رغم أن حكومة عصام شرف تسابق الزمن لتنفيذ مطالب المعتصمين في ميدان التحرير وعدة محافظات مصرية ، إلا أن هناك من يسعى بقوة لإشعال الوضع أكثر وأكثر بل ومحاولة الوقيعة أيضا بين الشعب وقواته المسلحة .
ففي 16 يوليو وبعد ساعات من جمعة "الإنذار الأخير" ، فوجيء الجميع برفض آلاف المعتصمين بميدان التحرير الاستماع إلى كلمة من اللواء طارق المهدي عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية من فوق منصة بالميدان .
ورغم أن اللواء مهدي كان ينوي من خلال زيارته للميدان إقناع نحو 15 شابا مضربين عن الطعام منذ 8 يوليو بوقف إضرابهم ، إلا أن خبراً زائفا أذيع من إحدى المنصات بالميدان حول قيام الجيش بفض اعتصام للثوار بمدينة طنطا بالقوة عرقل مهمته بعد رفض الآلاف من المعتصمين بالتحرير الاستماع لكلمته وقيامه على إثر ذلك بمغادرة الميدان فورا .
وبالنظر إلى أن التطور المؤسف السابق جاء في أعقاب عدة إجراءات اتخذها المجلس العسكري وحكومة شرف في الأيام الأخيرة لتلبية مطالب المعتصمين ، فقد حذر كثيرون من أن الانسياق وراء الشائعات في هذه المرحلة الحرجة قد يتسببت في انزلاق الأمور إلى ما لايحمد عقباه ، بل ومن شأنه أن يعطى فرصة ذهبية للثورة المضادة والموساد الإسرائيلي للاصطياد في المياه العكرة أكثر وأكثر .
وكان وزير الداخلية المصري اللواء منصور عيسوي أعلن في 13 يوليو عن أكبر حركة تنقلات وترقيات في تاريخ وزارة الداخلية شملت نقل وترقية 4 آلاف ضابط من الرتب المختلفة كما تضمنت إنهاء خدمة 505 ضابط برتبة لواء وإنهاء خدمة 82 ضابط برتبة عميد وإنهاء خدمة 82 ضابط برتبة عقيد من بينهم الضباط المحالين للمحاكمات الجنائية ، بالإضافة إلى ترقية الضباط من مرتبة ملازم حتى المقدم وفقا للمدة المقررة لكل رتبة.
كما تضمنت الحركة أيضاً نقل 54 ضابطا من المتهمين بقتل المتظاهرين من الرتب الأقل إلى أماكن لاتتعامل مع الجماهير وذلك لحين فصل القضاء في الاتهامات الموجهة إليهم.
تعديل وزاري واسع
عصام شرف
ولم يقف الأمر عند الخطوة السابقة التي تستجيب بشكل كبير لمطالب المعتصمين في ميدان التحرير والسويس والإسكندرية منذ 8 يوليو ، فقد أعلن رئيس مجلس الوزراء المصري الدكتور عصام شرف عن إجراء تعديل وزاري واسع على حكومته بشكل يعكس الإرادة الحقيقية للشعب.
ووفقا لمصادر حكومية مطلعة ، فإن التعديل الوزاري يشمل 15 وزيرا على الأقل ، كما ترددت أنباء أن مستشار صندوق النقد العربي حازم الببلاوي قبل منصب نائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية وأن نائب رئيس حزب الوفد الجديد ووزير التنمية الإدارية الأسبق علي السلمي قبل كذلك منصب نائب رئيس الوزراء.
ورغم أن الآلاف من شباب الثورة واصوا اعتصامهم في ميدان التحرير ، إلا أن هناك العديد من القوى السياسية أعلنت تعليقها المشاركة بالاعتصام رغبة منها في إعطاء حكومة شرف مهلة لتنفيذ وعودها ، موضحة أن حركة تطهير وزارة الداخلية أثبتت عزم الحكومة والمجلس العسكري على الوفاء بالتزاماتهم .
وفي المقابل ، أكدت حركة شباب 6 إبريل أن الاعتصام مفتوح حتى تتحقق المطالب الأساسية للثورة ، وقال المؤسس والمنسق العام للحركة أحمد ماهر إنه لا نية لفض الاعتصام في الوقت الحالي حتى يتم تشكيل الحكومة الجديدة والبدء في تنفيذ المطالب ، مشددا على دعم الحركة لعصام شرف في خطواته لتشكيل "حكومة ثورة حقيقية".
وبصفة عامة وبصرف النظر عن التباين السابق في الآراء بين المعتصمين ، فإن ما يتفق عليه كثيرون أن المجلس العسكري وعصام شرف لا يدخران جهدا في الاستجابة لمطالب المعتصمين ولذا لا بديل في هذه المرحلة الحرجة عن دعمهما لتفويت الفرصة على مخططات الثورة المضادة والموساد الإسرائيلي .
صحيح أن جمعة "الإنذار الأخير" أمهلت حكومة شرف حتى نهاية شهر يوليو/تموز لتنفيذ عدة مطالب منها نقل حسنى مبارك من مستشفى شرم الشيخ إلى سجن طرة استعدادا لتقديمه إلى محاكمة علنية ووقف محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية وتغيير الأوضاع والسياسات التي تسير بنفس المنهج القديم ، إلا أن هناك وجهات نظر ترى أن هذه المدة الزمنية قصيرة جدا وقد تأتي بنتائج عكسية في حال لم يتم تنفيذ بعض المطالب بتأن ودراسة كافية .
فقد رفضت كل من حركة "ثورة 25 يناير" و"ائتلاف 19 مارس" وحركة "أنا مصري" تصعيد الاعتصامات لفرض ما اعتبرتها مطالب فئة قليلة لا تعبر عن أغلبية الشعب المصري وأعلنت بالتزامن مع جمعة "الإنذار الأخير" في 15 يوليو عن مظاهرة في ميدان روكسي شرقي القاهرة تحت شعار "جمعة الأغلبية الصامتة" لدعم المجلس العسكري في مواجهة المزاعم التي تتهمه بالبطء في تنفيذ أهداف الثورة .
والخلاصة أن بث شائعة فض الجيش اعتصاما للثوار بمدينة طنطا بالقوة خلال تواجد اللواء المهدي بميدان التحرير وما أعقبها من ترديد هتافات مغرضة مثل "حكم العسكر باطل" و"يسقط يسقط حكم العسكر" هي أمور تكشف بوضوح أبعاد المؤامرة ضد مصر الثورة ولذا يجب على الجميع الحذر واليقظة وإعطاء الفرصة للمجلس العسكري ورئيس الوزراء عصام شرف لتنفيذ وعودهما للمعتصمين .
المصدر : محيط
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق