الخميس، 18 نوفمبر 2010

مبادرات مصرية لاستخدام الدراجات الهوائية


تعاني بعض المدن المصرية وخاصة القاهرة من ارتفاع نسبة التلوث والازدحام المروري الشديد، الأمر الذي دفع بشبان من محبي الدراجات الهوائية إلى إطلاق مبادرات تشجع استخدامها كوسيلة بديلة للتنقل على الرغم من وجود صعوبات.
"أهلا بكم إلى حلمنا، الدراجات ليست وسيلة مواصلات فقط، بل أسلوب لحياة أفضل" هكذا كتب مؤسسو "نادي القاهرة لراكبي الدراجات" على مجموعتهم بموقع فيس بوك على شبكة الإنترنت.
ويروي مصطفى حسين، أحد مؤسسي النادي، أن الفكرة بدأت عام 2008 بمساعدة اثنين من أصدقائه كونهم يشتركون جميعا في حب الدراجات، ولذلك فكروا في إنشاء ناد على الإنترنت ليتعرفوا من خلاله على من يشاركهم هذا الحب للخروج سويا في جولات. ويؤكد مصطفى في حواره مع الدويتشه فيلله، أن النادي ينظم منذ ذلك الحين جولة بالدراجات، عادة في الصباح الباكر من كل يوم جمعة، وذلك لأن الشوارع تكون هادئة في يوم العطلة الأسبوعية، مشيرا إلى أن النادي يضع أيضا عناوين متاجر في مناطق مختلفة لتأجير الدراجات ومستلزماتها من خوذات وغير ذلك لمن لا يمتلك دراجة.
وعن أهداف النادي يقول مصطفي "بحكم عملي في مجال البيئة، فالحفاظ عليها شغلنا الأساسي، ومن خلال البحث مع أصدقائي في النادي وجدنا أن القاهرة فيها 2 مليون ونصف المليون سيارة، ينبعث منها يوميا حوالي 48 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون، وتستهلك 5 مليون لتر بترول يوميا، مما يسبب الأمراض السرطانية ويؤثر بصورة مخيفة على الجهاز العصبي للإنسان".

سيارة واحدة أقل تعني تلوثا أقل
هذه الأسباب دفعت "مصطفى" وأصدقاءه للبدء في تقديم الدراجات كوسيلة بديلة للتنقل صديقة للبيئة وموفرة للوقود، وتعمل على تخفيف الضغوط العصبية، وشعاره "سيارة واحدة أقل تؤدي إلى تلوث أقل، وزيادة المساحات الخضراء ومستقبل أفضل للأجيال القادمة". ويؤكد أن هناك أهدافا أخرى منها "التشبيك الاجتماعي" والتعرف على أصدقاء جدد ينضمون إلي النادي بمرور الوقت على الفيس بوك، مشيرا إلى أن النادي بدء بأربعة أعضاء والآن يضم أكثر من 4 آلاف.
ومن الأمور التي أثارت انتباهه مؤخرا وتدلل على أن المبادرة بدأت تؤتي ثمارها، كثرة أعداد الفتيات بصورة تفوق عدد الشباب، وأيضا انضمام كبار السن وعائلاتهم للجولات التي يتراوح عدد المشتركين فيها مؤخرا ما بين 40 إلى 50 فردا. وعن أكثر المشكلات التي تواجه عمل النادي حاليا يقول مصطفى "النظرة التقليدية السلبية للناس وعدم الوعي بأهمية القضية".
ومن بين العقبات التي تغلب عليها النادي تعرضه في السابق لمضايقات أمنية لاختياره بعض الأماكن الحيوية لانطلاق الجولات في وسط القاهرة، ولكنهم ينطلقون الآن من الأماكن الأكثر هدوءا والتي تتمتع بشوارع واسعة. ويعبر عن تفاؤله بمستقبل يكون فيه للدراجة نصيب من الشوارع وخاصة في المدن الجديدة، وأن تهتم الدولة بتخصيص أماكن لمرور ووقوف الدراجات.
ويرى مصطفى أن المبادرة انتشرت بصورة كبيرة في كافة المحافظات وتعددت المجموعات على الفيس بوك التي تنادي بتطبيقها. ومثال لذلك مجموعات منها "أريد أن أذهب للعمل بالدراجة"، و "دعونا نشتري دراجة" و"دعوة لركوب الدراجات"، بالإضافة لنوادي راكبي الدراجات في محافظات الإسكندرية والغردقة والعريش.

نظرة سلبية للفتيات على الدراجات
من جانبها تؤكد "نهى" التي تعمل طبيبة أسنان وتشترك في الجولات، أنها تعرفت على النادي عبر موقع الفيس بوك ووجدت فيه متنفسا، حيث أنها كانت تعاني من حالة ملل وضغوط عصبية شديدة من قيادة السيارة يوميا إلى عملها وسط الزحام والسلوكيات العشوائية الفوضوية، مشيرة إلى أنها خافت في البداية من رفض أهلها ونظرة المجتمع الذي يعتقد أن قيادة الفتاة للدراجة يعد "عيب وحرام".
وتروي للدويتشه فيلله أن أهلها تقبلوا الفكرة عندما وجدوا مجموعات كبيرة من الفتيات والشباب والعائلات يتجولون معا، مؤكدة أنها تتعرض لمضايقات من المارة فور خروجها من منزلها وقيادتها للدراجة بمفردها في طريقها لمكان تجمع أعضاء النادي، ولكن بمجرد انضمامها للمجموعة تشعر بالأمان.
وتقول "الناس في الشارع يعتقدون دائما أننا ننظم سباقات لأن الأمر غير مألوف"، معبرة عن حلمها في أن يأتي يوما يصبح فيه عدد الدراجات في مصر أكثر من عدد السيارات وأن يتم الاعتماد على الدراجة كوسيلة أساسية للتنقل مثلما يحدث في الدول المتقدمة، وأن تستطيع في المستقبل الذهاب لعملها بالدراجة. وفي نفس الوقت أطلق المركز الثقافي "ساقية الصاوي" مبادرة بعنوان "حصان الجامعة".
وعن المشروع يقول "محمد الصاوي" مدير الساقية للدويتشه فيلله إنه يهدف إلى نشر ثقافة ركوب الدراجات داخل الجامعات المصرية كوسيلة لتنقلات الشباب والفتيات داخلها وخارجها بتوفير دراجات دون أي مقابل مادي. ويركز المشروع من وجهة نظره على تغيير مفاهيم الشباب عن ركوب الدراجات من حيث تعبيرها عن الفقر وضعف الإمكانيات أو الخجل من نظرة المجتمع، لتحقيق تراجع في نسب التلوث والضوضاء واستخدام الطاقة.

مخاطر وعوائق
بينما يرى كريم، مبرمج كمبيوتر بإحدى الشركات، أن هذه المبادرات جيدة ولكنها ليست عملية في قلب القاهرة، مؤكدا أنه اشترك مرة في إحدى الجولات ولكنه لم يكررها لما فيها من مخاطر شديدة. ويتساءل "قائدو السيارات لا يحترمون بعضهم البعض، فكيف سيحترمون قائدي الدراجات أو يفسحون لهم المجال!". ويعتقد أن الدراجات في مصر ما هي إلا رياضة ترفيهية للاستمتاع على الشواطىء في الإجازات بعيدا عن المناطق المزدحمة، ولكنها لن تصلح أبدا كوسيلة مواصلات.
وتتفق معه أماني سليم، الخبيرة في شئون البيئة، في أنه بالرغم من أن هذه المبادرات رائعة وتنطوي على فكر ووعي، إلا أن هناك معوقات بالجملة تقف في وجه ازدهار ثقافة الدراجات في مصر، منها نظرة المجتمع السلبية التي تحول ضد مشاركة المزيد من النساء في قيادة الدراجات وربما تعرضهن للمضايقات والمزيد من التحرش.
ومن الأسباب الأخرى الهامة التي تذكرها أماني، غياب الاعتراف الرسمي والقانوني بالدراجات، مشيرة إلى أن قانون المرور الجديد لا يتضمن أي بنود خاصة بقائدي الدراجات، كما أنه لا يوجد أحد يحترم قواعد المرور في الأصل لغياب الرقابة وانتشار الرشاوى.

نيللي عزت – القاهرة
مراجعة: عبد الرحمن عثمان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق