انفردت الدورة الـ34 لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى بمشكلة فريدة من نوعها لم يسبق أن واجهها المهرجان من قبل وهو المصنف فئة (أ) والذى يعد واحدا من اهم 11 مهرجانا على مستوى العالم، بل ولم يسبق أن واجه هذه المشكلة أى مهرجان آخر سواء كان معترفا به أم لا. المشكلة التى تحاصر الدورة الـ34 لمهرجان القاهرة السينمائى وتهدده رغم الجهود المضنية التى يبذلها القائمون على المهرجان هى عدم وجود دور عرض كافية لعرض الأفلام التى نجح المهرجان فى الحصول عليها خاصة أن المهرجان ينطلق بعد أسابيع قليلة من طرح مجموعة من الأفلام لكبار النجوم المصريين فى السوق تزامنا مع موسم عيد الأضحى وعليه تعذر على أصحاب دور العرض رفع هذه الأفلام منها لعرض أفلام المهرجان. «الشروق» تابعت ازمة دور العرض مع المهرجان فى هذا التحقيق: «أشعر بحالة ضيق شديدة وعندى احساس أننا نجحنا أن نطبخ طبخة رائعة هذا العام ولكن لن نجد من يتذوقها» بهذه الكلمات التى تعبر عن حجم المشكلة تحدث الناقد يوسف شريف رزق الله أحد أعضاء المكتب الفنى بالمهرجان وقال: كان لدينا حالة تفاؤل شديدة بالدورة الرابعة والثلاثين فلم نبخل بأى جهد وكنا حريصين تماما على إضافة الكثير من العناصر التى تميز وتساهم فى نجاح هذه الدورة أهمها اختيار فكرة مصر فى عيون سينما العالم وتكريم 3 شخصيات مصرية نجحت دوليا وعالميا منهم الفنان خالد عبدالله والمنتج فؤاد سعيد والمخرج ميلاد بسادة إضافة إلى اننا نجحنا أن نحصل على أفلام تشارك فى المسابقة الدولية فهناك 7 أفلام تعرض عالميا لأول مرة و6 أفلام تعرض لأول مرة دوليا أى تم عرضها فقط داخل الدولة المنتجة وهناك 3 أفلام تعرض لأول مرة فى الدول العربية وهذه مسألة ليست سهلة أن نستطيع أن نحصل على هذه النوعية من الأفلام لكن لأن مهرجاننا هو مهرجان معترف به دوليا ويحمل فئة (أ) فلم يكن يجوز أن نستعين بأفلام تم عرضها من قبل وعليه المسألة كانت صعبه للغاية لأن موزع الفيلم يهمه أولا وأخيرا أن يتم تسويق عمله من خلال المهرجان وهذا للاسف غير متوافر فى مصر فلا توجد لدينا القدرة على تسويق الأفلام وكنا نتمنى أن تساهم الدولة فى علاج هذا الامر بالغاء الضرائب الجمركية والرسوم الرقابية ودعمه فى شكل حملة اعلانية خاصة أن الموزع يسعى للمكسب ولابد أن يكون هناك تشجيع. وأضاف: هناك أيضا مجموعة من الندوات المهمة للغاية تعقد على مدار المهرجان منها ندوة تقام للاحتفال بالقناة الفرنسية الالمانية ARTE من خلال عرض الأفلام التى شاركت فى انتاجها عربية وغير عربية واحتفالية بمهرجان واجادوجو السينمائى ببوركينا فاسو وسوف نعرض الأفلام التى حصدت الجوائز الذهبية فى اطار اهتمامنا بالسينما الأفريقية إلى جانب عرض أفلام أفريقية بمسابقة الديجيتال ونجحنا أن نعبر مشكلة الفيلم المصرى التى كانت تواجهنا كل عام حيث اخذت على عاتقى أن اتابع منذ بداية هذه السنة عددا من الأفلام وأتواصل باستمرار مع مخرجيها وبالفعل من خلال تواصلى مع خالد الحجر وجدت أن فيلمه «الشوق» مناسب جد وبالعرض على المكتب الفنى كانت الموافقة بالاجماع، أما فيلم «ميكروفون» فلقد اخترناه للمسابقة العربية لأنه تم عرضه فى مهرجان اخر وفيلم «الطريق الدائرى» سيشارك بالمسابقة العربية أيضا كما يشارك فيلم الباب وهو من اخراج طبيب اسمه محمد عبدالحافظ فى مسابقة أفلام الديجيتال وبهذا تكون مصر مشاركة فى كل فاعليات المهرجان. وقال: كنت حريصا على الحصول على الفيلم اللبنانى الفائز بالجائزة الذهبية فى مهرجان ابوظبى السينمائى لكن فشل منتجه فى تحويله بنسخة 35 مللى فى الوقت الذى حددته له.. ولكن للأسف بعد كل هذا المجهود حدث ما لم نكن نتوقعه حينما تزامن موعد المهرجان مع موسم عيد الاضحى ونزول 4 أفلام لنجوم كبار وهى: زهايمر لعادل امام، وبلبل حيران لأحمد حلمى، وابن القنصل لأحمد السقا وانشغلت سينما جود نيوز بعرض فيلم زهايمر وللحقيقة فلقد كانت تدعمنا جود نيوز طوال 7 اعوام الماضية للمهرجان لكنها اعتذرت هذا العام وهذا حقها ونحن تفهمنا موقفهم ولا نستطيع أن نلومها ولكن فى نفس الوقت تعرضنا لأزمة كبيرة خاصة أن قاعة جود نيوز كانت تتسع لـ800 متفرج ولم نستطع ايجاد بديل بعد أن رفضت الشركات صاحبة دور العرض أن تمنحنا عددا كافيا فلقد منحنا قاعتين فى نايل سيتى خصصناهم لرجال الصحافة وأتوقع مشاكل عديدة بسبب هذا الأمر رغم أن المهرجان قام بتخصيص اتوبيسات لتقل الصحفيين إلى هناك ولكنها أيضا لن تفى بالغرض فالقاعتان صغيرتان جدا فلقد كنا نعرض الأفلام المصرية فى التاسعة مساء فى جود نيوز وكان الناس يتزاحمون واحيانا يصل الامر إلى الضرب رغم أن القاعة كبيرة. واستطرد: ولقد عرضت هذه المشكة صراحة فى الاجتماع الذى كان من المفترض أن يحضره فاروق حسنى وزير الثقافة ولكنه لم يحضر ولكن منحنا ممدوح الليثى رئيس جهاز السينما قاعتين من قاعات مجمع فاميلى سينما بالمعادى لعرض 3 أفلام ولأول مرة يشهد هذا المجمع فاعليات المهرجان ولا نعلم ماذا سيكون رد فعل الناس وهذه هى اول مرة نواجه هذا النوع من المشاكل ولكنها مشكلة خطيرة قد تسبب حرجا للمهرجان ويجب أن يتفهم الجميع انها حالة طارئة ونحن انفسنا نشعر بحالة ضيق شديدة. وتقول الناقدة خيرية البشلاوى: فكرة المهرجان ليست تجارية وإذا حضرت التجارة فسدت الثقافة وهو ما حدث بالضبط فى الدورة الـ34 لمهرجان القاهرة السينمائى فلقد تزامن وقت انطلاقها مع موسم عيدالاضحى ونزول عدد من الأفلام تمثل لمنتجيها وموزعيها سلعا تجارية لابد من عرضها لتحقق الارباح ومن هنا تعرض المهرجان لأزمة فى دور العرض وهى أزمة تعبر عن حال المجتمع ككل فى التعليم وفساد الذوق العام وفى الثقافة وفى كل شىء وعليه نحن نحارب طواحين الهواء فالجمهور سوف يجرى على «ابن القنصل» ولن يقبل على أفلام المهرجان. وقالت: عندنا بديل قوى ويساهم فى حل هذه الأزمة بشكل فعال وهو مجمع دار الأوبرا واقترح أن تساهم الأوبرا مساهمة حقيقية فى هذا الحدث فرغم انها تمنح المهرجان الكثير حيث يقام الحفل الافتتاح والختام بالمسرح الكبير وهناك مركز الابداع والمسرح الصغير اللذان يعرضان بعض أفلام المهرجان لكنها قاعات صغيرة لا تتسع لكثير من المتفرجين وكنت اتمنى أن يتم استخدام المسرح الكبير الذى يتسع لعدد كبير والاستفادة من الموسيقيين بعمل لجنة تحكيم مكونة منهم لتقييم الموسيقى التصويرية للأفلام وهم ادرى من النقاد بها ومن هنا يكون هناك تعاون حقيقى بين الأوبرا والمهرجان. وأضافت: الحلول التى تم اقتراحها سوف تقابلها العديد من المشاكل أهمها أن دور فاميلى سينما تعانى من مشكلة كبيرة وهى عدم وجود أماكن لركن السيارات والقاعات التى تم توفيرها للمهرجان صغيرة جدا وعليه تزداد اهمية استغلال المسرح الكبير بالأوبرا إلى أن يتوافر لمهرجان القاهرة دار عرض كبيرة تتناسب مع مكانته كأحد أكبر 12 مهرجانا عالميا ولا يمكن مقارنته بمهرجانات أبوظبى ودبى وغيرها فنحن لابد أن نتباهى بمهرجانا وبقيمته بدلا من حالة التباعد والتعالى التى يتبعها كثير من رجال الاعلام مقارنة من طريقة تعاملهم مع المهرجانات العربية وعليه اناشد الجميع بالتعامل بشكل مهنى مع هذه المشكلة على أنها أزمة طارئة لا دخل للمهرجان بها والتمتع بالأفلام القيمة التى نجح المهرجان فى الحصول عليها والاستفادة الحقيقية من هذا الحدث الكبير. من جانبه، أكد المنتج وصاحب عدد من دور العرض التى كانت لها مساهمات مع مهرجان القاهرة السينمائى فاروق صبرى انه حزين بالفعل لتعرض المهرجان لهذه الأزمة وقال: منذ أن أقيم هذا المهرجان ولم اتوقف يوما عن التعاون مع اداراته وانا اعتبره مهرجانى الخاص ومنذ أن كان سعد الدين وهبة رئيسا لهذا المهرجان وكنت شريكا أصيلا فى دعم هذا المهرجان وكنت احتفى بكل ضيوفه ولكن للأسف هناك أفلام جديدة تعرض حاليا ولن يجوز أبدا أن أطلب من اصحاب هذه الأفلام رفع عرضها لمدة اسبوع، مدة المهرجان، ثم اعيد عرض الأفلام مرة اخرى لأن هذا يعنى ذبح الفيلم فبهذه الفعلة أكون قدمت أسوأ دعاية لهذه الأفلام ولن يقبل عليها الجمهور مرة أخرى أبدا بعد رفعها ولن يصدق أن الرفع جاء لظروف المهرجان وسيتوقع أن الفيلم فاشل وعليه أكون ساهمت بشكل مباشر فى خسارة فادحة أدبية ومعنوية ومادية لأصحاب الفيلم وهى جريمة كبيرة. وأضاف: أنا حزين جدا لأننى لا أستطيع أن اساهم فى حل هذه الأزمة وكنت أتمنى فعلا أن أخصص دور العرض الخاصة بى للمهرجان ولقد تحدثت مع ابنى وليد صبرى وناقشنا هذه المشكلة من كل الجوانب ولكن لم نجد حلا وأتصور أن الحلول التى توصلت إليها إدارة المهرجان كافية للغاية خاصة انه ليست بكثرة دور العرض ينجح المهرجان فلقد حضرت مهرجان دمشق الذى أقيم مؤخرا وعرضت الأفلام فى دورين عرض فقط والمهم أن تأتى الناس وتشاهد الأفلام فلقد عانينا كثيرا طوال السنوات الماضية من عزوف النـاس عن المشاهدة فلقد كنت أداعب المسئولين بالمهرجان وأقول لدى استعداد لأقوم بتوزيع ساندويتشات مجانيـــة على الجمهور لأحمسهم لدخول دور العرض ومشاهدة هذه الأفلام القيمة.
الشروق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق