاز المستمرة في عدة مصانع وذلك حتي لا يتم استغلال هذه الاضرابات لممارسة المزيد من الابتزاز ولي الذراع واشاعة الفوضي في مصر.
الوفد - رئيس التحرير
الخميس، 29 أبريل 2010
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق