فى ملفات المخابرات المصرية يوجد العديد من القصص التى يراها صناع الدراما مادة خصبة لعمل مسلسل تليفزيونى مثير وجاذب للمشاهدين. إحدى هذه القصص حكاية «سامية فهمى» أو «ليلى عبدالسلام»، التى حكى السيناريست بشير الديك والمخرج نادر جلال قصتها فى مسلسل رمضانى تحت عنوان «حرب الجواسيس»، وحقق رد فعل جماهيرياً كبيراً على الرغم من الانتقادات التى وجهت لمخرجه بسبب تصوير ملامح معاصرة فى حين أن الأحداث تدور فى نهاية الستينيات.
ومنذ أن قدمت الدراما مسلسلى «دموع فى عيون وقحة» لعادل إمام، و«رأفت الهجان» لمحمود عبدالعزيز، تعانى المسلسلات التى تتناول أحداثها من ملفات المخابرات العامة من مرارة المقارنة بهذين المسلسلين اللذين حققا نجاحا من الصعب تكراره. «المصرى اليوم» حاورت منة شلبى بطلة العمل، والشخصية الحقيقية ليلى عبدالسلام، كما واجهت المخرج نادر جلال بمشكلات الصورة، وواجهت السيناريست بشير الديك باتهامات التطويل وتنميط الشخصية اليهودية،
وفى السطور القليلة التالية يدافع كل منهم عن وجهة نظره، كما تتحدث منة شلبى، بطلة العمل، والبطلة الحقيقية ليلى عبدالسلام عن كواليس وتفاصيل غريبة ومثيرة فى تلك القصة التى هزت جهاز الموساد، ولم تستغرق شهوراً قليلة فى يد فتاة مصرية عشقت وطنها ورفضت بيعه بملايين الجنيهات.
نادر جلال : مشكلة ظهور السيارات الحديثة يستحيل التغلب عليها
ظهور شخص يتحدث فى الموبايل فى خلفية أحد مشاهد «حرب الجواسيس» الذى يفترض أن أحداثه تدور فى نهاية ستينيات القرن الماضى، وظهور سيارات حديثة (لم تكن موجودة فى هذا العصر) فى مشاهد أخرى، وظهور لافتة على أحد المحال التجارية مكتوب عليها «تخفيضات ٢٠٠٩».. كلها ملاحظات نقدية انتقصت من قدر النجاح الذى حققه المسلسل.
عن الملاحظات السابقة، تحدث المخرج نادر جلال قائلاً: بالنسبة للمشهد الذى ظهر فى خلفيته شخص يتحدث فى الموبايل، هذا خطأ فعلا لكن لا يستحق كل هذا الضجيج، لأنه كان خلفية لأحد المشاهد وليس مع ممثل أساسى فى مشهد، ويبدو أنه شخص بعيد تماما عن المسلسل كان يتحدث فى هاتفه المحمول ومر أمام الكاميرا ولم نلاحظه فى المونتاج، أما ظهور سيارات حديثة رغم أن الأحداث تدور فى نهاية الستينيات فهذا الأمر لم نستطع السيطرة عليه،
فنحن صورنا الخارجى فى أوروبا بين ألمانيا ورومانيا وإيطاليا وهناك إدارات المرور تمنع سير السيارات التى مر على تصنيعها ١٠ سنوات، وبالتالى يلتزم كل الناس هناك بالتجديد دائماً، وقد قمنا باستئجار ١٢ سيارة قديمة لاستخدامها فى التصوير وجعلناها سيارات الأبطال التى تظهر باست
مرار، لكن مشاهد مرور تلك السيارات فى الشوارع بين السيارات الحديثة كانت السيطرة عليه مستحيلة، ولم يكن أمامنا أى حل لهذه المشكلة إلا إلغاء تلك المشاهد أو تصويرها فى مصر و رفضت هذين البديلين لعدم منطقية أى منهما.
ونفى «جلال» ظهور لافتة مكتوب عليها «تخفيضات ٢٠٠٩» فى أحد المشاهد، وقال: اللافتة كان مكتوبا عليها «٠٩» وليس «تخفيضات ٢٠٠٩» لكن الناس فهموها بهذا المعنى وهذه ليست مشكلتى، وعموماً هناك ما هو أهم من ذلك فى المسلسل فلماذا لم يسألنى أحد فى الديكور أو أداء الممثلين أو الملابس أو أى عنصر فنى بالعمل، ولماذا يتم التركيز على هوامش بعيدة عن صلب الموضوع الأساسى، أعتقد أن الصحف التى ركزت على تلك الموضوعات تعاملت مع العمل بقدر من الاستخفاف غير اللائق وكان ينبغى عليها مناقشة أشياء أهم.
وعن هدوء منة شلبى الزائد فى أداء شخصية «سامية»، قال جلال: طبعا أى ممثل يعد أداة فى يد المخرج، وأعتقد أن منة شلبى كانت أداة جيدة وأداؤها مثالى جداً بالنسبة للشخصية التى تقدمها، فهى صحفية عمرها ٢٧ عاماً لها مركزها وتعمل فى صحيفة مرموقة، ثم تفاجأ بعلاقة خطيبها بالموساد الإسرائيلى وتقع فى حيرة بين مصارحة والدتها أو مصارحة المخابرات المصرية، ثم تتصاعد الأحداث معها وتعيش توتراً داخلياً تخفيه عمن حولها وبالتالى تعمدنا أن يكون إيقاعها هادئاً بينما فى داخلها ثورة.
«جلال» أكد أنه لم يقابل سامية فهمى الحقيقية فى حياته، وحين سأل رجال المخابرات عنها ابتسموا ولم يردوا ثم فوجئ بعد العرض بسيدة تدعى ليلى عبدالسلام تقول إنها سامية فهمى الحقيقية، وقال: لا أعرف إن كانت هى الحقيقية فعلا أم أنها تدعى هذا، ولا أعتقد أن شخصا يمكنه ادعاء أمر مثل هذا وبتلك الحساسية، ولكن جهاز المخابرات هو الجهة الوحيدة التى يمكنها حسم أمرها.
وأشار «جلال» إلى أن التصوير الخارجى فى أماكن متعددة وزيادة عدد الممثلين وغير ذلك من كواليس التصوير لم تتسبب فى بطء معدلات التصوير أو تعطيله، وقال : المشكلة كانت متمثلة فى ضغط إنتاجى لان تعدد أماكن التصوير وكثرة الممثلين، استنزفا أموالا كثيرة تحملتها جهات الإنتاج، وخصوصا أن عدداً كبيراً من الممثلين سافر إلى أوروبا لاستئناف التصوير هناك وكان لذلك صعوباته التنظيمية، لكن لحسن حظى كان معى المخرج المنفذ محمد سعيد الذى تحمل أعباء كثيرة فى هذا الصدد.
وعن ردود الأفعال تجاه المسلسل، قال «جلال»: يكفينى فرحة الناس بهذا العمل، ليس فى مصر فقط وإنما فى سوريا أيضا فقد أبلغنى باسم ياخور بأن جمهور ونقاد سوريا احتفوا بهذا المسلسل.
بشير الديك: تعمدت ترحيل الأحداث وربطها بحرب الاستنزاف
دافع السيناريست بشير الديك عن مسلسل «حرب الجواسيس» الذى تضمن ملامح للعصر الحالى رغم أن الأحداث تدور فى الستينيات، وقال: مستحيل إخفاء كل ملامح العصر الحالى، خاصة أن عدداً كبيراً من المشاهد تم تصويره خارج البلاتوه فى شوارع عامة بأماكن متفرقة منها ألمانيا وإيطاليا ورومانيا.
رفض «الديك» اتهام المسلسل بالتطويل، خصوصا فى الحلقات الـ١٥ الأولى وفترة تجنيد «نبيل» شريف سلامة، وقال: «الرواية الأصلية التى كتبها صالح مرسى مكونة من جزأين تم إصدارهما فى كتابين، الكتاب الأول كله عن تجنيد العميل «نبيل»، وبالطريقة التدريجية نفسها جسدت تجنيده على ورق السيناريو وهكذا رأيناه على الشاشة،
وأعتقد أن هذا ليس فيه أى تطويل، لأن مسألة التجنيد والعمالة تستغرق وقتاً طويلاً حتى يتأكد لتلك الجهة إخلاص ذلك الشخص لهم وصلاحيته للمهام التى يريدونها منه، بالإضافة إلى أن الصراع الدرامى فى الجزء الأول كان بين الموساد و«نبيل» حتى تظهر «تشيرلى هيمن» فى ألمانيا وتلفت نظر المخابرات المصرية ثم تتسارع الأحداث فى الحلقات التالية، وبشكل عام أعتقد أن إيقاع الأحداث كان مناسبا جدا لكل مرحلة فى المسلسل ولم يكن بطيئا، ومن يره بطيئا يمكنه تغيير القناة لمشاهدة عمل آخر إيقاعه أسرع.
ومثل كل الأعمال التى تتناول ملفات من المخابرات العامة، أطلق الديك خياله لكتابة تفاصيل تجذب المشاهد، وقال: معظم شغل المخابرات فى العالم كله يعتمد على المراقبة، وهذا ليس به أى دراما، ولهذا السبب يتدخل خيال المؤلف بدرجة كبيرة من أجل عمل أحداث شيقة وممتعة للمشاهد، ولذلك أيضاً نسج صالح مرسى أحداثاً كثيرة من وحى خياله لعمل رواية ممتعة، وأنا نسجت أحداثاً إضافية من وحى خيالى لعمل مسلسل جيد، والاستناد كان على بذرة حقيقية من ملفات المخابرات المصرية.
أما فكرة تنميط الشخصية اليهودية فى المسلسل خاصة شخصية «إزاك»، فقد أكد الديك أنه كتبها بهذا الشكل لضرورة درامية، وقال: هذا الاتهام وجهه لى عمر وأديب من خلال برنامجه «القاهرة اليوم» ،ثم تبناه النقاد وهو اتهام فى غير محله لأننى ليس لدى أى شخصية يهودية نمطية إلا واحدة فقط هى «إزاك» التى قدمها «أحمد صيام» وكان لابد من تنميط تلك الشخصية الإسرائيلية تحديداً وجعلها تتحدث بهذه الطريقة وتتعامل بهذا الحرص وتنفق بهذا الشح، لأنها صفات درامية لتلك الشخصية تحديداً،
ولو كنت وقعت فعلاً فى فخ التنميط كنت سأجعل الشخصيات اليهودية كلها تتعامل بهذا الشكل لكن هذا لم يحدث وإنما جعلت «إزاك» فقط بهذا الشكل لضرورة درامية، ويمكننا تشبيه ذلك بشخصية المسلم المتطرف الذى يجب أن يكون له لحية وتفكيره غير مرن، فهذه صفات المتعصب ولا أصف كاتبها بأنه وقع فى فخ التنميط.
وذكر «الديك» أنه تعمد ترحيل زمن الأحداث، لأنها وقعت فى الحقيقة قبل ١٩٦٧، لكنه فضل ربطها بحدث كبير مثل حرب الاستنزاف وإقامة حائط الصواريخ على ضفة القناة.
ليلى عبدالسلام «سامية فهمى الحقيقية»: الموساد فشل فى تجنيدى..ومعظم أحداث المسلسل من خيال المؤلف
«المخابرات الإسرائيلية حاولت تجنيدى فأبلغت سفارتنا فى روما، ثم خدعتهم بناء على توجيهات المخابرات المصرية حتى سلمت العميل للعدالة فى مصر».. بهذه الكلمات بدأت الكاتبة الصحفية ليلى عبدالسلام (سامية فهمى الحقيقية) حديثها لـ«المصرى اليوم» عن بداية قصتها مع الموساد.
وقالت ليلى : أولاً أسجل إعجابى بالمجهود، الذى بذله صناع المسلسل من أجل تقديم قصة وطنية تسهم بقدر ما فى زيادة انتماء الشباب المصرى لبلده، وإن كان لى تحفظ وحيد على العمل ككل يتعلق بصورة المخابرات المصرية، حيث أظهرها المسلسل أنها غير ذكية أو ساذجة وهذا غير حقيقى، لأن جهاز المخابرات المصرى قوى جداً وقدرته فائقة على حماية الوطن.
وعن الأسماء المستعارة، التى استخدمت فى المسلسل قالت ليلى: «هذا طبيعى، لأن قصص المخابرات ممنوع كتابتها بالأسماء الحقيقية، ولهذا ظهر العميل باسم «نبيل» فى حين أن هذا لم يكن اسمه الحقيقى وأنا اسمى الحقيقى ليلى عبدالسلام، لكن صالح مرسى اختار لى فى روايته اسم سامية فهمى.
وعن مدى اقتراب قصة المسلسل من القصة الحقيقية قالت: المسلسل أخذ بذرة القصة الحقيقية فقط وبنى عليها من وحى خياله، وهذا من حق صناع المسلسل أن يقدموا توليفة تجذب المشاهد وهو شغلهم وهم أحرار، لكن الواقع يختلف بدرجة كبيرة لأن هذا العميل كان كبير سنا، ولم يكن خطيبى أو على أى علاقة بى فقد قابلته صدفة فى إيطاليا، وعرض على العمل فى وكالة أنباء بمبلغ كبير جدا فراودنى الشك وزادت شكوكى حين طلبوا منى فى تلك الوكالة أخباراً استراتيجية عن مصر، فأبلغت سفارتنا فى روما وحدث تنسيق مع المخابرات المصرية التى نصحتنى وقتها بمجاراة هؤلاء الناس وإعطائهم ما يطلبونه من معلومات، ونفذت التعليمات دون أن يشك «ماريو» فى إخلاصى له ثم قابلته لتسليمه تلك المعلومات، وفى حقيبتى أجهزة تسجيل أعطاها لى ضابط المخابرات المصرى، وهنا تم القبض عليه متلبسا وحكم عليه بالسجن لمدة ٢٥ عاما، وانتهت القصة فى غضون شهور قليلة، ولم يعد لى علاقة بالمخابرات بعدها.
وذكرت ليلى أن المخابرات المصرية منعتها بعد ذلك من السفر إلى إيطاليا حتى لا ينتقم منها عملاء الموساد هناك، خصوصا أنها كشفت عن ضابطين للموساد يعملان فى تلك الوكالة.
وعن اتهام البعض لها بأنها ليست سامية فهمى الحقيقية، وأنها تدعى ذلك كذبا، قالت ليلى: لدى تفاصيل لا أعتقد أنها تأليف أو ادعاء وبعد تنفيذ تلك العملية كتبت جريدة «الأخبار» صفحة كاملة بعنوان «جازية المصرية الفتاة التى رفضت ملايين الجنيهات من أجل مصر»، وقالت: «على كل من يشكك فى روايتى أن يذهب لأرشيف أخبار اليوم ليتأكد من صحة ما أقوله».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق