جاء قرار إضافة درجات مادة التربية الدينية للمجموع الكلي مفاجأة للطلاب والعاملين في الحقل التعليمي بعد أن كانت هذه المادة أساسية للنجاح والرسوب فقط, وبرغم أن الوزير حدد بعد ذلك أنه يستثني من القرار الصفان السادس الابتدائي والثاني الاعدادي, فإن القرار مازال يثير الحيرة بين الجميع من حيث وسائل التطبيق والاستعداد له أو الاعداد له, خاصة أن برامج تدريس المادة لم تستكمل, وليس هناك متخصصون في تدريسها أو مواءمة بين مادة التربية الدينية الاسلامية والمسيحية من حيث المنهج وكمية المقرر وموضوعاته وأهدافه التي لابد أن تكون متوائمة محققة الأهداف التعليمية والتربوية منها.بداية يعترض الدكتور عوض توفيق أستاذ أصول التربية بالمركز القومي للبحوث التربوية, علي هذا القرار ويعتبره قرارا متعجلا وغير مدروس ويدل علي عشوائية واضحة لأن المناهج ليست واحدة بين المسيحيين والمسلمين, والمسيحية أقل في المحتوي, وتختلف من حيث الموضوعات والأهداف وكذلك الحفظ, وكان الأجدر أن يتخذ هذا القرار قبل عام علي الأقل لاعادة ترتيب المناهج, ووضع الاهداف التعليمية والتربوية فيها بالمواءمة بين الديانتين, و بعمل مواءمة بين الديانتين في منهج واحد من خلال لجان مشتركة لوضع تماثل وخطوط ذات أهداف مشتركة مثل التسامح والتعاون وحب الوطن والمواطنة وغيرها.وأضاف: أن المناهج يجب أن تكون متكافئة ولاتثير التعصب أو تتيح لأحد الجانبين رفع درجات ديانته في منافسة مع الأخري لزيادة درجات الطلاب الممتحنين, وبما يؤثر علي تكافؤ الفرص وهذا يستتبع دراسة ووضع المواصفات للورقة الامتحانية للتربية الدينية في الديانتين, فضلا عن تأهيل المعلمين الذين يقومون بتدريسها بحيث لاتكون مادة عشوائية يدرسها أي شخص, خاصة في الديانة المسيحية, يكون تخصصه بعيدا عنها جدا, وأن يوضع إطار عام يتم التعامل علي أساسه وتوزيع الدرجات بما يضمن التكافؤ, بل ويستحسن أن يكون التطبيق جزئيا أو تدريجيا مثل أي مادة وحتي لايثير هذا القرار أي جانب من الطرفين.ويري الدكتور أحمد صبحي عميد تربية حلوان السابق أن هذا القرار سيثير أزمة حقيقية إذا ما امتد تطبيقه إلي الشهادات العامة لأن ذلك يثير مناخا من الاستفزاز والتعصب بين مواطني الأمة بلامبرر, خاصة أن التربية الدينية هي مادة نجاح فقط, فهي أولا تحتاج لتهيئة الظروف مع أنه ليس هناك جديد يمكن أن يبرر هذا القرار المفاجئ.في الوقت الذي لم نعد فيه معلما واحدا لتدريس التربية الدينية, وليس هناك شعبة بجميع كليات التربية تسمي شعبة التربية الدينية, والتي لو أنشئت ستكون للديانتين قطعا, فستكون شعبة للتربية الدينية الاسلامية وأخري للمسيحية لكي تضمن تعمق الطلاب في دراستهم ووضع أسس تقويم علمية ودقيقة في امتحاناتها, إذ انها تضاف لمدرس اللغة العربية لتدريسها بالنسبة للاسلامية, وأي شخص ربما مدرس رسم أو علوم في الديانة المسيحية, فالمعلم هنا غير متعمق في المادة بل هي مادة علي الهامش, لذلك فإن قرارا بهذا الشكل ليس له أي مبرر أو مقدمات أو دواع عاجلة له.وقال: إن نجاح هذا القرار يعتمد علي مدي الاستعداد له وتناوله بطريقة جادة وذلك يتطلب الاعداد جيدا لتهيئة المناخ بالمدرسة لاستيعابه, خاصة أنه مفاجئ وبلا مقدمات, فدخوله في المجموع يعني أنه سيؤثر علي مستقبل الطالب, فإذا كان له إيجابيات فهي موجودة بالفعل أما السلبيات فإن الوزارة مطالبة بمواجهتها بجهود مكثفة, لذلك يجب أن يقتصر اعتبار هذه المادة من المجموع علي سنوات النقل فقط حتي لا تثير مشكلات فنية ودراسية نحن في غني عنها مع ذلك العجز الشديد في المدرسين وعدم تأهيل معلمين للتربية الدينية وربما يكون له تأثير إيجابي لو أحسنا تنظيم المادة وتدريسها وأعدنا صياغة المنهج بما يتناسب بين عنصري الأمة, وبما يمنع هذا الحرج في التعامل بين المصريين, فيمكن أن يشمل المنهج مقارنة بين الأديان وأهمية التدين واحترام الآخر حتي لانخرج متعصبين دون فهم لدينهم, وأن نختار المدرسين بعناية لتحقيق هذه الأهداف.وأضاف د. أحمد حجي أننا نحتاج إلي إعادة نظر في منهج التربية الدينية لرفع المستوي الأخلاقي القيمي بين المواطنين وإحياء الضمير لمواجهة تلك السلبيات التي يعانيها المجتمع نتيجة غياب كثير من القيم التي تربت عليها الأجيال السابقة, وتكون فكرة جيدة لارتباط الإنسان المصري بدينه لأننا شعب متدين منذ آلاف السنين.أما الدكتور شريف عمر رئيس لجنة التعليم بمجلس الشعب فقد أبدي دهشته من القرار وقال: إنني لا أستطيع فهم الدواعي التي دفعت إليه برغم أن الأحوال مستقرة وليست هناك أسباب ملحة له قبل الدراسة مباشرة مما يثير الشك حول القرار, ومدي صحته لأنه يثير كثيرا من التساؤلات ودون مقدمات.. فوزارة التربية والتعليم لابد أن لديها مبررات, خاصة أنها أعلنت عنه مرتين بأن يقتصر علي سنوات دراسية دون غيرها بعد أن أعلنت أنها ستطبق القرار علي جميع السنوات الدراسية, وهذا يتطلب استطلاع الآراء حول حقيقته وأسبابه, لاسيما أن لجنة التعليم فوجئت به وليس لديها أية مخاطبات بهذا الشأن, أو حوارات حوله.ويضيف د.جلال ناصف رئيس مجلس ادارة مدرسة محمد كريم القومية أننا يجب ألا نجعل كل وسيلة للاتهام وانصاف الوزارة لأن تقرير المناهج يأتي من منطلق ديني تربوي لا يضيع جهدا مبذولا من الوزارة وجهد مساعد أول الوزير د.رضا أبوسريع الذي ساهم في مواءمة هذه القرارات للنهوض بالعملية التعليمية وعلي رأسها المعاهد القومية.
الاهرام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق