هناك ميزة هامة في أحمد حلمي ، وهي أنه في أغلب أفلامه السابقة يصنع أفلاماً إن لم تُضحكك فلن تضحك عليك ، لا يعتمد على الكوميديا بمنطق"الزغزغة" ، ويؤدي دوره دائماً بتلقائية تمنحه كاريزما لا يملكها أيكوميديان مصري آخر ، لذلك فأنا أحب أحمد حلمي .. 99% ممن يقرأون هذا المقال يحبّونه .
، لكن إدراكه هو نفسه لمحبة الجمهور وتقبله له وإقباله على ما يقدمه يجب أن يكون حافزاً لتقديم الأفضل وليس مبرراً لأن يقدّم فيلماً مُفككاً ومنعدم المنطق وثقيل الظل كـ"بلبل حيران" .. وإلا كانت هذه هي بداية النهاية .
!قصة الفيلم مُبشرة وبها تناقضات تستطيع بسهولة أن تنتزع الضحكات ، ولكن السيناريست خالد دياب لم يفشل فقط في إكساب الفيلم أي منطق ، ولكن الأهم أنه عجز عن خلق الضحك وصَنَع مواقف كوميدية رتيبة ومكررة تطول أحياناً لدرجة "الزغزغة" ، معتمداً فقط على كاريزما حلمي وتقبل الجمهور له ، دون أيّ شيء آخر .ولكن المشكلة أن هذا فيلم مختلف عما أحببناه في حلمي أصلاً ! .
، على سبيل المثال : جزء من جودة الكوميديا التي كان يقدّمها في أفلامه السابقة أنها كوميديا خالية من الابتذال ، لن يحوّرالألفاظ ولن يلقي بدعابات جنسية سمجة كي يجتذب الضحكات ، لذلك فقد كنت مندهشاً من إيفيهاته في هذا الفيلم ، وجمل حواريّة من قبيل "- هي بتعرف تطير ؟ - آه ديعليها حتة طير !" أو "كان شاب لطيز" أو أن يحادث البطل خطيبته يقول لها "انتِ كده هتبقي مفسوخة" ، أو جملة "مبتحبش النط بالباراشوت ؟ طب بتحب أنهي نط ؟" ، منذُ متى وحلمي يقدّم هذا الابتذال في الكوميديا ؟!
الأهم من ذلك أنه فيلم يفشل في الإضحاك لا بهذه الإيفيهات ولا بغيرها ، أحمد حلمي يحاول "عَصْر" الإيفيه وتنجح كاريزمته مع الجمهور أحياناً في خلق الضحك، ولكن الواقع أنه يعتمد على نص ثقيل الظل .. عاجز عن خلق الكوميديا حتى منالمواقف التي تبدو مهيئة لذلك وأكثر عجزاً في خلقها عبر إيفيهات مُكررة .. مر على بعضها عشر سنوات على الأقل ، خصوصاً الجنسية منها ، والغريب حقاً أن المفهوم القيمي الذي يتحدث به السيناريست خالد دياب عن أفلامه وعن "بلبل حيران" بشكل خاص لم يمنعه من أن يتحدث البطل عن "طير" حبيبته أو أن يصنع خمس أو ست إيفيهات متمحورة حول "الشفط" و"النفخ" و"اللف" وكل هذاالتلاعب اللفظي المبتذل الذي امتلأ به الفيلم .
من ناحية تقنية بحتة ، أستغرب الاستسهال الغريب الذي كتب به خالد دياب سيناريوالفيلم ! ، هذا فيلم يفتقد لأبسط أبسط قواعد المنطق ! ، وتفترض الأفلام الكوميدية التغاضي عن المنطق أحياناً ، ولكن ماذا عن فيلم مبني أساساً على فقدان البطل لذاكرته بغد ارتطامه رأسه بجسمٍ صلب ثم عودتها إليه بعد ارتطامه بآخر ؟! ، هل هناك أصلاًما يسمى بفقدان ذاكرة لمدة ستة أشهر ؟!! ، هل يعقل أن يسقط بطل الفيلم من طائرةعلى مزرعة دواجن فلا يموت ؟ ألا يعرف السيد كاتب السيناريو والسادة صناع الفيلم أنالسقوط من مسافة مرتفعة يؤدي للوفاة بالسكتة القلبية وليس بقوة الارتطام ؟ ، كيف يتحول "الانتقام" من "إسقاطه من طائرة" لـ"وضع فار في الجبس أو ضربه بمضرب الذباب أو منعه من السجائر" كما كانت تفعل الطبيبة المُنتقمة ؟! ، على أي أساس تخبره الطبيبة في النهاية "بس أنا تعاطفت معاك بعد ما عرفت اللي عملوه فيك !" ، وصولاً للبناء الهَشّ جداً للشخصيات –الكرتونية حتى بالنسبة لفيلم كوميدي !
من قبيل أن بطل الفيلم لا يوجد له أهلولا أصدقاء يخبرونه أنه كان خاطباً لياسمين ! أو التناقضات الطفولية بين شخصيتي"ياسمين وهالة" ! وغيرها الكثير من التفاصيل التي لا أعرف كيف تصالح دياب مع كتابتها ، وكيف وافق عليها حلمي ! وأمام سيناريو مُفكك وسَمِج كهذا ، لا أستطيع إلقاء اللّوم على أحد سوى بالمشاركة، أستغرب فقط أن خالد مرعي الذي أخرج مُنذُ عامين فقط فيلماً رائعاً كـ"آسفعلى الإزعاج" "يَفْلِت" منه الإيقاع لتلك الدرجة .
الكثير منالمشاهد ليس لها معنى ولا هدف ولا تحقق حتى غاية الإضحاك ، الفيلم أطول مما يجب أنيكون عليه والنقلات بين الحكاية وبين المستشفى شديد الرتابة ، حتى الموسيقى فشلت في إمتاعي .. أو فشلتُ في استقبالها وسط كل الجعجعة التي يمتلأ بهاالفيلم ! شاهدتُ الفيلم ليلة العيد في إحدى دور العرض بوسط البلد ، في أجواء مثالية للضحك ،ورغم ذلك كان الضحك في القاعة قليلاً للغاية ، يحاول الجمهور التماهي مع أي"إيفيه" أو "موقف" لكي يضحك ولكن الفيلم لا يقدم له ذلك .
،والغريب حقاً أن جميع أبطال الفيلم كانوا يضحكون على الإيفيهات داخل الأحداث أكثرمن الجمهور ، وشعرتُ للحظة أن الضحك هذه المرة على الجمهور نفسه الذي جاءَ ثقةً في نجم يحبه ولكن النجم لم يحترمه وقدم له فيلماً أقلّ ما يُقال عنه أنه متواضع المستوى ، وإن كانت كاريزما حلمي ستحميه السقوط هذه المرة .. فإنه سيسقط قريباً لو استمر في هذا الاستسهال الواضح ، ولنا في هنيدي وسعد أسوة حسنة
السينما
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق