الاثنين، 18 يوليو 2011

مارينا خارج نطاق الثورة



بعيدا عن قيظ حرارة القاهرة ولهيب الثورة فيها‏,‏ تبدو ملامح الصيف في مارينا تسير وتيرتها بشكل طبيعي‏.‏ لتظهر المدينة ـ التي كثيرا ما شهدت عقود زاوج المال والسلطة علي مدي العشرين سنة الأخيرة ـ
كما لولم تصل لها ثورة مصر. حتي وا ن كانت فقدت بعضا من روادها إلا أن استمرارمظاهر الحياة المترفة وخصوصية مناطق الكبار وشواطئهم ويخوتهم في مواجهة ثبات بل نقص دخول بعض العمالة والموظفين يثير الكثير من التساؤلات عن استمرار وجود مصرين, إحداهما شديدة الغني والأخري تعيش في فقر مدقع, في ظل وجود ثورة من بين مطالبها العيش والعدالة الاجتماعية, ببساطة الحق في حياة كريمة.إنه نفس يوم الجمعة, في ميدان التحريرتجمعات حاشدة من الشباب وسكان القاهرة والمحافظات تطالب بالتطهير والمحاكمات لرموزالفساد وقتلة الثواروكذلك بالعدالة و حقوق الفقراء وترفع شعارات الثورة أولا في عودة إلي ثورة غضب ثانية في مصر أما في مارينا ورغم أن عدد من روادها هجرها هذا الصيف إلي بورتو طرة إلا أن المشهد يبدو مختلفا تماما. شباب وفتيات مارينا وقري الساحل المختلفة يتجمعون في بورتو ليهتفون ويهللون لا من أجل إيقاف المحاكمات العسكرية للمدنيين أوإقالة النائب العام وإنما لتشجيع أصدقائهم في سباق سيارات تجريه إحدي شركات المشروبات المعروفة. وبينما المعتصمون في التحريريشعرون ان ثورة مصر لم تتحقق مطالبها وبضرورة استمرار التظاهرات لا يفكر كثير من الشباب في مصر الأخري في مارينا بنفس الطريقة. لتستمر الاعتصامات والتظاهرات في التحرير وكذلك حال رواد مارينا الذين وإن قل عددهم بعض الشيء عن السنوات الماضية إلا أن هذا الشهر بدأ يشهد عودة مظاهر الحياة للمدينة الساحلية ذات الطبيعة الخاصة. عالم خاص يضم بين جنبات مناطقه من الرابعة إلي السابعة, أسرار الحياة المرفهة لصفوة المجتمع وإن كان الكثير منهم بدأ منذ عدة سنوات التوجه الي مناطق أخري اكثر خصوصية علي الشاطيء الشمالي مثل مراسي وهاسيندا. لكن تظل مارينا بالنسبة للكثيرمن المصريين بفيلاتها الفخمة وحراساتها ومناطقها وشواطئها المحظورة علي العامة في كثير من المناطق ويخوتها التي تتعدي أجرة الساعة فيها السبعمائة جنيه, عالم الأغنياء. عالم حاول الكثيرون التسلل إليه, سواء بالايجار أو عن طريق قضاء يوم واحد اعتمادا علي معرفة اسم شخص هنا أو هناك للاستمتاع بالانتساب لعالم الأغنياء علي شواطيء مارينا1 أو2 وذلك حتي ليوم واحد.الكبار أصبحوا أقل عجرفةمارينا لا تبدو قد وصلتها نفحات ثورة مصر كما علقت مروة وصديقتها رانيا في زيارة لأول مرة لمتابعة السباق. وأضافتا( هنا الناس تبدو كما لو أنهم لا يعيشون في مصر). أما علاء, أحد حراس مناطق الصفوة وكبار رجال الدولة التي طالما شهدت تزاوج المال و السلطة, في مارينا خمسة فيري ان كل ماتغير هو أن محدثه من سكان مارينا أصبح يميل بكرسي سيارته إلي الأمام قليلا أي أنه أصبح أقل عجرفة لكن غير ذلك, لم يتغير شيء. ويضيف علاء( احنا حالنا لم يتغير, مازالت دخولنا كما هي بل قلت بسبب قلة الاكراميات والبقشيش من البعض لكن حياة الكبار لم تتغير. فكثير من الفيللات بدأت تستقبل ملاكها من عائلات سكان طرة. يعني هم عايشين حياتهم, يستمتعون بصيفهم ويصرفون ببذخ كعادتهم, يعني اكيد مطمئنين ان من في السجون سوف يخرجون أو أنها فترة مؤقتة)., هكذا يفكر حراس أمن مناطق الكبار في مارينا.فعائلة كمال سرور, شقيق فتحي سرور يأتون لقضاء الصيف بعيدأ عن حرارة ومشكلات القاهرة. وكذلك عائلة رجل الاعمال سليمان عامر, التي تمتلك كومبوند مكونا من أربع فيللات لها مدخل خاص لليخوت وجراج خاص به تنوع من أرقي ماركات السيارات, علق عليها أحد الشباب الزائرين, قائلا عارفين دول ممكن يحلوا مشاكل البطالة والزواج لكام شاب في مصر.فيللات بل إنها قصور فارهة لعدد كبير من الوزراء السابقين ورجال الدولة ورجال الأعمال من بينهم حبيب العادلي, محمد إبراهيم سليمان, علاء مبارك, حسن جميعي وبالطبع اللواء أحمد شفيق و غيرهم كثيرين. ورغم الأوضاع الاستثنائية التي تمر بها البلاد, تبدو هذه القصور الفارهة مضاءة من الداخل أما بسبب وجود بعض روادها من العائلة فيتردد ان إبنة حبييب العادلي تذهب إلي هناك من آن إلي آخر, أو بسبب بعض التجديدات التي يقوم بها البعض الآخر, مثل فيلا محمد إبراهيم سليمان.أوضاع تشعر الكثيرين من عمال و موظفي المدينة من البسطاء أن مصر لم تتغير وأن العدالة التي تطالب بها الثورة ليست في مجال التطبيق بل ان الفقراء منهم يزدادون فقرا.مارينا لم تتغير, حراسات و مناطق محظورةنعم فمارينا بعد الثورة لا تبدو مختلفة. فالبوابات حراساتها مشددة و لا تسمح للمرورالا بالاتصال بأحد ملاك الفيلات أو الشاليهات مؤكدا لرجل أمن البوابة انك ضيفه أو بتذاكر دخول. وفي الداخل هناك مناطق محظور دخولها الا للملاك.علي شاطيء مارينا2 بعض الأسر المصرية المتوسطة التي تستمتع بالبحر, تمتلك أو تؤجر شاليها وأخري لا تستطيع دفع قيمة الإيجاررغم انه قل هذا العام بنسبة من20 إلي 30 % المهندسة سلوي, احد المشاركات في ثورة يناير لكنها قررت أن تأتي الي هنا مع أطفالها الصغار حتي لا تحرمهم حق الاستمتاع كما تقول مضيفة أن قلة عدد زوار مارينا هذا العام بسبب قلق البعض من عدم أمان الطريق رغم عدم صحة ذلك. سلوي تؤكد انها تؤيد ثورة التحرير لكنها تعلم كما تقول أن كثيرا من القضايا ضد الكبار لن تثبت التحقيقات إدانتهم لأن حصولهم علي الأراضي أو علي امتيازات كان يتم وفقا للقوانين والموافقات الرسمية. أما عائلة فتحي طه, فأتوا للاستمتاع بشاطيء الأغنياء يوم واحد رغم التكاليف في ظل زيادة الأسعار في الفترة الأخيرة كما تشكو كوثر, ربة الأسرة. ورغم شكوي الأسرة من ارتفاع الاسعار وثبات الدخل فهم يرفضون استمرار التظاهرات. فتحي يرجع ذلك لعدم شعوره بالأمان ولأنه من وجهة نظرة لا يري أنه ليس كل المطالبين بالحقوق يفكرون في المصلحة العامة وانما بعضهم يبحثون عن مصالح شخصية. بينما تري الابنة نجلاء أنه آن اوان أن يصلح المصريون من أنفسهم وألا نواجه اليوم المزيد من السارقين ولكن علي مستوي أصغر يستولون علي حقوق غيرهم بغير حق في ظل غياب القانون هذه الفترة. أما الأم فلا تتواني عن الشكوي من تعسف وظلم مديرها في العمل في نفس الوقت الذي تستنكرفيه استمرار اعتصام الشباب.وهو نفس موقف محمود الذي يعمل بائعا في أحد محال بورتو مارينا, ويؤكد ان مبيعات اليوم الواحد في مارينا كانت تصل الي16 و17 ألفا, اما هذا العام فلا تتعدي الخمسة آلاف, وهو ما يؤثر علي دخولهم التي قلت بنسبة40 % محمود يري ان استمرار الثورة يؤدي لخوف الكثيرين من التحرك الي الشواطيء الساحلية. ورغم ان محمود قد شارك في ثورة يناير إلا انه الآن يري ان كثير من الامور لم تتحقق وهرب كثير من الكبار بثرواتهم ولم يتأثروا وأغتني البلطجية وتجار السلاح بينما نعاني نحن الغلابة ولا أحد يحدثنا عن مستقبلنا. بينما يؤكد أحمد البائع في المحل المجاور انه مع استمرار الثورة حتي يحاكم الكبار والفاسدون ويحصل الفقراء منا علي حقوقهم منهم كما يقول الشاب القادم من الشرقية بحثا عن لقمة عيش في مصيف الصفوة.هنا ناس مرتاحة لا تشعر بمشاكل الفقراءو علي مرسي اليخوت في بورتو مارينا, يقوم أحمد القادم من شرم الشيخ بتأجير اليخوت والجتسكي للشباب والفتيات الذين اتوا للاستمتا ع بالالعاب المائية وبصيف مارينا دون أن يشغل بالهم اعتصام القاهرة أو ثورة السويس. ويقول ان هنا في مارينا مصر تانية, الناس هي هي لم تتغير وكذلك الأسعار من600 إلي700 في الساعة.الناس دي مرتاحة مش حاسين بلوعة الفقراء ومشكلاتهم, لكن احنا يهمنا محاكمة الفاسدين و استرداد اموالهم و اخذ حقوقنا, جملة كثيرا ما تتردد بين عمالة مارينا الفقيرة التي تستفزها الآن أكثر من ذي قبل مظاهر البذخ والثراء في الوقت الذي لا يخشي أحدهم أن يدخل طفلته المدرسة لعدم قدرته علي الصرف عليها بينما لايستطيع رجب استكمال متطلبات الزواج. عمالة تمر عليها عشرات السيارات المرسيدس والبورش والبي إم والباجيرو, وأسر كباررجال دولة ورجال أعمال تستمع بصيفها في قصورها الفارهة برغم أخبارالمحاسبات و المحاكمات. و حين تسألهم عن هبوط أسعارالفيللات يرد أحدهم ساخرا الفيللا التي تباع بثلاثة ملايين يمكن ان تصل إلي2 مليون و750 الفا أو2 مليون و500 الف.عمال وموظفون يعملون في بوتو مارينا لكن قد لا يحلمون بقضاء ليلة فيه تكلفهم2500 جنيه أو الإستمتاع في أحد الشواطيء الخاصة مثل لابلاج الذي يشترط عمل اشتراك عضوية700 جنيه للفرد و200 للعائلة, بينما لا يستطيع عمل اشتراك لزوجته في شاطيء لافام للنساء فقط لان الفرد ب900 جنيه واليوم ب100 جنيه و150 في الويك آند.فقد بعضهم الأمل في الثورة وتحقيق العدالة بعد أن أصبح شاهدا علي استمرار الحال مثل رجب بينما ينتظر البعض الآخر مثل أحمد اليوم الذي تتحقق فيه مطالبها ليكون له الحق في حياة كريمة وفي العيش في بلده, بكرامة. ورغم انه يقضي سوف يقضي الجمعة القادمة بين الشباب من مشجعي سباق السيارات إلا أن قلبه معلقا بشباب التحرير لتحقيق مطالب الثورة وأهمها, من وجهة نظره, العدالة الاجتماعية ومحاكمة الفاسدين.




المصدر : الاهرام



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق