الثلاثاء، 23 نوفمبر 2010

رولا خرسا‏ :‏ المجتمع أصبح مثل الهايبر‏ ..‏ كل الأشياء متساوية



في الاعلام الاوروبي والامريكي‏,‏ يقدمون برامج كاملة عما يجب ان يتناوله الطفل من طعام‏,‏ والرعاية التي يجب ان يحصل عليها‏,‏ والتربية التي يجب ان ينالها‏,‏ كيف يلعب
‏ كيف يتعلم‏,‏ كيف تنمي موهبته‏,‏ ما العوامل التي يبدع لو توافرت له‏..‏ بتلك الجمل بدأت الاعلامية رولا خرسا مقدمة برنامج الحياة والناس مع رولا حديثها بعد حصولها علي جائزة اليونيسيف كأفضل إعلامية تناولت قضايا الطفل والمرأة‏.‏وقالت رولا في حوارها ان ما يقدمه الاعلام هو أحد أهم عوامل تكوين الوعي لدي اي مجتمع‏,‏ وهناك نوعان من الاعلام الأول ولا أميل إليه وهو إعلام الشو‏,‏ اللحظة‏,‏ يهتم بعنصر الاثارة والتشويق‏,‏ لا يتعمق‏,‏ لا يحسب الضرر والافادة‏,‏ فقط يحصد نسب مشاهدة وهناك اعلام العقل والامانة في نقل المعلومة ومناقشة القضية إعلام انساني لا يتاجر بآلام الناس وهو ما اميل إليه وهذا هو الفرق بين إعلام مجتمع الهايبر‏,‏ وإعلام التنمية والخصوصية‏.‏وأشارت رولا إلي أنها لا تستطيع اخفاء سعادتها بحصولها علي جائزة اليونيسيف لأنها تعني انها عبرت الطريق الصحيح‏,‏ مضيفة انها لا تستطيع اغفال الجانب الانساني حتي في الحوارات والقضايا السياسية‏,‏ لانه الجانب الثابت في القضايا‏.‏وأضافت إن ما يزيد سعادتها‏,‏ انه تم ابلاغها مرتين بجائزة مهرجان الاعلام العربي‏,‏ ثم سحبوها متحججين بزيادة مدة البرنامج‏5‏ دقائق عن شرط المسابقة‏,‏ وكانت عن حلقة برنامج بالعمق التي تناولت تاريخ المسجد الابراهيمي‏,‏ وهي الحلقة التي وصلت إلي التصفيات النهائية لجائزة ايمياورد مؤكدة انها ايضا لم تسع لجائزة اليونيسيف لكن المنظمة رأت انني استحقها عن القضايا التي طرحتها والخاصة بالمرأة والطفل‏..‏ وإلي نص الحوار‏:‏‏*‏ لماذا اتجهت في برامجك نحو القضايا الاجتماعية والانسانية؟‏**‏ أنا أتناول كل القضايا‏,‏ ومنذ عودتي من لندن‏,‏ وأنا أطرج قضايا متنوعة وحوارات مختلفة وقابلت نزار قباني وحاورته‏,‏ وفيروز‏,‏ والراحل ياسر عرفات وزوجته سها عرفات‏,‏ بالاضافة إلي المسئولين المصريين‏,‏ امثال الدكتور أحمد زكي بدر وزير التعليم‏,‏ وكان من أكثر لقاءاتي الممتعة‏,‏ والدكتورة مشيرة خطاب التي تتعاون في كثير من القضايا التي نطرحها والخاصة بالمرأة والطفل‏,‏ والعديد من الانفرادات الصحفية والسياسية‏.‏‏*‏ البعض يري أن هناك من يتاجر بالقضايا الانسانية لانها الأكثر جذبا خاصة فيما يخص حل مشاكل لبعض المواطنين او طرح قضايا انسانية تحتاج لتدخل مسئولين او فاعلي خير؟‏**‏ أولا انا لا أعمل الا ما أحب‏,‏ وإذا كان البعض يختار قدره فأنا اختارني قدري‏,‏ وليس لدي طموح اداري‏,‏ أو راغبة شهرة‏,‏ ولا انفي ان البعض يتاجر باحتياجات الناس‏,‏ وينال شهرة لانه يعرض قضايا انسانية‏,‏ لكن في الاساس انا أطرح قضايا مجتمعية ذات بعد انساني مثل الزواج المبكر‏,‏ الاغتصاب‏,‏ والمرأة المعيلة‏,‏ اطفال الشوارع‏,‏ الاحداث‏,‏ مؤسسات الرعاية الاجتماعية‏,‏ وكلها قضايا اجتماعية‏,‏ وأزمة في المجتمع كله‏,‏ وليست حالات انسانية فردية‏,‏ نحصل بها علي الشهرة‏,‏ حتي عندما حصلت علي جائزة اليونيسيف لم اتقدم اليها ولكن المسئولين فيها وجدوا انني استحقها لما أطرحه من قضايا خاصة بالمرأة والطفل‏.‏‏*‏ يبدو أن هذه الجائزة تعني بالنسبة لك الكثير؟‏**‏ في الحقيقة نعم‏,‏ لانها جائزة جاءتني دون ان اسعي اليها‏,‏ كما انني تم ترشيحي لنيل ذهبية مهرجان الاعلام العربي أكثر من مرة‏,‏ وابلغوني في احدي المرات لكنهم عادوا وقالوا‏:‏ ان مدة البرنامج أزيد من شرط المهرجانب بـ‏5‏ دقائق‏,‏ وهو ما احزنني‏,‏ وكانت عن برنامج في العمق حلقة الحرم الابراهيمي وهي نفس الحلقة التي دخلت التصفيات النهائية لجائزة إيمي أورد‏,‏ كما ان الجائزة دولية‏,‏ وعن قضايا انا مهتمة بها‏.‏‏*‏ ما هي أهم القضايا التي طرحتها في برنامجك الحياة والناس مع رولا وحققت فيها نجاحا؟‏**‏ عملت علي قضية فتيات الشوارع‏,‏ والفتيات الصغيرات المغتصبات‏,‏ ورعاية الأطفال في مؤسسات الرعاية‏,‏ وقابلت نماذج علمتني كثيرا في الحياة‏,‏ وزادت من تجربتي ثراء‏.‏‏*‏ البعض يتهم الاعلام بانه مسئول مسئولية مباشرة عن ازدياد هذه النماذج في المجتمع؟‏**‏ الدراما أكثر تأثيرا وهي جزء من الاعلام‏,‏ انظر للدراما التركية‏,‏ تروج للترابط الاسري‏,‏ وقيم الاحترام وقبول الاخر‏,‏ وتروج للسياحة‏,‏ حتي أصبحت هناك برامج سياحية تعتمد علي رؤية نور ومهند بطلي المسلسل الشهير‏,‏ نحن نقدم كل ما هو عكس هذه القيم‏,‏ كما اننا أصبحنا في مجتمع من الهايبر‏,‏ فيه كل شيء يشبه أي شيء‏,‏ زمان كنت تقدر تروح محلا للتحف‏,‏ وتجد قطعة لا مثيل لها‏,‏ أما الان كله موجود مع كله والخصوصية انتهت‏.‏‏*‏ لكن ألا تتفقين ان الاعلام جزء من تقديم النموذج الفاسد علي انه الافضل؟‏**‏ لا استطيع نفي ان هناك مبالغة لدي البعض‏,‏ لكن الاعلام هو انعكاس للمجتمع وما يحدث فيه‏,‏ وأصبح يطرح مايجذب المشاهد‏,‏ بصرف النظر عن القيمة التي سيتركها‏,‏ بمعني ان تجد المذيع يحضر المسئول و ـ يعصره ـ وعندما يشاهده المشاهد يشعر بالراحة‏,‏ لأنه طرح ما يريده علي المسئول‏,‏ لكن لا توجد نتيجة‏,‏ وفي الاعلام يجب ان أدرك ما أطرحه‏,‏ ولماذا أطرحه‏!,‏ وكيف؟ أنا اتعامل بمهنية ووضوح ويمكنني ان أطرح أي قضية دون ان اشعل الحرائق‏,‏ كما انني لا أقلد أحدا‏,‏ مثلما يفعل كثيرون‏,‏ حتي أصبح الجميع يشبه بعضه‏,‏ هذه القناة بها برنامج توك شو‏,‏ يبقي احنا كمان لازم نعمل توك شو‏,‏ وما يطرحه هذا‏,‏ يأخذه ذلك‏,‏ وهذا ليس في الاعلام فقط‏,‏ التقليد أصبح موضة‏,‏ اصبحنا نسخا في السلوك والميول‏,‏ الجميع يبحث عن المكاسب المادية دون النظر للقيمة فيما يطرحه‏,‏ كله عاوز يطلع لاعب كرة‏,‏ أو ممثلا‏,‏ أو مذيعا‏,‏ فقط من أجل ان يكسب كثيرا وسريعا‏,‏ وهذا في مخيلتهم‏.‏‏*‏ ألا ترين ان الاعلام يتجاهل الاطفال والمراهقين فيما يقدمه؟‏**‏ نحن لا يوجد لدينا من اهتم بهذه المرحلة إلا دكتورة مني أبو النصر التي قدمت شخصية بكار‏,‏ وكرتون آخر اسمه زينب وزمزم‏,‏ ولا يوجد اطار برامجي لهذه المرحلة‏,‏ في بريطانيا الاطفال ينفذون برامج لهم تحت اشراف متخصصين‏,‏ ولم يكتفوا بذلك‏,‏ وعندما وجدوا تأثير شخصيات والت ديزني الامريكية‏,‏ اخترعوا شخصيات لأنفسهم‏,‏ هل تعرف لماذا؟‏,‏ لأننا أصبحنا مجتمع يتجه للاستهلاك في كل شيء‏,‏ ونرفض المحلي‏,‏ بسبب تراكم حالة عدم الثقة‏,‏ وأصبحنا مبهورين بكل ما هو أجنبي‏.‏‏*‏ علي الرغم من الزيادة العددية في البرامج التي تهتم بالمرأة وحقوقها إلا ان نظرة المجتمع لم تتغير لماذا؟‏**‏ لأن الاعلام وحده لا يكفي‏,‏ ولن يكون الوحيد القادر علي التوعية بحقوق المرأة‏,‏ فهناك قوة ضاربة اخري أقوي من تأثير أي اعلام‏,‏ القسيس في الكنيسة‏,‏ والشيخ في الجامع‏,‏ والاثنان اهم قيمة يدعون إليها هي تقديس المرأة لزوجها‏,‏ والرجل قوام علي المرأة‏,‏ انا لست ضدهما‏,‏ لكن الاستقبال والممارسة بعد ذلك تصبح خطأ‏,‏ ذهبت إلي المغرب في احدي الزيارات لمشاهدة تجربة لمجموعة من السيدات يتم اعدادهن علي الدعوة‏,‏ يدرسن الفقه و بجانبه كل العلوم‏,‏ وكانت تجربة عبقرية لأنهم بعد ذلك يطلقونهن في الشوارع والسجون والمستشفيات لشرح الدين السمح للناس‏,‏ لكن ما لفت نظري السائق الذي كان معي‏,‏ كان يعاملني بطريقة سلبية‏,‏ ثم تغيرت معاملته عندما رآني أصلي‏,‏ وسألني كيف تسافرين بدون محرم‏,‏ طبعا كان ردي وانت مالك‏,‏ لكن انظر‏,‏ هذه هي الرسالة الخاطئة التي وصلت لهذا الرجل‏,‏ هل تعلم انه ذكر لي انه سمع من أحد شيوخ القنوات الدينية ان الزوجة حرام ان تسافر وحدها‏,‏ وهذا إعلام اخر يؤثر بالسلب‏,‏ زمان كان هناك اعلام ديني متسامح يعلم قيم الاحترام والمودة و الرحمة‏,‏ هل تتذكر مسلسل محمد رسول الله‏,‏ كيف كان‏,‏ وما هي الرسائل التي يحملها‏,‏ الان معظم البرامج تركز علي حوادث العنف‏,‏ والجواز‏,‏ والطلاق‏,‏ والطبخ‏,‏ كما تعرض في توقيتات لربات البيوت‏,‏ فلا يراها الرجل‏,‏ و لا تتعلم منها المرأة‏,‏ حتي في معاملتنا للأطفال‏,‏ نمارس ضدهم العنف دون ان ندري‏,‏ نطلب منهم ان يصبحوا كما نتصور‏,‏ رغم انهم من حقهم ان يقرروا الاختيار‏,‏ لأنهم غير مسئولين عن تصوراتنا‏.‏‏*‏ يبدو أن دفاعك عن المرأة والطفل مسألة شخصية؟‏*,‏ فعلا أنا من أهم المهتمين بقضايا المرأة‏,‏ وكنت دائما أدخل معارك من أجلها‏,‏ ورأيي انها طلبات وحقوق انسانية‏,‏ كما انني ـ بتغاظ ـ لما الراجل يقول انه مش واخد حقوقه‏,‏ أو المرأة التي تقول ـ ضل راجل ولا ضل حيطة‏.‏

الاهرام المسائي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق