على مدى 30 حلقة نجح بشير الديك فى أن يصنع من قصة سامية فهمى مسلسلا مليئا بالتشويق رغم بساطة الحدث وفقر القصة الحقيقية فى أحداثها، وهكذا نجح فى صياغة بطولة ربما بها الكثير من الخيال ولا تمت للواقع بالكثير، على الأقل لكونها من ملفات المخابرات المصرية التى بالتأكيد لن تكشف عن كل شىء
.وقاعدة الكتابة الأساسية فى روايات الجاسوسية هى أن تكون النهاية مليئة بالتشويق والمفاجآت لتصل بالمشاهد إلى ذروة الإثارة، على الأقل لكى نتغاضى عن الأخطاء التى امتلأ بها المسلسل فقبل حلقتين نكتشف أن جهاز كشف الكذب مثل عدة الحلاقة يمكن حمله خارج إسرائيل إلى أى مكان فى العالم رغم السعر الباهظ له، كما أن هذا الجهاز نسخة معروفة ومحدودة فى العالم فى ذلك الوقت، وقبل أن يوضع عليه أى شخص يجب أن يأخذ حقنة لاسترخاء الأعصاب وهو ما لم نره فى المسلسل ناهيك عن أداء رانيا يوسف الذى يشبه السيدة الشريرة فى مسلسل مازينجر الكارتونى.
ولكن النهاية التى وصل إليها الديك لتتويج هذه أحداث مهمة سامية فهمى المثيرة جاءت أقل تشويقا من الأحداث نفسها، والكثير من المصادمات، بل تحولت تصرفات رجال المخابرات من الطرفين من قمة الحرص التى أوضحها لنا فى بداية المسلسل إلى أقصى درجات الرعونة. فتاة المخابرات المدربة والتى اجتازت جهاز كشف الكذب تقابل السيد عادل ضابط المخابرات المصرى فى الشارع بشكل عادى بدون أى إجراءات وقائية أو حرص أو التأكد أنه لا يوجد أحد يراقبها، والسيدة لويس عميلة الموساد التى تكشفهم تصل المنزل بعد عودة سامية بوقت كبير ولا نعرف لماذا تأخرت عن المنزل رغم اكتشافها هذا الأمر الخطير وكيف استطاعت لقاء السيد عادل والحديث معه ثم العودة للمنزل قبل لويس، أما الأمر الأدهى من ذلك، أن نبيل "شريف سلامة" سمع شالوم وهو يقول المخابرات المصرية على بعد 2 كم على الأقل كما أوضحت الكاميرا هذه المسافة وكيف لضابط مخابرات بهذا الذكاء الذى أوضحة المسلسل أن يقع فى هذا الخطأ الساذج ويجرى وراءه مثل الذى يجرى وراء حرامى الغسيل. ولاشك أن مشهد قتل نبيل هو الأكثر ثراء دراميا، ورغم صدمة المشاهد التى أصابته بعد أن عاد نبيل إلى صوابه وتعاون لصالح بلده إلا أن قتله منطقى لكى يكون هناك ثمن لما فعله. والنهاية التى اختارها بشير الديك لأحداث مسلسله "حرب الجواسيس" تذكرنا بنهايات أفلامه التى كان يفصلها لنادية الجندى فى التسعينات، حيث تقوم المخابرات المصرية باستبدال صندوق سامية فهمى بصندوق لويس التى خطفتها المخابرات المصرية على طريقة نادية الجندى فى فيلم مهمة فى تل أبيب.ومع نهاية المسلسل نبحث عن البطولة العظيمة التى قامت بها سامية فهمى فلا نجدها، وما هى البطولة إذا كان قد تم كشفها وفشلت المخابرات المصرية فى زرعها داخل الموساد، وما هى المهمة التى ظل رجل المخابرات طوال ثلاث حلقات يلح على سامية أن تقبل بسببها التعاون معهم.ولكن يحسب لبشير فى الحلقة الأخيرة حوار دار بين شالوم وسامية عندما قالت له "خيانة الأعداء ما تبقاش خيانة" قال لها "انتو اللى خلتونا أعداء" ومجمل الحوار يتحدث فى جمل بسيطة عن العداء العربى الإسرائيلى وهو أفضل حوار طوال المسلسل.أما باسم ياخور فأداؤه لشخصية ضابط المخابرات التى يشعر بالخديعة، وضحكة المهزوم التى ضحكها فى نهاية الحلقة الأخيرة هى الثراء الدرامى الوحيد فى النهاية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق