الاثنين، 31 أغسطس 2009

أسير في‮ ‬معتقل الزوجية



كانت‮ "‬أشجان‮" ‬تحرص علي‮ ‬هيبتها منذ شغلت منصبها الجديد مديرة بالمدرسة الثانوية للبنات‮.. ‬الجميع‮ ‬يحترمونها،‮ ‬بينما أطلق البعض عليها لقب‮ "‬المرأة الحديدية‮" ‬فهي‮ ‬لا تلين امام تحديات العمل ومؤامرات خصومها‮..!!‬ الغريب ان شخصية‮ "‬أشجان‮" ‬لم تفارقها حتي‮ ‬وهي‮ ‬زوجة وأم داخل شقة الزوجية‮.. ‬الوقار‮ ‬يجري‮ ‬في‮ ‬دمائها،‮ ‬كل شيء‮ ‬يجري‮ ‬في‮ ‬البيت وفق نظام دقيق،‮ ‬الطعام له مواعيد والنوم مواعيده مقدسة‮.. ‬اعتاد كل من في‮ ‬البيت هذا القانون الصارم الذي‮ ‬فرضته‮ "‬أشجان‮" ‬بسلاسة تحسد عليها،‮ ‬لكن الهواجس كانت تطاردها لان زوجها المدرس بنفس المدرسة لم‮ ‬يكن مستريحا مع هذا النظام الصارم‮..!!‬
كانت تعرف قبل ان تتزوجه انه رجل مستهتر طائش‮ ‬يمقت القيود لكنها مع الوقت استدرجته إلي‮ ‬عالمها حتي‮ ‬اصبح أسيرا للمعتقل الرائع الذي‮ ‬حبسته فيه‮ "‬أشجان‮" ‬ولانه كان‮ ‬يحبها بجنون استعذب تنازلاته واعتادها‮.. ‬حتي‮ ‬جعلت من زوجها مهذب الرغبات‮.‬ وفجأة خرج الزوج‮ "‬ماجد‮" ‬عن النص المرسوم بدأ‮ ‬يعتاد السهر خارج البيت‮.. ‬وطار صواب‮ "‬أشجان‮" ‬لكنها امتصت‮ ‬غضبها،‮ ‬كانت تشعر أنه‮ ‬يعيش معها بشخصيتين‮.. ‬شخصية صنعتها هي‮ ‬بمهارة والاخري‮ ‬ظنت انها قتلتها في‮ ‬اعماقه‮. ‬تحاملت علي‮ ‬نفسها وبدأت تراقب زوجها بمهارة بالغة،‮ ‬بعد ان تـأكدت انه‮ ‬يتخلص رويدا رويدا من حالة التعقيم التي‮ ‬حاصرته بها وجعلت من حياتهما‮ ‬يوما واحدا‮ ‬يتكرر مع كل اشراقه شمس،‮ ‬نظام دقيق اشبه بحركة بندول الساعة،‮ ‬ضاع كل هذا وبدأ‮ "‬ماجد‮" ‬يعلن التمرد علي‮ ‬هذا الانضباط بينما‮ "‬أشجان‮" ‬يعتصرها الغضب والضيق وهو‮ ‬يتمني‮ ‬ان‮ ‬يجد عيبا واحدا في‮ ‬زوجته‮ ‬يتهمها به لكن زوجته كانت كالثوب الابيض بلا بقع أو تمزقات،‮ ‬كانت مثل الكمبيوتر والانسان الآلي‮ ‬تتصرف بلا نبض حينما تخفي‮ ‬مشاعرها حتي‮ ‬لا تبدو ضعيفة‮.‬ وتحولت الست المديرة إلي‮ ‬مخبر خاص‮.. ‬وكثيرا ما‮ ‬يخطئ البعض من ضباط المباحث في‮ ‬تحرياتهم،‮ ‬لكن الواقع‮ ‬يؤكد ان تحريات الزوجة لا تفشل أبدا حينما‮ ‬يكون المتهم الذي‮ ‬تطارده زوجها‮..!!‬ طارت إليها معلومة ان‮ "‬ماجد‮" ‬يعيش قصة حب ملتهبة مع تلميذته التي‮ ‬أنهت دراستها الثانوية منذ العام وتزوجها عرفيا‮..!! ‬بكت‮ "‬أشجان‮" ‬بحرقة بعد ان أفلت منها‮ "‬ماجد‮" ‬وأصابه فيروس التمرد من جديد وصارت حالة متأخرة‮.‬ تحريات‮ "‬أشجان‮" ‬أكدت ان‮ "‬رشا‮" ‬شابة حسناء فاتنة خفيفة الظل تعشق الحياة وتمقت القيود تماما مثل‮ "‬ماجد‮"!! ‬اسقط في‮ ‬يد‮ "‬أشجان‮" ‬لم تعد قادرة علي‮ ‬السماح بعد ان ادركت ان مشكلتها الكبري‮ ‬تتجاوز حياتها الخاصة‮.. ‬كيف ستواجه المجتمع والناس وهي‮ ‬الاستاذة مديرة المدرسة التي‮ ‬يشار إليها بالبنان استشعرت ان‮ "‬ماجد‮" ‬طعنها في‮ ‬مقتل،‮ ‬لابد ان هيبتها سوف تهتز،‮ ‬لهذا قررت ان تتصرف مثل أي‮ ‬انثي،‮ ‬حملت حقائبها واصطحبت أطفالها إلي‮ ‬شقة بعيدة استأجرتها دون علم‮ "‬ماجد‮" ‬وفي‮ ‬اليوم التالي‮ ‬أسرعت إلي‮ ‬مكتب المحامي‮ ‬حمدي‮ ‬خليفة تطلب منه رفع دعوي‮ ‬طلاق أمام محكمة الاسرة،‮ ‬استنادا إلي‮ ‬زواج‮ "‬ماجد‮" ‬من امرأة اخري‮ ‬بعقد عرفي‮ ‬وتضررها من الهجر لما‮ ‬يقرب من العام‮..!!‬ وقف‮ "‬ماجد‮" ‬أمام قاضي‮ ‬محكمة الاسرة وقال‮: ‬لم أهجر زوجتي‮ ‬هي‮ ‬التي‮ ‬هجرتني،‮ ‬قد تراجعت حينما ادركت ان زواجي‮ ‬العرفي‮ ‬سوف‮ ‬يكون ثمنه فقدان شريكة عمري‮ ‬وأم أطفالي،‮ ‬وسارعت بتطليق تلميذتي‮. ‬ أنا احب زوجتي‮ ‬لكني‮ ‬اكره القيود وحياة المعتقلات وزوجتي‮ ‬حبستني‮ ‬قي‮ ‬معتقل الزوجية سنوات،‮ ‬حاصرتني‮ ‬فيها بالتعليمات والقيود‮.. ‬لا استطيع ان أذكر عيبا واحدا في‮ ‬زوجتي‮ ‬يدين أي‮ ‬امرأة او‮ ‬يقلل من شأنها لكن عيبها الوحيد انها بلا عيب‮..!! ‬وهذا شيء لم احتمله فالحياة خير وشر‮.. ‬صلح وخصام‮.. ‬أبيض واسود،‮ ‬حياتنا كانت بلا نبض أو حيوية حياة رتيبة ومملة وانا أعشق سخونة الحياة ودفئها لهذا نجحت تلميذتي‮ ‬في‮ ‬ان تخطفني‮ ‬بدفئها من الاستاذة المديرة‮..!! ‬ وهنا قاطعته‮ "‬أشجان‮" ‬في‮ ‬عصبية‮: ‬ياحضرة القاضي‮ ‬أنا مصرة علي‮ ‬الطلاق‮.. ‬طلقوني‮ ‬ومستعدة للتنازل عن كل حقوقي،‮ ‬وقاطعها الزوج‮: ‬سيدي‮ ‬القاضي‮ ‬لو كانت زوجتي‮ ‬مستعدة للتنازل عن كل حقوقها فإني‮ ‬غير مستعد للتنازل عن لحظة حب واحدة عشناها سوية‮. ‬سوف اعود للمعتقل ان كان هذا‮ ‬يرضي‮ ‬زوجتي،‮ ‬أما اذا كانت كرهتني‮ ‬فلا فائدة من العودة‮.‬ ويتمسح الاطفال في‮ ‬امهم ويبكي‮ ‬صغيرهم ويتوسل كبيرهم لامه‮.. ‬ويبدو أن الامومة قد‮ ‬غلبت الانثي‮ ‬فيها فصمتت‮ "‬أشجان‮" ‬ولم تعلق فقررت المحكمة التأجيل للنطق بالحكم إلي‮ ‬جلسة اخري‮ ‬بعد اسبوعين‮.‬ وفي‮ ‬الجلسة الجديدة جاءت‮ "‬أشجان‮" ‬لتفجر المفاجأة امام القاضي‮: ‬لقد انتهت القضية وعاد زوجي‮ ‬إلي‮ ‬بيتي‮ ‬وعدت مع اطفالي‮ ‬إليه،‮ ‬وآعلن أمامكم تنازلي‮ ‬عن الدعوي‮ ‬واعتذاري‮ ‬لشغل وقت القضاء بحكايتي



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق