الاثنين، 15 نوفمبر 2010

العيد .. متعة الطعام و بهجة الصحة


يلجأ الإنسان إلى الطعام خاطبًا به ود الآخرين ساعيًا إلى صداقتهم، فالأعياد فرصة سانحة دائمًا لاستعادة دفء العلاقات المفقودة ولم شمل الأسرة التى تفرق أبناؤها سعيًا وراء الرزق. فهل يمكن أن نضيف إلى متعة الطعام بهجة ورونق الصحة فى أيام العيد؟يغيب عادة اللون الأخضر عن مائدة العيد فنادرا ما تهتم سيدة المنزل بأطباق الخضار فى العيد إنما يبدو اللحم حاضرا بقوة فى الأطباق الرئيسية والجانبية، وتقدم السلاطة الخضراء على استحياء.قد يكون هذا هو الخطأ الأول الذى يحول دون اجتماع الفائدة والمتعة فى طعام العيد الذى يجب أن يكون فى اختياره قدر من الوعى الصحى وإدراك لحقائق التغذية.لحوم حمراء وبيضاءتصنيف اللحوم إلى لحوم حمراء كما هى لحوم الحيوانات كالأبقار والجاموس والخراف وبيضاء كلحوم الدجاج والأسماك هو تصنيف يخضع لملاحظة الإنسان للون ما يراه. تلك الملاحظة الذكية للإنسان يقابلها بعض من الحقيقة العلمية فهما بالفعل نوعان مختلفان من اللحوم المختلفة فى الصفات والتأثير فيمن يأكلها.يصنف العلم اللحوم وفقا لكمية مادة الميوجلوبين فيها Myoglobin «الهيمجلوبين فى الدم والميوجلوبين فى العضلات».التركيز الأعلى للميوجلوبين فى لحوم الأبقار والجاموس والضأن والخيول والجمال والخنازير لكنه أيضا فى لحم البط والحمام. أما التركيز الأقل فيقع فى لحوم الدجاج والأرانب والأسماك والجمبرى فيما يعرف باللحم الأبيض.هذا التصنيف على دقته العلمية قد يربك الإنسان إذ إنه يضع لحم الأبقار الصغيرة وحملان الأوزى فى خانة اللحم الأبيض فهل يمكن أن يأكل الإنسان لحم البتلو والحملان بدل الأسماك بزعم أنهما من اللحوم البيضاء؟لذا فالحديث عن اللحم الأحمر أو الأبيض لم يعد ملائما لمفردات الغذاء الصحى الآن إنما يعرف اللحم بمحتواه من الدهون المشبعة بغض النظر عن لونه خصوصا بعد تأكد العلاقة بين اللحوم كثيرة الشحوم والتركيز العالى من الكوليسترول بأمراض شرايين القلب والمخ.وفقا لهذا التوصيف تعرف اللحوم الحمراء بأنها كل أنواع اللحوم ومنها البتلو والأوزى بينما تبقى صفة اللحوم البيضاء للطيور عامة والأسماك حتى داكن اللون منها مثل التونة والسلمون ويظل محتوى الدهون فى اللحوم هو الأمر الذى تجب الإشارة إليه عند النصح بتناولها.اللحوم مصدر غنى بالبروتين عالى الكفاءةتتشابه لحوم الحيوانات والجسد الإنسانى فى نوع البروتين الذى تحتويه وبالتالى محتواها من الأحماض الأمينية «وحدة البروتين الأساسية». هى من وجهة النظر الغذائية بروتينات عالية القيمة مثلها أيضا لحوم الأسماك والطيور والدجاج والبيض ومنتجات الألبان بينما تختلف محتويات البروتينات فى الفاكهة والخضراوات والحبوب فقد تقل أو ينقص بعضها.لذا فاللحوم تمد الإنسان بنوعية أعلى من البروتينات لا يمكن الاستغناء عنها، يمكن للجسم أن يمتصها بسهولة وتعويض ما ينقصه من جميع الأحماض الأمينية دون نقصان، وهى الأحماض التى يحتاجها الإنسان لأغراض بيولوجية فى عمليات الهدم والبناء التى تختلف بين الشباب والكهولة.وعليه فإن قدرا معقولا من اللحوم يزود الجسم بما يحتاجه من بروتين وحديد وكرياتين لازم لبناء العضلات ومجموعة من المعادن منها الزنك والفسفور والفيتامينات خاصة مجموعة «ب» المركب ومضادات الأكسدة.الطريقة السليمة للجمع بين الأطعمة فى العيدمن الطبيعى أن تقدم فى الأعياد اللحوم كطبق رئيسى على المائدة لكن إضافة أصناف أخرى من الخضراوات والمعجنات والسلاطة أمر يجب أن يوضع فى الاعتبار إذا أردنا أن نتمتع بالطعام بصورة صحية بعيدا عن التخمة واحتمالات اضطرابات الجهاز الهضمى التى قد تتكرر خصوصا فى عيد الأضحى.هناك بعض من أصناف الطعام يتم هضمها بصورة أسرع من غيرها وفى وجود إنزيمات بعينها أو مع توافر جو حمضى أو قلوى. هذا الاختلاف يربك المعدة والأمعاء إذا ما استقبلت فى آن واحد مجموعات من الطعام غير متوافقة فى ظروف هضمها وامتصاصها لذا يجب معرفة بعض الحقائق الأساسية عن كيفية الجمع بين الأطعمة المختلفة ليسهل هضمها وامتصاصها فى سلام.من الأمثلة التى يجب تفاديها جمع الحبوب مع الألبان أو اللحوم. أيضا جمع الفاكهة والخضراوات واللحوم فى آن واحد، أو الفاكهة مع الحبوب والألبان فكلها أمثلة لما يمكن أن يحدث ارتباكا فى الأمعاء وتجمعا للغازات فيها.يجب دائما تناول الفاكهة بعد الطعام بما يقرب من نصف الساعة أو تناولها صباحا مع الإفطار. أما المجموعات المتوافقة من الطعام فالأمثلة الجيدة منها: جمع الحبوب مع الخضراوات، الأسماك واللحوم مع الخضراوات، المعجنات «المكرونة» مع الخضراوات.الفائدة التى قد يجنيها الجسم من طبق العيد الأشهر الفتة مع اللحم هى أن الجسم يستخدم الطاقة النشوية «الأرز» بسرعة ويبقى على الطاقة الناجمة عن البروتينات للوظائف الحيوية المهمة.السلاطة باقة من ألوان الفائدةإذ اكتفى الإنسان بما تهفو النفس إليه من شواء العيد وطبق مما نعرفه فى بلادنا بالسلطة البلدى فقد أصاب وأحسن الاختيار. فالطماطم والخيار والخس والبصل تدخر قدرا من الفيتامينات والمعادن والألياف قد يفتقده اللحم إلى جانب مضادات الأكسدة المعروفة بقدرتها على مقاومة الشوارد الحرة أو ما ينتج عن تفاعلات الجسم البيولوجية من مواد ضارة بخلاياه.إضافة الفجل بمحتواه العالى من إنزيم الأميليز الهاضم ومادة جلوكوسنيولات والأيزوثيوسيانان التى تقاوم تأثير الأمينات الضارة التى تتكون على سطح اللحم أثناء شوائه إضافة صحية ومهمة.البقدونس بغناه الطبيعى بالحديد ومحتواه من فيتامين ج وقدرته على تكسير الدهون بصورة تعوق امتصاصها له أكبر الأثر. فإذا أضيف الليمون تمت الفائدة.شواء شهى بمواصفات صحيةربما كان أفضل الطرق لطهو اللحم من وجهة نظر صحية هو سلقه فى الماء بعد التخلص من الدهون الظاهرة للعين لكن يظل الشواء هو نجم الولائم وجامع الصحبة.قد تكون طريقة شى اللحم على الفحم المتقد هى المفضلة لكنها فى الواقع سلاح ذو حدين إذ إن تعريض اللحم لحرارة الفحم العالية جدا تعرض المساحات القريبة من النار للاحتراق وتكوين طبقة قاسية من الأنسجة يزيد فيها تركيز بعض المواد الضارة إلى جانب أن تساقط قطرات الدهن على الفحم المشتعل الذى يملأ الجو بتلك الرائحة المحببة إنما أيضا يثير دخانا مشبعا ببعض الهيدروكربونات العطرية التى يشير إليها العلم كمسببات للسرطان. لذا فشواء اللحم يجب أن يتم بطريقة تسمح بتفادى الضرر.يجب أن يبدأ الشواء بعد أن تهدأ حرارة الفحم المشتعل، أيضا من الأفضل انتقاء أنواع اللحم الطرية قليلة الدسم وأن تحضر فى مكعبات صغيرة لتشوى فى سيخ واحد مع مكعبات البصل والفلفل والطماطم الأمر الذى يثرى الطعام بعناصر غذائية أخرى مفيدة.تتبيل اللحم قبل شيه بفترة ملائمة «12 ساعة» يسهم فى الاحتفاظ بطراوته ويضيف فوائد قد تحميه من التفاعل الضار مع النار. أفضل الطرق لتتبيله إضافة بعض من الليمون وعصير البصل وزيت الزيتون وقليل جدا من الملح والفلفل وتفادى استعمال أى صلصات صناعية مصنعة خصيصا للشواء «صلصة الباربكيو».إضافة أى توابل أخرى قد تفسد مذاقه لكن يمكن استخدام المستردة والكاتشب وما شابه من صلصات بعد الانتهاء من تمام نضجه.التقليب المستمر والسريع للأسياخ يساعد على تمام النضج ولا يسمح بتكون تلك الطبقة القاسية الضارة.عيد أضحى سعيد مبارك ــــ إن شاء الله ــــ تنعمون فيه بوافر الصحة ودفء الصحبة وسند العائلة ونعمة الرضا بعد أداء الفريضة وشواء شهى بمواصفات غذائية صحية.
الشروق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق