الخميس، 28 يناير 2010

‏امبراطورية المستشارين فى مختلف وزارات و قطاعات مصر‏ ‏!‏!!



تشير بعض التقارير الرسمية إلي ان عددهم لا يزيد علي‏500‏ مستشار وزير في مختلف وزارات وقطاعات الدولة‏,‏ ربما تقليلا من حجم المشكلة أوتهوينا من أهمية الملف الذي يفتح بين وقت وآخر.
فتح هذا الملف يكون مصحوبا غالبا بفضيحة رشوة أو حديث عن أموال مهدرة‏,‏ لكنهم وبكل صراحة صاروا فعلا ملفا مثيرا للدهشة أخر هؤلاء كان فريق مستشاري وزير التعليم السابق يسري الجمل‏,‏ هذا الفريق الذي كشف عن نفسه ـ ربما بدون قصد ـ فتح لنا صفحة جديدة في هذا الملف الساخن‏.‏
بينما كشف تقرير برلماني ناقشته لجنة التعليم في مجلس الشعب في نفس وقت موجة رحيل السادة المستشارين عن جانب آخر من الملف المدهش‏.‏
تفاصيل الإنفاق مثيرة والانجاز في العمل لا أحد يعرف تحديدا ما هو بينما أسماء هؤلاء لامعة بما يكفي للكتابة عنهم وسؤال من يعرفون مزيدا من التفاصيل‏.‏
قصة المستشارين تبدأ عندما جاء وزير التربية والتعليم الدكتور يسري الجمل للوزارة المهمة والثقيلة وزارة التربية والتعليم‏,‏ في ديسمبر‏2005‏ ورحل في يناير‏2010‏ أربع سنوات كان فيها الوزير محاطا بفريق من المستشارين يجيدون التحدث كل في مجاله وغالبا ما كان الوزير يكتفي بالصمت أو الكلام العام عن عناوين خطط التطوير فقط أما السادة مستشارو الوزير فكانوا نجوم التصريحات خاصة من كانوا يتولون ملفات شعبية كالثانوية العامة أو التقويم الشامل‏,‏ هذا طبعا بالأضافة للدكتور رضا أبو سريع مساعد أول الوزير والنجم السنوي لامتحانات ونتائج الثانوية العامة‏.‏وحسب الاحصاءات البسيطة فإن وزير التربية والتعليم كان لديه حوالي عشرة مستشارين في قطاعات العمل المختلفة في الوزارة بخلاف سبعة من مديري المراكز الخاصة وهؤلاء أيضا اتي بهم الوزير من الخارج مع قدومه للوزارة وكان علي رأس هؤلاء المستشارين المستشار دكتور أحمد فهمي مستشار الوزير السابق لشئون التكنولوجيا الذي تقدم بإستقالته بعد أقل من ثلاثة أيام علي قدوم الوزير الجديد تلاه دكتور حسن الببلاوي مستشار الوزير للتخطيط الأستراتيجي والمسئول عن ملف تطوير الثانوية العامة وكذلك كان مشرفا علي المعونات الخاصة بتنمية الطفولة المبكرة ومشروع دمج ذوي الاحتياجات الخاصة تلاهم سمير يوسف مستشار الوزير للنظم والمعلومات واحد مستشاري مشروع تنمية الطفولة المبكرة ورياض الأطفال وأخيرا جاءت استقالة دكتور عادل عبدالغفار المستشار الاعلامي للوزير السابق والمسئول عن مشروع الترويج المجتمعي للثانوية العامة الجديدة‏.‏أربعة من كبار المستشارين ذهبوا سريعا في ذيل الوزير السابق ليؤكدوا نفس السيناريو الذي يحدث مع كل وزير يأتي بمجموعة من المستشارين غالبا من زملاء العمل أو أصدقاء الطفولة يثق في ولائهم له ليكونوا قريبين منه ثم يرحل الوزير فلا يجد السادة المستشارون مفرا من الرحيل فقد انتفي سبب وجودهم وربما هذا أول ما فكر فيه هؤلاء المستشارون الراحلون وعلي رأسهم الدكتور سمير يوسف الذي كان زميلا وصديقا للوزير السابق في الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا‏.‏
قروض في الثلاجةوبينما كانت استقالات السادة المستشارين تتوالي علي الوزير الجديد أحمد زكي بدر كانت جلسة عاصفة في لجنة التعليم بمجلس الشعب تكشف عن المزيد من التفاصيل المدهشة حقا كان من بينها بالتأكيد الثمن الذي دفعه الوزير السابق لبقاء هؤلاء المستشارين بجانبه‏,‏ التقرير الذي ناقشته اللجنة واعده الدكتور السيد الفيومي وكيلها كان يتحدث في الأساس عن معونات وقروض ومنح حظيت بها الوزارة المهمة علي مدي سنوات لتمويل مشاريع لتطوير التعليم وإصلاح منظومته لم تستخدمها الوزارة وظلت لسنوات بلا فائدة بينما الدولة تلتزم بسداد أقساط تلك القروض وآداء التزامات معينة تجاه الدول المانحة للمنح التي ترد وكما جاء في التقرير إنه وحتي عام‏2006‏ كانت المخصصات لقطاع التعليم والبحث العلمي حوالي‏375.803‏ مليون دولار منها‏208‏ ملايين قروضا بنسبة‏55.4%‏ قروضا يتم ردها و‏477,167‏ مليون دولار منح أي بنسبة‏44.6%‏ منح لا ترد‏,‏ ما تم استخدامه منها حوالي‏167.477‏ أي بنسبة حوالي‏60%‏ فقط من قيمة التمويل المخصص لهذا القطاع وقد تحدد استخدام قيمة تلك الأموال في مشروعات تحسين نوعية التعليم وتصميم المناهج والأهتمام بالتعليم الفني وتحسين جودة وكفاءة التعليم الفني وتنفيذ سياسة قومية للتعليم والتدريب الفني والمهني وأخيرا إتاحة تعليم ذي جودة في مرحلة تعليم الطفولة المبكرة لتحسين استقرار الأطفال في سن الرابعة والخامسة للالتحاق بالمدرسة وبالمناسبة المشروع الأخير بدأ في ديسمبر من عام‏2006‏ بمشاركة بين البنك الدولي والوكالة الكندية وبرنامج الغذاء العالمي ويفترض ان تنتهي مدته في ديسمبر‏2001‏ وان يتم تطبيقه في خمس محافظات وهي الفيوم والمنيا وبني سويف وقنا وأسيوط كما نشرت الوكالة الكندية علي موقعها الألكتروني وهو نفسه المشروع الذي كان مستشاره دكتور سمير يوسف‏.‏ والدكتور السيد عطية الفيومي وكيل لجنة التعليم وصاحب التقرير قدم لنا مزيدا من المفاجآت قائلا‏:‏ هذا التقرير كان من المفترض ان نناقش فيه وزير التربية والتعليم السابق دكتور يسري الجمل منذ أكثر من عام وطالبنا الوزير وقتها بأن يحضر للمجلس لنناقشه ولكنه لم يحضر وأرسل لنا في ابريل‏2009‏ مستشاره للتطوير التكنولوجي فرفضنا لان الموضوع يتعلق بملف اكبر كثيرا وهو التعليم ثم عرضناه مره أخري في نفس الدورة وفعل الوزير نفس الشيء ولم يحضر وأرسل لنا دكتور رضا أبو سريع مساعده وطالبنا ان يحضر الوزير بنفسه ولم يحضر وانتهت الدورة البرلمانية ومع بداية الدورة الجديدة عرضنا التقرير مره أخري وكان الوزير الجديد قد تولي فجاء بنفسه ليعرف ما يحدث ووعدنا بالأهتمام بكل ما جاء فيه خاصة ان التقرير لم نعتمد فيه فقط علي مجرد تسجيل أرقام بل ورصدنا ما في العمل من مخالفات‏,‏ فالكلام عن المشروعات براق جدا‏,‏ بينما الواقع شيء آخر تماما فلا المدارس تم تطويرها ولا المشروعات البراقة للكمبيوتر والأنشطة والمعامل لها وجود الا في عدد قليل جدا فهناك مدارس لم نجد بها اثاثا يجلس عليه التلاميذ اصلا بينما الوزارة لم تسحب من المنح والقروض ما يمكن استخدامه لتوفير تلك الاحتياجات الأساسية ولا نعلم السبب حتي ما انفق لم تتم الاستفادة منه فهل يتخيل أحد ان الأجهزة التي تم شراؤها مثلا لتطوير بعض المدارس الفنية لازالت في صناديقها منذ سنوات ولم تستخدم حتي الآن كما حدث في مدارس المنطقة الثانوية الفنية بشبرا التي تم تجهيزها بمطابع تبلغ قيمتها حوالي‏100‏ مليون جنيه لتكون مطابع تعليمية للطلبة وتستفيد بها الوزارة في طباعة الكتب ولم تخرج من صناديقها حتي الآن‏!!!!‏‏(‏مستشارو الملايين‏)‏أما بند المستشارين وكما جاء بتقرير مجلس الشعب ففيه الكثير من علامات الاستفهام مثلا‏:‏ تلقت الوزارة في الخطة الخمسية التي بدأت في‏2007‏ وتنتهي في‏2012‏ حوالي‏120‏ مليون يورو تمويلا أوروبيا لتطوير التعليم علي ثلاث دفعات بلغت قيمة مكافآت المستشارين فيه حوالي تسعة ملايين ونصف المليون يورو تتنوع بين مستشارين مصريين وأجانب وذكر التقرير علي سبيل المثال أنه في شهر مايو‏2008‏ استعانت الوزارة بثلاثة خبراء محليين للعمل لمدة شهر علي تشكيل هيكل جديد لعمل الوزارة وتكلف عملهم‏90‏ ألف جنيه بينما في شهر مايو تم الأستعانة بمجموعة من الخبراء الدوليين والمحليين لإعادة هيكلة نظم إدارة المعلومات بكلفة‏660‏ ألف جنيه بينما تكلفت لجنة تطوير وإصلاح التعليم حوالي مليون و‏700‏ ألف جنيه‏.‏وأمثلة عديدة ذكرها التقرير بالتأكيد كان من بين المشاركين الرئيسيين فيها السادة الخبراء من المستشارين الذين حاول أعضاء لجنة التعليم بملجس الشعب وكما قال لنا دكتور السيد الفيومي معرفة عددهم بالتحديد بينما كان يعد تقريره وفشلت اللجنة في تحديدهم تماما مؤكدا تحديه ان يعلن احد المسئولين عن عددهم وحجم ما يتقاضونه بالتحديد من مكافآت بينما أكد لنا أحد المصادر التي سبق لها التعامل مع وزارة التعليم ان احد هؤلاء المستشارين والذي تم تصعيده ليكون المساعد الأول للوزير السابق يتقاضي رسميا وبناء علي قرار تعيينه من رئيس الوزراء حوالي‏30‏ ألف جنيه منها‏6‏ آلاف جنيه راتب اساسي وأربعة أمثال الراتب مكافآت شهرية طبعا بخلاف مكافآت الأشراف علي المشروعات الممولة وورش العمل ومؤتمرات التطوير والأشراف علي الامتحانات التي تصل الي‏9000‏ يوم‏!!!‏دكتور محمد عبدالظاهر الطيب عميد كلية التربية السابق وعضو لجنة التعليم بالحزب الوطني واحد خبراء التعليم يعلق قائلا‏:‏ أنا لا أعرف ماذا يفعل هؤلاء المستشارون بالتحديد خاصة ان بعضهم لا علاقة له بالتعليم ولهم خبرات متميزة بالتأكيد في مجالات أخري ويكفي ان أذكر مثالا واحدا وهو ملف الثانوية العامة الجديد الذي اتحدي من كانوا مسئولين عنه من مستشارين ان يقولوا لنا ما هو بالتحديد أنا شخصيا عرض علي أربعة نماذج مختلفة من المشروع الذي يعتبره الوزير السابق ومستشاروه أهم منجزاتهم وتم الانفاق علي لجانه ومؤتمراته الملايين فقد قدم لنا في لجنة التعليم بالحزب مشروع مختلف عما قدم لهيئة ضمان الجودة وعما قدم للجنة الاستشارية بمكتبة الأسكندرية وكما قلت فإن هناك مستشارين لا علاقة لهم بالتعليم نهائيا ومنهم من كان مستشارا للوزير أصبح مسئولا عن التخطيط والأستراتيجية‏,‏ مناصب وتوصيفات وظيفية كبيرة بينما الحصيلة لا شيء فلا التعليم تطور ولا المدارس أصبحت صالحة لتقديم الخدمة ولا الطفولة تحسنت ويكفي ان نعرف ان مشروعا ضخما كتطوير رياض الأطفال وتشجيع الالتحاق به الذي يتبناه البنك الدولي وعدد من المؤسسات المانحة الكبري اكتفي بجلسات وورش عمل في كليات التربية التي بها اقسام رياض اطفال بينما لم نر شيئا في المدارس علي أرض الواقع كل ماحدث خلال السنوات الماضية افكار ومؤتمرات وورق واستراتيجيات بينما التنفيذ لا شيء بدليل انهم لم يعرفوا ماذا يفعلون بالأموال الموجودة بالفعل حتي الخبراء الأجانب اصبحوا هم أيضا يأتون ويرحلون بدون ان يقدموا شيئا لانهم يأتون بناء علي طلب الجهات المانحة ويكفي ان اذكر لك مثالا عن احد هؤلاء وأذكر ان أسمه انتوني رد وجاء للعمل ضمن منحة البنك الدولي في خطة تطوير المناهج وفي أحد الاجتماعات التي عقدت منذ شهر تقريبا سألوه هل رأيت المناهج المصرية قال لا وهل تعرف اللغة العربية قال أيضا لا ولكنه جاء وأخذ اجره كاملا هو وكبار المستشارين الذين تعاونوا معه وعلي رأسهم مستشار الوزير لتطوير المناهج الذي استقال مؤخرا بينما كان بدل حضور صغار الموظفين في تلك الجلسات‏450‏ جنيها‏.‏
حالة فوضيدكتور شريف قاسم استاذ الأقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية يري ان ما يحدث هو حالة فوضي اصبحت تشهدها الوزارات والهيئات الحكومية خلال السنوات الأخيرة وأهم ملامحها قصة هؤلاء المستشارين الذين لا يسأل أحد لماذا أتوا ولا ماذا يفعلون وكم يتقاضون؟ويكمل‏:‏ المنح والقروض التي تحصل عليها الدولة بهدف التطوير اصبحت وكأنها مال سائب بلا صاحب وترك الانفاق بيد الوزراء اصبح بلا رابط فهؤلاء يتعاملون مع تلك الأموال علي انها ليست جزءا من أموال الدولة وهو أمر غريب جدا فكل هذه الأموال لها ثمن سواء كانت قروضا أو منحا تدفعها الدولة من ميزانياتها أو حتي سياستها وتوازناتها الدولية بينما حالة البذخ غير المقنن تتزايد كل يوم بلا ضابط ويكفي ان نعرف ان بعض المستشارين يتقاضون مئات الألوف شهريا فلا يوجد سقف محدد لتلك المكافآت ولا كوادر مالية يمكن محاسبتهم بناء عليها والأستنزاف مستمر والموظفون القدامي من أصحاب الخبرات في كل موقع لا أحد يلجأ اليهم والخبيراو المستشار صار وكأنه الوحيد الذي يفهم مما تسبب في حالة احباط شديد لدي من يفهمون فعلا في تخصصاتهم الإدارة الرشيدة لا تلجأ الي مستشارين الا في التخصصات النادرة أو المستحدثة ولكن مجرد المنظرة والرغبة في مكافأة البعض للصداقة أو لكونه كان يعمل في جهة مهمة قبل إحالته للمعاش مثلا أمر لا تعرفه سوي الإدارة المصرية التي تنفق ببذخ لا يتناسب اطلاقا مع وضعنا الأقتصادي‏.‏

الاهرام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق