كانت "أشجان" تحرص علي هيبتها منذ شغلت منصبها الجديد مديرة بالمدرسة الثانوية للبنات.. الجميع يحترمونها، بينما أطلق البعض عليها لقب "المرأة الحديدية" فهي لا تلين امام تحديات العمل ومؤامرات خصومها..!! الغريب ان شخصية "أشجان" لم تفارقها حتي وهي زوجة وأم داخل شقة الزوجية.. الوقار يجري في دمائها، كل شيء يجري في البيت وفق نظام دقيق، الطعام له مواعيد والنوم مواعيده مقدسة.. اعتاد كل من في البيت هذا القانون الصارم الذي فرضته "أشجان" بسلاسة تحسد عليها، لكن الهواجس كانت تطاردها لان زوجها المدرس بنفس المدرسة لم يكن مستريحا مع هذا النظام الصارم..!!
كانت تعرف قبل ان تتزوجه انه رجل مستهتر طائش يمقت القيود لكنها مع الوقت استدرجته إلي عالمها حتي اصبح أسيرا للمعتقل الرائع الذي حبسته فيه "أشجان" ولانه كان يحبها بجنون استعذب تنازلاته واعتادها.. حتي جعلت من زوجها مهذب الرغبات. وفجأة خرج الزوج "ماجد" عن النص المرسوم بدأ يعتاد السهر خارج البيت.. وطار صواب "أشجان" لكنها امتصت غضبها، كانت تشعر أنه يعيش معها بشخصيتين.. شخصية صنعتها هي بمهارة والاخري ظنت انها قتلتها في اعماقه. تحاملت علي نفسها وبدأت تراقب زوجها بمهارة بالغة، بعد ان تـأكدت انه يتخلص رويدا رويدا من حالة التعقيم التي حاصرته بها وجعلت من حياتهما يوما واحدا يتكرر مع كل اشراقه شمس، نظام دقيق اشبه بحركة بندول الساعة، ضاع كل هذا وبدأ "ماجد" يعلن التمرد علي هذا الانضباط بينما "أشجان" يعتصرها الغضب والضيق وهو يتمني ان يجد عيبا واحدا في زوجته يتهمها به لكن زوجته كانت كالثوب الابيض بلا بقع أو تمزقات، كانت مثل الكمبيوتر والانسان الآلي تتصرف بلا نبض حينما تخفي مشاعرها حتي لا تبدو ضعيفة. وتحولت الست المديرة إلي مخبر خاص.. وكثيرا ما يخطئ البعض من ضباط المباحث في تحرياتهم، لكن الواقع يؤكد ان تحريات الزوجة لا تفشل أبدا حينما يكون المتهم الذي تطارده زوجها..!! طارت إليها معلومة ان "ماجد" يعيش قصة حب ملتهبة مع تلميذته التي أنهت دراستها الثانوية منذ العام وتزوجها عرفيا..!! بكت "أشجان" بحرقة بعد ان أفلت منها "ماجد" وأصابه فيروس التمرد من جديد وصارت حالة متأخرة. تحريات "أشجان" أكدت ان "رشا" شابة حسناء فاتنة خفيفة الظل تعشق الحياة وتمقت القيود تماما مثل "ماجد"!! اسقط في يد "أشجان" لم تعد قادرة علي السماح بعد ان ادركت ان مشكلتها الكبري تتجاوز حياتها الخاصة.. كيف ستواجه المجتمع والناس وهي الاستاذة مديرة المدرسة التي يشار إليها بالبنان استشعرت ان "ماجد" طعنها في مقتل، لابد ان هيبتها سوف تهتز، لهذا قررت ان تتصرف مثل أي انثي، حملت حقائبها واصطحبت أطفالها إلي شقة بعيدة استأجرتها دون علم "ماجد" وفي اليوم التالي أسرعت إلي مكتب المحامي حمدي خليفة تطلب منه رفع دعوي طلاق أمام محكمة الاسرة، استنادا إلي زواج "ماجد" من امرأة اخري بعقد عرفي وتضررها من الهجر لما يقرب من العام..!! وقف "ماجد" أمام قاضي محكمة الاسرة وقال: لم أهجر زوجتي هي التي هجرتني، قد تراجعت حينما ادركت ان زواجي العرفي سوف يكون ثمنه فقدان شريكة عمري وأم أطفالي، وسارعت بتطليق تلميذتي. أنا احب زوجتي لكني اكره القيود وحياة المعتقلات وزوجتي حبستني قي معتقل الزوجية سنوات، حاصرتني فيها بالتعليمات والقيود.. لا استطيع ان أذكر عيبا واحدا في زوجتي يدين أي امرأة او يقلل من شأنها لكن عيبها الوحيد انها بلا عيب..!! وهذا شيء لم احتمله فالحياة خير وشر.. صلح وخصام.. أبيض واسود، حياتنا كانت بلا نبض أو حيوية حياة رتيبة ومملة وانا أعشق سخونة الحياة ودفئها لهذا نجحت تلميذتي في ان تخطفني بدفئها من الاستاذة المديرة..!! وهنا قاطعته "أشجان" في عصبية: ياحضرة القاضي أنا مصرة علي الطلاق.. طلقوني ومستعدة للتنازل عن كل حقوقي، وقاطعها الزوج: سيدي القاضي لو كانت زوجتي مستعدة للتنازل عن كل حقوقها فإني غير مستعد للتنازل عن لحظة حب واحدة عشناها سوية. سوف اعود للمعتقل ان كان هذا يرضي زوجتي، أما اذا كانت كرهتني فلا فائدة من العودة. ويتمسح الاطفال في امهم ويبكي صغيرهم ويتوسل كبيرهم لامه.. ويبدو أن الامومة قد غلبت الانثي فيها فصمتت "أشجان" ولم تعلق فقررت المحكمة التأجيل للنطق بالحكم إلي جلسة اخري بعد اسبوعين. وفي الجلسة الجديدة جاءت "أشجان" لتفجر المفاجأة امام القاضي: لقد انتهت القضية وعاد زوجي إلي بيتي وعدت مع اطفالي إليه، وآعلن أمامكم تنازلي عن الدعوي واعتذاري لشغل وقت القضاء بحكايتي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق