كثيراً ما نخسر معاركنا العادلة لمجرد عدم امتلاكنا وسائل الدفاع او الهجوم علي خصومنا الضعفاء لأننا ببساطة لا نستخدم سوي سلاح الصراخ الذي يمكن اعتباره معادلاً موضوعياً لسياسة الشجب والاستنكار التي تنتهجها الانظمة العربية، وكثيرة هي المعارك التي خسرناها والتي كان آخرها قضية الرسوم والافلام المسيئة للرسول صلي الله عليه وسلم، وموقف مهرجان روتردام الاخير الذي اعلن رئيسه خالد شوكات عن دعوة النائب الهولندي جيرت فيلدرز للمشاركة في الدورة القادمة لمهرجان روتردام للفيلم العربي وعرض فيلمه المثير للجدل "فتنة" خطوة نحو الحوار مع الآخر واثبات تطرفه وعنصريته من خلال تفنيد حججه، والرد عليها بما يليق بمثقفين يمتلكون القدرة علي الجدل والحوار للدفاع عن عقيدتنا ورسولنا الكريم بأسلوب علمي يناسب معتقدات وافكار الغرب. ولكن بعيداً عن المبادرة التي قد تهدف لإثارة الجدل اكثر مما تهدف لتصحيح صورة الرب والمسلمين في اوروبا خاصة ان الفيلم مضت عليه فترة طويلة تجعلنا نفكر في اسباب اختيار هذا الفيلم في الدورة القادمة لا في الدورة السابقة مثلاً، ولكن ما يجب ان نؤكد عليه ان دعوة فيلدرز لمهرجان روتردام للفيلم العربي ومناقشة أفكاره لا فيلمه الردئ شيء جيد وايجابي اذا ما تم من خلال ندوة تقام علي هامش المهرجان رغم ان هذا الدور الذي نشكر ادارة المهرجان عليه يجب أن تتولاه جهات واشخاص آخرون مثل وزراء الخارجية والثقافة العرب الذين لا يقومون بواجبهم من تصدير الثقافة العربية والاسلامية للآخر والعمل علي تحسين العلاقات الخارجية بين الدول لمزيد من التقارب بين الثقافات المختلفة لتفادي أي صدام قد يحدث في المستقبل. ولكن الاعلان عن مشاركة فيلم "فتنة" او علي الاقل عرضه داخل المهرجان يعتبر اساءة للمهرجان لا لمشاعر المسلمين التي قد يطالب الكثير منهم بمقاطعة المهرجان واعبتاره أحد المروجين للاساءة المتعمدة للرسول الكريم لأن المهرجان ليس مهرجانا لحوار الثقافات ولكنه مهرجان سينمائي متخصص يعتمد علي لجنة تختار الافلام المشاركة في مسابقته الرسمية او المشاركة علي هامش المهرجان بناء علي أصول وقواعد فنية لا يمكن الاختلاف عليها. واذا نظرنا الي فيلم فيلدرز سنجد انه خال من معظم العناصر الفنية التي يعتمد عليها العمل السينمائي حتي لو حاول صناعه ادراجه تحت قائمة السينما الوثائقية لأن الفيلم الأزمة الذي شاهده معظم المسلمين في العالم مجرد حالة متجسدة للعنصرية والبغض لرافد من روافد الانسانية الذي اصبح الرمز المتجسد للارهاب في العالم بمساعدة اللوبي الصهيوني الذي نجح خلال عقود في الترويج لأفكار اصبحت مع الوقت يقينا لا يقبل الشك في كوننا همج لا نقبل الاخر ولا نقدر حرية الرأي والتعبير سواء كشعوب او ديانات او انظمة تتناقل وسائل الاعلام العالمية قمعها للتظاهر السلمية وقهرها للمطالبين بالتغيير. وإذا كنا نياماً لاندرك الحقيقة الا بعد فوات الاوان فلن يفيد عرض فيلم "فتنة" خاصة بعد رفض صاحبه حضور المهرجان ومناقشة افكاره ولا اعتقد أن مبادرة خالد شوكات ومحاولته احراج فيلدرز اثناء حملته الانتخابية التي يستخدم العرب فيها كوسيلة دعاية قد تضر به ولكنها قد تضر بالمهرجان الذي يبدو ان رئيسه يلعب بالنار في وقت لا نحتاج فيه الا لاستخدام سلاح السينما الذي سخرته امريكا للترويج لكل ما تملكه وما لا تملكه من افكار وشعارات وصناعات وبدأت اسرائيل في استغلاله مؤخراً للعمل علي تجميل وجهها القبيح امام العالم ونحن مازلنا محلك سر لا نتحرك الا لمجد شخصي وأو ربح مادي رغم أننا قد نحصل علي كليهما ببعض الوقت والجهد والعمل الذي نستطيع بدلاً من الاعتماد علي سلاح الصراخ الذي لا تفهمه الثقافات الغربية.
الوفد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق