الثلاثاء، 15 يونيو 2010

شيخ العرب همام‮ ‬أول رئيس جمهورية لـ الصعيد ظلمه التاريخ


‬فهل تنصفه الدراما ؟‮!‬
مئات القصص الاسطورية صورها نسيج الخيال عن شيخ العرب همام الذي‮ ‬ولد عام‮ ‬1709‮ ‬وكان أحد أبطال الصعيد الذي‮ ‬عاش حياته في‮ ‬فرشوط بقنا في‮ ‬القرن الثامن عشر‮.. ‬وعندما عرفت انه سيكون أحد أعمال‮ "‬السير الذاتية‮" ‬في‮ ‬رمضان القادم وجدت نفسي‮ ‬منساقاً‮ ‬للبحث عنه،‮ ‬فوجدت ان اغلب ما كتب عن همام انه بطل اسطوري‮ ‬خرافي‮ ‬وشخصية‮ ‬يكتنفها الغموض‮.. ‬وذلك البحث ليس لإهالة التراب علي شيخ العرب همام واطفاء هذه الاسطورة ولكن فقط من اجل ان نري الحقيقة بدون معايشة أي‮ ‬حالة من الخداع في‮ ‬التاريخ والسياسة والدراما ايضا‮.. ‬وحتي‮ ‬نتأكد من اسطورية هذه الأحداث كان من المفروض ان نستمع الي احد المتخصصين في‮ ‬التاريخ حتي‮ ‬يحدثنا عن شيخ العرب همام‮.. ‬وكان الحديث مع الدكتور‮ "‬عبدالمنعم الجميعي‮" ‬استاذ التاريخ الحديث الذي‮ ‬بدأ قائلا ان شيخ العرب همام اول من أنشأ جمهورية في‮ ‬الصعيد خلال عصر المماليك ويعد أول رئيس جمهورية في‮ ‬الصعيد ولكن لم‮ ‬يطبق نظام الحكم الجمهوري،‮ ‬وانفصل به في‮ ‬منتصف القرن الثامن عشر استمرت اربع سنوات من‮ ‬1765‮ ‬الي‮ ‬1769،‮ ‬فكان محارباً‮ ‬قاد جيشاً‮ ‬كونه بنفسه من‮ ‬35‮ ‬الف مقاتل،‮ ‬تمتع همام الذي‮ ‬ينتمي‮ ‬للأسرة الهمامية بنفوذ وسلطة واسعة في‮ ‬الصعيد فكان الحاكم الفعلي‮ ‬له وكانت قبيلته تمتلك السيادة في‮ ‬العصر المملوكي‮ ‬وسيطر علي اراضي‮ ‬الصعيد كلها ومسالك التجارة بها كما كسب ود القبائل العربية القاطنة في‮ ‬الصعيد فبني‮ ‬قوته وسط رضا الجميع وتمكن من قلوب الناس هناك سواء عرباً‮ ‬أو فلاحين،‮ ‬وكان من بين صفاته‮ "‬الكرم والعدل والسخاء والفطنة وحسن السياسة وكاريزما قوية سيطر بها علي جميع أنحاء الصعيد واستقل به واقفا في‮ ‬وجه السلطة الغاشمة وادار الامور بكفاءة وحسن تصريف،‮ ‬فظهر علي مسرح الاحداث من خلال حمايته للفلاحين من ظلم الادارة العثمانية ومتاعب الاعراب واقام حياة نيابية ووزع الاراضي‮ ‬علي الفلاحين واستطاع ان‮ ‬يكون سنداً‮ ‬لهم،‮ ‬كذلك اهتم بالعلماء وكرمهم وقام بإصلاح مسجد عبد الرحيم القناوي‮ ‬ووضع نظام للأمن وتحقق الرخاء والازدهار في‮ ‬الصعيد‮.. ‬ولذلك وجدت الحكومة بالقاهرة في‮ ‬هماماً‮ ‬المنافس القوي‮ ‬الذي‮ ‬يعينها ويساعدها علي استقرار الأمن في‮ ‬الصعيد،‮ ‬ويستمر ذلك حتي‮ ‬بدأت مصر تعاني‮ ‬من الفساد والظلم والاستبداد،‮ ‬ففي‮ ‬عهد كل مملوك من المماليك لم تكن تسلم من ولايته او ظلمه،‮ ‬وظهور المملوك الشركسي‮ ‬علي‮ ‬بيك الكبير في‮ ‬الشمال الذي‮ ‬كان‮ ‬يطمع في‮ ‬تولي‮ ‬منصب شيخ البلد الذي‮ ‬كان آنذاك بمثابة زعيم دولة وكان علي الجهة الاخري الشيخ همام بن‮ ‬يوسف الهواري‮ ‬الذي‮ ‬كان‮ ‬يستعد لتولي‮ ‬منصب شيخ العرب،‮ ‬ويستمر ذلك حتي‮ ‬وفاة همام عام‮ ‬1769‮ ‬عن عمر‮ ‬يناهز الستين عاما،‮ ‬وبعد وفاته‮ ‬يعود عصر الفوضي ويتم الاستيلاء علي الصعيد الي أن‮ ‬يتولي‮ "‬محمد علي‮" ‬الذي‮ ‬يتخلص من الزعامات ويسيطر علي الصعيد ويصبح الحاكم المصري‮ ‬الأول بلا منازع‮!‬ وبسؤال الدكتور‮ "‬الجميعي‮" ‬حول مدي حرية المبدع في‮ ‬التصرف بالنسبة للأعمال التاريخية‮: ‬رد قائلا ان المبدع‮ ‬يبدع كيفما‮ ‬يشاء بشرط ألا‮ ‬يلوي‮ ‬عنق الحقيقة،‮ ‬فيستطيع ان‮ ‬يلعب في‮ ‬الدراما ولكن مع الاحتفاظ بالحقائق الثابتة،‮ ‬فالتشويق امر مطلوب كقصص الحب والغرام‮.. ‬وبالنسبة لأكثر الاعمال الدرامية التاريخية استفزازاً‮ ‬قال ان‮ "‬الملك فاروق‮" ‬و"عبدالله النديم‮" ‬والأبطال‮" ‬و"نابليون بونابرت‮" ‬هم أكثر الاعمال استفزازاً‮ ‬لاحتوائها علي اخطاء تاريخية،‮ ‬ولكن اكثر الاعمال انصافا هو فيلم‮ "‬الناصر صلاح الدين‮" ‬بطولة الفنان أحمد مظهر،‮ ‬وبسؤاله عن أن الدراما السورية أمينة ومنصفة للتاريخ أكثر من‮ ‬غيرها؟ رد قائلا إن الدراما السورية اخذت اوضاعاً‮ ‬افضل من الدراما المصرية لأنها احتفظت بالسياق التاريخي‮ ‬للحدث بشكل أكبر كذلك الانفاق علي المسلسل وتسويقه والحفاظ علي الهوية التاريخية،‮ ‬وهذه النقاط هي‮ ‬السبب في‮ ‬تفوق الدراما السورية ولكن الي حد ما،‮ ‬فلابد أن‮ ‬يكون العمل الدرامي‮ ‬التاريخي‮ ‬تحت رعاية الدولة وانها تخدم جيداً،‮ ‬ويتم الانفاق عليها عن طريق الحكومة وليس افراداً‮ ‬لأن ذلك تراث للوطن‮.. ‬وعند الدراما والكتابات التاريخية اشاد الدكتور‮ "‬عبد المنعم الجميعي‮" ‬ان الكتابات التاريخية تقع في‮ ‬فخ تقديس الشخصية دون ان‮ ‬يكون لديه الوعي‮ ‬الكافي‮ ‬ليحمي‮ ‬نفسه من الانبهار بالشخصية،‮ ‬فالبعض‮ ‬يصور الحق باطلاً‮ ‬والباطل حقاً‮ ‬ولذا‮ ‬يجب الحفاظ علي التاريخ من ألاعيب الذين‮ ‬يرغبون في‮ ‬الكسب الرخيص،‮ ‬مثل سليمان الحلبي‮ ‬الذي‮ ‬صوره الابداع التاريخي‮ ‬علي أنه مناضل وهذا ليس صحيحاً‮.. ‬ولكن هناك شخصيات مجهولة تاريخيا بالرغم من أنها لعبت دوراً‮ ‬سياسيا في‮ ‬تاريخ مصر‮.. ‬والسؤال المطروح الآن هو‮ "‬هل تم اختيار الممثل المناسب للدور؟‮" ‬وهل المواصفات الجسمانية ليحيي الفخراني‮ "‬بطل العمل‮" ‬تناسب ذلك الدور؟ فهل‮ ‬يكون شيخ العرب همام البطل الذي‮ ‬لا‮ ‬يخطئ ويرتدي‮ ‬عباءة‮ "‬البطل المنقذ‮" ‬في‮ ‬عصر الأبطال الاسطوريين لم‮ ‬يعد لهم مكان‮.‬

الوفد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق