ورد إلي دار الافتاء سؤال يقول: هل يجوز للجار أن يبني مصلي في المساحة المتروكة بينه وبين الجار، حيث إن كلاً منهما يترك ثلاثة أمتار، ويدعي حرمة هدمها لأنها بيت الله، ثم يأتي بعدها ويبني الدور الثاني فوقها مانعاً حق الجار في الهواء والشمس والصوت والرؤية، ويكون جارحاً لحجرات الجار؟ يجيب د. علي الجمعة مفتي الجمهورية قائلاً: لا يجوز شرعاً مخالفة ما تنص عليه النظم والقوانين التي سنها ولي الأمر في المساحة المتروكة بين الجيران، حيث إن له تقييد المباحات لغرض المصالح الشرعية العامة بين أفراد المجتمع، وقد قال تعالي: يا أيها الذين آمنوا أطيعوا اله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ( النساء 59). والتعدي علي القوانين التي سنها ولي الأمر مما ليس فيه مخالفة شرعية يعد من معصية رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم التي هي بدورها من معصية الله تعالي، قال صلي الله عليه وآله وسلم: من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصي الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصي أميري فقد عصاني متفق عليه، والخروج علي ذلك يعد من الافتئات علي الإمام، وهو محرم ولا يسوغ الخروج علي هذه القوانين تحت دعوي بناء دور للعبادة كالمساجد والمصليات وغيرها، لأن الله تعالي طيب لا يقبل إلا طيباً، فالله تعالي غني عن بناء بيت له علي حساب ضياع راحة عباده وكشف عوراتهم وتحجيم حريتهم، ولتكن طاعة الله - ومنها بناء دور العبادة - حيث تنفع الناس ولا تؤذيهم قال تعالي: ياعبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون ( العنكبوت 56) وهذه القوانين ما سنها الحاكم إلا لنشر الأمان والسلام بين أفراد المجتمع وكفالة لحرياتهم، فما لم يتنازلوا طواعية عن شيء من حقوقهم وخصوصياتهم فلا حق لأحد في الاعتداء عليها واقتحامها قهراً علي أصحابها، وحينئذ تكون دعوي الاعتداء علي الحرمات العامة لبناء دور العبادة دعوي حق يراد بها باطل. هذا كله فضلاً عن انتهاك حقوق الجار التي أوصي بها الوحيان: القرآن والسنة
روز اليوسف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق