السبت، 5 سبتمبر 2009

تذكرة إلي السرايا الصفراء ‏


آمنت وبصمت بالعشرة أننا أصبحنا نعيش داخل السرايا الصفراء وليس خارجها‏..‏ بعد أن لملم العقل والمنطق عزالهما من حياتنا ورحلا بلاد الله خلق الله‏..‏ وآسف مقدما لهذا التعبير‏!‏فهل هناك حكومة عاقلة ولا أقول ذكية أو إلكترونية ـ كما يحلو لهم إطلاق هذا الاسم علي حكومة الدكتور أحمد نظيف ـ لم تدرك بعد أن فلذات أكبادنا وحنايا صدورنا الصغار‏..‏ قد أصبحوا علي بعد واحد وعشرين يوما ـ أكرر واحد وعشرين يوما ـ من الوقوع في براثن وحش كاسر لا يرحم اسمه إنفلونزا الخنازير مع افتتاح المدارس التي تصر وزارة التعليم إصرارا‏..‏ علي افتتاحها يوم السادس والعشرين من الشهر الحالي‏!‏نحن أيها السادة مقبلون علي كارثة كبري لن يقدر عليها لا وزير الصحة الدكتور حاتم الجبلي ـ الذي يبذل جهدا خارقا لخروج مصر من نفق الخنازير المظلم ـ ولا وزير التعليم‏,‏ الذي مازال يصر إصرارا علي افتتاح المدارس في موعدها المحدد تماما‏..‏ ليقدم أجمل هدية بمناسبة العام الدراسي الجديد لإنفلونزا الخنازير في فصول الـ‏120‏ تلميذا حكوميا‏..‏ داخل الـ‏43‏ الف مدرسة‏..‏ لترعي وتكبر وتتحور وتتطور وتلتهم صغارنا هم هم‏!‏هل تعلم الحكومة الذكية أنه مع الخريف والشتاء يتوقع الخبراء أن يصاب في مصر وحدها نحو عشرة ملايين إنسان بهذه الإنفلونزا اللعينة‏..‏ التي بدأنا حملة القضاء عليها بقرار غبي بذبح وإعدام نحو‏100‏ ألف خنزير‏..‏ علما بأن إنفلونزا الخنازير تنتقل الآن من الإنسان للإنسان‏.‏قتلنا الخنازير وبقيت اكوام القمامة التي كانت تأكلها الخنازير في شوارع القاهرة بواقع‏15‏ الف طن كل طلعة شمس‏!‏العالم كله أدرك مدي خطورة هذا الوباء الذي سيصيب ربع سكان أوروبا‏+‏ نصف سكان أمريكا‏+2837‏ حالة وفاة في العالم كله حتي الآن‏.‏وهل فكر أحد في أن يدفع فلذات الأكباد إلي المدارس حيث في انتظارهم ذلك القاتل المأجور الذي اسمه إنفلونزا الخنازير‏..‏ ونحن بعد سوف نتسلم إن شاء الله تعالي في منتصف نوفمبر المقبل ـ إن كان لنا عمر ـ المصل المضاد للإنفلونزا القاتلة‏..‏ و حلني بقي لما تيجي أول دفعة من الدواء‏.!‏ناهيك عن العمرة والحج وهما سوف يوردان لنا أحدث أنواع إنفلونزا الخنازير التي توطنت في الجزيرة العربية وتهاجم بعض أنواعها الرئة مباشرة‏..‏ليس كافيا أيها السادة مجرد قيود علي العمرة والحج‏..‏ بل الغوا الاثنين معا‏..‏ وصدقوني لن تدخلوا النار‏!‏‏....................‏‏....................‏إيه الحكاية؟الحكاية أننا ـ إن أجلا أو عاجلا ـ سوف ننتقل يوما وربما نحن في الطريق بالفعل إلي السرايا الصفراء ومقرها العباسية‏.‏ حيث السرايا الصفراء إذا كنا من سكان القاهرة العامرة الساحرة‏.‏أما إذا كنا من خارج القاهرة المستبدة المسيطرة فمكاننا محفوظ في مستشفي الخانكة‏!‏ولقد سألت لكم الصديق الدكتور أحمد عكاشة أكبر طبيب نفسي في الشرق الأوسط كله‏:‏هل نحن مجانين فعلا؟وهل نحن نحتاج فعلا إلي علاج نفسي؟قال‏:‏ في أي بلد ـ ليس مصر وحدها ـ هناك من‏25%‏ إلي‏30%‏ من سكانها في حاجة إلي علاج نفسي‏..‏ لأنهم يعانون بالفعل أمراضا نفسية‏..‏من بينهم‏20%‏ فقط يذهبون لطبيب نفسي‏..‏ ومن بين هؤلاء‏10%‏ يتحملون آلاما نفسية هائلة حتي الموت‏.‏أسأله‏:‏ بالانتحار؟قال‏:‏ أحيانا‏..‏ ولكن بقضاء الله وقدرهأسأله‏:‏ أمال إيه حكاية العفاريت والمشايخ وفتح المندل والقطر ومعمولك عمل؟قال‏:‏ قد لا تتصور أنه من بينهم‏50%‏ إلي‏60%‏ يلجأون إلي هذه الطرق البدائية في علاجهم عشان يطلعوا العفريت اللي راكبهم‏.‏قلت‏:‏ دول ياصاحبي راكبهم الفقر موش عفريت‏!‏‏.................‏‏.................‏قد يسأل خبيث من الخبثاء‏:‏كم عدد المجانين داخل مستشفيات المجانين في بلدنا؟وكم عددهم خارجها؟عند هذا السؤال توقف الدكتور أحمد عكاشة وقال‏:‏ هذا هو السؤال‏:‏ كم عدد المجانين خارج أسوار مستشفي العباسية ومستشفي الخانكة وليس داخلهما؟قلت له‏:‏ وهو فيه مجانين برة الخانكة والسرايا الصفراء؟قال‏:‏ عددهم يفوق بكثير عدد الذين داخل أسوار هذه المستشفيات‏..‏قلت‏:‏ يعني احنا عايشين في مجتمع كله مجانين في مجانين؟قال‏:‏ هذا هو التعبير الحقيقي الذي يؤكد لك أننا نعيش حقا في عالم مجانين في مجانين‏!‏قلت‏:‏ إزاي بس؟قال‏:‏ أولا أنا أعترض علي كلمة مجنون وأري أن نستبدلها بالمريض نفسيا‏.‏ثم مافيش واحد ف الدنيا دي عاقل مائة في المائة‏,‏ كل واحد منا عنده نسبة من الجنون‏!‏ثم راجع نفسك بهدوء‏,‏ وتعال نناقش تفاصيل حياتنا اليومية‏..‏ ماذا نصنع‏..‏ وماذا تصنع الحياة بنا؟‏1 ‏ ـ خذ عندك مثلا تصرفات الناس في الشوارع‏..‏ هل هذه تصرفات وسلوك ناس عاقلين حقا‏..‏ أم فاقدي الشعور والإحساس بالمسئولية؟‏2 ‏ ـ انظر إلي قائدي السيارات‏..‏ إنهم يقودون سياراتهم بجنون‏..‏ وكأن الشارع قد أصبح ملكا لهم‏..‏ ولا يهمهم المارة في شيء حتي لو داسوهم تحت عجلات سياراتهم‏..‏ ففي العادة يطلع السائق مجنونا في الآخر وليس مسئولا‏..‏ ويكتبونها في خانة‏:‏ حادث قتل خطأ‏.‏وحلني علي بال ما أهل الضحية ياخدوا التعويض المناسب‏..‏ أو حتي يشفي غليلهم رمي السائق خلف أسوار السجن سنة أو سنتين‏!‏‏3 ‏ ـ الناس تمشي في الشوارع كالمساطيل‏,‏ وهم أقل حبتين من المجانين‏,‏ لا يهمهم إشارة حمراء ولا ممنوع المرور ولا زحام السيارات أهو ماشي والسلام‏..‏ لا ينصاعون إلي قانون ولا يسمعوا أي تحذير حتي لو دفعوا حياتهم كلها ثمنا لذلك‏!‏قلت له مستدركا‏:‏ الناس يا سيدي من غلبها وفقرها وقهرها وحنقها وهوانها علي الدنيا‏..‏ ماشية هايمة علي وشها موش لاقيا حد ياخد بإيدها أو يعاونها ويساعدها علي مواجهة صراع لقمة العيش والجري برهوان علي الرزق واللقمة الحلال‏..‏ خلصوا الناس من مشكلات الفقر والديون وغلاء المعيشة والأجور المصابة بفقر دم مدقع‏..‏ خدوا بإيد الناس‏..‏ يصفو لهم الحال‏..‏ ويتحولون من أشباه مجانين في الشوارع والمصالح والدواوين‏..‏ إلي ناس هادية ورايقة ومزاجها عال العال‏..‏ موش بوزها شبرين زي ما انت شايف آخر صورة للإنسان المصري دلوقتي‏!‏تسمحلي أنا أكمل أسرار وأسباب حالة الجنون العام في الشارع المصري واللا مبالاة في الحياة المصرية وكأن البلد موش بلدنا‏..‏ وكأننا لسنا مصريين‏..‏ بل زحلاويين يعني قادمين من كوكب زحل‏!‏قال‏:‏ تفضل البيت بيتك‏!‏‏4 ‏ ـ خرج الخير وشقيقته البركة من حياتنا بعد أن قست صدور الناس واسودت القلوب وأصبح كل واحد لا يري في مرآة الحياة إلي وجهه هو ووجوه أولاده وزوجه ومحاسيبه ومريديه‏..‏ فانعدمت الرحمة وتكالب الجميع علي الكعكة‏..‏ مين يلحق ومين يأخذ ومين يلهط‏..‏ المهم إن ماحدش غيره يطول حاجة في آخر الأمر‏!‏‏5‏ ـ زاد الفجر ـ برفع الفاء ـ في طول البلاد وعرضها‏..‏ ومعه الانحراف وسوء الخلق‏!‏وركب الفساد جوادا أسود أحمق خطاه يرمح في كل شبر وكل حي وكل ديوان وكل منتجع وكل مجتمع‏..‏ حتي أصبحت له عملة علي وجهها الأول كلمة فسد‏..‏ وعلي وجهها الآخر كلمة فاسد‏!‏‏6‏ ـ نسينا ديننا‏..‏ وإذا تذكرناه‏..‏ تذكرنا قشوره وعناوينه‏..‏ نصلي ونصوم ولكن لا نعمل بصلاتنا ولا نتعظ بصومنا‏..‏ نحمل أغلفة الكتب الدينية ولا نعرف ما بداخلها‏,‏ ونسمع ما يروق لنا من آيات قرآنية وأحاديث نبوية ووصايا دينية ونرددها كثيرا كما الببغاوات‏..‏ ولا نتعظ بها‏..‏ بل نحرفها أحيانا‏.‏ونفرقع في القنوات الفضائية بين الحين والحين معارك تليفزيونية دون كيشوتية يتحول فيها مشايخ الدين وأصحاب الفتاوي إلي نجوم جراند بريميير ولا نجوم السينما‏!‏‏7‏ ـ وهذه الهجمة الشرسة من فنون العولمة الغبية وافلام العري السافر واغاني غرف النوم وكليبات الرذيلة‏..‏ حاجة تجنن‏!‏‏...............‏‏...............‏قلت لعميد أساتذة علم النفس في بلدنا‏:‏ـ ولا تنس يا عزيزي‏..‏ أن الحكومة تسهم في جنون الناس في بلدنا‏.‏قال‏:‏ تقصد بأفعالها وقراراتها‏!‏قلت‏:‏ الحكومة في رأيي وفي رأي طابور طويل من عقلاء القوم فينا‏..‏ ليست مجنونة ولا يحزنون‏..‏ بل هي اعقل من عمنا ابوقراط نفسه‏..‏ برغم أنها تصدر في كثير من الأحيان قرارات تجنن وتصيب العقل بلوثة‏..‏ إلا آنها حكومة عاقلة جدا‏..‏ وهل هناك في الدنيا بحالها حكومة إلكترونية مجنونة؟ولكن حكومتنا الرشيدة لكي تزيد الخلق جنونا فوق جنونهم‏..‏ فإنها تعقد اجتماعاتها لا‏..‏ لكي تحل المشكلات والأزمات‏..‏ ولكن لكي تتفنن في العكننة علي خلق الله‏..‏ وتنغيص حياتهم‏..‏‏*‏ مثلا إذا رأت الحكومة أن إنفلونزا الخنازير سوف تحصد أرواح آلاف من التلاميذ إذا فتحنا المدارس في السادس والعشرين من سبتمبر‏..‏ عشان الدراسة تبقي‏32‏ أسبوعا‏..‏ وليدفع الآباء والأمهات الثمن ويا له من ثمن‏..‏ حياة أطفالهم وأولادهم وبناتهم‏..!‏لماذا لا تؤجل الدراسة كما فعلت عمان وقطر؟إن دولا كثيرة تفكر في تأجيل الدراسة‏..‏ فلماذا لا نحذو حذوها وننقذ جيلا مصريا بحاله من الموت‏..‏ أفيقوا أيها السادة قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه الندم ولا اللطم علي الخدود؟اغلقوا المدارس أيها السادة‏..‏ لحين إشعار آخر‏..‏ والغوا موسم الحج نفسه‏..‏ وقد فعل النبي نفسه ذلك عندما اجتاح وباء الطاعون شعاب مكة‏!‏‏*‏ الشيء نفسه بالنسبة لإنفلونزا الطيور‏,‏ وقد توطنت في مصر‏,‏ ونخشي أن تصنع مع إنفلونزا الخنازير تحالفا قاتلا‏!‏‏*‏ إذا رأت الحكومة أن طوابير الخبز طالت واستطالت‏..‏ تبدأ حملة لإغلاق المخابز المخالفة‏..‏ حتي لا يجد الناس رغيف عيش واحدا‏..‏ ويزداد طول الطوابير‏!‏‏*‏ وإذا رفع الجزارون تسعيرة اللحم‏..‏ استوردنا للناس لحوما مصابة بالطاعون من دول معروف أن المرض يتفشي بها وليأكل الناس لحوما مصابة أو يقعوا في براثن الجزارين ليجزروهم‏!‏‏*‏ وإذا اشتكي الناس من القمح الروسي المستورد المليء بالحشرات والمواد الضارة التي تسبب أمراض الدنيا‏..‏ سارعنا باستيراد مزيد من القمح الروسي الفاسد وليضرب الناس رؤوسهم في أقرب حائط‏!‏‏*‏ إذا أجمع الناس علي فساد سياسة وزير ما‏..‏ أو محافظ ما‏..‏ أو مسئول ما‏..‏ تتمسك به الحكومة عندا وكبرا‏..‏ بل ربما تمنحه اختصاصات أخري زيادة في إغاظة الناس‏!‏‏*‏ تظل وزارة التعليم العالي تتعنت وتتمسك بالمجاميع عند دخول طلاب الثانوية العامة الجامعة‏..‏ وعندك الإعلام فوق الـ‏95%‏ نجاحا‏..‏ ثم إذا بها تسمح لطلاب التعليم المفتوح بالالتحاق بكلية الإعلام المرموقة بــ‏50%‏ فقط‏!‏موش بالذمة دي حاجة تجنن‏!‏‏*‏ لم نعرف حتي الآن من السبب في إصابة بلدة البرادعة في القليوبية بوباء الطاعون اللعين الذي اختفي من العالم كله في القرن الماضي‏..‏ والذي انتقل إلي مدن وقري أخري؟كل واحد يلقي بالاتهام علي الآخر‏..‏ والحكومة تركت الطاعون يتسلل إلي قرانا التي تشرب مياها ملوثة وهي تحاول كشف سر‏:‏ من الذي تسبب في ظهور هذا الوباء اللعين؟أما كفانا وباء إنفلونزا الخنازير والطيور؟ولكن تلك حكاية أخري وفصل جديد من فصول بلاوي الحكومة الرشيدة‏!‏حاجة تجنن موش كده‏!‏هل يريد أحد منكم تذكرة دخول للسرايا الصفراء‏..‏ دخول بلا خروج؟‏...............‏‏..............‏إذا كانت الساعة المعطلة هي أضبط ساعة في العالم مرتين كل يوم عند الثانية عشرة ظهرا أو عند منتصف الليل كما يقول الفيلسوف نيتشه‏..‏ فهذا يعني أن كلام من تعطلت عقولهم أحيانا هم أكثر دقة وصوابا ربما من كلام جيش من العاقلين‏..‏فمعني هذا القول صدق المثل القائل‏:‏ خذوا الحكمة من أفواه المجانين‏..‏ والمجانين الذين أخذت منهم الحكمة أولهم قابلته وحاورته داخل مستشفي السرايا الصفراء في العباسية ـ التي يريدون بكل أسف أن يستولوا علي حديقتها الرائعة واقتطاعها وتحويلها إلي عمارات سوبر ستار لحيتان المقاولات الأكابر الذين تربوا في عصر الحكومة الإلكترونية المبجلة الذين يحققون مقولة غضنفر السينما المصرية توفيق الدقن في مأثورته‏:‏ الشغل هنا علي ودنه‏!‏والحكاية من الأول‏..‏ أنني ذهبت ـ إلي مستشفي الأمراض العقلية وهذا اسمها للقاء من يدعون الجنون لكي يهربوا بجريمتهم‏..‏ منهم من قتل أمه أو أباه أو أخاه‏..‏ أو حتي أولاده ضناه حنايا صدره‏..‏ ثم ادعي الجنون‏..‏ولأنني بطبعي قلوقا لا أستقر علي حال‏..‏ ولا أصبر علي منوال‏..‏ فقد التقيت بمدير المستشفي ـ للأسف ضاع مني اسمه ـ وبالقطع هو يذكرني كان رجلا مهذبا لطيفا أمر لي بفنجان من القهوة لم أشربه لتعجلي‏..‏ وأمهلني هو عشر دقائق فقط يعرف فيها بعض أمور المستشفي التاريخي‏..‏ ولكنني لم أصبر‏..‏ وتسللت وحدي إلي العنابر الرجالي التي تضم مجانين ألف صنف وصنف‏..‏ وأول من قابلني رجل شقلباظ رأسه إلي تحت وقدماه معلقتان بالحائط‏..‏ سألته‏:‏ ما تتعدل يا عم؟قال لي‏:‏ ما أنا كده معدول‏!‏أشارت لي ممرضة مسرعة‏:‏ أصله طول عمره كده من يوم ما دخل المستشفي‏..‏ وإذا وقف عدل يعيط ويمرض ويترعش ويصرخ لحد ما يرجع لحالته الأولانية‏!‏‏**‏ قال لي طبيب‏:‏ أصل جهازه الهضمي والتنفسي ومركز سريان الدم استقرت علي هذا الوضع العكسي‏!‏وقع أقدام سريعة خلفي‏..‏ نظرت فإذا بطبيب يرتدي البالطو الأبيض وفوق عينيه نظارات طبية سميكة يستوقفني‏:‏ حضرتك الصحفي الكبير‏..‏ أنا دكتور نشأت مساعد المدير‏.‏قلت‏:‏ أهلا‏..‏ تشرفنا‏..‏قال‏:‏ لقد أمرني المدير أن أرافقك في جولتك‏..‏قلت‏:‏ يبقي كده كويس‏..‏ بدل ما أتوه كده واللا كده‏!‏ورحنا نمر علي المرضي في العنابر‏..‏ المرضي ينظرون إلي الطبيب المرافق ويتغامزون أو يصمتون‏..‏قال الطبيب المرافق‏:‏ أصل أنا واخد عليهم‏..‏ دول زي اخواتي تمام‏..‏ غلابة عقلهم علي قدهم‏!‏أسأله‏:‏ هم عندهم إيه؟قال كأنه يقرأ من كتاب مطالعة‏:‏ عندهم شيزوفرينيا مركبة‏+‏ عقدة اضطهاد منذ الصغر‏+‏ حالة اكتئاب في الكبر‏+‏ انفصام في الشخصية وشعور طاغ ومؤلم بالذنب‏!‏قلت‏:‏ ياه‏..‏ كل ده عند العيانين دول‏..‏ أنا شايف انهم هاديين جدا وظراف كمان‏!‏قال‏:‏ دول بس ساكتين عشان خايفين حبتين‏!‏قلت‏:‏ من ايه؟قال وقد اتسعت حدقتا عينيه واحمرتا وانتفض وجهه زرقة واصفرارا‏:‏ اصلهم خايفين من الديب السحراوي اللي بيأكل العيال الصغيرين اللي بيتشاقوا وما بيسمعوش الكلام؟قبل أن يكمل عبارته‏..‏ كان أربعة من الممرضين العتاولة ينقضون عليه‏..‏ لا أعرف من أين أتوا؟ ومن أرسلهم؟ وهم يصيحون به‏:‏ عملتها برضه يا دكتور زناتي‏..‏ الحمد لله إن احنا لحقناك في الوقت المناسبوجاءني مدير المستشفي يلهث وهو يقول‏:‏ أنا آسف انشغلت عنك‏..‏ أصل الدكتور زناتي ده كان طالبا في كلية الطب وأصابه المرض النفسي وهو في ثانية كلية‏..‏ فجاءوا به إلي هنا وهو لا ينسي أبدا أنه طبيب بكرة يخف‏..‏ ويطلع ويبقي دكتور قد الدنيا‏..!‏‏.................‏‏................‏طابور طويل من عقلاء القوم فينا‏..‏ قطعنا تذاكر دخول بلا عودة إلي مستشفي السرايا الصفراء‏..‏ لأننا بالفعل نعيش في عصر بلا عقل وبلا حكمة وبلا صواب‏..‏ ودولوني ياولاد الحلال أين العقل‏..‏ وأين الحكمة‏.‏وإنفلونزا الخنازير تحصد الأرواح‏..‏ وعندنا حتي الآن نحو‏745‏ حالة‏..‏ وأوروبا تنتظر إصابة ربع سكانها‏,‏ وأمريكا نصف سكانها‏..‏ ونحن نركب عربة الجمود والكسل واللامبالاة‏,‏ ونفتح الباب لدخول المدارس‏+‏ آلاف الحجاج الذين سوف يحملون لنا الفيروس القاتل‏..‏ الذي لن يبقي ولن يذر‏..‏ وقد أعذر من أنذر‏!{‏‏**‏ ملحوظة‏:‏ من عندي‏:‏ مازال لدي دفتر تذاكر بحالة لدخول السرايا الصفراء‏..‏ لمن يريد‏!**‏



المصدر : الاهرام - عـزت السـعدني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق