السبت، 26 سبتمبر 2009

أزفـت الآزفة‏ !!


من نكد الدنيا علينا أن نصاب في آخر الزمان بفيروس العمي الأزلي والطرش الحكومي والطناش الميري وهو فيروس ثلاثي الأبعاد‏..‏ فلا نري بأعيننا الخطر الذي يتربص بأبنائنا الصغار‏..‏ حنايا الصدور‏..‏ ولا نسمع رنين أجراس الخطر تدق من حولنا حتي تكاد تصم آذاننا‏..‏ من قبل كتيبة الأطباء والخبراء والعلماء الذين أكلهم قلبهم وأوجعهم ضميرهم علي حفل القتل الجماعي الذي سيبدأ صباح الثالث من أكتوبر‏.‏ونجلس كخيال المآتة في حالة طناش لا نحرك ساكنا ولا نسكن متحركا‏..‏ وإذا تحركنا نقدم رجلا ونؤخر أخري‏..‏ وندخل في شرنقة الطناش الشتوي‏..‏ كأننا ارتكبنا في حياتنا ذنبا لا نعرفه‏..‏ فدعت علينا أمهاتنا فحولنا الله إلي مساخيط من حجر أصم‏..‏ لا نتحرك ولا نتكلم ولا نسمع ولا نري‏.‏هذا هو أدق وصف لحالنا الآن‏..‏ همس به في أذني عطعوط أفندي عطعوط خوجة المدارس السابق‏..‏ ولا خوجة قبله ولا خوجة بعده الذي قال لي‏:‏ كلام في سرك حتي لا يسمعني أحد‏..‏ الذين يتربصون بكل من يريد صلاح وفلاح ونجاح هذا البلد‏..‏ وما أكثرهم من الذين يصطادون في الماء العكر‏..‏ هذا يا سيدي هو أدق وصف لحكومتنا الإلكترونية الذكية الرشيدة‏..‏ وهي تتخذ قرارا عنتريا غير مدروس وغير واع بفتح المدارس والجامعات يوم السبت المقبل‏..‏ ملقية بربع سكان مصر من تلاميذ وتلميذات في المرحلة الابتدائية والإعدادية والثانوية والجامعة‏..‏ إلي تنين بألف فم وألف ذراع اسمه العلمي إنفلونزا الخنازير‏..‏ والذي قتل حتي الآن في العالم كله نحو أربعة آلاف إنسان‏..‏ بخلاف المصابين‏..‏ تتركهم دون تطعيم ودون وقاية‏..‏ في مدارس أشبه بأحواش المقابر يحيط بها سور من أكوام الزبالة‏,‏ طالت واستطالت حتي تحولت إلي أهرامات خوفو وخفرع ومنقرع‏..‏ ويشاهدها العالم كله علي شاشات الفضائيات‏..‏ باعتبارها العجيبة رقم ثمانية في عداد عجائب الدنيا السبع التي تقدمها بكل فخر حكومتنا الرشيدة للعالم من حولنا‏..‏ كآخر صورة لمصر العظيمة‏!‏و‏16‏ مليون تلميذ داخل‏52‏ ألف مدرسة‏..‏ ثلاثة أرباعها بلا دورات مياه‏..‏ وإذا وجدت أجارك الله علي قذارتها ورائحتها النتنة‏..‏ تشمها علي بعد ألف ميل وكأنها عشش لمأوي الكلاب الضالة‏.‏وداخل فصول كعلب السردين كل‏80‏ سردينة ـ أقصد تلميذ ـ محشورين في الفصل الواحد‏!‏لقد طلب الرئيس حسني مبارك من الحكومة الذكية الشقية أن تتخلص من مشكلة القمامة في ظرف أسبوع واحد‏..‏ فماذا حدث؟لقد مضت ثلاثة أسابيع ولا حياة لمن تنادي‏.‏هل يمكن لعاقل ـ إذا كان قد بقي عاقل واحد بعد كل ما جري ويجري ـ أن يتصور افتتاح المدارس في ظل تهديد فيروس قاتل لا يعرف الرحمة يوم السبت المقبل‏..‏ ولم يصلنا بعد المصل الواقي من هذه الانفلونزا اللعينة‏..‏ الذي سيصل ـ إذا وصل حقا ـ في نوفمبر المقبل؟أيها السادة‏..‏ العقل والمنطق يقولان لنا‏:‏ طعموا الأولاد أولا‏..‏ ثم افتحوا المدارس‏..‏ هذا هو العقل وهذا هو المنطق‏.‏ولكن أن نلقي بفلذات الأكباد إلي النار بأيدينا‏..‏ فهذا هو الجنون بعينه‏..‏ ثم نتضرع إلي الله أن يتدخل لإنقاذهم‏.‏الله عز وجل تدخل مرة واحدة‏..‏ وأنقذ أبوالأنبياء سيدنا إبراهيم عليه السلام من النار‏..‏ عندما طلب منها أن تكون بردا وسلاما علي إبراهيم‏!‏هل ننتظر معجزة إلهية أخري غير التي مر عليها الآن نحو أربعة آلاف عام‏..‏ لكي ينقذ المولي عز وجل أطفالنا الذين ألقينا بهم بأيدينا إلي نار هذه الإنفلونزا القاتلة؟‏!‏ولا أجد أحدا يعرف ولا أحدا يدري سر إصرار وتعنت وعناد أصحاب القرار عندنا‏..‏ بإصرارهم علي دخول الصغار إلي معركة الحياة أو الموت التي اسمها العام الدراسي الجديد تحت رعب قاتل فاجر اسمه إنفلونزا الخنازير‏.‏أليس عندهم أولاد في سن الدراسة أو حتي أحفاد أو أقارب‏..‏ أوليس كل أبناء المصريين أبناءهم‏..‏ واللا إيه؟لقد قال الصديق الدكتور عبدالهادي مصباح أستاذ المناعة للصحفية النشيطة أمل ابراهيم سعد‏:‏ أنه لابد من تأجيل العام الدراسي لأنه في شهر أكتوبر ونوفمير ستكون بداية تحور الفيروس‏..‏ أما في شهري يناير وفبراير فسوف يظهر تأثير هذا التحور وبيان مدي انتشاره‏..‏ وبشكل عام‏,‏ فإننا يجب ألا نبالغ في تهوين الوباء علي اعتبار أنه فيروس ضعيف‏,‏ لأننا لانضمن سلوكه وشراسته مع انخفاض درجات الحرارة‏,‏ بالإضافة إلي السلوكيات السيئة التي تعود عليها الكبيرون‏,‏ وتساعد علي نشر العدوي مثل البصق علي الأرض والتقبيل وعدم التعود علي غسل الأيدي باستمرار‏.‏‏.................‏‏.................‏ولا أحد يعرف لماذا أضافت المدارس بند‏500‏ جنيه يدفعها التلميذ عند دخوله المدرسة لمواجهة نفقات إنفلونزا الخنازير‏..‏ من أين؟من شريحة الـ‏32%‏ تحت خط الفقر في بلدنا‏!‏يعني الأولاد يدفعون اليوم تكاليف مواجهة انفلونزا الخنازير‏..‏ ويدخلون المدارس السبت المقبل‏..‏ يا سلام سلم‏.‏وهل عندنا أصلا مدارس أو فصول أو مدرسون واعون أو عملية تعليمية؟لماذا لا ننتظر ـ كما فعلت الصين وأمريكا ـ حتي يتم تطعيم أولادنا وبناتنا بالمصل المضاد للفيروس القاتل‏..‏ ثم نفتح المدارس إلي ما شاء الله‏.‏أم أن العملية التعليمية في مصر تنتظر مليون ضحية علي الأقل هذا الشتاء‏..‏ من فلذات الأكباد حتي تنتظم وتكتمل وتكحل عينيها وتصبغ شفتيها بدم حنايا الصدور؟‏!‏يا عزيزي الصديق د‏.‏ حاتم الجبلي وزير الصحة‏..‏ أنت تعرف كل شيء وتدرك مدي الانحدار البيئي والاجتماعي والصحي والاقتصادي الذي نعيش فيه‏..‏ تكلم يا رجل وأوقف هذه المسرحية الهزلية التي ستفتح أبوابها في الثالث من أكتوبر‏..‏ رحمة بالأمهات قبل أن نحرق قلوبهن بقرار غير مسئول بفتح المدارس في توقيت خاطئ‏..‏ إكراما للعملية التعليمية التي يمسك بدفترها الآن فيروس أرعن لا يرحم اسمه انفلونزا الخنازير‏!‏لقد قلت ياعزيزي الوزير في تصريح خطير علي طريقة فيلم عماد حمدي ومديحة يسري الدواء فيه سم قاتل‏:‏ احذروا مصل انفلونزا الخنازير‏..‏ لقد طلبت الشركات المنتجة له من الدول المستوردة ونحن منها اقرارا منها بعدم مسئوليتها عن الآثار الجانبية‏!‏فماذا نحن صانعون ياسيادة الوزير؟‏...............‏‏...............‏أيها السادة لنسمع نداء العقل والضمير والمنطق‏..‏ لعلنا نتعظ من كلام العزيز المقتدر في كتابه العزيز‏:‏هذا نذير من النذر الأولي أزفت الآزفة ليس لها من دون الله كاشفة أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون‏.‏


الاهرام - عزت السعدني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق