من نكد الدنيا علينا أن نصاب في آخر الزمان بفيروس العمي الأزلي والطرش الحكومي والطناش الميري وهو فيروس ثلاثي الأبعاد.. فلا نري بأعيننا الخطر الذي يتربص بأبنائنا الصغار.. حنايا الصدور.. ولا نسمع رنين أجراس الخطر تدق من حولنا حتي تكاد تصم آذاننا.. من قبل كتيبة الأطباء والخبراء والعلماء الذين أكلهم قلبهم وأوجعهم ضميرهم علي حفل القتل الجماعي الذي سيبدأ صباح الثالث من أكتوبر.ونجلس كخيال المآتة في حالة طناش لا نحرك ساكنا ولا نسكن متحركا.. وإذا تحركنا نقدم رجلا ونؤخر أخري.. وندخل في شرنقة الطناش الشتوي.. كأننا ارتكبنا في حياتنا ذنبا لا نعرفه.. فدعت علينا أمهاتنا فحولنا الله إلي مساخيط من حجر أصم.. لا نتحرك ولا نتكلم ولا نسمع ولا نري.هذا هو أدق وصف لحالنا الآن.. همس به في أذني عطعوط أفندي عطعوط خوجة المدارس السابق.. ولا خوجة قبله ولا خوجة بعده الذي قال لي: كلام في سرك حتي لا يسمعني أحد.. الذين يتربصون بكل من يريد صلاح وفلاح ونجاح هذا البلد.. وما أكثرهم من الذين يصطادون في الماء العكر.. هذا يا سيدي هو أدق وصف لحكومتنا الإلكترونية الذكية الرشيدة.. وهي تتخذ قرارا عنتريا غير مدروس وغير واع بفتح المدارس والجامعات يوم السبت المقبل.. ملقية بربع سكان مصر من تلاميذ وتلميذات في المرحلة الابتدائية والإعدادية والثانوية والجامعة.. إلي تنين بألف فم وألف ذراع اسمه العلمي إنفلونزا الخنازير.. والذي قتل حتي الآن في العالم كله نحو أربعة آلاف إنسان.. بخلاف المصابين.. تتركهم دون تطعيم ودون وقاية.. في مدارس أشبه بأحواش المقابر يحيط بها سور من أكوام الزبالة, طالت واستطالت حتي تحولت إلي أهرامات خوفو وخفرع ومنقرع.. ويشاهدها العالم كله علي شاشات الفضائيات.. باعتبارها العجيبة رقم ثمانية في عداد عجائب الدنيا السبع التي تقدمها بكل فخر حكومتنا الرشيدة للعالم من حولنا.. كآخر صورة لمصر العظيمة!و16 مليون تلميذ داخل52 ألف مدرسة.. ثلاثة أرباعها بلا دورات مياه.. وإذا وجدت أجارك الله علي قذارتها ورائحتها النتنة.. تشمها علي بعد ألف ميل وكأنها عشش لمأوي الكلاب الضالة.وداخل فصول كعلب السردين كل80 سردينة ـ أقصد تلميذ ـ محشورين في الفصل الواحد!لقد طلب الرئيس حسني مبارك من الحكومة الذكية الشقية أن تتخلص من مشكلة القمامة في ظرف أسبوع واحد.. فماذا حدث؟لقد مضت ثلاثة أسابيع ولا حياة لمن تنادي.هل يمكن لعاقل ـ إذا كان قد بقي عاقل واحد بعد كل ما جري ويجري ـ أن يتصور افتتاح المدارس في ظل تهديد فيروس قاتل لا يعرف الرحمة يوم السبت المقبل.. ولم يصلنا بعد المصل الواقي من هذه الانفلونزا اللعينة.. الذي سيصل ـ إذا وصل حقا ـ في نوفمبر المقبل؟أيها السادة.. العقل والمنطق يقولان لنا: طعموا الأولاد أولا.. ثم افتحوا المدارس.. هذا هو العقل وهذا هو المنطق.ولكن أن نلقي بفلذات الأكباد إلي النار بأيدينا.. فهذا هو الجنون بعينه.. ثم نتضرع إلي الله أن يتدخل لإنقاذهم.الله عز وجل تدخل مرة واحدة.. وأنقذ أبوالأنبياء سيدنا إبراهيم عليه السلام من النار.. عندما طلب منها أن تكون بردا وسلاما علي إبراهيم!هل ننتظر معجزة إلهية أخري غير التي مر عليها الآن نحو أربعة آلاف عام.. لكي ينقذ المولي عز وجل أطفالنا الذين ألقينا بهم بأيدينا إلي نار هذه الإنفلونزا القاتلة؟!ولا أجد أحدا يعرف ولا أحدا يدري سر إصرار وتعنت وعناد أصحاب القرار عندنا.. بإصرارهم علي دخول الصغار إلي معركة الحياة أو الموت التي اسمها العام الدراسي الجديد تحت رعب قاتل فاجر اسمه إنفلونزا الخنازير.أليس عندهم أولاد في سن الدراسة أو حتي أحفاد أو أقارب.. أوليس كل أبناء المصريين أبناءهم.. واللا إيه؟لقد قال الصديق الدكتور عبدالهادي مصباح أستاذ المناعة للصحفية النشيطة أمل ابراهيم سعد: أنه لابد من تأجيل العام الدراسي لأنه في شهر أكتوبر ونوفمير ستكون بداية تحور الفيروس.. أما في شهري يناير وفبراير فسوف يظهر تأثير هذا التحور وبيان مدي انتشاره.. وبشكل عام, فإننا يجب ألا نبالغ في تهوين الوباء علي اعتبار أنه فيروس ضعيف, لأننا لانضمن سلوكه وشراسته مع انخفاض درجات الحرارة, بالإضافة إلي السلوكيات السيئة التي تعود عليها الكبيرون, وتساعد علي نشر العدوي مثل البصق علي الأرض والتقبيل وعدم التعود علي غسل الأيدي باستمرار...................................ولا أحد يعرف لماذا أضافت المدارس بند500 جنيه يدفعها التلميذ عند دخوله المدرسة لمواجهة نفقات إنفلونزا الخنازير.. من أين؟من شريحة الـ32% تحت خط الفقر في بلدنا!يعني الأولاد يدفعون اليوم تكاليف مواجهة انفلونزا الخنازير.. ويدخلون المدارس السبت المقبل.. يا سلام سلم.وهل عندنا أصلا مدارس أو فصول أو مدرسون واعون أو عملية تعليمية؟لماذا لا ننتظر ـ كما فعلت الصين وأمريكا ـ حتي يتم تطعيم أولادنا وبناتنا بالمصل المضاد للفيروس القاتل.. ثم نفتح المدارس إلي ما شاء الله.أم أن العملية التعليمية في مصر تنتظر مليون ضحية علي الأقل هذا الشتاء.. من فلذات الأكباد حتي تنتظم وتكتمل وتكحل عينيها وتصبغ شفتيها بدم حنايا الصدور؟!يا عزيزي الصديق د. حاتم الجبلي وزير الصحة.. أنت تعرف كل شيء وتدرك مدي الانحدار البيئي والاجتماعي والصحي والاقتصادي الذي نعيش فيه.. تكلم يا رجل وأوقف هذه المسرحية الهزلية التي ستفتح أبوابها في الثالث من أكتوبر.. رحمة بالأمهات قبل أن نحرق قلوبهن بقرار غير مسئول بفتح المدارس في توقيت خاطئ.. إكراما للعملية التعليمية التي يمسك بدفترها الآن فيروس أرعن لا يرحم اسمه انفلونزا الخنازير!لقد قلت ياعزيزي الوزير في تصريح خطير علي طريقة فيلم عماد حمدي ومديحة يسري الدواء فيه سم قاتل: احذروا مصل انفلونزا الخنازير.. لقد طلبت الشركات المنتجة له من الدول المستوردة ونحن منها اقرارا منها بعدم مسئوليتها عن الآثار الجانبية!فماذا نحن صانعون ياسيادة الوزير؟..............................أيها السادة لنسمع نداء العقل والضمير والمنطق.. لعلنا نتعظ من كلام العزيز المقتدر في كتابه العزيز:هذا نذير من النذر الأولي أزفت الآزفة ليس لها من دون الله كاشفة أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون.
الاهرام - عزت السعدني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق